فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}.
أنزلهم التحاسُد عن مقر العِزِّ إلى حضيض الخزي، وسامهم ذُلَّ الصّغِرَ حين لم يَرْضُوا بمقتضى الحُكْم، فأضافوا استيجاب مقتٍ آنفٍ إلى استحقاق مَقْتٍ سالف. اهـ.

.من فوائد ابن عرفة في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ}.
قال ابن عرفة: نص النحويون على أنّ اسم الممدوح في نعم أو المذموم في بئس لا يكون إلا أخص من فاعلها أو مساويا، ولا يكون أعمّ منه، والشراء والكفر بينهما عموم وخصوص من وجه، فالشّراء يطلق على المعارضة من غير الكفر وعلى المعارضة في الكفر، والكفر أيضا أعم من وجه، لأن من كفر بعد أن آمن اشترى الكفر بالإيمان، ومن كان كافرا بالإصالة لم يشتر شيئا بشيء.
قوله تعالى: {فَبَاءُو بِغَضَبٍ على غَضَبٍ}.
أي رجعوا، ومنه قولهم: بُؤْ بِشسع نعل كليب، أي ارجع بشسعِ نعل كليب وهي من كلام المهلهل أخي كليب قالها في حرب داحس للحارث.
قال ابن عرفة: وتنكير الغضب بدل على أن الثّاني غير الأول كما قالوا في قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْرًا إِنَّ مَعَ العسر يُسْرًا} لن يغلب عسر يسرين ووجّهوه بأن العسر معرف فكان شيئا واحدا، واليسر منكر فكان يسرين.
قال ابن عرفة: وإنما قال: {عَلى غَضَبٍ}، ولم يقل بعد غضب إشعارا بشدته، فإنه مجتمع متراكم بعضه على بعض.
قيل لابن عرفة: والغضب إن كن صفة فعل فالتعدد فيه متصور صحيح وإن كان صفة معنى امتنع فيه التعدد، لأنه في هذه الحالة يصير راجعا إلى الإرادة، وهي شيء واحد، فكيف يفهم أنهما غضبان؟ ثم أجاب بأنّهما متغايران باعتبار المتعلق، فمتعلّق الإرادة متعددة، وهو أنواع العذاب، فالمعنى على الأول: فباءوا بعذاب على عذاب.
وعلى الثاني: فباءوا بإرادة عذاب على عذاب.
وأوقع الظاهر موقع المضمر في قوله: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} ولم يقل: ولهم عذاب مهين، مبالغة في إسناد العذاب على كل من اتصف بالكفر بالإطلاق. اهـ.

.من فوائد ابن عطية في الآية:

قال رحمه الله:
وبيس أصله بئس سهلت الهمزة ونقلت إلى الباء حركتها، ويقال في بئس بيس اتباعًا للكسرة، وهي مستوفية للذم كما نعم مستوفية للمدح، واختلف النحويون في {بيسما} في هذا الموضع، فمذهب سيبويه أن ما فاعلة ببيس، ودخلت عليها بيس كما تدخل على أسماء الأجناس والنكرات لما أشبهتها ما في الإبهام، فالتقدير على هذا القول: بيس الذي {اشتروا به أنفسهم أن يكفروا}، كقولك: بيس الرجل زيد، وما في هذا القول موصولة، وقال الأخفش: ما في موضع نصب على التمييز كقولك بيس رجلًا زيد، فالتقدير بيس شيئًا أن يكفروا، و{اشتروا به أنفسهم} في هذا القول صفة ما، وقال الفراء بيسما بجملته شيء واحد ركب كحبذا، وفي هذا القول اعتراض لأنه فعل يبقى بلا فاعل، وما إنما تكف أبدًا حروفًا، وقال الكسائي: ما، و{اشتروا} بمنزلة اسم واحد قائم بنفسه، فالتقدير بيس اشتراؤهم أنفسهم أن يكفروا، وهذا أيضًا معترض لأن بيس لا تدخل على اسم معين متعرف بالإضافة إلى الضمير، وقال الكسائي أيضًا: إن ما في موضع نصب على التفسير وثم ما أخرى مضمرة، فالتقدير بيس شيئًا ما اشتروا به أنفسهم، و{أن يكفروا} في هذا القول بدل من ما المضمرة، ويصح في بعض الأقوال المتقدمة أن يكون {أن يكفروا} في موضع خفض بدلًا من الضمير في {به}، وأما في القولين الأولين ف {أن يكفروا} ابتداء وخبره فيما قبله، و{اشتروا} بمعنى باعوا، يقال: شرى واشترى بمعنى باع، وبمعنى ابتاع، و{بما أنزل الله} يعني به القرآن، ويحتمل أن يراد به التوراة لأنهم إذ كفروا بعيسى ومحمد عليهما السلام فقد كفروا بالتوراة، ويحتمل أن يراد به الجميع من توراة وإنجيل وقرآن، لأن الكفر بالبعض يلزم الكفر بالكل، و{بغيًا} مفعول من أجله، وقيل نصب على المصدر، و{أن ينزل} نصب على المفعول من أجله أوفي موضع خفض بتقدير بأن ينزل.