فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومن بلغ في التعنت إلى هذا الحدّ فلا تنفع فيه موعظة، ولا يهتدي بآية.
وقد أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {تِلْكَ ءايات الكتاب} قال: التوراة والإنجيل.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في {تِلْكَ ءايات الكتاب} قال: الكتب التي كانت قبل القرآن و{قرآن مبين} قال: مبين، والله هداه ورشده وخيره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وابن مسعود، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} قال: ودّ المشركون يوم بدر حين ضربت أعناقهم فعرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في الآية قال: هذا في الجهنميين إذا رأوهم يخرجون من النار.
وأخرج سعيد بن منصور، وهناد بن السريّ في الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس قال: ما يزال الله يشفع ويدخل ويشفع ويرحم حتى يقول: من كان مسلمًا فليدخل الجنة، فذلك قوله: {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ}.
وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في البعث عن ابن عباس وأنس أنهما تذاكرا هذه الآية {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} فقالا: هذا حيث يجمع الله من أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار، فيقول المشركون: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضله ورحمته.
وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن مردويه بسند، قال السيوطي صحيح عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن ناسًا من أمتي يعذبون بذنوبهم، فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون: ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم، فلا يبقى موحد إلاّ أخرجه الله من النار. ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ}».
وأخرج ابن أبي عاصم في السنّة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا نحوه.
وأخرج إسحاق بن راهويه، وابن حبان، والطبراني، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا نحوه أيضًا. وأخرج هناد بن السريّ، والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم عن أنس مرفوعًا نحوه أيضًا. وفي الباب أحاديث في تعيين هذا السبب في نزول هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ} الآية قال: هؤلاء الكفرة.
وأخرج أيضًا عن أبي مالك في قوله: {ذَرْهُمْ} قال: خلّ عنهم.
وأخرج ابن جرير عن الزهري في قوله: {مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأخِرُونَ} قال: نرى أنه إذا حضره أجله، فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدّم، وأما ما لم يحضر أجله، فإن الله يؤخر ما شاء ويقدّم ما شاء. قلت: وكلام الزهري هذا لا حاصل له ولا مفاد فيه.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {يأَيُّهَا الذي نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر} قال: القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {مَا نُنَزّلُ الملائكة إِلاَّ بالحق} قال: بالرسالة والعذاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السديّ في قوله: {وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ} قال: وما كانوا لو نزلت الملائكة بمنظرين من أن يعذبوا.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {وَإِنَّا لَهُ لحافظون} قال: عندنا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فِى شِيَعِ الأولين} قال: أمم الأوّلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ في قُلُوبِ المجرمين} قال: الشرك نسلكه في قلوب المشركين.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة مثله.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن مثله أيضًا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأولين} قال: وقائع الله فيمن خلا من الأمم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ} قال ابن جريج: قال ابن عباس: فظلت الملائكة تعرج فنظروا إليهم لقالوا: {إِنَّمَا سُكّرَتْ أبصارنا} قال: قريش تقوله.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في الآية عن ابن عباس أيضًا يقول: ولو فتحنا عليهم بابًا من أبواب السماء فظلت الملائكة تعرج فيه يختلفون فيه ذاهبين وجائين لقال أهل الشرك: إنما أخذ أبصارنا، وشبه علينا، وإنما سحرنا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {سكرت أبصارنا} قال: سدّت، وأخرج ابن جرير عن قتادة نحوه قال: ومن قرأ {سكرت} مخففة، فإنه يعني: سحرت. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الحجر: 10-11]، وفي سورة الزخرف {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الزخرف: 6-7]، للسائل أن يسأل عن تخصيص آية الحجر بقوله: {من الرسل} وآية الزخرف بقوله: {من نبي}؟
والجواب، والله أعلم: أنه لما تقدم في آية الزخرف لفظ الخبرية وهي للتكثير ناسب ذلك ذكر من يوحي إليه من نبي مرسل أو نبي غير مرسل، فورد هنا ما يعم الصنفين، عليهم السلام. أما آية الحجر فلم يرد فيها ولا قبلها ما يطلب بالتكثير مع ما تضمنت من قصد تأنيسه، عليه السلام، وتسليته، فخضت بالتعبير باسم الرسالة تسلية له عن قولهم: {إنك لمجنون} بما جرى للرسل قبل، عليهم السلام، من مثل ذلك، ومن البين أن موقع الرسل هنا أمكن في تسليته، عليه السلام، فجاء كل على ما يجب من المناسبة، والله أعلم.
قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: 12]، وفي سورة الشعراء: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الشعراء: 200]، فللسائل أن يسأل عن وجه ورود: {نسلكه} في سورة الحجر، وورود: {سلكناه} في سورة الشعراء؟
ووجه ذلك، والله أعلم: أنه تقدم في آية الحجر قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6]، وهو قول العتاة من كفار قريش وغيرهم الذين عُنُوا بقوله: {تعالى} تهديدًا ووعيدًا: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3] ولم يتقدم في هذه السورة إخبار بحال غيرهم من مكذبي الأمم سوى التعريف بأن كل قرية أهلكت فبأجل معلوم وكتاب سابق لا يتأخر عنه ولا يتقدم، فحال هؤلاء كحال من تقدمهم، كما قال تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ} [فاطر: 43] وقوله: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ}، الضمير للمذكر المتقدم وهو هنا القرآن، والمراد بسلوكه في قلوبهم ما تحصل عندهم وقطعوا به من معرفتهم بباهر نظمه، ورفيع إيجازه، وعلى تناسبه، وأنه يفوق كل كلام مع أنه بلسانهم، وقد علموا مع هذا عجزهم عن معارضته مع أنه لم يرد بغير لسانهم ولا بما لا يعرفونه في محاوراتهم، فهذا المراد بسلوكه في قلوبهم، فقد كانوا متيقنين أنه ليس من كلام البشر وبهذا أخبر سبحانه عنهم تسلية لنبيه عليه السلام فقال: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] وبعجزهم عن معارضته قامت الحجة عليهم، ثم امتنعوا من الإيمان بما سبق لهم في الأول {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} [يونس: 96-97]، فورد هنا {نسلكه} بلفظ المبهم لأن الإخبار عن كفار قريش ممن استمر على كفره فهو حالهم وقت نزول القرآن وبعده، وقوله: {نسلكه} مشعر باستمرار حالهم وموافاتهم على ذلك، وقد تأكد هذا بوصفه بالإجرام وتسجيل حالهم السيء بقوله: {لايؤمنون}، وأداة لا نافية للمستقبل فناسب هذا لفظ المبهم المضارع.
أما آية الشعراء فقد تقدمها ذكر قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وغيرهم من الأمم المكذبين، بعد سلوك ما ذكره سبحانه أنه زبر الأولين في قلوبهم، فلما تقدم أمرها أولًا، وانقطعت أومانها، وقعت العبارة بالماضي، فقال تعالى: {كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ}، ولم يناسب هنا غير الماضي، فقد وضح ورود كل من الموضعين على ما يناسب، ولم يناسب عكس الوارد، والله أعلم. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
أنزل التوراة وقد وَكَلَ حفظها إلى بني إسرائيل بم استحفظوا من كتاب الله، فحرّفوا وبَدَّلوا، وأنزل الفرقان وأخبر أنه حافظة، وإنما يحفظه بقرائه؛ فقلوبُ القُرَّاءِ خزائنُ كتابهِ، وهو لا يضيع كتابه.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)}
أخبر أنه كانت عادتهم التكذيب، وأنه أدام سُنَّته معهم في التعذيب. ثم قال: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ في قُلُوبِ المُجرِمِينَ}: وهم لا يؤمنون به لأنه أزاح قلوبهم عن شهود الحقيقة، وسَدَّ بالحرمان عليهم سلوكَ الطريقة، وبيَّن أنه لو أراهم الآياتِ عيانًا ما ازدادوا إلا عتوًا وطغيانًا، وأن مَنْ سَبَقَ له الحُكْمُ بالشقاء فلا يزداد على ممر الأيام إلا ما سَبَقَ به القضاء.
{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}
مَنْ عليه التقدير كان بأمر التكليف مدعوا، وبأمر التكوين مقضيًا. فمتى ينفع فيه النصح؟ ومتى يكون للوعظ فيه مساغ؟ كلا.. إن البصيرةَ له مسدودةٌ، والخذلان بِقَدَمِه مشدودة، فهو يحمل النصيحة له على الوقيعة، والحقيقة على الخديعة. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {وإنا له لحافظون} قال: عندنا.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وقال في آية آخرى {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42]، والباطل إبليس. قال: فأنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلًا ولا ينقص منه حقًا، حفظه الله من ذلك والله أعلم بالصواب.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} قال: أمم الأولين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله: {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} قال: الشرك نسلكه في قلوب المشركين.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {كذلك نسلكه} قال: الشرك نسلكه في قلوبهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به} قال: إذا كذبوا سلك الله في قلوبهم أن لا يؤمنوا به {وقد خلت سُنّةُ الأولين} قال: وقائع الله فيمن خلا من الأمم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {كذلك نسلكه} قال: هم كما قال الله هو أضلهم ومنعهم الإِيمان.
