فصل: قال الشوكانى في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أو: أن الحق سبحانه يريد ألاَّ يلتفت أحدٌ خَلْفه حتى لا يشهدَ العذاب، أو مقدمة العذاب الذي يقع على القوم، فتأخذه بهم شفقة.
ونحن نعلم قول الحق سبحانه في إقامة أيِّ حدِّ من الحدود التي أنزلها: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله} [النور: 2].
فلو أن أحدًا قد التفتَ إلى العذاب، أو مُقدِّمة العذاب؛ فقد يحِنّ إليهم، أو يعطف عليهم رغم أن عذابهم بسبب ذنب كبير، فقد ارتكبوا جريمة كبيرة؛ ونعلم أن بشاعة الجريمة تبهت؛ وقد يبقى في النفس عِظَم أَلَمِ العقوبة لحظة توقيعِها على المُجرم.
أو: أن الحق سبحانه يريد أن يعجل بالقوم الناجين قبل أنْ يوجد، ولو التفزيع الذي هو مقدمة تعذيب القوم الذين كفروا من هَوْل هذا العذاب القادم.
وهكذا كان الأمر بالإسراء بالقوم الذين قرر الحق سبحانه نجاتهم، والكيفية هي أن يكون الخروج في جزء من الليل، وأنْ يتبعَ لوطٌ أدبارهم، وألا يلتفتَ أحد من الناجين خَلْفه؛ ليمضي هؤلاء الناجون حيث يأمرهم الحق سبحانه، وقيل: إن الجهة هي الشام.
ومن بعد ذلك يقول الحق سبحانه: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ}.
وقوله الحق: {وَقَضَيْنَآ} [الحجر: 66].
أي: أوحينا، وسبحانه تكلَّم من قَبْل عن الإنجاء للمؤمنين من آل لوط؛ ثم تكلَّم عن عذاب الكافرين المنحرفين؛ والأمر الذي قضى به الحق سبحانه أنْ يُبيدَ هؤلاء المنحرفين، وقَطْع الدَّابر هو الخَلْع من الجذور.
ولذلك يقول القرآن: {فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ} [الأنعام: 45].
وهكذا نفهم أن قَطْع الدابر هو أنْ يأخذَهم الحق سبحانه أَخْذ عزيز مقتدر فلا يُبقِى منهم أحدًا، وموعد ذلك هو الصباح، فبعد أنْ خرج لوط ومَنْ معه بجزء من الليل وتمَّتْ نجاتهم يأتي الأمر بإهلاك المنحرفين في الصباح.
والأَخْذ بالصُّبح هو مبدأ من مبادئ الحروب؛ ويُقال: إن أغلب الحروب تبدأ عند أول خيط من خيوط الشمس.
والحق سبحانه يقول: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ المنذرين} [الصافات: 177].
وهكذا شاء الحق سبحانه أنْ يأخذَهم وهُمْ في استرخاء؛ ولا يملكون قُدْرة على المقاومة.
وقَوْل الحق سبحانه هنا:
{أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} [الحجر: 66].
لا يتناقض مع قوله عنهم في موقع آخر: {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُشْرِقِينَ} [الحجر: 73].
فكأن بَدْء الصيحة كان صُبْحًا، ونهايتهم كانت في الشروق، وهكذا رسم الحق سبحانه الصورة واضحة أمام لُوطٍ من قبل أنْ يبدأ التنفيذ؛ فهكذا أخبرتْ الملائكة لوطًا بما سوف يجري. اهـ.

.قال الشوكانى في الآيات السابقة:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)}
قوله: {إِنَّ المتقين في جنات وَعُيُونٍ} أي: المتقين للشرك بالله كما قاله جمهور الصحابة والتابعين.
وقيل: هم الذين اتقوا جميع المعاصي {في جنات} وهي البساتين، {وعيون} وهي الأنهار.
قرئ بضم العين من {عيون} على الأصل، وبالكسر مراعاة للياء.
والتركيب يحتمل أن يكون لجميع المتقين جنات وعيون، أو لكل واحد منهم جنات وعيون، أو لكل واحد منهم جنة وعين {ادخلوها} قرأ الجمهور بلفظ الأمر على تقدير القول أي قيل لهم: أدخلوها.
وقرأ الحسن وأبو العالية، وروي عن يعقوب بضم الهمزة مقطوعة، وفتح الخاء على أنه فعل مبني للمفعول أي: أدخلهم الله إياها.
