فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} أي: لا تنظرن بعين الرغبة {إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ} أي: ما أعطيناهم في الدنيا.
يعني: ما أعطيناك من القرآن أفضل مما أعطيناهم من الأموال.
فاستغن بما أعطيناك من القرآن، والدين والعلم، ولا تنظر إلى أموالهم.
قوله: {أزواجا مّنْهُمْ} أي: أصنافًا منهم، وألوانًا من الأموال، يعني: أعطينا رجالًا منهم، أي: المشركين منهم {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} أي: على كفار مكة إن لم يؤمنوا، لأن مقدوري عليهم الكفر.
ويقال: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} إن نزل بهم العذاب {واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} يقول: ليّن جناحك عليهم أي: تواضع للمؤمنين {وَقُلْ إِنّى أَنَا النذير المبين} أخوفكم بعذاب مبين بلغة تعرفونها.
{كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى المقتسمين} أي: كما أنزلنا العذاب على المقتسمين، وهم الذين أقسموا على عقبات مكة، ليردوا الناس عن دين الإسلام، وعن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.
ويقال: {إِنّى أَنَا النذير المبين} بالقرآن، كما أنزلنا التوراة والإنجيل على المقتسمين، وهم اليهود، والنصارى اقتسموا فآمنوا ببعض، وكفروا ببعض.
وقال مجاهد: هم اليهود والنصارى.
فرقوا القرآن، آمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه.
ويقال: إن أهل مكة قالوا أقاويل مختلفة.
قوله: {الذين جَعَلُواْ القرءان عِضِينَ} أي: فرقوا القول فيه.
قال بعضهم: سحر وقال بعضهم: شعر.
وهذا قول قتادة.
ويقال: أصله في اللغة الفرقة.
يقال: فرّقوه أي: عضوه أعضاء.
يقال: ليس دين الله بالتعضية أي: بالتفريق.
وروى الضحاك، عن ابن عباس، أنه قال: جزؤوه، وجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور.
ثم قال: {فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} يعني: أقسم بنفسه ليسألنهم يوم القيامة {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} من الشرك، وعن ترك قول: لا إله إلا الله، وعن الإيمان بالله، والرسول {فاصدع بِمَا تُؤْمَرُ} أي: أظهر أمرك، وامض، واقض ما أمرتك {وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} أي: اتركهم، حتى يجيء أمر الله تعالى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نزول هذه الآية، مستخفيًا، لا يظهر شيئًا مما أنزل الله عليه، حتى نزلت هذه الآية.
ثم قال: {إِنَّا كفيناك المستهزءين} أي: أظهر أمرك، فقد أهلك الله المستهزئين، وهم خمسة رهط.
فأهلكوا كلهم في يوم وليلة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد الخروج إلى الموسم أيام الحج، ليدعو الناس، فمنعه المستهزئون، وبعثوا على كل طريق رجلًا، فإذا سألهم أحد من الغرباء عن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: هو ساحر كاهن.
ثم قالوا: هذا دأبنا كل سنة.
فشقّ على النبي صلى الله عليه وسلم، فأهلكهم الله تعالى، منهم الوليد بن المغيرة.
نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تجد هذا؟ فقال: «بِئْسَ الرَّجُلُ». فقال: كفيناكه. فمضى وهو يتبختر في ردائه، ويقال: ببردته، فمر برجل يصنع السهام، فتعلق سهم بردائه، وأخذ طرف ردائه ليجعله على كتفه، فأصاب السهم أكحله، فنزف فمات.
ومنهم العاص بن وائل السهمي، مرّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عنه فقال: «بئس الرجل هو». فقال: كفيناكه. فوطىء على شوكة؟ فتساقط لحمه عن عظامه، حتى هلك.
ومنهم الحارث بن حنظلة، أصاب ساقه شيء فانتفخ فمات.
ومنهم أسود بن عبد يغوث، أصابه العطش، فجعل يشرب الماء حتى انتفخ بطنه فمات.
ومنهم أسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد عزى، ضربه جبريل بجناحه، فمات.
