فصل: فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

.قال ابن خالويه:

ومن سورة النحل قوله تعالى: {أتى أمر الله} يقرأ بالإمالة والتفخيم فالحجة لمن أمال أنه دل على الياء والحجة لن فخم أنه أجرى الكلام على أصله وأتى ها هنا ماض في معنى مستقبل ودليله قوله فلا تستعجلوه يريد به الساعة قوله تعالى: {فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون} يقرأ بالياء والتاء فالحجة لمن قرأه بالياء أنه جعله مما أمر الله نبيه عليه السلام أن يخبر به والحجة لمن قرأه بالتاء أنه أراد معنى الخطاب وأتى به تنزيها لله تعالى من عنده فأنزله الله تصديقا لقوله والتسبيح ينقسم في اللغة أربعة أقسام تنزيها صلاة واستثناء ونورا فالتنزيه كقوله سبحانه وتعالى والصلاة كقوله فلولا أنه كان من المسبحين.
والاستثناء كقوله لولا تسبحون والنور كقول النبي صلى الله عليه وسلم فلولا سبحات وجهه أي نور وجهه قوله تعالى: {ينزل الملائكة} يقرأ بالياء والتاء وضمهما وبالتشديد والتخفيف فالحجة لمن قرأه بالتاء والتشديد أنه جعل الفعل لما لم يسم فاعله ورفعهم بذلك والحجة لمن قرأه بالياء مشددا أو مخففا أنه جعل الفعل لله عز وجل فأضمره فيه لتقدم اسمه ونصب الملائكة بتعدي الفعل إليهم وأخذ المشدد من نزل والمخفف من أنزل قوله تعالى: {ينبت لكم به} يقرأ بالياء والنون فالحجة لمن قرأه بالياء أنه أخبر به عن الله عز وجل لتقدم اسمه في أول الكلام والحجة لن قرأه بالنون أنه جعله من إخبار الله عز وجل عن نفسه بنون الملكوت وقد تقدم لذلك من الاحتجاج ما فيه بلاغ قوله تعالى: {والشمس والقمر والنجوم مسخرات} يقرأ كله بالنصب وبالرفع وبالنصب إلا قوله والنجوم مسخرات فإنه رفع فالحجة لمن نصبه أنه عطفه بالواو على أول الكلام فأتى به على وجه واحد والحجة لمن رفعه أنه جعل الواو حالا لا عاطفة كقولك كلمت زيدا وعمرو قائم فترفع عمرا بالابتداء وقائم خبره وكذلك قوله والشمس والقمر والنجوم مبتدآت ومسخرات خبر عنهن والحجة لمن رفع قوله والنجوم مسخرات أنه لما عطف والشمس والقمر على قوله وسخر لكم لم يستحسن أن يقول وسخر النجوم مسخرات فرفعها قاطعا لها مما قبلها فإن قيل فما حجة من نصبها فقل بفعل مقدر معناه وجعل النجوم مسخرات فإن قيل فما معنى قوله وبالنجم هم يهتدون فوحدها هنا وقد جمع في أول الكلام فقل إن الله عز وجل جعل النجوم ثلاثة أصناف منها رجوم الشياطين ومنها ما تهتدى بها كالجدي والفرقدين ومنها مصابيح وزينة فأما النجم الثاقب فقيل الثريا، وقيل المتوقد نورا لقولهم أثقب نارك والنجم القرآن لقوله تعالى: {والنجم إذا هوى} قيل هو نزول جبريل به والنجم من النبات ما لا يقوم على ساق قوله تعالى: {والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين يدعون} يقرآن بالتاء والياء وقد تقدم من القول في مثاله ما يغني عن إعادته قوله تعالى: {تشاقون فيهم} يقرأ بفتح النون وكسرها والقول فيه كالقول في قوله فبم تبشرون قوله تعالى: {الذين تتوفاهم الملائكة} يقرا بالياء والتاء وقد أتينا على علته في قوله فنادته الملائكة قوله تعالى: {تتوفاهم} يقرأ بالإمالة والتفخيم فالحجة لمن أمال أنه دل على أصل الياء والحجة لمن فخم أنه لما زالت الياء عن لفظها لانفتاح ما قبلها زالت الإمالة بزوال اللفظ قوله تعالى: {إلا أن تأتيهم} يقرأ بالتاء والياء على ما قدمنا من القول في أمثاله قوله تعالى: {فإن الله لا يهدي من يضل} يقرأ بضم الياء وفتح الدال وبفتح الياء وكسر الدال فالحجة لمن قرأ بضم الياء أنه أراد لا يهدى من يضله الله فاسم الله منصوب بإن ويهدى الخبر وهو فعل ما لم يسم فاعله ومن في محل رفع ويضل صلة من وقد حذفت الهاء منه لأن الهاء عائدة على من ولابد ل من وما والذي والتي وأي من صلة وعائد ومعرب