فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: {ينزل} بالياء وكسر الزاي وتشديدها، والملائكة بالنصب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {يُنَزّل} بضم الياء وكسر الزاي وتخفيفها، والأول من التفعيل، والثاني من الأفعال، وهما لغتان:
المسألة الثانية:
روي عن عطاء عن ابن عباس قال: يريد بالملائكة جبريل وحده.
قال الواحدي: وتسمية الواحد باسم الجمع إذا كان ذلك الواحد رئيسًا مقدمًا جائز كقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ} [نوح: 1]. {وَإِنَا أنزلناه} [يوسف: 2].
{وإِنَا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} [الحجر: 9]، وفي حق الناس كقوله: {الذين قَالَ لَهُمُ الناس} [آل عمران: 173]، وفيه قول آخر سيأتي شرحه بعد ذلك وقوله: {بالروح مِنْ أَمْرِهِ} فيه قولان:
القول الأول: أن المراد من الروح الوحي وهو كلام الله ونظيره قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]، وقوله: {يُلْقِى الروح مِنْ أَمْرِهِ على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} [غافر: 15]. قال أهل التحقيق: الجسد موات كثيف مظلم، فإذا اتصل به الروح صار حيًا لطيفًا نورانيًا.
فظهرت آثار النور في الحواس الخمس، ثم الروح أيضًا ظلمانية جاهلة، فإذا اتصل العقل بها صارت مشرقة نورانية، كما قال تعالى؛ {والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة} [النحل: 78]. ثم العقل أيضًا ليس بكامل النورانية والصفاء والإشراق حتى يستكمل بمعرفة ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ومعرفة أحوال عالم الأرواح والأجساد، وعالم الدنيا والآخرة، ثم إن هذه المعارف الشريفة الإلهية لا تكمل ولا تصفو إلا بنور الوحي والقرآن.
إذا عرفت هذا فنقول: القرآن والوحي به تكمل المعارف الإلهية، والمكاشفات الربا نية وهذه المعارف بها يشرق العقل ويصفو ويكمل، والعقل به يكمل جوهر الروح، والروح به يكمل حال الجسد، وعند هذا يظهر أن الروح الأصلي الحقيقي هو الوحي والقرآن، لأن به يحصل الخلاص من رقدة الجهالة، ونوم الغفلة، وبه يحصل الانتقال من حضيض البهيمية إلى أوج الملكية، فظهر أن إطلاق لفظ الروح على الوحي في غاية المناسبة والمشاكلة، ومما يقوى ذلك أنه تعالى أطلق لفظ الروح على جبريل عليه السلام في قوله: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ} [الشعراء: 193، 194]، وعلى عيسى عليه السلام في قوله: {رَّوْحِ الله} [يوسف: 87]، وإنما حسن هذا الإطلاق، لأنه حصل بسبب وجودهما حياة القلب وهي الهداية والمعارف، فلما حسن إطلاق اسم الروح عليهما لهذا المعنى، فلأن يحسن إطلاق لفظ الروح على الوحي والتنزيل كان ذلك أولى.
والقول الثاني: في هذه الآية وهو قول أبي عبيدة إن الروح هاهنا جبريل عليه السلام، والباء في قوله: {بالروح} بمعنى مع كقولهم خرج فلان بثيابه، أي مع ثيابه وركب الأمير بسلاحه أي مع سلاحه، فيكون المعنى: ينزل الملائكة مع الروح وهو جبريل، والأول أقرب، وتقرير هذا الوجه: أنه سبحانه وتعالى ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم جبريل وحده، بل في أكثر الأحوال كان ينزل مع جبريل أفواجًا من الملائكة، ألا ترى أن في يوم بدر وفي كثير من الغزوات كان ينزل مع جبريل عليه السلام أقوام من الملائكة، وكان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة ملك الجبال.
وتارة ملك البحار.
وتارة رضوان.
وتارة غيرهم.
وقوله: {مِنْ أَمْرِهِ} يعني أن ذلك التنزيل والنزول لا يكون إلا بأمر الله تعالى، ونظيره قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ} [مريم: 64]، وقوله: {لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 27]، وقوله: {وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28]، وقوله: {يخافون رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50]، وقوله: {لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. فكل هذه الآيات دالة على أنهم لا يقدمون على عمل من الأعمال إلا بأمر الله تعالى وإذنه، وقوله: {على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} يريد الأنبياء الذين خصهم الله تعالى برسالته، وقوله: {أَنْ أَنْذِرُواْ} قال الزجاج: {أن} بدل من الروح والمعنى: ينزل الملائكة بأن أنذروا، أي أعلموا الخلائق أنه لا إله إلا أنا، والإنذار هو الإعلام مع التخويف.