ويقال: خرج مع غلام له، فأتاه جبريل عليه السلام وهو قاعد في أصل شجرة، فجعل ينطح برأسه الشجرة، ويضرب وجهه بالشوك، فاستغاث بغلامه، فقال غلامه: لا أرى أحدًا يصنع بك شيئًا غير نفسك حتى مات، وهو يقول: قتلني رب محمد وفي رواية الكلبي: أن أسود بن عبد يغوث، خرج من أهله، فأصابه السواد حتى عاد حبشيًا، فأتى أهله فلم يعرفوه، وأغلقوا دونه الباب حتى مات.
وروي في خبر آخر أن العاص بن وائل السهمي، خرج في يوم مطير على راحلته مع ابنين له؟ فنزل شعبًا من الشعاب، فلما وضع قدمه على الأرض، لدغت رجله، فطلبوا، فلم يجدوا شيئًا، فانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق بعير، فمات مكانه وعن أبي بكر الهذلي أنه قال: قلت للزهري: إن سعيد بن جبير، وعكرمة قد اختلفا في رجل من المستهزئين.
فقال سعيد: هو الحارث بن عيطلة.
وقال عكرمة: هو الحارث بن قيس.
فقال: صدقًا كانت أمه اسمها عيطلة، وأبوه قيسًا.
ويقال: إنه أكل حوتًا مالحًا فأصابه عطش، فلم يزل يشرب عليه الماء حتى أنفذ فمات، وهو يقول: قتلني رب محمد فنزل {إِنَّا كفيناك المستهزءين} {الذين يَجْعَلُونَ} أي: يقولون {مَعَ الله إلها ءاخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ} ماذا يفعل بهم، هذا وعيد لسائر الكفار.
قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} من تكذيبهم إياك {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ} يقول: صلِّ بأمر ربك.
ويقال: اشتغل بعبادة ربك، ولا تشغل قلبك بهم {وَكُنْ مّنَ الساجدين} يعني: من المصلين.
قوله: {واعبد رَبَّكَ} يعني: على التوحيد {حتى يَأْتِيَكَ اليقين} أي: واستقم على التوحيد حتى يأتيك اليقين.
أي: الموت قال الفقيه: حدّثنا محمد بن الفضل.
قال: حدّثنا محمد بن جعفر.
قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف.
قال: حدّثنا المحارمي، عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم عن جبير بن نصير، عن أبي مسلم الخولاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَوْحَى الله تَعَالَى إَليَّ أَنْ أَجْمَعَ المَالَ وَأَكُونَ مِنَ التَّاجِرينَ، ولكن أَوْحَى إِليَّ أَنْ {سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ، وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتّىَ يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}» والله أعلم. اهـ.

.قال الثعلبي:

{نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور الرحيم}
{نَبِّىءْ} أخبر {عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم}.
قال ابن عبّاس: يعني لمن تاب منهم.
{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم} لمن لم يتب منهم.
روى ابن المبارك عن مصعب بن ثابت عن عاصم بن عبيد الله عن ابن أبي رباح عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ونحن نضحك، فقال: لا أراكم تضحكون، ثمّ أدبر حتّى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال: إني لمّا خرجت جاء جبرئيل فقال: يا محمّد لِمَ تقنّط عبادي {نبّيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم}».
وقال قتادة: بلغنا أنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورّع عن محارم الله، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه».
{وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} يعني الملائكة الذين أرسلهم الله ليبشروا إبراهيم بالولد ويهلكوا قوم لوط {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ} جمع الخبر لأن الضيف اسم يصلح للواحد والإثنين والجمع والمؤنث والمذكر {فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ} إبراهيم {إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} خائفون {قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ} لا تخف {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} يعني إسحاق، فعجب إبراهيم من كبره وكبر إمراته {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي على أَن مَّسَّنِيَ الكبر} أي على الكبر {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} فأي شيء تبشرون.
واختلف القراء في هذا القول، فقرأ أهل المدينة والشام بكسر النون والتشديد على معنى تبشرونني، فأدغمت نون الجمع في نون الإضافة.
