فصل: (سورة النحل: الآيات 124- 128)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة النحل: الآيات 124- 128]

{إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124) ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}.

.الإعراب:

{إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} إنما كافة ومكفوفة وجعل فعل ماض مبني للمجهول والسبت نائب فاعل وعلى الذين جار ومجرور متعلقان بجعل فهو بمثابة المفعول الثاني وجملة اختلفوا صلة وفيه متعلقان باختلفوا وقد تقدم أن اليهود خالفوا نبيهم موسى حيث أمرهم أن يعظموا يوم الجمعة بالتفرغ للعبادة فيه وترك الأشغال فقالوا لا نريده واختاروا السبت فشدد عليهم فيه.
{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} الواو عاطفة أو استئنافية وإن واسمها واللام المزحلقة وجملة يحكم خبر إن وبينهم متعلقان بيحكم وكذلك الظرف وهو يوم القيامة وفيما متعلقان بمحذوف حال وجملة كانوا صلة وفيه متعلقان بيختلفون وجملة يختلفون خبر كانوا.
{ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} ادع فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والمفعول محذوف أي الناس والى سبيل ربك متعلقان بادع وبالحكمة حال أي ملتبسا بها والموعظة الحسنة عطف على الحكمة.
{وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وجادلهم عطف على ادع والهاء مفعول به وبالتي متعلقان بادع وهي مبتدأ وأحسن خبر والجملة الاسمية صلة التي.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} إن واسمها وهو مبتدأ وأعلم خبر والجملة خبر إن وبمن متعلقان بأعلم وجملة ضل صلة وعن سبيله متعلقان بضل وهو مبتدأ وأعلم خبر وبالمهتدين متعلقان بأعلم.
{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} الواو استئنافية وان شرطية وعاقبتم فعل ماض والتاء فاعل وهو في محل جزم فعل الشرط فعاقبوا الفاء رابطة وعاقبوا فعل أمر وفاعل وبمثل جار ومجرور متعلقان بعاقبوا وما مضاف اليه وجملة عوقبتم صلة وبه متعلقان بعوقبتم وجملة فعاقبوا في محل جزم جواب الشرط.
{وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} اللام موطئة للقسم وان شرطية وصبرتم في محل جزم فعل الشرط واللام واقعة في جواب القسم لتقدمه وقد تقدم ذلك وهو مبتدأ وخير خبر وللصابرين متعلقان بخير.
{وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} واصبر الواو استئنافية واصبر فعل أمر وفاعله مستتر وما صبرك الواو حالية وما نافية وصبرك مبتدأ وإلا أداة حصر وبالله خبر والواو عاطفة ولا ناهية وتحزن فعل مضارع مجزوم بلا وعليهم متعلقان بتحزن.
{وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} الواو عاطفة ولا ناهية وتك فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف واسم تك مستتر تقديره أنت وفي ضيق خبر تك ومما صفة لضيق وجملة يمكرون صلة.
{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} إن واسمها ومع ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر والذين مضاف اليه واتقوا صلة والذين عطف على الذين وهم مبتدأ ومحسنون خبر والجملة صلة.

.البلاغة:

خواتم سورة النحل:
قوله تعالى: {ولا تك في ضيق} يجوز أن يكون من الكلام المقلوب لأن الضيق وصف يكون في الإنسان ولا يكون الإنسان فيه ويجوز أن يراد أن في الكلام تشبيها فقد شبه الضيق بالشيء الذي يحيط بالإنسان وهو من روائع التعبير وجوامع الكلم ولذلك روي عن إبراهيم بن حيان عند ما احتضر أنه قيل له: أوص، فقال: إنما الوصية من المال ولا مال لي ولكني أوصيكم بخواتم سورة النحل. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة النحل:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قوله تعالى: {أتى} هو ماض على بابه، وهو بمعنى قرب، وقيل يراد به المستقبل، ولما كان خبر الله صدقا قطعا جاز أن يعبر بالماضي عن المستقبل، والهاء في {تستعجلوه} تعود على الأمر، وقيل على الله.
قوله تعالى: {ينزل الملائكة} فيه قراءات، ووجوهها ظاهرة، و{بالروح} في موضع نصب على الحال من الملائكة: أي ومعها الروح وهو الوحى و{من أمره} حال من الروح {أن أنذروا} أن بمعنى أي، لأن الوحى يدل على القول فيفسر بأن فلا موضع لها، ويجوز أن تكون مصدرية في موضع جر بدلا من الروح، أو بتقدير حرف الجر على قول الخليل، أو في موضع نصب على قول سيبويه {أنه لاإله إلا أنا} الجملة في موضع نصب مفعول أنذروا: أي أعلموهم بالتوحيد، ثم رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال: {فاتقون}.
قوله تعالى: {فإذا هو خصيم} إن قيل الفاء تدل على التعقيب وكونه خصيما لا يكون عقيب خلقه من نطفة فجوابه من وجهين: أحدهما أنه أشار إلى مايئول حاله إليه فأجرى المنتظر مجرى الواقع، وهو من باب التعبير بآخر الأمر عن أوله كقوله: {أرانى أعصر خمرا} وقوله تعالى: {ينزل لكم من السماء رزقا} أي سبب الرزق وهو المطر.
والثاني أنه إشارة إلى سرعة نسيانهم مبدأ خلقهم.
قوله تعالى: {والأنعام} هو منصوب بفعل محذوف، وقد حكى في الشاذ رفعها، و{ولكم} فيها وجهان: أحدهما هي متعلقة بخلق، فيكون {فيها دفء} جملة في موضع الحال من الضمير المنصوب.
والثاني يتعلق بمحذوف، فدفء مبتدأ والخبر لكم، وفى {فيها} وجهان: أحدهما هو ظرف للاستقرار في لكم.
والثاني هو حال من دفء، ويجوز أن يكون حالا من دفء وفيها الخبر، ويجوز أن يرتفع دفء بلكم أو بفيها والجملة كلها حال من الضمير المنصوب، ويقرأ: {دف} بضم الفاء من غير همز، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها {ولكم فيها جمال} مثل ولكم فيها دفء، و{حين} ظرف لجمال أو صفة له أو معمول فيها.
قوله تعالى: {بالغيه} الهاء في موضع جر بالإضافة عند الجمهور، وأجاز الأخفش أن تكون منصوبة، واستدل بقوله تعالى: {إنا منجوك وأهلك} ويستوفى في موضعه إن شاء الله تعالى: {إلا بشق} في موضع الحال من الضمير المرفوع في {بالغيه} أي مشقوقا عليكم، والجمهور على كسر الشين، وقرئ بفتحها وهى لغة.
قوله تعالى: {والخيل} هو معطوف على الانعام: أي وخلق الخيل {وزينة} أي لتركبوها ولتتزينوا بها زينة، فهو مصدر لفعل محذوف، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله: أي وللزينة، وقيل التقدير: وجعلها زينة، ويقرأ بغير واو، وفيه الوجوه المذكورة، وفيها وجهان آخران: أحدهما أن يكون مصدرا في موضع الحال من الضمير في تركبوا.
والثاني أن تكون حالا من الهاء: أي لتركبوها تزينا بها.
قوله تعالى: {ومنها جائر} الضمير يرجع على السبيل، وهى تذكر وتؤنث وقيل السبيل بمعنى السبل فأنث على المعنى.
وقصد مصدر بمعنى إقامة السبيل أو تعديل السبيل، وليس مصدر قصدته بمعنى أتيته.
قوله تعالى: {منه شراب} من هنا للتبعيض، ومن الثانية للسببية: أي وبسببه إثبات شجر، ودل على ذلك قوله: {ينبت لكم به الزرع}.
قوله تعالى: {والشمس والقمر} يقرآن بالنصب عطفا على ما قبلهما، ويقرآن بالرفع على الاستئناف، و{النجوم} كذلك، و{مسخرات} على القراءة الأولى حال وعلى الثانية خبر.
قوله تعالى: {وما ذرأ لكم} في موضع نصب بفعل محذوف، أي وخلق أو وأنبت و{مختلفا} حال منه.
