فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)}
قوله تعالى: {أَنَا الغفور}: يجوز في {أنا} أن يكونَ تأكيدًا، وأن يكونَ مبتدأً، وأن يكونَ فصلًا.
{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)}
قوله تعالى: {هُوَ العذاب}: يجوز في {هو} الابتداء والفصلُ، ولا يجوزُ التوكيدُ؛ إذ المُظْهَرُ لا يُؤَكَّد بالمضمرِ.
{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52)}
قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُواْ}: في {إذ} وجهان: أحدُهما: أنه مفعولٌ بفعلٍ مقدَّر، أي: اذكر إذ دخلوا، والثاني: أنه ظرفٌ على بابِه، وفي العاملِ فيه وجهان، أحدُهما: أنه محذوفٌ تقديره: خبر {ضيفِ}، والثاني: أنه نفس {ضيف}، وفي توجيه ذلك وجهان، أحدُهما: أنه لمَّا كان في الأصل مصدرًا اعتُبر ذلك فيه، ويدلُّ على اعتبار مصدريَّته بعد الوصفِ بِه عدمُ مطابقته لِما قبله تثنيةً وجمعًا وتانيثًا في الأغلب، ولأنه قائمٌ مَقامَ وصفٍ، والوصفُ يعمل، والثاني: أنه على حَذْفِ مضاف، أي: أصحاب ضيفِ إبراهيم، أي: ضيافته، فالمصدرُ باقٍ على حالِه فلذلك عَمِلَ.
وقال أبو البقاء:-بعد أنْ قَدَّر أصحابَ ضيافته- والمصدرُ على هذا مضافٌ إلى المفعول. قلت: وفيه نظر؛ إذ الظاهرُ إضافتُهُ لفاعِله، إذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هو..
{قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53)}
قوله تعالى: {لاَ تَوْجَلْ}: العامة على فتح التاء، مِنْ وَجِل كشَرِب يَشْرَب، والفتحُ قياسُ فَعِل، إلا أنَّ العربَ آثرَتْ يَفْعِل بالكسرِ في بعضِ الألفاظِ إذا كانت فاؤه واوًا نحو: يَثِقُ.
وقرأ الحسن {تُوْجَل} مبنيًا للمفعول من الإِيجال، وقُرِئ {لا تَاجَل} والأصلُ تَوْجَل كقراءة العامَّةِ، إلاَّ أنه أبدل من الواو ألفًا لانفتاحِ ما قبلها، وإن لم تتحرَّكْ، كقولهم: تابة وصامة، في تَوْبة وصَوْمَة، وسُمِع: اللهم تقبَّل تابتي وصامتي، وقُرِئ أيضًا {لا تَوَاجَلْ} من المواجلة.
{قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54)}
قوله تعالى: {أَبَشَّرْتُمُونِي} قرأ الأعرج {بَشَّرْتموني} بإسقاطِ أداةِ الاستفهام، فتحتمل الإِخبارَ، وتحتمل الاستفهامَ وإنما حَذَفَ أداتَه للعلمِ بها.
قوله: {على أَن مَّسَّنِيَ} في محلِّ نصبٍ على الحال، وقرأ ابنُ محيصن {الكُبْرُ} بزنةِ قُفْل.
قوله: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} بِمَ متعلقٌ بـ {تُبَشِّرون}، وقُدِّم وجوبًا لأنَّ له صدرَ الكلامِ، وقرأ العامَّةُ بفتح النون مخففةً على أنها نونُ الرفع، ولم يُذْكَرْ مفعولُ التبشير، وقرأ نافع بكسرها، والأصل {تُبَشِّرُوني} فَحَذَفَ الياءَ مجتزِئًا عنها بالكسرة، وقد غلَّطه أبو حاتم وقال: هذا يكونُ في الشعرِ اضطرارًا.