لأنهن أسماء نواقص والحجة لمن فتح الياء أنه أراد فإن الله لا يهدي من يضله أحد إلا هو فيهدي فعل لله عز وجل ومن في موضع نصب بتعدي الفعل إليه قوله تعالى: {كن فيكون} يقرأ بالرفع والنصب فالحجة لمن رفع أنه أراد فإنه يكون والحجة لمن نصب أنه عطفه على قوله أن نقول له ومثلها التي في آخر يس قوله تعالى: {أو لم يروا إلى ما خلق الله} {أو لم يروا إلى الطير} {أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق} يقرأ ن بالتاء والياء فالحجة لمن قرأهن بالتاء أنه أراد معنى مخاطبتهم وتقريرهم بآيات الله وبدائع خلقه والحجة لمن قرأهن بالياء أنه جعل الألف للتوبيخ فكانه قال موبخا لهم ويحهم كيف يكفرون بالله وينكرون البعث ويعرضون عن آياته وهم يرون الطير مسخرات وما خلق الله من شجر ونباتا وما بدأه من الخلق أفليس من خلق شيئا من غير شيء فأنشأه وكونه ثم أماته فأفناه قادرا على إعادته بأن يقوله له عد إلى حالتك الأولى قوله تعالى: {تتفيؤ ظلاله} يقرأ بالياء والتاء فالحجة لمن قرأ بالتاء أنه جمع ظل وكل جمع خالف الآدميين فهو مؤنث وإن كان واحده مذكرا ودليله قوله عز وجل في الأصنام رب إنهن أضللن فأنث لمكان الجمع والحجة لمن قرأه بالياء أنه وإن كان جمعا فلفظه لفظ الواحد كقولك جدار وعذار ولذلك ناسب جمع التكسير الواحد لأنه معرب بالحركات مثله فإن قيل أجاز مثل ذلك في قوله أم هل تستوي الظلمات فقل هذا لا يلزم وإن كانا جمعين لأن علامة التأنيث في قوله الظلمات موجودة وفي قوله ظلال معدومة قوله تعالى: {إلا رجالا نوحي إليهم} يقرأ بالياء وفتح الحاء وبالنون وكسر الحاء وقد ذكر ذلك مع أمثاله قوله تعالى: {وأنهم مفرطون} يقرأ بفتح الراء وكسرها فالحجة لمن فتح أنه جعلهم مفعولا بهم لما لم يسم فاعله ومعناه منسيون من الرحمة وقيل مقدمون إلى النار والحجة لمن كسر أنه جعل الفعل لهم وأراد أنهم فرطوا في الكفر والعدوان فهم مفرطون والعرب تقول أفرط فلان في الأمر إذا قصر وإذا جاوز الحد قوله تعالى: {نسقيكم} يقرأ بضم النون وفتحها ها هنا وفي المؤمنين وهما لغتان بمعنى سقى وأسقى وأنشد:
سقى قومي بني مجد وأسقى ** نميرا والقبائل من هلال

وقال قوم سقيته ماء بغير ألف ودليله قوله وسقاهم ربهم شرابا طهورا وأسقيته بالألف سألت الله أن يسقيه وقال آخرون ما كان مرة واحدة فهو بغير ألف وما كان دائما فهو بالألف قوله تعالى: {يوم ظعنكم} يقرأ بتحريك العين وإسكانها فالحجة لمن حرك العين فلأنها من حروف الحلق والحجة لمن أسكن أنه أراد المصدر ومثله طعنته بالرمح طعنا قوله تعالى: {ولنجزين الذين صبروا} يقرأ بالياء والنون فالحجة لمن قرأه بالياء أنه رده على قوله ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين والحجة لمن قرأه بالنون أنه أراد أن يأتي بأول الكلام محمولا على آخره فوافق بين قوله تعالى: {ولنجزين} وقوله فلنحيينه ولنجزينهم قوله تعالى: {يلحدون إليه أعجمي} يقرأ بضم الياء وفتحها وقد ذكرت علته فيما سلف قوله تعالى: {من بعد ما فتنوا} يقرأ بفتح التاء وبضم الفاء وكسر التاء فالحجة لمن فتح أنه جعل الفعل لهم والحجة لمن ضم الفاء أنه دل بذلك على بناء ما لم يسم فاعله ومعناه أن عمار بن ياسر وجماعة من أهل مكة أرادهم كفار قريش على الكفر وأكرهوهم فقالوا بألسنتهم وقلوبهم مطمئنة بالإيمان ثم هاجروا إلى المدينة فأخبر الله عن وجل عنهم بما كان من إضمارهم ومن إظهارهم والحجة لمن جعل الفعل لهم أن ذلك كان منهم قبل الإسلام فمحا الإسلام ما قبله قوله تعالى: {ولا تك في ضيق} يقرأ بفتح الضاد وكسرها وقد ذكرت حجته آنفا وقلنا فيه ما قاله أهل اللغة والاختيار ها هنا الفتح لأن الضيق بالكسر في الموضع والضيق بالفتح في المعيشة والذي يراد به ها هنا ضيق المعيشة لا ضيق المنزل. اهـ.

