فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخازن:

قوله سبحانه وتعالى: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم}
قال ابن عباس: يعني لمن تاب منهم وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال: «أتضحكون وبين أيديكم النار فنزل جبريل بهذه الآية وقال: يقول لك ربك يا محمد مم تقنط عبادي» ذكره البغوي بغير سند {وأن عذابي هو العذاب الأليم} قال قتادة بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع عن حرام ولو يعلم العبد قدر عذابه لبخع نفسه» يعني لقتل نفسه خ عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول: «إن الله سبحانه وتعالى خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة، وأدخل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار» وفي الآية لطائف منها أنه سبحانه وتعالى أضاف العباد إلى نفسه بقوله نبىء عبادي وهذا تشريف وتعظيم لهم، ألا ترى أنه لما أراد أن يشرف محمدًا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لم يزد على قوله: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا} فكل من اعترف على نفسه بالعبودية لله تعالى فهو داخل في هذا التشريف العظيم، ومنها أنه سبحانه وتعالى لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة أولها قوله: أني وثانيها أنا وثالثها إدخال الألف واللام في الغفور الرحيم، وهذا يدل على تغليب جانب الرحمة والمغفرة.
ولما ذكر العذاب لم يقل إني أنا المعذب، وما وصف نفسه بذلك.
بل قال: وأن عذابي هو العذاب الأليم على سبيل الإخبار، ومنها أنه سبحانه وتعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ عباده هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة.
قوله سبحانه وتعالى: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} هذا معطوف على ما قبله أي وأخبر يا محمد عبادي عن ضيف أبراهيم.
وأصل الضيف الميل يقال ضفت إلى كذا وإذا ملت إليه والضيف من مال إليك نزولًا بك وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في عامة كلامهم، وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان وضيف إبراهيم هم الملائكة الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى، ليبشروا إبراهيم بالولد ويهلكوا قوم لوط {إذ دخلوا عليه} يعني إذ دخل الأضياف على إبراهيم عليه السلام {فقالوا سلامًا} أي نسلم سلامًا {قال} يعني إبراهيم {إنا منكم وجلون} أي خائفون وإنما خاف إبراهيم منهم لأنهم لم يأكلوا طعامه {قالوا لا توجل} يعني لا تخف {إنا نبشرك بغلام عليم} يعني أنهم بشروه بولد ذكر غلام في صغره عليم في كبره، وقيل عليم بالأحكام والشرائع والمراد به إسحاق عليه السلام فلما بشروه بالولد عجب إبراهيم من كبره وكبر امرأته {قال أبشرتموني} يعني بالولد {على أن مسني الكبر} يعني على حالة الكبر، قال على طريق التعجب {فبم تبشرون} يعني فبأي شيء تبشرون، وهو استفهام بمعنى التعجب كأنه عجب من حصول الولد على الكبر {قالوا بشرناك بالحق} يعني بالصدق الذي قضاه الله بأن يخرج منك ولدًا ذكرًا، تكثر ذريته وهو إسحاق {فلا تكن من القانطين} يعني فلا تكن من الآيسين من الخير.
والقنوط: هو الإياس من الخير قال يعني إبراهيم {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} يعني من ييأس من رحمة ربه إلا المكذبون، وفيه دليل على أن إبراهيم عليه السلام لم يكن من القانطين، ولكنه استبعد حصول الولد على الكبر فظنت الملائكة أن به قنوطًا فنفى ذلك عن نفسه، وأخبر أن القانط من رحمة الله تعالى من الضالين لأن القنوط من رحمة الله كبيرة، كالأمن من مكر الله ولا يحصل إلا عند من يجهل كون الله تعالى قادرًا على ما يريد، ومن يجهل كونه سبحانه وتعالى عالمًا بجميع المعلومات فكل هذه الأمور سبب للضلالة. اهـ.

.قال أبو حيان:

{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)}
القنوط: أتم اليأس، يقال: قنط يقنط بفتحها، وقنط بفتح النون يقنط بكسرها وبضمها.
{ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلامًا قال إنا منكم وجلون قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}
ولما ذكر تعالى ما أعد للعاصين من النار، وللطائعين من الجنة، ذكر العرب بأحوال من يعرفونه ممن عصى وكذب الرسل فحل به عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، ليزدجروا عن كفرهم، وليعتبروا بما حل بغيرهم.