قوله تعالى: {منه لحما} من لابتداء الغاية، وقيل التقدير: لتأكلوا من حيوانه لحما فيه يجوز أن يتعلق بمواخر، لأن معناه جواري، إذ كان مخر وشق وجرى قريبا بعضه من بعض، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مواخر.
قوله تعالى: {أن تميد} أي مخافة أن تميد {وأنهارا} أي وشق أنهارا {وعلامات} أي وضع علامات، ويجوز أن تعطف على رواسي {وبالنجم} يقرأ على لفظ الواحد وهو جنس، وقيل يراد به الجدى، وقيل الثريا، ويقرأ بضم النون والجيم وفيه وجهان: أحدهما هو جمع نجم مثل سقف وسقف.
والثاني أنه أراد النجوم فحذف الواو كما قالوا في أسد أسود وأسد، وقالوا في خيام خيم، ويقرأ بسكون الجيم وهو مخفف من المضموم.
قوله تعالى: {أموات} إن شئت جعلته خبرا ثانيا لهم: أي وهم يخلقون ويموتون، وإن شئت جعلت يخلقون وأموات خبرا واحدا، وإن شئت كان خبر مبتدإ محذوف أي هم أموات {غير أحياء} صفة مؤكدة، ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال غير أحياء ليدفع به توهم أن قوله أموات فيما بعد، إذ قد قال تعالى: {إنك ميت} أي ستموت، و{أيان} منصوب ب {يبعثون} لابيشعرون.
قوله تعالى: {ماذا أنزل ربكم} {ماذا} فيها وجهان: أحدهما {ما} فيها استفهام {وذا} بمعنى الذى، وقد ذكر في البقرة، والعائد محذوف، أي أنزله، و{أساطير} خبر مبتدإ محذوف تقديره: ما ادعيتموه منزلا أساطير، ويقرأ {أساطير} بالنصب، والتقدير: وذكرتم أساطير، أو أنزل أساطير على الاستهزاء.
قوله تعالى: {ليحملوا} أي قالوا ذلك ليحملوا، وهى لام العاقبة {ومن أوزار الذين} أي وأوزار من أوزار الذين.
وقال الأخفش {من} زائدة.
قوله تعالى: {من القواعد} أي من ناحية القواعد والتقدير: أتى أمر الله {من فوقهم} يجوز أن يتعلق من يخر، وتكون {من} لابتداء الغاية، وأن تكون حالا أي كائنا من فوقهم، وعلى كلا الوجهين هو توكيد.
قوله تعالى: {تشاقون} يقرأ بفتح النون، والمفعول محذوف: أي تشاقون المؤمنين أو تشاقوننى، ويقرأ بكسرها مع التشديد، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية، ويقرأ بالكسر والتخفيف، وهو مثل {فبم تبشرون} وقد ذكر.
قوله تعالى: {إن الخزى اليوم} في عامل الظرف وجهان، أحدهما الخزى، وهو مصدر فيه الألف واللام.
والثاني هو معمول الخبر وهو قوله تعالى: {على الكافرين} أي كائن على الكافرين اليوم، وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم في الظرف.
قوله تعالى: {الذين تتوفاهم} فيه الجر والنصب والرفع وقد ذكر في مواضع وتتوفاهم بمعنى توفتهم {فألقوا السلم} يجوز أن يكون معطوفا على قال الذين أوتوا العلم، ويجوز أن يكون معطوفا على توفاهم، ويجوز أن يكون مستأنفا، والسلم هنا بمعنى القول، كما قال في الآية الأخرى {فألقوا إليهم القول} فعلى هذا يجوز أن يكون {ماكنا نعمل من سوء} تفسيرا للسلم الذي ألقوه، ويجوز أن يكون مستأنفا، ويجوز أن يكون التقدير: فألقوا السلم قائلين ماكنا.
قوله تعالى: {ماذا أنزل ربكم} {ما} في موضع نصب بأنزل، ودل على ذلك نصب الجواب وهو قوله: {قالوا خيرا} أي أنزل خيرا.
قوله تعالى: {جنات عدن} يجوز أن تكون هي المخصوصة بالمدح مثل زيد في نعم الرجل زيد، و{يدخلونها} حال منها، ويجوز أن يكون مستأنفا ويدخلونها الخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أي لهم جنات عدن، ودل على ذلك قوله تعالى: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة} {كذلك يجزى} الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف.
قوله تعالى: {طيبين} حال من المفعول، و{يقولون} حال من الملائكة.
قوله تعالى: {أن اعبدوا} يجوز أن تكون {أن} بمعنى أي، وأن تكون مصدرية {من هدى} من نكرة موصوفة مبتدأ، وما قبلها الخبر.
قوله تعالى: {فإن الله لا يهدى} يقرأ بفتح الياء وكسر الدال على تسمية الفاعل و{لا يهدى} خبر إن، و{من يضل} مفعول {يهدى}.
ويقرأ: {لا يهدى} بضم الياء على ما لم يسم فاعله.
وفيه وجهان: أحدهما أن {من يضل} مبتدأ، و{لا يهدى} خبر.
والثاني أن لا يهدى من يضل بأسره خبر إن، كقولك: إن زيدا لا يضرب أبوه.
قوله تعالى: {فيكون} يقرأ بالرفع: أي فهو، وبالنصب عطفا على نقول، وجعله جواب الأمر بعيد لما ذكرناه في البقرة.