.قال ابن زنجلة:

سورة النحل:
{أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون}.
قرأ حمزة والكسائي: {سبحانه وتعالى عما تشركون} بالتاء وكذلك الذي بعده وحجتهما قوله: {فلا تستعجلوه} رد الخطاب الثاني على الأول وقرأ الباقون بالياء على الابتداء لا يردون على أول الكلام ولهم حجتان إحداهما أن سعيد بن جبير قرأ: {أتى أمر الله فلا يستعجلوه} بالياء والثانية أن الله تعالى أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه فقال محمد تنزيها لله سبحانه وتعالى عما يشركون {ينزل الملائكة بالروح}.
قرأ أبو بكر في رواية الكسائي: {تنزل} بالتاء مضمومة وفتح الزاي الملائكة رفع على ما لم يسم فاعله وحجته قوله: {ونزل الملائكة} وقرأ روح: {تنزل} الملائكة بفتح التاء وحجته قوله: {تنزل الملائكة والروح فيها} وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: {ينزل الملائكة} أي الله ينزلها وحجتهم قوله ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وحجتهم في التخفيف {وأنزلنا إليك الذكر} وقرأ الباقون بالتشديد وحجتهم قوله: {إنا نحن نزلنا الذكر}.
{ينبت لكم به الزرع} قرأ أبو بكر: {ننبت لكم به الزرع} بالنون الله أخبر عن نفسه بلفظ الملوك كما قال: {نحن قسمنا} وقرأ الباقون بالياء أي ينبت الله وحجتهم قوله قبلها: {هو الذي أنزل من السماء ماء}.
{وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره} قرأ ابن عامر: {والشمس والقمر والنجوم مسخرات} بالرفع فيهما لأنه لا يصلح أن تقول وسخر النجوم مسخرات فقطعها عما قبلها وجعل والنجوم ابتداء ومسخرات خبرا.
وقرأ الباقون جميع ذلك بالنصب نسقا على ما قبله فإن قيل فكيف جاز المتصرفة المخلوقة على سخر فإن تلك جاء مسخرات بعدها هذه الأشياء المنصوبة المنسوقة على ذلك قيل فإن ذلك لا يمتنع لأن الحال تكون مؤكدة كقوله: {وهو الحق مصدقا} و:
أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

كفى بالنأي من أسماء كاف

وحجتهم قوله: {وسخر لكم الشمس والقمر} وكما حمل ها هنا على التسخير كذلك في الأخرى وكذلك النجوم في قوله: {وهو الذي جعل لكم النجوم}.
{والذين يدعون دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون}.
قرأ عاصم: {والذين يدعون من دون الله} بالياء إخبارا عن المشركين وقرأ الباقون: {والذين تدعون من دون الله} وحجتهم ما تقدم وماتأخر فما تقدم: {وإن تعدوا نعمة الله} 18 وما تأخر: {إلهكم إله واحد}.
{أين شركائي الذين كنتم تشقون فيهم}.
قرأ نافع: {تشاقون فيهم} بكسر النون أراد تشاقونني أي تعادونني فحذف إحدى النونين استثقالا للجمع بينهما وحذف الياء اجتزاء بالكسرة.
وقرأ الباقون: {تشاقون} بفتح النون لا يجعلونه مضافا إلى النفس والنون في هذ القراءة علامة الرفع والنون مع الياء المحذوفة في قراءة نافع في موضع النصب.
{الذين تتوفهم الملئكة ظالمي أنفسهم}.
قرأ حمزة: {الذين يتوفاهم الملائكة} بالياء وكذلك الذي بعده وقرأ الباقون بالتاء.