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير {أن ينزل} بالتخفيف في النون والزاي، و{من فضله} يعني من النبوة والرسالة. و{من يشاء} يعني به محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنهم حسدوه لما لم يكن منهم وكان من العرب. ويدخل في المعنى عيسى عليه السلام لأنهم قد كفروا به بغيًا، والله قد تفضل عليه، و{باءوا} معناه: مضوا متحملين لما يذكر أنهم باءوا به، و{يغضب} معناه من الله تعالى لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم على غضب متقدم من الله تعالى عليهم، قيل لعبادتهم العجل، وقيل لقولهم عزير ابن الله، وقيل لكفرهم بعيسى عليه السلام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالمعنى على غضب قد باء به أسلافهم حظ هؤلاء وافر بسبب رضاهم بتلك الأفعال وتصويبهم لها.
وقال قوم: المراد بقوله: {بغضب على غضب} التأكيد وتشديد الحال عليهم لا أنه أراد غضبين معللين بقصتين، و{مهين} مأخوذ من الهوان وهو ما اقتضى الخلود في النار لأن من لا يخلد من عصاة المسلمين إنما عذابه كعذاب الذي يقام عليه الحد لا هوان فيه بل هو تطهير له. اهـ.

.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (90)}.
عندما رفض اليهود الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وطردهم الله من رحمته.. بين لنا أنهم: {بئسما اشتروا به أنفسهم}.. وكلمة اشترى سبق الحديث عنها وقلنا إننا عادة ندفع الثمن ونأخذ السلعة التي نريدها.. ولكن الكافرين قلبوا هذا رأسا على عقب وجعلوا الثمن سلعة.. على أننا لابد أن نتحدث أولا عن الفرق بين شرى واشترى.. شرى بمعنى باع.. واقرأ قوله عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)} سورة يوسف.
ومعنى الآية الكريمة أنهم باعوه بثمن قليل.. واشترى يعني ابتاع.. ولكن اشترى قد تأتي بمعنى شرى.. لأنك في بعض الأحيان تكون محتاجا إلي سلعة ومعك مال.. وتذهب وتشتري السلعة بمالك وهذا هو الوضع السليم.. ولكن لنفرض أنك احتجت لسلعة ضرورية كالدواء مثلا.. وليس عندك المالك ولكن عندك سلعة أخرى كأن يكون عندك ساعة أو قلم فاخر.. فتذهب إلي الصيدلية وتعطي الرجل سلعة مقابل سلعة.. أصبح الثمن في هذه الحالة مشترى.. إذن فمرة يكون البيع مشتري ومرة يكون مبيعًا.
والحق تبارك وتعالى يقول: {بئسما اشتروا به أنفسهم} وكأنما يعيرهم بأنهم يدعون الذكاء والفطنة.. ويؤمنون بالمادية وأساسها البيع والشراء.. لو كانوا حقيقة يتقنون هذا لعرفوا أنهم قد أتموا صفقة خاسرة.. الصفقة الرابحة كانت أن يشتروا أنفسهم مقابل التصديق بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم.. ولكنهم باعوا أنفسهم واشتروا الكفر فخسروا الصفقة لأنهم أخذوا الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة.. والله سبحانه وتعالى يجعل بعض العذاب في الدنيا ليستقيم ميزان الأمور حتى عند من لم يؤمن بالآخرة.. فعندما يرى ذلك من لا يؤمن بالآخرة عذابا دنيويا يقع على ظالم.. يخاف من الظلم ويبتعد عنه حتى لا يصيبه عذاب الدنيا ويعرف أن في الدنيا مقاييس في الثواب والعقاب.. وحتى لا ينتشر في الأرض فساد من لا يؤمن بالله ولا بالآخرة.. وضع الحق تبارك وتعالى قصاصا في الدنيا.. واقرأ قوله جل جلاله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} سورة البقرة.