فبدأ بذكر جدهم الأعلى إبراهيم عليه السلام، وما جرى لقوم ابن أخيه لوط، ثم بذكر أصحاب الحجر وهم قوم صالح، ثم بأصحاب الأيكة وهم قوم شعيب.
وقرأ أبو حيوة: {ونبيهم} بإبدال الهمزة ياء.
و{ضيف ابراهيم} هم الملائكة الذين بشروه بالولد، وبهلاك قوم لوط.
وأضيفوا إلى ابراهيم وإن لم يكونوا أضيافًا، لأنهم في صورة من كان ينزل به من الأضياف، إذ كان لا ينزل به أحد إلى ضافه، وكان يكنى أبا الضيفان.
وكان لقصره أربعة أبواب، من كل جهة باب، لئلا يفوته أحد.
والضيف أصله المصدر، والأفصح أن لا يثنى ولا يجمع للمثنى والمجموع، ولا حاجة إلى تكلف إضمار كما قاله النحاس وغيره من تقدير: أصحاب ضيف.
وسلامًا مقتطع من جملة محكية بقالوا، فليس منصوبًا به، والتقدير: سلمت سلامًا من السلامة، أو سلمنا سلامًا من التحية.
وقيل: سلامًا نعت لمصدر محذوف تقديره: فقالوا قولًا سلامًا، وتصريحه هنا بأنه وجل منهم، كان بعد تقريبه إليهم ما أضافهم به وهو العجل الحنيذ، وامتناعهم من الأكل وفي هو ذاته أوجس في نفسه خيفة، فيكمن أنّ هذا التصريح كان بعد إيجاس الخيفة.
ويحتمل أن يكون القول هنا مجازًا بأنه ظهرت عليه مخايل الخوف حتى صار كالمصرح به القائل.
وقرأ الجمهور: {لا توجل} مبنيًا للفاعل.
وقرأ الحسن: بضم التاء مبنيًا للمفعول من الإيجال.
وقرئ: {لا تاجل} بإبدال الواو ألفًا كما قالوا: تابة في توبة.
وقرئ: {لا تواجل} من واجله بمعنى أوجله.
{إنا نبشرك} استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل، أي: إنك بمثابة الآمن المبشر فلا توجل.
والمبشر به هو إسحاق، وذلك بعد أنْ ولد له إسماعيل وشب بشروه بأمرين: أحدهما: أنه ذكر.
والثاني: وصفه بالعلم على سبيل المبالغة.
فقيل: النبوة كقوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبيًا} وقيل: عليم بالدين.
وقرأ الأعرج: {بشرتموني} بغير همزة الاستفهام، و{على أنّ مسني الكبر} في موضع الحال.
وقرأ ابن محيصن: {الكبر} بضم الكاف وسكون الباء، واستنكر إبراهيم عليه السلام أنْ يولد له مع الكبر.
و{فبم تبشرون}، تأكيد استبعاد وتعجب، وكأنه لم يعلم أنهم ملائكة رسل الله إليه، فلذلك استفهم، واستنكر أن يولد له.
ولو علم أنهم رسل الله ما تعجب ولا استنكر، ولاسيما وقد رأى من آيات الله عيانًا كيف أحيا الموتى.
قال الزمخشري: كأنه قال: فبأيّ أعجوبة تبشروني، أو أراد أنكم تبشرونني بما هو غير متصور في العادة، فبأي شيء تبشرون؟ يعني: لا تبشروني في الحقيقة بشيء، لأنّ البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء.
ويجوز أن لا تكون صلة لبشر، ويكون سؤالًا على الوجه والطريقة يعني: بأي طريقة تبشرونني بالولد، والبشارة به لا طريقة لها في العادة انتهى.
وكأنه قال: أعلى وصفي بالكبر، أم على أني أرد إلى الشباب؟ وقيل: لما استطاب البشارة أعاد السؤال، ويضعف هذا قولهم له: {بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين}.
وقرأ الحسن: {تبشروني} بنون مشددة وياء المتكلم، أدغم نون الرفع في نون الوقاية.
وابن كثير: بشدها مكسورة دون ياء.