المسألة الثانية:
في الآية فوائد: الفائدة الأولى: أن وصول الوحي من الله تعالى إلى الأنبياء لا يكون إلا بواسطة الملائكة، ومما يقوى ذلك أنه تعالى قال في آخر سورة البقرة: {والمؤمنون كُلٌّ ءامَنَ بالله وَمَلَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285]. فبدأ بذكر الله سبحانه ثم أتبعه بذكر الملائكة، لأنهم هم الذين يتلقون الوحي من الله ابتداء من غير واسطة، وذلك الوحي هو الكتب، ثم إن الملائكة يوصلون ذلك الوحي إلى الأنبياء فلا جرم كان الترتيب الصحيح هو الابتداء بذكر الله تعالى، ثم بذكر الملائكة، ثم بذكر الكتب وفي الدرجة الرابعة بذكر الرسل.
إذا عرفت هذا فنقول: إذا أوحى الله تعالى إلى الملك فعلم ذلك الملك بأن ذلك الوحي وحي الله علم ضروري أو استدلالي.
وبتقدير أن يكون استدلاليًا فكيف الطريق إليه؟ وأيضًا الملك إذا بلغ ذلك الوحي إلى الرسول فعلم الرسول بكونه ملكًا صادقًا لا شيطانًا رجيمًا ضروري أو استدلالي فإن كان استدلاليًا فكيف الطريق إليه؟ فهذه مقامات ضيقة، وتمام العلم بها لا يحصل إلا بالبحث عن حقيقة الملك وكيفية وحي الله إليه، وكيفية تبليغ الملك ذلك الوحي إلى الرسول.
فأما إذا أجرينا هذه الأمور على الكلمات المألوفة صعب المرام وزال النظام، وذلك لأن آيات القرآن ناطقة بأن هذا الوحي والتنزيل إنما حصل من الملائكة أو نقول: هب أن آيات القرآن لم تدل على ذلك إلا أن احتمال كون الأمر كذلك قائم في بديهة العقل.
وإذا عرفت هذا فنقول: لا نعلم كون جبريل عليه السلام صادقًا معصومًا عن الكذب والتلبيس إلا بالدلائل السمعية، وصحة الدلائل السمعية موقوفة على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم صادق، وصدقه يتوقف على أن هذا القرآن معجز من قبل الله تعالى، لا من قبل شيطان خبيث، والعلم بذلك يتوقف على العلم بأن جبريل صادق محق مبرأ عن التلبيس وعن أفعال الشيطان، وحينئذ يلزم الدور، فهذا مقام صعب.
أما إذا عرفنا حقيقة النبوة وعرفنا حقيقة الوحي زالت هذه الشبهة بالكلية، والله أعلم.
المسألة الرابعة:
هذه الآية تدل على أن الروح المشار إليها بقوله: {يُنَزِّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ} ليس إلا لمجرد قوله: {لا إله إلا أَنَاْ فاتقون} وهذا كلام حق، لأن مراتب السعادات البشرية أربعة: أولها: النفسانية، وثانيها: البدنية، وفي المرتبة الثالثة: الصفات البدنية التي لا تكون من اللوازم، وفي المرتبة الرابعة: الأمور المنفصلة عن البدن.
أما المرتبة الأولى: وهي الكمالات النفسانية، فاعلم أن النفس لها قوتان: إحداهما: استعدادها لقبول صور الموجودات من عالم الغيب، وهذه القوة هي القوة المسماة بالقوة النظرية، وسعادة هذه القوة في حصول المعارف.
وأشرف المعارف وأجلها معرفة أنه لا إله إلا هو، وإليه الإشارة بقوله: {أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لا إله إِلا أَنَاْ} والقوة الثانية للنفس: استعدادها للتصرف في أجسام هذا العالم، وهذه القوة هي القوة المسماة بالقوة العملية، وسعادة هذه القوة في الإتيان بالأعمال الصالحة، وأشرف الأعمال الصالحة هو عبودية الله تعالى، وإليه الإشارة بقوله: {فاتقون} ولما كانت القوة النظرية أشرف من القوة العملية لا جرم قدم الله تعالى كمالات القوة النظرية، وهي قوله: {لا إله إِلا أَنَاْ} على كمالات القوة العملية وهي قوله: {فاتقون}.