والله سبحانه وتعالى في قصاصه يلفت المؤمن وغير المؤمن إلي عقوبة الحياة الدنيا.. فيأتي للمرابي الذي يمتص دماء الناس ويصيبه بكارثة لا يجد بعدها ما ينفقه.. ولذلك نحن نقول يا رب إن القوم غرهم حلمك واستبطأوا آخرتك فخذهم ببعض ذنوبهم أخذ عزيز مقتدر حتى يعتدل الميزان.
والله تبارك وتعالى جعل مصارع الظالمين والباغين والمتجبرين في الدنيا.. جعلها الله عبرة لمن لا يعتبر بمنهج الله. فتجد إنسانا ابتعد عن دينه وأقبلت عليه الدنيا بنعيمها ومجدها وشهرتها ثم تجده في آخر أيامه يعيش على صدقات المحسنين.. وتجد امرأة غرها المال فانطلقت تجمع من كل مكان حلالا أو حراما وأعطتها الدنيا بسخاء.. وفي آخر أيامها تزول عنها الدنيا فلا تجد ثمن الدواء.. وتموت فيجمع لها الناس مصاريف جنازتها.. كل هذه الأحداث وغيرها عبرة للناس.. ولذلك فهي تحدث على رءوس الأشهاد.. يحضرها عدد كبير من الناس.. إما لأنها تنشر في الصحف وإما أنها تذاع بين أهل الحي فيتناقلونها.. المهم أنها تكون مشهور.
وتجد مثلا أن اليهود الذين كانوا زعماء المدينة تجار الحرب والسلاح.. ينتهي بهم الحال أن يطردوا من ديارهم وتؤخذ أموالهم وتسبى نساؤهم.. أليس هذا خزيا؟ قوله تعالى: {أن يكفروا يما أنزل الله بغيا}.. البغي تجاوز الحد، والله جعل لكل شيء حدا من تجاوزه بغى.. والحدود التي وضعها الله سبحانه هي أحكام.. ومرة تكون أوامر ومرة تكون نواهي. ولذلك يقول الحق بالنسبة للأوامر: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} من الآية 229 سورة البقرة.
ويقول تعالى بالنسبة للنواهي: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} من الآية 229 سورة البقرة.
ولكن ما سبب بغيهم؟ ببغيهم حسد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتي إليه الرسالة.. وعلى العرب أن يكون الرسول منهم.. واليهود اعتقدوا لكثرة أنبيائهم أنهم الذين ورثوا رسالات الله إلي الأرض.. وعندما جاءت التوراة والإنجيل يبشران برسول خاتم قالوا إنه منا.. الرسالة والنبوة لن تخرج عنا فنحن شعب الله المختار.. ولذلك كانوا يعلنون أنهم سيتبعون النبي القادم وينصرونه.. ولكنهم فوجئوا بأنه ليس منهم.. حينئذ ملأهم الكبر والحسد وقالوا مادام ليس منا فلن نتبعه بل سنحاربه.. لقد خلعت منهم الرسالات لأنهم ليسوا أهلا لها.. وكان لابد أن يعاقبهم الله على كفرهم ومعصيتهم ويجعل الرسالة في أمة غيرهم.. والله تبارك وتعالى يقول: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)} سورة فاطر.
لقد اختبرهم الله في رسالات متعددة ولكنهم كما قرأنا في الآيات السابقة.. كذبوا فريقا من الأنبياء. ومن لم يكذبوه قتلوه.. لذلك كان لابد أن ينزع الله منهم هذه الرسالات ويجعلها في أمة غيرهم.. لتكون أمة العرب فيها ختام رسالات السماء إلي الأرض.. ولذلك بغوا.