وقال مكي: وقد طَعَنَ في هذه القراءةِ قومٌ لبُعْدِ مَخْرَجِها في العربيةِ؛ لأنَّ حَذْفَ النونِ التي تصحب الياءَ لا يَحْسُنُ إلا في شِعْرٍ، وإن قُدِّر حَذْفُ النونِ الأولى حَذَفْتَ عَلَمَ الرفعِ من غيرِ ناصبٍ ولا جازمٍ؛ ولأنَّ نونَ الرفعِ كَسْرُها قبيحٌ، إنما حَقُّها الفتح، وهذا الطعنُ لا يُلتفت إليه لأنَّ ياءَ المتكلمِ قد كَثُرَ حَذْفُها مجتزَأً عنها بالكسرةِ، وقد قرئ بذلك في قوله: {أَفَغَيْرَ الله تأمروني} [الزمر: 64]. كما سيأتي بيانُه.
ووجهُه: أنه لَمَّا اجتمع نونان إحداهما للرفع، والأخرى نونُ الوقاية، استثقل اللفظ: فمنهم مَنْ أدغم، ومنهم مَنْ حذف. ثم اخْتُلِف في المحذوفة: هل هي في الأولى أو الثانية؟ وقد قدَّمْتُ دلائلَ كلِّ قولٍ مستوفاةً في سورةِ الأنعام، وقرأ ابن كثير بتشديدِها مكسورةً، أدغم الأولى في الثانية وحَذَف ياءَ الإِضافةِ، والحسن أثبت الياءَ مع تشديدِ النون، ويرجِّح قراءةَ مَنْ أثبت مفعولَ {تُبَشِّرون} وهو الياءُ قولُه: {قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ}.
{قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55)}
و{بالحق}: متعلقٌ بالفعلِ قبله، ويَضْعُفُ أن يكون حالًا، أي: بَشَّرْناك ومعنا الحقُّ.
{قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56)}
قوله تعالى: {وَمَن يَقْنَطُ}: هذا الاستفهامُ معناه النفي؛ ولذلك وقع بعده الإِيجابُ بـ: {إلا}، وقرأ أبو عمروٍ والكسائي {يَقْنِط} بكسرِ عينِ هذا المضارعِ حيث وقع، والباقون بفتحها، وزيدُ بن علي والأشهبُ بضمِّها، وفي الماضي لغتان: قَنِط بكسر النون، يَقْنَظ بفتحها، وقَنَط بفتحِها يَقْنِط بكسرِها، ولولا أنَّ القراءةَ سُنَّةٌ متبعةٌ لكان قياسُ مِنْ قرأ {يَقْنَطُ} بالفتح أن يقرأَ ماضيَه قَنِط بالكسر، لكنهم أَجْمعوا على فتحِه في قوله تعالى في قوله: {مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ} [الشورى: 28]، والفتحُ في الماضي هو الأكثر ولذلك أُجْمِعَ عليه، ويُرَجِّح قراءَة {يَقْنَطُ} بالفتح قراءةُ أبي عمروٍ في بعض الروايات {فَلاَ تَكُن مِّنَ القانطين} كفَرِح يَفْرَحُ فهو فَرِح، والقُنُوط: شدةُ اليأسِ من الخير. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في نبأ:
النَبَأَ- مُحركةً-: الخَبَر، ونَبَّأَ وأَنْبَأَ: أَخبر، ومنه اشتق النبى قال تعالى: {نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وعلى هذا هو فعيل بمعنى فاعل، وقال تعالى: {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} وعلى هذا فهو فعيل بمعنى مفعول.
غير أَنهم تركوا الهمزة في النبىّ، والبَرِيَّة، والذُّرِّية، والخابية؛ إِلا أَهل مكَّة حرَسها الله، فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون غيرها ويخالفون العرب في ذلك.
وتصغير النبىّ نُبَيِّئ كنُبَيِّع، وتصغير النبوّة نُبَيِّئة مثال نُبَيِّعة، يقول العرب: كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَةَ نُبَيِّئة سَوْءٍ وجمع النبىّ أَنبئاء ونُباء.
قال العبّاس بن مِرْداس:
يا خاتم النُبَاءِ إِنّك مرسَل ** بالحقّ كلّ هُدَى السبيل هداكا