ونافع يكسرها مخففة، وغلّطه أبو حاتم وقال: هذا يكون في الشعر اضطرارًا، وخرجت على أنه حذف نون الوقاية وكسر نون الرفع للياء، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها.
وقالوا هو مثل قوله:
يسوء القاليات إذا قليني

وقول الآخر:
لا أباك تخوفيني

وقرأ باقي السبعة: بفتح وهي علامة الرفع.
قال الحسن: {فبم تبشرون} على وجه الاحتقار وقلة المبالاة بالمبشرات لمضي العمر واستيلاء الكبر.
وقال مجاهد: عجب من كبره وكبر امرأته، وتقدم ذكر سنة وقت البشارة.
وبالحق أي باليقين الذي لا لبس فيه، أو بالطريقة التي هي حق، وهي قول الله ووعده وأنه قادر على أنْ يوجد ولدًا من غير أبوين، فكيف من شيخ فانٍ، وعجوز عاقر.
وقرأ ابن وثاب، وطلحة، والأعمش، ورويت عن أبي عمرو: {من القنطين}، من قنط يقنط.
وقرأ النحويان والأعمش: {ومن يقنط}، وفي الروم والزمر بكسر النون، وباقي السبعة بفتحها، وزيد بن علي والأشهب بضمها.
وهو استفهام في ضمنه النفي، ولذلك دخلت إلا في قوله: {إلا الضالون} وقولهم له: {فلا تكن من القانطين} نهي، والنهي عن الشيء لا يدل على تلبس المنهى عنه به ولا بمقارنته.
وقوله: {ومن يقنط} ردّ عليهم، وأن المحاورة في البشارة لا تدل على القنوط، بل ذلك على سبيل الاستبعاد لما جرت به العادة.
وفي ذلك إشارة إلى أنّ هبة الولد على الكبر من رحمة الله، إذ يشد عضد والده به ويؤازره حالة كونه لا يستقل ويرث منه علمه ودينه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{نَبّىء عِبَادِى}
وهم الذين عبر عنهم بالمتقين {أَنّى أَنَا الغفور الرحيم وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الأليم} فذلكةٌ لما سلف من الوعد والوعيد وتقريرٌ له، وفي ذكر المغفرةِ إشعارٌ بأن ليس المرادُ بالمتقين مَن يتقي جميعَ الذنوب كبيرَها وصغيرَها، وفي وصف ذاتِه تعالى بها وبالرحمة على وجه القصر دون التعذيب إيذانٌ بأنهما مما يقتضيهما الذاتُ وأن العذاب إنما يتحقق بما يوجبه من خارج.
{وَنَبّئْهُمْ} عطفٌ على نبىءْ عبادي، والمقصود اعتبارُهم بما جرى على إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام مع أهله من البشرى في تضاعيف الخوفِ، وبما حل بقوم لوطٍ من العذاب ونجاتِه عليه الصلاة والسلام مع أهله التابعين له في ضمن الخوف، وتنبيهُهم بحلول انتقامِه تعالى من المجرمين وعلمُهم بأن عذاب الله هو العذاب الأليم {عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنهم جبريلُ عليه الصلاة والسلام وملكانِ معه وقال محمد بن كعبٍ: وسبعةٌ معه وقيل: جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ عليهم الصلاة والسلام وقال الضحاك: كانوا تسعةً وعن السدي: كانوا أحدَ عشرَ على صور الغلمان الوِضاءِ وجوهُهم وعن مقاتلٍ: أنهم كانوا اثنيْ عشَرَ ملَكًا وإنما لم يتعرض لعنوان رسالتِهم لأنهم لم يكونوا مرسَلين إلى إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام بل إلى قوم لوطٍ حسبما يأتي ذكرُه.
{إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ} نُصب بفعلٍ مضمر معطوفٍ على نبىء، أي واذكر وقت دخولِهم عليه، أو خبر مقدر مضاف إلى ضيف، أي خبر ضيف إبراهيمَ حين دخولهم عليه، أو بنفس ضيف على أنه مصدرٌ في الأصل {فَقَالُواْ} عند ذلك {سَلاَمًا} أي نسلّم سلامًا أو سلّمنا أو سَلِمْتَ سلامًا.
{قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} أي خائفون، فإن الوجلَ اضطرابُ النفس لتوقع مكروهٍ، قاله عليه الصلاة والسلام حين امتنعوا من أكل ما قرّبه إليهم من العجل الحنيذ، لِما أن المعتاد عندهم أنه إذا نزل بهم ضيفٌ فلم يأكلْ من طعامهم ظنوا أنه لم يجىء بخير، لا عند ابتداء دخولهم لقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} فلا مجال لكون خوفه عليه الصلاة والسلام بسبب دخولِهم بغير إذن ولا بغير وقت، إذ لو كان كذلك لأجابوا حينئذ بما أجابوا، ولم يتصدَّ عليه الصلاة والسلام لتقريب الطعام إليهم، وإنما لم يذكر هاهنا اكتفاءً بما بيّن في غير هذا الموضع، ألا يرى إلى أنه لم يُذكر هاهنا ردُّه عليه الصلاة والسلام لسلامهم.
{قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ} لا تخف، وقرئ {لا تاجل} و{لا تُوجِلْ} من أوجله أي أخافه، و{لا تُواجِلْ} من واجله بمعنى أوجله {إِنَّا نُبَشّرُكَ} استئنافٌ لتعليل النهي عن الوجل، فإن المبشَّر به لا يكاد يحوم حول ساحته خوفٌ ولا حزن، كيف لا وهو بشارةٌ ببقائه وبقاءِ أهله في عافية وسلامة زمانًا طويلًا {بغلام} هو إسحاقُ عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى: {فبشرناها بإسحاق} ولم يتعرض هاهنا لبشارة يعقوبَ عليه الصلاة والسلام اكتفاءً بما ذكر في سورة هود {عَلِيمٌ} إذا بلغ، وفي موضع آخرَ بغلام حليم.
{قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى} بذلك {على أَن مَّسَّنِىَ الكبر} وأثر في تعجبه عليه الصلاة والسلام من بشارتهم بالولد في حالة مباينة للولادة، وزاد في ذلك فقال: {فَبِمَ تُبَشّرُونَ} أي بأي أعجوبةٍ تبشرونني، فإن البشارة بما لا يُتصور وقوعُه عادة بشارةٌ بغير شيء، أو بأي طريقةٍ تبشرونني، وقرئ بتشديد النون المكسورة على إدغام نون الجمع في نون الوقاية.
{قَالُواْ بشرناك بالحق} أي بما يكون لا محالة، أو باليقين الذي لا لَبْسَ فيه، أو بطريقة هي حقٌّ وهو أمرُ الله تعالى، وقوله: {فَلاَ تَكُن مّنَ القانطين} من الآيسين من ذلك، فإن الله قادر على أن يخلق بشرًا بغير أبوين، فكيف من شيخ فانٍ وعجوز عاقر، وقرئ {من القَنِطين}، وكان مقصِدُه عليه الصلاة والسلام استعظامَ نعمتِه تعالى عليه في ضمن التعجب العادي المبنيِّ على سنة الله تعالى المسلوكةِ فيما بين عباده، لا استبعادَ ذلك بالنسبة إلى قدرته سبحانه كما ينبىء عنه قولُ الملائكة: فلا تكن من القانطين، دون أن يقولوا: من الممترين أو نحوه.
{قَالَ وَمَن يَقْنَطُ} استفهامٌ إنكاريٌّ أي لا يقنط {مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضآلون} المخطِئون طريقَ المعرفة والصوابِ، فلا يعرِفون سعةَ رحمتِه وكمالَ علمه وقدرتِه كما قال يعقوب عليه الصلاة والسلام: {لاَ يَايْئَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلاَّ القوم الكافرون} ومرادُه نفيُ القنوط عن نفسه على أبلغ وجهٍ، أي ليس بي قنوطٌ من رحمته تعالى، وإنما الذي أقول لبيان منافاةِ حالي لفيضان تلك النعمةِ الجليلة عليّ، وفي التعرض لوصف الربوبيةِ والرحمةِ ما لا يخفى من الجزالة، وقرئ بضم النون، وبكسرها من قنَط بالفتح ولم تكن هذه المفاوضةُ من الملائكة مع إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام خاصة، بل مع سارَةَ أيضًا حسبما شُرح في سورة هود، ولم يُذكر ذلك هاهنا اكتفاءً بما ذكر هناك كما أنه لم يُذكر هذه هناك اكتفاء بما ذكر هاهنا. اهـ.