وقد قيل: إنهم إذا كانوا في جنات وعيون، فكيف يقال لهم بعد ذلك ادخلوها على قراءة الجمهور؟ فإن الأمر لهم بالدخول يشعر بأنهم لم يكونوا فيها، وأجيب بأن المعنى أنهم لما صاروا في الجنات، فإذا انتلقوا من بعضها إلى بعض يقال لهم عند الوصول إلى التي أرادوا الانتقال إليها: ادخلوها، ومعنى {بِسَلامٍ ءامِنِينَ} بسلامة من الآفات، وأمن من المخافات، أو مسلمين على بعضهم بعضًا، أو مسلمًا عليهم من الملائكة، أو من الله عزّ وجلّ.
{وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} الغلّ: الحقد والعداوة، وقد مرّ تفسيره في الأعراف، وانتصاب {إِخْوَانًا} على الحال، أي: إخوة في الدين والتعاطف {على سُرُرٍ متقابلين} أي: حال كونهم على سرر، وعلى صورة مخصوصة وهي التقابل، ينظر بعضهم إلى وجه بعض، والسرر جمع سرير.
وقيل: هو المجلس الرفيع المهيأ للسرور، ومنه قولهم: سرّ الوادي لأفضل موضع منه {لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} أي: تعب وإعياء لعدم وجود ما يتسبب عنه ذلك في الجنة؛ لأنها نعيم خالص، ولذّة محضة تحصل لهم بسهولة، وتوافيهم مطالبهم بلا كسب ولا جهد، بل بمجرد خطور شهوة الشيء بقلوبهم يحصل ذلك الشيء عندهم صفوا عفوا {وَمَا هُمْ مّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} أبدًا، وفي هذا الخلود الدائم وعلمهم به تمام اللذة وكمال النعيم.
فإنّ علم من هو في نعمة ولذة بانقطاعها وعدمها بعد حين موجب لتنغص نعيمه وتكدّر لذته.
ثم قال سبحانه بعد أن قصّ علينا ما للمتقين عنده من الجزاء العظيم والأجر الجزيل {نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور الرحيم} أي: أخبرهم يا محمد أني أنا الكثير المغفرة لذنوبهم، الكثير الرحمة لهم، كما حكمت به على نفسي: «إن رحمتي سبقت غضبي»، اللهم اجعلنا من عبادك الذين تفضلت عليهم بالمغفرة، وأدخلتهم تحت واسع الرحمة.
ثم إنه سبحانه لما أمر رسوله بأن يخبر عباده بهذه البشارة العظيمة، أمره بأن يذكر لهم شيئًا مما يتضمن التخويف والتحذير حتى يجتمع الرجاء والخوف، ويتقابل التبشير والتحذير، ليكونوا راجين خائفين، فقال: {وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الأليم} أي: الكثير الإيلام.
وعند أن جمع الله لعباده بين هذين الأمرين من التبشير والتحذير، صاروا في حالة وسط بين اليأس والرجاء، وخير الأمور أوساطها، وهي القيام على قدمي الرجاء والخوف، وبين حالتي الأنس والهيبة.
وجملة {وَنَبّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} معطوفة على جملة {نبىء عبادي} أي: أخبرهم بما جرى على إبراهيم من الأمر الذي اجتمع فيه له الرجاء والخوف، والتبشير الذي خالطه نوع من الوجل ليعتبروا بذلك ويعلموا أنها سنّة الله سبحانه في عباده، وأيضًا لما اشتملت القصة على إنجاء المؤمنين وإهلاك الظالمين، كان في ذلك تقريرًا لكونه الغفور الرحيم، وأن عذابه هو العذاب الأليم، وقد مرّ تفسير هذه القصة في سورة هود، وانتصاب {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ} بفعل مضمر معطوف على {نَبّىء عِبَادِى} أي: واذكر لهم دخولهم عليه، أو في محل نصب على الحال.
والضيف في الأصل مصدر، ولذلك وحد وإن كانوا جماعة، وسمي ضيفًا لإضافته إلى المضيف {فَقَالُواْ سَلامًا} أي: سلمنا سلامًا {قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} أي: فزعون خائفون، وإنما قال هذا بعد أن قرّب إليهم العجل فرآهم لا يأكلون منه كما تقدم في سورة هود {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} [هود: 70]، وقيل: أنكر السلام منهم، لأنه لم يكن في بلادهم.
وقيل: أنكر دخولهم عليه بغير استئذان.
{قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ} أي قالت الملائكة: لا تخف.