إِنّ الإِله بَنَى عليك محبَّة ** في خَلْقه ومحمّدًا سمّاكا

ويُروى: يا خاتم الأَنْباءِ.
ويجمع أَيضًا على نبيّين وأَنبياء؛ لأَن الهمز لَمّا أُبدل وأُلزم الإِبدال جُمِعَ جَمَعْ ما أَصلُ لامه حرف العلة؛ كعِيد وأَعياد.
ونَبَّأَ تنبئة: أَخبر، وقوله تعالى: {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ} أَى لتُجازيَنّهم بفعلهم.
ويقول العربىّ للرّجل إِذا توعّده: لأُنبِّئنّك ولأَعُرِّفَنَّك.
ونبَّأْته أَبلغ من أَنبأْته.
ويدلّ على ذلك قوله تعالى: {قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هذا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} ولم يقل: أَنبأَنى بل عدل إِلى نبّأَ الذي أَبلغ؛ تنبيهًا على تحقيقه وكونِه من قِبَل الله.
والنبوّة: سِفَارة بين الله وبين ذوى العقول؛ لإِزاحة عِلَلهم في أَمر مَعادهم ومَعاشهم.
والنَبْأَة: الصّوت.
ونَبَأت أَنْبَأُ نُبُوءَا، أَى ارتفعت، وكلّ مرتفع نابئٌ ونَبِئٌ.
وفى بعض الآثار: لا يُصلَّى على النبئِ، أَى المكان المرتفع المحْدَوْدِب.
ونَبَأْت على القوم نَبْأ ونُبُوءًا: إِذا طلعتَ عليهم.
ونَبَأت من أَرض إِلى أَرض: إِذا خرجت منها إلى أُخرى وهذا المعنى أَراد الأَعرابىّ بقوله: يا نبئَ الله، أَى يا من خرج من مكَّة إلى المدينة، فأَنكر عليه الهمز وقال: «إِنّا معشرَ قريش لانَنْبِر».
ويُرْوَى: «لا تَنْبِرْ باسمى فإِنما أَنا نبىّ الله ولست بنَبئِ الله». اهـ.

.فروق لغوية دقيقة:

.الفرق بين العذاب والألم:

أن العذاب أخص من الألم وذلك أن العذاب هو الألم المستمر يكون سمتمرا وغير مستمر ألا ترى أن قرصة البعوض ألم وليس بعذاب فإن استمر ذلك قلت عذبني البعوض الليلة فكل عذاب ألم وليس كل ألم عذابا وأصل الكلمة الاستمرار ومنه يقال ماء عذب لاستمرائه في الحلق.

.الفرق بين الألم والوجع:

أن الوجع أعم من الألم تقول آلمني زيد بضربه إيادي وأوجعني بذلك وتقول أوجعني ضربني ولا تقول آلمني ضربني وكل ألم هو يلحقه بك غيرك والوجع ما يلحقك من قبل نفسك ومن قبل غيرك ثم استعمل أحدهما في موضع الآخر.

.الفرق بين الألم والوصب:

أن الوصب هو الألم الذي يلزم البدن لزوما دائما ومنه يقال فلاة واصبه إذا كانت بعيدة كأنها من شدةبعدها لا غاية لها ومنه قوله تعالى: {وله الدين واصبا} وقوله تعالى: {ولهم عذاب واصب}.

