فصل: فصل في مجازات القرآن في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم.
سورة النّحل [16] {فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ} [5] أي ما استدفئ به من أوبارها، ومنافع سوى ذلك.
{حِينَ تُرِيحُونَ} [6] بالعشي {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [6] بالغداة.
{إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [7] يكسر أوله ويفتح ومعناه بمشقة الأنفس، وقال النّمر بن تولب:
وذى إبل يسعى ويحسبها له ** أخى نصب من شقّها ودؤوب

أي من مشقتها، وقال العجاج:
أصبح مسحول يوازى شقّا

أي يقاسى مشقة، ومسحول بعيره.
{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ} [9] السبيل: لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع فكأنه: ومن السبيل سبيل جائر، وبعضهم يؤنث السبيل.
{شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [10] يقال: أسمت إبلى وسامت هى، أي رعيتها.
{وَما ذَرَأَلَكُمْ} [13] أي ما خلق لكم.
{وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ} [14] من مخرت الماء أي شقّته بجآجئها، والفلك هاهنا في موضع جميع فقال فواعل، وهو موضع واحد كقوله: {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [26: 119] بمنزلة السلاح واحد وجميع.
{وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ} [15] أي جعل فيها جبالا ثوابت قد رست.
{أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [15] مجازه: أن لا تميل بكم.
{أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [21] مجازه: متى يحيّون.
{لا جَرَمَ} [23] أي حقا، وقال أبو أسماء بن الضّريبة أو عطيّة بن عفيف:
يا كرز إنك قد منيت بفارس ** بطل إذا هاب الكماة مجرّب

ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ** جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا

أي أحقت لهم الغضب، و{جَرَمَ} مصدر منه: وكرز: رجل من بنى عقيل وأبو عيينة حصن بن حذيفة بن بدر.
{أَوْزارَهُمْ} (25): الأوزار هي الآثام، واحدها وزر.
{فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ} [26] مجازه مجاز المثل والتشبيه والقواعد الأساس. إذا استأصلوا شيئا قالوا هذا الكلام، وهو مثل القواعد واحدتها قاعدة، والقاعد من النساء التي لا تحيض.
{أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ} [27] أي تحاربون فيهم.
{فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} [28] أي صالحوا وسالموا والسّلم والسّلم والسلام واحد.
{وَالزُّبُرِ} [44] وهى الكتب واحدها: زبور، ويقال: زبرت وذبرت أي كتبت، وقال أبو ذؤيب:
عرفت الدّيار كرقم الدّوا ة كما زبر الكاتب الحميرىّ وكما ذبر في رواية.
{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ} [47] مجازه: على تنقّص قال:
ألام على الهجاء وكل يوم ** يلاقينى من الجيران غول

تخوّف غدرهم مالى وأهدى ** سلاسل في الحلوق لها صليل

أي تنقّص غدرهم مالى. سلاسل يريد القوافي تنشد فهو صليلها وهو قلائد في أعناقهم وقال طرفة:
وجامل خوّف من نيبه زجر ** المعلّى أصلا والسفيح

خوّف من نيبه أي لا يدعه يزيد.
{وَهُمْ داخِرُونَ} [48] أي صاغرون، يقال: فلان دخر للّه، أي ذلّ وخضع.
{وَلَهُ الدِّينُ واصِبًا} [52] أي دائما، قال أبو الأسود الدّؤلىّ:
لا أبتغى الحمد القليل بقاؤه ** يوما بذم الدهر أجمع واصبا

{فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ} [53] أي ترفعون أصواتكم، وقال عدىّ بن زيد:
إنّني واللّه فاقبل حلفى ** بأبيل كلّما صلّى جأر

أي رفع صوته وشدّه.
{وَهُوَ كَظِيمٌ} [58] أي يكظم شدة حزنه ووجده ولا يظهره، وهو في موضع كاظم خرج مخرج عليم وعالم.
{أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ} [59] أي هوان.
{مُفْرَطُونَ} [62] أي متروكون منسيون مخلفون.
{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [66] يذكّر ويؤنث، وقال آخرون: المعنى على النّعم لأن النعم يذكر ويؤنث، قال:
أكلّ عام نعم تحوونه ** يلقحه قوم وتنتجونه

أربابه نوكى ولا يحمونه

والعرب قد تظهر الشيء ثم تخبر عن بعض ما هو بسببه وإن لم يظهروه كقوله:
قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة ** وللسّبع أزكى من ثلاث وأكثر

قال أنتم ثلاثة أحياء ثم قال: من ثلاث، فذهب به إلى القبائل وفى آية أخرى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ} [16: 9] أي من السبل سبيل جائر.
{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} [67] أي طعما، ويقال: جعلوا لك هذا سكرا أي طعما، وهذا له سكر أي طعم، وقال جندل:
جعلت عيب الأكرمين سكرا

وله موضع آخر مجازه: سكنا، وقال:
جاء الشتاء واجثالّ القنبر ** وجعلت عين الحرور تسكر

أي يسكن حرها ويخبو، ويقال ليلة ساكرة أي ساكنة، وقال:
تريد الليالى في طولها ** وليست يطلق ولا ساكره

ويروى:
تزيد ليالى في طولها

{وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} [68] أي يجعلونه عريشا، ويقال: يعرش ويعرش.
{بَنِينَ وَحَفَدَةً} [72] أعوانا وخدّاما، قال جميل:
حفد الولائد بينهنّ وأسلمت ** بأكفّهن أزمّة الأجمال

واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة.
{وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ} [76] أي عيال على ابن عمّه وكل ولىّ له.
{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [78] قبل أن يخرجكم ثم أخرجكم، والعرب تقدّم وتؤخّر، قال الأخطل:
ضخم تعلّق أشناق الدّيات به ** إذا المئون أمرّت فوقه حملا

والبيت في الطبري 14: 88، 89 والجمهرة 2: 123، والقرطبي 10: 143، 144 واللسان والتاج {حفد} وشواهد الكشاف 237، ونسبه ابن دريد إلى الفرزدق.
الشّنق: ما بين الفريضتين والمئون: أعظم من الشّنق فبدأ بالأقل قبل الأعظم.
{السَّمْعَ} [78] لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع، كقولك: الأسماع، وفى آية أخرى: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [16: 98] وهى قبل القراءة.
{جَوِّ السَّماء} [79] أي الهواء، قال:
ويل أمّها من هواء الجوّ طالبة ** ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب

وقوله: {أَثاثًا} [80] أي متاعا، قال محمد بن نمير الثّقفى:
أهاجتك الظّعائن يوم بانوا ** بذي الرّى الجميل من الأثاث

والري الكسوة الظاهرة وما ظهر.
{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْنانًا} [81] واحدها: كنّ.
{سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [81] أي قمصّا، {وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [81] أي دروعا وقال كعب بن زهير:
شمّ العرانين أبطال لبوسهم ** من نسج داود في الهيجاء سرابيل

{فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ} [86] أي قالوا: إنكم لكاذبون، يقال: ألقيت إليه كذا، أي قلت له كذا.
{وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} [87] أي المسالمة.
{تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [89] أي بيانا.
{وَإِيتاء ذِي الْقُرْبى} [90] يعنى وإعطاؤه.
{قُوَّةٍ أَنْكاثًا} [92] كل حبل وغزل ونحو ذلك نقضته فهو نكث، وهو من قولهم نكثت قال المسيّب بن علس:
من غير مقلية وإنّ حبالها ** ليست بأنكاث ولا أقطاع.

{دَخَلًا بَيْنَكُمْ} [92] كل شيء وأمر لم يصح فهو دخل: {هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ} [92] أي أكثر.
{فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها} [94] مثل يقال: لكل مبتلّى بعد عافية أو ساقط في ورطة بعد سلامة ونحو ذلك: زلّت قدمه.
{مَنْ عَمِلَ صالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} [97] من تقع على الواحد وعلى الجميع والذكر والأنثى، ولفظها لفظ الواحد فجاء الأول من الكناية على لفظ {من} وإن كان المعنى إنما يقع على الجميع ثم جاء الآخر من الكناية على معنى الجميع، فقال: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ}.
{فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [98] مقدّم ومؤخّر، لأن الاستعاذة قبل القراءة.
{رُوحُ الْقُدُسِ} [102] جبريل عليه السلام.
{لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} [103] أي يعدلون إليه، ويقال:
ألحد فلان أي جار أعجمىّ أضيف إلى أعجم اللسان.
{وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} [106] شرح صدره بذلك: تابعته نفسه وانبسط إلى ذلك، يقال: ما يشرح صدرى لك بذلك، أي لا يطيب، وجاء قوله: {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ} على معنى الجميع لأن {من} يقع على الجميع.
{يَأْتِيها رِزْقُها رَغَدًا} [112] أي واسعا كثيرا.
{فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ} [112] واحدها نعم ومعناه نعمة وهما واحد، قالوا: نادى منادى النبىّ عليه السلام بمنى: «إنها أيّام طعم ونعم فلا تصوموا».
{وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا} [118] من اليهود.
{إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ} [120] أي إماما مطيعا للّه.
{حَنِيفًا} [120] مسلما ومن كان في الجاهلية يختتن ويحجّ البيت فهو حنيف.
{اجْتَباهُ} [121] اختاره.
{فِي ضَيْقٍ} [127] مفتوح الأول وهو تخفيف ضيّق بمنزلة ميّت وهيّن وليّن، وإذا خفّفتها قلت ميت وهين ولين وإذا كسرت أول ضيق فهو مصدر الضيّق.. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها النّحل:

.[سورة النحل: آية 2].

{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاء مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ}.
قوله سبحانه: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاء مِنْ عِبادِهِ} [2]، وهذه استعارة. لأن المراد بالروح هاهنا الوحى الذي يتضمن إحياء الخلق والبيان عن الحق، ومثل ذلك قوله سبحانه: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا} ومثله قوله سبحانه في المسيح عليه السلام: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} فسماه تعالى روحا على هذا المعنى، لأن به حيا أمته، وبقاء شريعته، وقد مضى معنى ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب.
فأما قوله سبحانه: {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} فإنما أراد بذلك الروح التي خلقها ليحيى عباده بها، وأضافها إلى نفسه كما أضاف الأرض إلى نفسه، إذ يقول تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها}.
وكان شيخنا أبو الفتح عثمان بن جنىّ رحمه اللّه يقول: معنى قولهم في القسم: لعمر اللّه ما قلت ذلك، ولأفعلن ذلك. إنما يريدون به القسم بحياة يحيى اللّه بها، لا حياة يحيى بها، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. فكان المقسم إذا أقسم بهذه الحياة دخل ما يخصه منها في جملة قسمه، وجرى ذلك مجرى قوله: لعمرى. فيصير مقسما بحياته التي أحياه اللّه بها.
والعمر هاهنا هو العمر، ومعناه الحياة.
وكنت أستحسن هذا القول منه جدا، وله نظائر كنت أسمعها منه عند قراءتى عليه.
وكان- عفا اللّه عنه- كثير الاستنباط للخبايا، والاستطلاع للخفايا.