وقرئ {لا تاجل} و{لا توجل} من أوجله أي: أخافه، وجملة {إِنَّا نُبَشّرُكَ بغلام عَلِيمٍ} مستأنفة لتعليل النهي عن الوجل، والعليم: كثير العلم.
وقيل: هو الحليم كما وقع في موضع آخر من القرآن، وهذا الغلام: هو إسحاق كما تقدّم في هود، ولم يسمه هنا ولا ذكر التبشير بيعقوب اكتفاء بما سلف {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى} قرأ الجمهور بألف الاستفهام.
وقرأ الأعمش {بشرتموني} بغير الألف {على أَن مَّسَّنِىَ الكبر} في محل نصب على الحال، أي: مع حالة الكبر والهرم {فَبِمَ تُبَشّرُونَ} استفهام تعجب، كأنه عجب من حصول الولد له مع ما قد صار إليه من الهرم الذي جرت العادة بأنه لا يولد لمن بلغ إليه، والمعنى: فبأي شيء تبشرون؟ فإن البشارة بما لا يكون عادة لا تصح.
وقرأ نافع {تبشرونِ} بكسر النون والتخفيف وإبقاء الكسرة لتدل على الياء المحذوفة.
وقرأ ابن كثير، وابن محيصن بكسر النون مشدّدة على إدغام النون في النون، وأصله: تبشرونني.
وقرأ الباقون {تبشرون} بفتح النون.
{قَالُواْ بشرناك بالحق} أي: باليقين الذي لا خلف فيه، فإن ذلك وعد الله وهو لا يخلف الميعاد، ولا يستحيل عليه شيء، فإنه القادر على كل شيء {فَلاَ تَكُن مّنَ القانطين} هكذا قرأ الجمهور بإثبات الألف.
وقرأ الأعمش، ويحيى بن وثاب {من القنطين} بغير ألف.
وروي ذلك عن أبي عمرو أي: من الآيسين من ذلك الذي بشرناك به {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضآلون} قرئ بفتح النون من {يقنط} وبكسرها وهما لغتان.
وحكي فيه ضم النون، و{الضالون} المكذبون، أو المخطئون الذاهبون عن طريق الصواب، أي: إنما استبعدت الولد لكبر سني، لا لقنوطي من رحمة ربي.
ثم سألهم عما لأجله أرسلهم الله سبحانه فقال: {فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون} إلخ.طب: الأمر الخطير والشأن العظيم، أي: فما أمركم وشأنكم، وما الذي جئتم به غير ما قد بشرتموني به، وكأنه قد فهم أن مجيئهم ليس لمجرد البشارة، بل لهم شأن آخر لأجله أرسلوا {قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} أي: إلى قوم لهم إجرام، فيدخل تحت ذلك الشرك، وما هو دونه، وهؤلاء القوم هم: قوم لوط.
ثم استثنى منهم من ليسوا مجرمين فقال: {إِلا ءالَ لُوطٍ} وهو استثناء متصل؛ لأنه من الضمير في {مجرمين} ولو كان من قوم لكان منقطعًا لكونهم قد وصفوا بكونهم مجرمين، وليس آل لوط مجرمين.
ثم ذكر ما سيختص به آل لوط من الكرامة لعدم دخولهم مع القوم في إجرامهم فقال: {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أجمعين} أي: آل لوط، وهم أتباعه وأهل دينه، وهذه الجملة مستأنفة على تقدير كون الاستثناء متصلًا كأنه قيل: ماذا يكون حال آل لوط؟ فقال: {إنا لمنجوهم أجمعين} وأنما على تقدير كون الاستثناء منقطعًا فهي خبر، أي: لكن آل لوط ناجون من عذابنا.
وقرأ حمزة والكسائي {لمنجوهم} بالتخفيف من أنجا.
وقرأ الباقون بالتشديد من: نجي.
واختار هذه القراءة الأخيرة أبو عبيدة وأبو حاتم، والتنجية والإنجاء: التخليص مما وقع فيه غيرهم.
{إِلاَّ امرأته} هذا الاستثناء من الضمير في منجوهم إخراجًا لها من التنجية، والمعنى: قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنهلكهم إلاّ آل لوط إنا لمنجوهم إلاّ إمرأته فإنها من الهالكين.
ومعنى {قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين} قضينا وحكمنا أنها من الباقين في العذاب مع الكفرة.
والغابر: الباقي، قال الشاعر:
لا تكْسَع الشول بأغبارها ** إنك لا تدري من الناتج

والإغبار: بقايا اللبن.
قال الزجاج: معنى قدّرنا: دبرنا، وهو قريب من معنى قضينا.