.الفرق بين العذاب والعقاب؟

أن العقاب ينبىء عن استحقاق وسمي بذلك لأن الفاعل يستحقه عقيب فعله ويجوز أن يكون العذاب مستحقا وغير متسحق وأصل العقاب التلو وهو تأدية الأول إلى الثاني يقال عقب الثاني الأول إذا تلاه وعقب الليل نهار والليل النهار هما عقيبان وأعقبه بالغبطة حسرة إذا أبدله بها وعقب باعتذار بعد اساءة وفي التنزيل {ولى مدرا ولم يعقب} اي لم يرجع بعد ذهابه تاليا له مجيئة وفيه {لا معقب لحكمة} وتعقبت فلانا تتبعت أمره واستعقبت منه خيرا وشرا اي استبدلت بالأول ما يتلوه من الثاني وتعاقبا الأمر تناوباه بما يتلو كل واحد منهما الآخر وعاقبت اللص بالقطع الذي يتلو سرقته واعتقب الرجلن العقبة إذا ركبها كل واحد منهما على مناوبة يتلو سرقته واعتقب الرجلان العقبة إذا ركبها كل واحد منهما على مناوبة الآخر {والعاقبة للمتقين} وعلى المجرمين لأنها تعقب المتقين خيرا والمجرمين شرا كما تقول الدائرة لفلان على فلان.

.الفرق بين البلاء والنقمة:

أن البلاء يكون ضررا يكون نفعا وإذا أردت النفع قلت أبليته وفي القرآن {وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا} ومن الضر بلوته واصله أن تختبره بالمكروه وتستخرج ما عنده من الصبر ويكون ذلك ابتداء والنقمة لا تكون غلا جزاء وعقوبة وأصلها شدة الإنكار تقول نقمت عليه الأمر إذا أنكرته عليه وقد تسمى النقمة بلاء والبلاء لا يسمى نقمة إذا كان ابتداء والبلاء أيتضا اسم للنعمة وفي كلام الأحنف البلاء ثم الثناء أي النعمة ثم الشكر.

.الفرق بين قولك أنكر وبين وقولك نقم:

أن قولك نقم أبلغ من قولك أنكر ومعنى نقم أنكر إنكار المعاقب ومن ثم سمي العقاب نقمه.

.الفرق بين العقاب والانتقام:

أن الانتقام سلب النعمة بالعذاب والعقاب جزاء على الجرم بالعذاب لأن العقاب نقيض الثواب والانتقام نقيض الإنعام.

.الفرق بين الخوف والحذر والخشية والفزع:

أن الخوف توقع الضرر المشكوك في وقوعه ومن يتيقن الضرر لم يكن خائفا له وكذلك الرجاء لا يكون إلا مع الشك ومن تيقن النفع لم يكن راجيا له والحذر توقي الضرر وسواء كان مظنونا أو متيقنا والحذر يدفع الضرر والخوف لا يدفعه ولهذا يقال خذ حذرك ولا يقال خذ خوفك.

.الفرق بين الحذر والاحتراز:

أن الاحتراز هو التحفظ من الشيء الموجود والحذر هو التحفظ مما لم يكن إذا علم أنه يكون أو ظن ذلك.

.الفرق بين الخوف والخشية:

أن الخوف يتعلق بالمكروه ويترك المكروه تقول خفت زيدا كما قال تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم} وتقول خفت المرض كما قال سبحانه {ويخافون سوء الحساب} والخشية تتعلق بمنزل المكروه ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية ولهذا قال: {ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} فإن قيل أليس قد قال: {إني خشيت أن تقول فرقت بين بين إسرائيل} قلنا إنه خشي القول المؤدي إلى الفرقة والمؤدي إلى الشيء بمنزلة من يفعله وقال بعض العلماء يقال خشيت زيدا ولا يقال خشيت ذهاب زيد فإن قيل ذلك فليس على الأصل ولكن على ضع الخشية مكان الخوف وقد يوضع الشيء مكان الشيء إذا قرب منه.

.الفرق بين الخشية والشفقة:

أن الشفقة ضرب من الرقة وضعف القلب ينال الإنسان ومن ثم يقال للأم إنها تشفق على ولدها أي ترق له وليست هي من الخشية والخوف في شيء والشاهده قوله تعالى: {الذين هم من خشية ربهم مشفقون} ولو كانت الخشية هي الشفقة لما حسن أن يقول ذلك كما لا يسحن أن يقول يخشون من خشية ربهم ومن هذا الأصل قولهم ثوب شفق إذا كان رقيقا وشبهت به البدا لأنها حمرة ليست بالمحكمة فقولك اشفقت من كذا معناه ضعف قلبي عن احتماله.