اعلم أن فعل الجميع إذا تقدم يذكر ويؤنث فإن ذكرته أردت جمع الملائكة وإذا أنثته أردت جماعة الملائكة وحجة التاء قوله تعالى: {وإذ قالت الملائكة} {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملئكة} 33.
قرأ حمزة والكسائي: {إلا ان يأتيهم الملائكة} بالياء وقرأ الباقون بالتاء قد تقدم القول في هذا ونحوه.
{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} 37 قرأ حمزة وعاصم والكسائي: {فإن الله لا يهدي} بفتح الياء وكسر الدال قال الكسائي فيه وجهان أن الله إذا كتب عبدا شقيا فإنه لا يهديه كقوله: {والله لا يهدي القوم الظالمين} وكان مجاهد رحمه الله يقول أربعة أشياء لا تغير: الشقاء والسعادة والحياة والموت والوجه الآخر أن الله جل وعز من يضل لا يهدي أي لا يهتدي والعرب تقول هداه الله فهدى واهتدى لغتان بمعنى واحد ف من في موضع رفع على هذا الوجه وعلى القول الأول نصب وقرأ الباقون: {فإن الله لا يهدى} بضم الياء وفتح الدال على ما لم يسم فاعله أي من أضله الله لا يهديه أحد عن عكرمة عن ابن عباس قال قيل له فإن الله لا يهدي من يضل قال من أضله الله لا يهدى وحجتهم قراءة أبي: {لا هادي لمن أضله الله} مثل لا يهان من أكرمه الله ومن في موضع رفع لأنه لم يسم فاعله.
{أن نقول له كن فيكون} 40 قرأ ابن عامر والكسائي: {أن نقول له كن فيكون} بالنصب وقرأ الباقون بالرفع فالنصب على ضربين أحدهما أن يكون قوله {فيكون} عطفا على أن يقول المعنى أن يقول فيكون والوجه الثاني أن يكون نصبا على جواب كن والرفع على فهو يكون على معنى ما أراد الله فهو يكون.
{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم} 43 قرأ حفص: {إلا رجالا نوحي} بالنون وكسر الحاء إخبار الله عن نفسه وحجته ما تقدم وهو قوله: {وما أرسلنا} وفي التنزيل: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} وقرأ الباقون: {يوحى} بضم الياء على ما لم يسم فاعله وحجتهم قوله: {وأوحي إلى نوح} و{قل أوحي إلي} {أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم} {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤا ظلله عن اليمين والشمائل} 47 و48 قرأ حمزة والكسائي: {أو لم تروا إلى ما خلق الله} بالتاء على الخطاب وحجتهما قوله قبلها: {فإن ربكم لرؤوف رحيم ألم تروا} وقرأ الباقون بالياء إخبارا عن غيب وتوبيخا لهم وحجتهم قوله قبلها: {أو يأخذهم على تخوف} قرأ أبو عمرو {تتفيأ ظلاله} بالتاء وحجته أن كل جمع خالف الآدمين فهو مؤنث تقول هذه المساجد وهذه الظلال وقرأ الباقون: {يتفيأ} وحجتهم أن الفعل إذا تقدم جاز التذكير منه.
{لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} 62 قرأ نافع: {وأنهم مفرطون} بكسر الراء أي مسرفون مكثرون من المعاصي كما تقول أفرط فلان في كذا إذا تجاوز الحد وأسرف وقرأ الباقون: {مفرطون} بفتح الراء أي متروكون في النار منسيون فيها كذا قال ابن عباس وقال ابن جبير مبعدون وعن أبي عمرو معجلون مقدمون في العذاب.
{وإن لكم في الأنعم لعبرة نسقيكم مما في بطونه} 66 قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم} بفتح النون وقرأ الباقون بالرفع قال الخليل سقيته كقولك ناولته فشرب وأسقيته جعلت له سقيا وقال الفراء العرب تقول كل ما كان من بطون الأنعام ومن ماء السماء أو نهر أسقيت وفي الفرقان: {ونسقيه مما خلقنا أنعاما} وتقول سقيته إذا ناولته ماء يشربه لا يقولون غيره قال الله تعالى {وسقاهم ربهم} فمن قرأ بالرفع فإنه يريد أنا جعلنا في كثرته وإدامته كالسقيا كقولك أسقيته نهرا قال الله تعالى {وأسقيناكم ماء فراتا} أي جعلناه سقيا لكم وأما من فتح النون فإنه لما كان للشفة فتح النون وقال آخرون سقى وأسقى لغتان قال الشاعر:
سقى قومي بني مجد وأسقى ** نميرا والقبائل من هلال

{اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون} 68 قرأ ابن عامر وأبو بكر: {يعرشون} بضم الراء وقرأ الباقون بالكسر وهما لغتان يقال عرش يعرش ويعرش.