وأما المرتبة الثانية: وهي السعادات البدنية فهي أيضًا قسمان: الصحة الجسدانية، وكمالات القوى الحيوانية، أعني القوى السبع عشرة البدنية.
وأما المرتبة الثالثة: وهي السعادات المتعلقة بالصفات العرضية البدنية، فهي أيضًا قسمان: سعادة الأصول والفروع، أعني كمال حال الآباء.
وكمال حال الأولاد.
وأما المرتبة الرابعة: وهي أخس المراتب فهي السعادات الحاصلة بسبب الأمور المنفصلة وهي المال والجاه، فثبت أن أشرف مراتب السعادات هي الأحوال النفسانية، وهي محصورة في كمالات القوة النظرية والعملية، فلهذا السبب ذكر الله هاهنا أعلى حال هاتين القوتين فقال: {أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لا إله إِلا أَنَاْ فاتقون}.
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3)}.
اعلم أنه تعالى لما بين فيما سبق أن معرفة الحق لذاته، وهي المراد من قوله: {أَنَّهُ لا إله إلا أَنَاْ} ومعرفة الخير لأجل العمل به وهي المراد من قوله: {فاتقون} [النحل: 2]. روح الأرواح، ومطلع السعادات، ومنبع الخيرات والكرامات، أتبعه بذكر الدلائل على وجود الصانع الإله تعالى وكمال قدرته وحكمته.
واعلم أنا بينا أن دلائل الإلهيات، إما التمسك بطريقة الإمكان في الذوات أو في الصفات.
أو التمسك بطريقة الحدوث في الذوات أو في الصفات أو بمجموع الإمكان والحدوث في الذوات أو الصفات، فهذه طرق ستة، والطريق المذكور في كتب الله تعالى المنزلة، هو التمسك بطريقة حدوث الصفات وتغيرات الأحوال.
ثم هذا الطريق يقع على وجهين: أحدهما: أن يتمسك بالأظهر فالأظهر مترقيًا إلى الأخفى فالأخفى، وهذا الطريق هو المذكور في أول سورة البقرة، فإنه تعالى قال: {اعبدوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ} فجعل تعالى تغير أحوال نفس كل واحد دليلًا على احتياجه إلى الخالق.
ثم ذكر عقيبه الاستدلال بأحوال الآباء والأمهات، وإليه الإشارة بقوله: {والذين مِن قَبْلِكُمْ} [البقرة: 21]. ثم ذكر عقيبه الاستدلال بأحوال الأرض، وهي قوله: {الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشًا} لأن الأرض أقرب إلينا من السماء، ثم ذكر في المرتبة الرابعة قوله: {والسماء بِنَاء} ثم ذكر في المرتبة الخامسة الأحوال المتولدة من تركيب السماء بالأرض، فقال: {وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقًا لَّكُمْ} [البقرة: 22].
الثاني من الدلائل القرآنية؛ أن يحتج الله تعالى بالأشرف فالأشرف نازلًا إلى الأدون فالأدون، وهذا الطريق هو المذكور في هذه السورة، وذلك لأنه تعالى ابتدأ في الاحتجاج على وجود الإله المختار بذكر الأجرام العالية الفلكية، ثم ثنى بذكر الاستدلال بأحوال الإنسان، ثم ثلث بذكر الاستدلال بأحوال الحيوان، ثم ربع بذكر الاستدلال بأحوال النبات، ثم خمس بذكر الاستدلال بأحوال العناصر الأربعة، وهذا الترتيب في غاية الحسن.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول:
النوع الأول: من الدلائل المذكورة على وجود الإله الحكيم الاستدلال بأحوال السموات والأرض فقال: {خُلِقَ السموات والأرض بالحق تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقد ذكرنا في تفسير قوله تعالى: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السموات والأرض} [الأنعام: 1]. إن لفظ الخلق من كم وجه يدل على الاحتياج إلى الخالق الحكيم، ولا بأس بأن نعيد تلك الوجوه هاهنا فنقول: الخلق عبارة عن التقدير بمقدار مخصوص، وهذا المعنى حاصل في السموات من وجوه: الأول: أن كل جسم متناه فجسم السماء متناه، وكل ما كان متناهيًا في الحجم والقدر، كان اختصاصه بذلك القدر المعين دون الأزيد والأنقص امرًا جائزًا، وكل جائز فلابد له من مقدر ومخصص، وكل ما كان مفتقرًا إلى الغير فهو محدث.