وأصل التقدير: جعل الشيء على مقدار الكفاية.
وقرأ عاصم من رواية أبي بكر والمفضل {قدرنا} بالتخفيف.
وقرأ الباقون بالتشديد.
قال الهروي: هما بمعنى، وإنما أسند التقدير إلى الملائكة من كونه مع فعل الله سبحانه، لما لهم من القرب عند الله.
{فَلَمَّا جَاء ءالَ لُوطٍ المرسلون} هذه الجملة مستأنفة لبيان وإهلاك من يستحق الهلاك، وتنجية من يستحق النجاة {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} أي قال لوط مخطابًا لهم: إنكم قوم منكرون، أي: لا أعرفكم، بل أنكركم {قَالُواْ بَلْ جئناك بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} أي: بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه، فالإضراب هو عن مجيئهم بما ينكره، كأنهم قالوا: ما جئناك بما خطر ببالك من المكروه، بل جئناك بما فيه سرورك، وهو عذابهم الذي كنت تحذرهم منه وهم يكذبونك.
{واتيناك بالحق} أي: باليقين الذي لا مرية فيه ولا تردّد، وهو العذاب النازل بهم لا محالة {وِإِنَّا لصادقون} في ذلك الخبر الذي أخبرناك.
وقد تقدّم تفسير قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل} في سورة هود {واتبع أدبارهم} أي: كن ورائهم تذودهم لئلا يختلف منهم أحد فيناله العذاب {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} أي: لا تلتفت أنت ولا يلفتت أحد منهم فيرى ما نزل بهم من العذاب، فيشتغل بالنظر في ذلك، ويتباطأ عن سرعة السير والبعد عن ديار الظالمين.
وقيل: معنى لا يلتفت: لا يتخلف {وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} أي: إلى الجهة التي أمركم الله سبحانه بالمضيّ إليها، وهي جهة الشام.
وقيل: مصر.
وقيل: قرية من قرى لوط.
وقيل: أرض الخليل.
{وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ} أي: أوحينا إلى لوط {ذَلِكَ الأمر} وهو إهلاك قومه، ثم فسره بقوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاء مَقْطُوعٌ} قال الزجاج: موضع {أن} نصب، وهو بدل من {ذلك الأمر}، والدابر: هو الآخر، أي: أن آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح.
وانتصاب {مُّصْبِحِينَ} على الحال، أي: حال كونهم داخلين في وقت الصبح، ومثله {فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ} [الأنعام: 45].
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {ءامِنِينَ} قال: آمنوا الموت، فلا يموتون، ولا يكبرون، ولا يسقمون، ولا يعرون، ولا يجوعون.
وأخرج ابن جرير عن عليّ {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} قال: العداوة.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن الحسن البصري قال: قال عليّ بن أبي طالب: فينا والله أهل بدر نزلت: {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَانًا على سُرُرٍ متقابلين}.
وأخرج ابن عساكر، وابن مردويه عنه في الآية، قال: نزلت في ثلاثة أحياء من العرب، في بني هاشم، وبني تميم، وبني عديّ، فيّ وفي أبي بكر وعمر.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن كثير النواء، قال: قلت لأبي جعفر إن فلانًا حدثني عن عليّ بن الحسين أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعليّ {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} قال: والله إنها لفيهم أنزلت؛ وفيمن تنزل إلاّ فيهم؟ قلت: وأي غلّ هو؟ قال: غلّ الجاهلية، إن بني تميم وبني عديّ وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية، فلما أسلم هؤلاء القوم تحابوا، فأخذت أبا بكر الخاصرة، فجعل عليّ يسخن يده، فيكمد بها خاصرة أبي بكر، فنزلت هذه الآية.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم، وابن مردويه عن عليّ من طرق أنه قال لابن طلحة: إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم} الآية، فقال رجل من همدان: الله أعدل من ذلك، فصاح عليّ عليه صيحة تداعى لها القصر، وقال: فيمن إذن إن لم نكن نحن أولئك.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والطبراني، وابن مردويه عن عليّ قال: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان والزبير وطلحة فيمن قال الله: {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مّنْ غِلّ}.
وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس في هذه الآية، قال: نزلت في عشرة: أبي بكر وعمر، وعثمان وعلي، وطلحة والزبير، وسعد وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود.
وأخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي صالح موقوفًا عليه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وهناد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {على سُرُرٍ متقابلين} قال: لا يرى بعضهم قفا بعض.
وأخرجه ابن المنذر، وابن مردويه عن مجاهد، عن ابن عباس.