{أفبنعمة الله يجحدون} 71 قرأ أبو بكر: {أفبنعمة الله تجحدون} بالتاء أي قل لهم يا محمد أفبنعمة الله أي بهذه الأشياء التي ذكرها تجحدون وحجته قوله أول الآية: {والله فضل بعضكم على بعض} وقرأ الباقون: {يجحدون} بالياء الله وبخهم على جحودهم ويقوي الياء قوله تعالى بعدها: {وبنعمة الله هم يكفرون} 72 {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء} 79 قرأ ابن عامر وحمزة: {ألم تروا إلى الطير} بالتاء على الخطاب وحجتهما أن المخاطبة لاصقة بقوله قبلها: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} 78 فكذلك {ألم تروا إلى الطير} وقرأ الباقون: {ألم يروا} بالياء وكان أبو عمرو يرد الياء إلى قوله قبل آيات: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا} 72 ألم ير هؤلاء إلى تسخير الطير.
{وجعل لكم من جلود الأنعم بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} 80 قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {يوم ظعنكم} بفتح العين وقرأ الباقون ساكنة العين وهما لغتان مثل النهر والنهر تقول ظعن وظعنا وحجة الإسكان في قوله: {سرا وجهرا} والهاء أحق أن تفتح لخفائها فلما كانوا قد أجمعوا على إسكانها ردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.
{ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم} 96 قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر: {ولنجزين} بالنون أخبر جل وعز عن نفسه وحجتهم إجماعهم على قوله في الآية بعدها: {ولنجزينهم} بالنون وقرأ الباقون: {وليجزين} بالياء إخبارا عن الله جل وعز وحجتهم ذكر الله قبله وهو قوله: {وما عند الله باق وليجزين} فإذا عطفت الآية على مثلها كان أحسن من أن تقطع مما قبلها.
{لسان الذي يلحدون إليه أعجمي} 103 قرأ حمزة والكسائي: {لسان الذي يلحدون} بفتح الياء والحاء من لحد يلحد إذا مال وقرأ الباقون: {يلحدون} بضم الياء يقال ألحد يلحد إلحادا وحجتهم قوله: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} قال الكسائي: إن كل واحد من لحدت وألحدت يأتي بمعنى غير معنى الآخر وذلك أن ألحد يلحد معناه اعترض وأن لحد يلحد معناه مال وعدل فلما ولي ألحد ما يلي الاعتراض الذي هو بمعناه قرأ بألف فقال: {وذر الذين يلحدون في أسمائه} {وإن الذين يلحدون في آياتنا} بمعنى يعترضون في آياتنا إذ كان من عادة في أن تصحب الاعتراض الذي بمعنى الإلحاد فلما ولي الفعل ما ليس من عادة الاعتراض أن يليه وهو إلى دل على أن معناه غير معنى الاعتراض وأنه بمعنى الميل فقرأه {يلحدون} بفتح الياء إذ كانت بمعنى يميلون فحسن ذلك وكان ذلك مشهورا من كلام العرب لحد فلان إلى كذا إذا مال إليه.
{ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا} 110 قرأ ابن عامر: {من بعد ما فتنوا} بفتح الفاء والتاء جعل الفعل لهم يقال فتنت الشيء إذا امتحنته وفتنت الذهب إذا امتحنته فعرفت جيده من رديئه فمعنى القراءة أنهم هجروا أوطانهم وقد عرفوا ما في ذلك من الشدة وقرأ الباقون: {فتنوا} بضم الفاء على ما لم يسم فاعله أي من بعدما فتنهم الله وحجتهم {فإنا قد فتنا قومك من بعدك}.
{ولا تك في ضيق مما يمكرون} 127 قرأ ابن كثير: {ولا تك في ضيق} بكسر الضاد وفي النمل مثله وقرأ الباقون بالفتح قال أبو عبيد ضيق تخفيف ضيق يقال أمر ضيق وضيق والأصل ضييق فيعل ثم حذفوا الياء فصار ضيق على وزن فيل مثل هين وهين قال الأخفش الضيق والضيق لغتان وقال أبو عمرو الضيق بالفتح الغم والضيق بالكسر الشدة قوم الضيق بالفتح مصدر والضيق اسم ووزنه على هذا القول فعل لم يحذف منه شيء. اهـ.