وقوله تعالى: {بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده}.. ومن هنا نعرف أن الرسالات واختيار الرسل.. فضل من الله يختص به من يشاء.. والله سبحانه حين يطلق أيدينا ويملكنا الأسباب.. فإننا لا نخرج عن مشيئته بل نخضع لها.. ونعرف أنه لا ذاتية في هذا الكون.. وذلك حتى لا يغتر الإنسان بنفسه.. فإن بطل العالم في لعبة معينة هو قمة الكمالات البشرية في هذه اللعبة.. ولكن هذه الكمالات ليست ذاتية فيه لأن غيره يمكن أن يتغلب عليه.. ولأنه قد يصيبه أي عائق يجعله لا يصلح للبطولة.. وعلى كل حال فإن بطولته لا تدوم.. لأنها ليست ذاتية فيه ومن وهبها له وهو الله سيهبها لغيره متى شاء.. ولذلك لابد أن يعلم الإنسان أن الكمال البشري متغير لا يدوم لأحد.. وأن كل من يبلغ القمة ينحدر بعد ذلك لأننا في عالم أغيار.. ولابد لكل من علا أن ينزل.. فالكمال لله وحده.. والله سبحانه يحرس كماله بذاته.
إذن اليهود حسدوا رسول الله.. حسدوا نزول القرآن على العرب.. والحق سبحانه يقول: {فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين}.. والله جل جلاله يخبرنا أنه غضب عليهم مرتين. الغضب الأول أنهم لم ينفذوا ما جاء في التوراة فغضب الله عليهم.. والغضب الثاني حين جاءهم رسول مذكور عندهم في التوراة ومطلوب منهم أن يؤمنوا به فكفروا به.. وكان المفروض أن يؤمنوا حتى يرضى الله عنهم.. ولذلك غضب الله عليهم مرة أخرى عندما كفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: {وللكافرين عذاب مهين}.. العذاب في القرآن الكريم وصف بأنه أليم.. ووصف بأنه عظيم ووصف بأنه مهين.. أليم أي شديد الألم يصيب من يعذب بألم شديد.. ولكن لنفرض أن الذي يعذب يتجلد.. ويحاول ألا يظهر الألم حتى لا يشمت فيه الناس.. يأتيه الله بعذاب عظيم لا يقدر على احتماله.. ذلك أن عظمة العذاب تجعله لا يستطيع أن يحتمل.. فإذا كان الإنسان من الذين تزعموا الكفر في الدنيا.. ووقفوا أمام دين الله يحاربونه وتزعموا قومهم.. يأتيهم الله تبارك وتعالى بعذاب مهين.. ويكون هذا أكثر إيلاما للنفس من الألم.. تماما كما تأتي لرجل هو أقوى من في المنطقة يخافه الناس جميعا ثم تضربه بيدك وتسقطه على الأرض.. تكون في هذه الحالة قد أهنته أمام الناس.. فلا يستطيع بعد ذلك أن يتجبر أو يتكبر على واحد منهم.. ويكون هذا أشد إيلاما للنفس من ألم العذاب نفسه ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)} سورة مريم.
وقوله جل جلاله: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)} سورة الدخان.
ذلك هو العذاب المهين. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {بئسما اشتروا به أنفسهم} الآية. قال: هم اليهود كفروا بما أنزل الله وبمحمد صلى الله عليه وسلم، بغيًا وحسدًا للعرب {فباءوا بغضب على غضب} قال: غضب الله عليهم مرتين بكفرهم بالإِنجيل وبعيسى، وبكفرهم بالقرآن وبمحمد.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {بئسما اشتروا به أنفسهم} قال: بئس ما باعوا به أنفسهم حيث باعوا نصيبهم من الآخرة بطمع يسير من الدنيا. قال: وهل تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
يعطى بها ثمنًا فيمنعها ** ويقول صاحبها ألا تشرى

وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {بغيًا أن ينزل الله} أي أن الله جعله من غيرهم {فباءوا بغضب} بكفرهم بهذا النبي {على غضب} كان عليهم فيما ضيعوه من التوراة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة {فباءوا بغضب على غضب} قال: كفرهم بعيسى وكفرهم بمحمد.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فباءوا بغضب} اليهود غضب بما كان من تبديلهم التوراة قبل خروج النبي صلى الله عليه وسلم {على غضب} جحودهم النبي صلى الله عليه وسلم وكفرهم بما جاء به. اهـ.