{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السماء فظلوا فيه يعرجون} يقول: ولو فتحنا عليهم بابًا من السماء فظلت الملائكة تعرج فيه، يختلفون فيه ذاهبين وجائين لقال أهل الشرك: إنماأخذت أبصارنا وشبه علينا وسحرنا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السماء فظلوا فيه يعرجون} قال: رجع إلى قوله: {لو ما تأتينا بالملائكة} ما بين ذلك قال ابن جريج: قال ابن عباس: لظلت الملائكة تعرج فنظروا إليهم {لقالوا إنما سكرت} سدت {أبصارنا} قال: قريش تقوله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {سكرت أبصارنا} قال: سدت.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه قرأ {سكرت أبصارنا} خفيفة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: من قرأ {سكرت} مشددة، يعني سدّت؛ ومن قرأ {سكرت} مخففة، فإنه يعني سحرت. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
قوله تعالى: {نَحْنُ}: إمَّا مبتدأ، وإمَّا تأكيدٌ، ولا يكون فصلًا لأنه لم يقع بين اسمين، والضمير في {له} للذِّكْر، وهو الظاهرُ، وقيل: للرسولِ عليه السلام.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10)}
قوله تعالى: {أَرْسَلْنَا}: مفعولُه محذوفٌ، أي: أرسلنا رسلًا من قبلك، فـ: {مِنْ قبلك} يجوز أن يتعلَّقَ بـ: {أَرْسَلْنَا}، وأن يتعلَّق بمحذوفٍ، على أنه نعتٌ للمفعولِ المحذوفِ.
و{شِيَعِ الأولين} قال الفراء: هو من إضافة الموصوفِ لصفتِه، والأصلُ: في {شِّيَع الأولين} كصلاة الأُولى، و{جانب الغربيّ}، والبصريون يُؤَوِّلُونه على حذفِ الموصوفِ، اي: في شِيَع الأممِ الأوَّلين، وجانب المكانِ الغربي، وصلاة الساعةِ الأولى.
قوله تعالى: {وَمَا يَأْتِيهِم} قال الزمخشري حكايةُ حالٍ ماضيةٍ؛ لأنَّ {ما} لا تدخُل على مضارعٍ إلا وهو في موضع الحال، ولا على ماضٍ إلا وهو قريبٌ من الحال، وهذا الذي ذكرَه هو الأكثرُ في لسانِهم، لكنه قد جاءَتْ مقارِنَةً للمضارعِ المرادِ به الاستقبالُ كقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نفسي} [يونس: 15]، وأنشدوا للأعشى يمدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم:
له صَدَقاتٌ ما يَغِبُّ نَوالُها ** وليس عطاءُ اليومِ مانِعَه غَدا

وقولَ أبي ذؤيب:
أودَى بَنِيَّ وأَوْدَعُونيْ حَسْرة ** عند الرُّقَادِ وعَبْرةً ما تُقْلِعً

قوله: {إِلاَّ كَانُواْ} هذه الجملةُ يجوز أن تكونَ حالًا من مفعولِ {يَأتِيهمْ}، ويجوزُ أن تكونَ صفةً لـ: {رسول} فيكونَ في محلِّها وجهان: الجرُّ باعتبارِ اللفظ، والرفعُ باعتبارِ الموضعِ، وإذا كانت حالًا فهي حالٌ مقدرةٌ.
قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ} يجوز في الكافِ أن تكونَ مرفوعةَ المحلِّ على أنها خبرُ مبتدأ مضمر، أي: الأمرُ كذلك، و{نَسْلُكُه} مستأنفٌ، ويجوز أن تكونَ منصوبةَ المحلِّ: إمَّا نعتًا لمصدرٍ محذوف، أي: مثلَ ذلك السَّلْكِ ونحوِه نَسْلُكُه، أي: نَسْلُكُ الذِّكْرَ، وإمَّا حالًا من المصدرِ المقدَّرِ.
والهاءُ في {نَسْلُكُه} يجوز عَوْدُها للذِّكْر، وهو الظاهر، وقيل: يعودُ للاستهزاء، وقيل: على الشِّرك.!
{لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)}
والهاء في: {بِهِ} يجوز عَوْدُها على ما تقدَّم من الثلاثة، ويكون تأويلُ عَوْدِها على الاستهزاءِ والشِّرْكِ، أي: لا يؤمنون بسببِه، وقيل: للرسولِ، وقيل: للقرآن، وقال أبو البقاء: ويجوز أن يكونَ حالًا، أي: لا يؤمنون مُسْتهزئين قلت: كأنه جعل {به} متعلقًا بالحالِ المحذوفةِ قائمًا مَقامَها، وهو مردودٌ؛ لأن الجارَّ إذا وقع حالًا أو نعتًا أو صلةً أو خبرًا تعلَّق بكونٍ مطلقٍ لا خاصٍ، وكذا الظرفُ.