.الفرق بين الخوف والرهبة:

أن الرهبة طول الخوف واستمراره ومن ثم قيل للراهب راهب لأنه يدم أخوف واصله من قولهم جمل رهب إذا كان طويل العظام مشبوح الخلق والرهابة العظم الذي على رأس المعدة يرجع إلى هذا وقال علي بن عيس الرهبة خوف قع على شريطة لا مخافة والشاهد أن نقيضها الرغبة وهي السلامة من المخاوف مع حصول فائدة والخوف مع الشك بوقوع الشرر والرهبة مع العلم به يقع على شريطة كذا وإن لم تكن الشريطة لم تقع.

.الفرق بين التخويف والإنذار:

أن الإنذار تخويف مع إعلام موضع المخافة من قولك نذرت بالشيء إذا علمته فاستعددت له فإذا خوف الإنسان غير وأعلمه حال ما يخوفه به فقد أنذره وإن لم يعلمه ذلك لم يقل أنذره والنذر ما يجعله الانسان على نفسه إذا سلم ما يخافه والانذار إحسان من المنذر وكلما كانت المخافة أشد كانت النعمة بالإنذار أعظم ولهذا كان النبي أعظم الناس منه بإنذاره لهم عقاب الله تعالى.

.الفرق بين الإنذار والوصية:

أن الإنذار لا يكون إلا منك لغيرك وتكون الوصية منك لنفسك ولغيرك تقول أوصيت نفسي كما توقل أوصيت غيري ولا تقول أنذرت نفسن والإنذار لا يكون بالزجر عن القبيح وما يعتقد المنذر قبح والوصية تكون بالحسن ولا يجوز أن ينذره إلا في ما هو قبيح وقيل النذراة نقيضة البشارة وليست الوصية نقيضة البشارة.

.الفرق بين الخوف والهلع والفزع:

أن الفزع مفاجاة الخوف عند هجوم غارة أو صوت هدة وما أشبه ذلك وهو انزعاج القلب بتوقع مكروه عاجل وتقول فزعت منه فتعدية بمن وخفته فتعدية بنفسه فمعنى خفتة أي هو نفسه خوفي ومعنى فزعت منه أي هو ابتداء فزعي بنفسه فمعنى خفته أي هو نفسه خوفي ومعنى فزعت منه أي هو ابتداء فزعي لأن من لابتداء العاية وهو يؤكد ما ذكرناه وأما الهلع فو أسوأ الجزع وقيل الهلوع على ما فسره الله تعالى في قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} ولا يسمى هلوعا حتى تجمع فيه هذه الخصال.

.الفرق بين الخوف والهول:

أن الهول مخافة الشيء لا يدري على ما يقحم عليه منه كهول الليل وهول البحر وقد هالني الشيء وهو هائل ولا يقال أمر مهول أن الشاعر في بيت من الخفيف:
ومهول من المناهل وحش ** ذي عراقيب آجن مدفان

وتفسير المهول أن فيه هولا والعرب إذا كان الشيء أنشى ء له يخرجونه على فاعل كقولهم دارع وإذا كان الشيء أنشى ء فيه أخرجوه على مفعول مثل محبون فيه ذلك ومديون عليه ذلك وهذا قول الخليل.

.الفرق بين الخوف والوجل:

أن الخوف خلاف الطمأنينة وجل الرجل يوجل وجلا وإذا قلت ولم يطمئن ويقال أنا من هذا على وجل ومن ذلك على طمأنينة ولا يقال على خوف في هذا الموضع وفي القرآن {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} أي إذا ذكرت عظمة الله وقدرته لم تطمئن قلوبهم إلى ما قدموه من الطاعة وظنوا أنهم مقصرون فاضطربوا من ذلك وقلقوا فليس الوجل من الخوف في شيء وخاف متعد ووجل غير متعد وصيغتاهما مختلفتان أيضا وذلك يدل على فرق بينهما في المعنى.