الثاني: وهو أن الحركة الأزلية ممتنعة، لأن الحركة تقتضي المسبوقية بالغير، والأزل ينافيه فالجمع بين الحركة والأزل محال.
إذا ثبت هذا فنقول: إما أن يقال أن الأجرام والأجسام كانت معدومة في الأزل، ثم حدثت أو يقال إنها وإن كانت موجودة في الأزل إلا أنها كانت ساكنة ثم تحركت.
وعلى التقديرين فلحركتها أول، فحدوث الحركة من ذلك المبدأ دون ما قبله أو ما بعده خلق وتقدير، فوجب افتقاره إلى مقدر وخالق ومخصص له.
الثالث: أن جسم الفلك مركب من أجزاء بعضها حصلت في عمق جرم الفلك وبعضها في سطحه، والذي حصل في العمق كان يعقل حصوله في السطح وبالعكس، وإذا ثبت هذا كان اختصاص كل جزء بموضعه المعين أمرًا جائزًا فيفتقر إلى المخصص والمقدر، وبقية الوجوه مذكورة في أول سورة الأنعام.
واعلم أنه سبحانه لما احتج بالخلق والتقدير على حدوث السموات والأرض قال بعده: {تعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} والمراد أن القائلين بقدم السموات والأرض كأنهم أثبتوا لله شريكًا في كونه قديمًا أزليًا فنزه نفسه عن ذلك، وبين أنه لا قديم إلا هو، وبهذا البيان ظهر أن الفائدة المطلوبة من قوله: {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]. في أول السورة غير الفائدة المطلوبة من ذكر هذه الكلمة ههنا، لأن المطلوب هناك إبطال قول من يقول: إن الأصنام تشفع للكفار في دفع العقاب عنهم، والمقصود هاهنا إبطال قول من يقول: الأجسام قديمة، والسموات والأرض أزلية، فنزه الله سبحانه نفسه عن أن يشاركه غيره في الأزلية والقدم، والله أعلم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {أتى أمرُ الله فلا تستعجلوهُ}.
فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه بمعنى سيأتي أمر الله تعالى.
الثاني: معناه دنا أمر الله تعالى.
الثالث: أنه مستعمل على حقيقة إتيانه في ثبوته واستقراره، وفي {أمر} أربعة أقاويل: أحدها: أنه إنذار رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله أبو مسلم.
الثاني: أنه فرائضه وأحكامه، قاله الضحاك.
الثالث: أنه وعيد أهل الشرك ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قاله ابن جريج.
الرابع: أنه القيامة، وهو قول الكلبي، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لما نزلت: {أتى أمر الله} رفعوا رؤوسهم فنزل: {فلا تستعجلوه} أي فلا تستعجلوا وقوعه.
وحكى مقاتل بن سليمان أنه لما قرأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم {أتى أمر الله} نهض رسول الله خوفًا من حضورها حتى قرأ: {فلا تستعجلوه}.
ويحتمل وجهين:
أحدهما: فلا تستعجلوا التكذيب فإنه لن يتأخر.
الثاني: فلا تستعجلوا أن يتقدم قبل وقته، فإنه لن يتقدم.
قوله عز وجل: {ينزل الملائكة بالروحِ من أمره على من يشاء من عبادِهِ}.
فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أن الروح ها هنا الوحي، وهو النبوة، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه كلام الله تعالى وهو القرآن، قاله الربيع ابن أنس.
الثالث: أنه بيان الحق الذي يجب اتباعه، قاله ابن عيسى.
الرابع: أنها أرواح الخلق. قال مجاهد لا ينزل ملك إلا ومعه روح.
الخامس: أن الروح الرحمة، قاله الحسن وقتادة.
ويحتمل تأويلًا سادسًا: أن يكون الروح الهداية، لأنها تحيا بها القلوب كما تحيي الروح الأبدان. اهـ.