وقرأ بعضهم: بالتخفيف على الخفض.
وقرأ الباقون: في النون من غير إضافة.
{قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بالحق فَلاَ تَكُن مِّنَ القانطين}.
قرأه العامّة: بالألف.
وقرأ يحيى بن وثاب: {القانطين}.
{قَالَ وَمَن يَقْنَطُ}.
قرأ الأعمش وأبو عمرو والكسائي بكسر النون، وقرأ الباقون: بفتحه وقال الزجاج: قنط يقنط، وقنط يقنط إذا يئس من رحمة الله.
{مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضآلون قَالَ} لهم إبراهيم {فَمَا خَطْبُكُمْ} شأنكم وأمركم {أَيُّهَا المرسلون} {قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} مشركين {إِلاَّ آلَ لُوطٍ} أتباعه وأهل دينه {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ}.
قرأ أهل الحجاز وعاصم وأبو عمرو: {لمنجّوهم} بالتشديد، وإختاره أبو عبيد وأبو حاتم، وخففه الآخرون.
{إِلاَّ امرأته} سوى إمرأة لوط {قَدَّرْنَآ} قضينا {إِنَّهَا لَمِنَ الغابرين} الباقين في العذاب، وخفف ابن كثير قدرنا.
قال أبو عبيد: استثنى آل لوط من القوم المجرمين، ثمّ إستثنى إمراته من آل لوط فرجعت إمرأته في التأويل إلى القوم المجرمين، لأنه استثناء مردود على استثناء، وهذا كما تقول في الكلام: لي عليك عشرة دراهم إلاّ أربعة إلاّ درهمًا، فلك عليه سبعة دراهم؛ لأنك لما قلّت: إلاّ أربعة، كان لك عليه ستة، فلما قلت: إلاّ درهمًا كان هذا استثناء من الأربعة فعاد إلى الستة فصار سابعًا.
{فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ المرسلون} لوط لهم {إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} يعني لا أعرفكم {قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} يعني يشكّون إنه ينزل بهم وهو العذاب {وَأَتَيْنَاكَ بالحق} وجئناك باليقين، وقيل: بالعذاب {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} في قولنا {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اليل واتبع أَدْبَارَهُم} أي كن ورائهم وسر خلفهم {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}.
قال ابن عبّاس: يعني الشام، وقال خليل: يعني مصدر.
{وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر} يعني وفرغنا إلى لوط من ذلك الأمر، وأخبرناه {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ}.
يدل عليه قراءة عبد الله: وقلنا له إن دابر هؤلاء، يعني أصلهم، {مَقْطُوعٌ} مستأصل {مُّصْبِحِينَ} في وقت الصبح إذ دخلوا فيه {وَجَاءَ أَهْلُ المدينة} يعني سدوم {يَسْتَبْشِرُونَ} بأضياف لوط طمعًا منهم في ركوب الفاحشة {قَالَ} لوط لقومه {إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي} وحق على الرجل بإكرام ضيفه {فَلاَ تَفْضَحُونِ} فيهم {واتقوا الله وَلاَ تُخْزُونِ} فلا تهينون ولا تخجلون، يجوز أن يكون من الخزي، ويحتمل أن يكون الخزاية {قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ العالمين} أولم ننهك أن تضيّف أحدًا من العالمين.
{قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي} أزوجهّن إياكم إن أسلمتم فأتوا النساء الحلال ودعوا ماحرم الله عليكم من إتيان الرجال {إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} ما أمركم به.
قال قتادة: أراد أن يقي أضيافه ببناته، وقيل: رأى أنهم سادة إليهم يؤول أمرهم فأراد أن يزوجهم بناته ليمنعوا قومهم من التعرّض لأضيافه، وقيل: أراد بنات أمته لأن النبي أب لأمته، قال الله {لَعَمْرُكَ} يا محمّد يعني وحياتك.
وفيه لغتان: وعمرُ وعمرَ.
يقول العرب: عَمرك وعمرك.
{إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ} ضلالتهم وحيرتهم {يَعْمَهُونَ} يترددون.
قاله مجاهد، وقال قتادة: يلعبون.
ابن عبّاس: يتمادون.
أبو الجوزاء عن ابن عبّاس قال: فالخلق لله عزّ وجلّ ولا برأ ولا ذرأ نفسًا أكرم عليه من محمّد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلاّ حياته قال: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
{فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة مُشْرِقِينَ} حيت أشرقت الشمس، أي أضاءت، وهو نصب على الحال {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} قال ابن عبّاس والضحاك: للناظرين.
مجاهد: للمتفرسين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» ثمّ قرأ هذه الآية.
وقال الشاعر:
توسمته لما رأيت مهابة ** عليه وقلت المرء من آل هاشم

وقال آخر:
أو كلما وردت عكاظ قبيلة ** بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم

وقال قتادة: للمعتبرين.
{وَإِنَّهَا} يعني قرى قوم لوط {لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ} بطريق واضح.
قاله قتادة، ومجاهد، والفراء، والضحاك: بطريق معلّم ليس بخفي ولا زائغ.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيكة لَظَالِمِينَ} وقد كان أصحاب الغيضة لكافرين، وهم قوم شعيب كانوا أصحاب غياض ورياض وشجر متناوش متكاوش ملتف وكانوا يأكلون في الصيف الفاكهة الرطبة وفي الشتاء اليابسة وكان عامة شجرهم الدوم وهو المُقل {فانتقمنا مِنْهُمْ} بالعذاب، وذلك أن الله سلّط عليهم الحرّ سبعة أيام لايمنعهم منه شيء، فبعث الله عليهم سحابة فالتجأوا إلى ظلّها يلتمسون روحها فبعث الله عليهم منها نارًا فأحرقتهم فذلك قوله: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة} [الشعراء: 189]. {وَإِنَّهُمَا} يعني مدينة قوم لوط ومدينة أصحاب الأيكة {لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} طريق مستبين، وسمّي الطريق إمامًا لأنه يؤتم به.
{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر} أي الوادي، وهو مدينة ثمود وقوم صالح وهي فيما بين المدينة والشام {المرسلين} أراد صالحًا وحده.
عبدالله بن عمر وجابر بن عبد الله قالا: «مررنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على الحجر، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلاّ أن تكونوا باكين حذرًا بأن يصيبكم مثل ما أصابهم. ثمّ قال: هؤلاء قوم صالح أهلكهم الله إلاّ رجلًا في حرم الله منعه حرم الله من عذاب الله قيل: من هو يارسول الله؟ قال: أبو رغال. ثمّ زجر صلى الله عليه وسلم فأسرع حتّى خلفها».
{وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا} يعني الناقة وولدها والسير. {فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا آمِنِينَ} من الخراب ووقوع الجبل عليهم {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة} يعني صيحة العذاب والهلاك {مُصْبِحِينَ} في وقت الصبح وهو نصب على الحال {فَمَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الشرك والأعمال الخبيثة. {وَمَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق وَإِنَّ الساعة لآتِيَةٌ} وإن القيامة لجائية {فاصفح الصفح الجميل} فأعرض عنهم واعف عفوًا حسنًا، نسختها آية القتال.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخلاق العليم}.
{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ المثاني} اختلفوا فيه.
روى عبد الوهاب عن ابن مسعود عن أبي نصر عن رجل من عبد القيس يقال له جابر أو جويبر عن ابن مسعود أن عمر قال: السبع المثاني هي فاتحة الكتاب.
روى إسماعيل السدي عن عبد خير عن علي رضي الله عنه {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ المثاني} قال: فاتحة الكتاب.
عن ابن سيرين أن ابن مسعود قال في السبع المثاني: فاتحة الكتاب، والقرآن العظيم سائر القرآن.
وعن عبد الرحمن عن أحمد الطابقي قال: أتيت أبا هريرة وهو في المسجد فقرأت عليه فاتحة القرآن.