فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {أتى أَمْرُ الله} أي يوم القيامة.
ويقال: يعني: العذاب.
كقوله: {حتى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التنور قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول وَمَنْ ءَامَنَ وَمَا ءَامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ} [هود: 40]، وقوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الحياة الدنيا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السماء فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض مِمَّا يَأْكُلُ الناس والانعام حتى إِذَا أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالامس كذلك نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]. أي: أتى أمر الله.
يعني: يأتي.
أي: هو قريب لأن ما هو آتٍ آتٍ.
وهذا وعيد لهم إنها كائنة.
وقال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية {اقترب لِلنَّاسِ حسابهم وَهُمْ في غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1]. ثم نزلت بعدها: {اقتربت الساعة وانشق القمر} [القمر: 1]. قالوا: يا محمد تزعم أن الساعة قد اقتربت، ولا نرى من ذلك شيئًا فنزل: {أتى أَمْرُ الله} أي: عذاب الله، فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، لا يشك أن العذاب قد أتاهم، فقال لهم جبريل: {فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} قال: فجلس النبي صلى الله عليه وسلم بعد قيامه، ثم قال: {سبحانه} نزّه نفسه عن الولد، والشريك.
ويقال: ارتفع، وتعاظم عن صفة أهل الكفر.
فقال عز وجل: {وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} به من الأوثان.
قرأ حمزة، والكسائي: {تُشْرِكُونَ} بالتاء على معنى المخاطبة.
وقرأ الباقون: بالياء بلفظ المغايبة، وكذلك ما بعده.
ثم قال: {يُنَزّلُ الملائكة} أي: جبريل {بالروح} أي: بالوحي والنبوة والقرآن {مِنْ أَمْرِهِ} أي: بأمره.
قال القتبي: {مِنْ} توضع موضع الباء كقوله: {لَهُ معقبات مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [الرعد: 11]. أي: بأمر الله.
وقال ههنا: يلقي الروح {مِنْ أَمْرِهِ} أي: بأمره {على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} أي: يختار للنبوة والرسالة.
وقال قتادة: ينزل الملائكة بالرحمة، والوحي {على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} يعني: من كان أهلًا لذلك.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {يُنَزّلٍ} بجزم النون من قولك أنْزَلَ يُنْزِلُ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر {تُنَزَّلَ} بالتاء، ونصب النون، والزاي مع التشديد، على معنى فعل ما لم يسم فاعله.
وقرأ الباقون: {يُنَزّلٍ} بالياء، وكسر الزاي مع التشديد، من قولك: نَزَّلَ يُنَزِّلُ.
ثم قال تعالى: {أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ} أي: خوفوا بالقرآن الكفار، وأعلموهم أن الله واحد لا شريك له.
فذلك قوله: {لا إله إِلا أَنَاْ فاتقون} أي: أطيعون، ووحدون.
ثم قال: {خُلِقَ السموات والأرض بالحق} أي: للحق.
ويقال: للزوال، والفناء.
{تَعَالَى} تنزه {عَمَّا يُشْرِكُونَ} به من الأوثان.
ثم قال: {خَلَقَ الإنسان مِن نُّطْفَةٍ} يقول: من ماء الرجل {فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} يقول: جدل بالباطل ظاهر الخصومة، وهو أبي بن خلف حيث أخذ عظمًا باليًا فَفَتَّهُ بيده، وقال: عجبًا لمحمد يزعم أنه يعيدنا بعد ما كنا عظامًا ورفاتًا، وإنا نعاد خلقًا جديدًا، فنزل: {أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خلقناه مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ} صلى الله عليه وسلم [يس: 77]. الآية.
ثم بيّن النعمة فقال تعالى: {وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} الدفء ما يستدفأ به من الأكسية وغيرها.
والذي يتخذ منه البيوت من الشعر، والوبر، والصوف.
وأما المنافع فظهورها التي تحمل عليها.
وألبانها.
ويقال: الدفء الصغار من الإبل.
وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال: {لَكُمْ فِيهَا دِفْء} أي: في نسل كل دابة ثم قال: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} أي: من لحومها.
قوله: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ} أي: ولكم يا بني آدم في الأنعام، جمال حسن المنظر، {حِينَ تُرِيحُونَ} أي: حتى تروح الإبل راجعة إلى أهلها {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي: تسرح إلى الرعي أول النهار {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} أي: أمتعتكم وزادكم {إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بالغيه إِلاَّ بِشِقّ الانفس} إلا بجهد الأبدان.
وروى سماك عن عكرمة قال: {بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بالغيه إِلاَّ بِشِقّ الانفس} قال: هي مكة.
ويقال: هذا الخطاب لأهل مكة، كانوا يخرجون إلى الشام، وإلى اليمن، ويحملون أثقالهم على الإبل.
ثم قال: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} إذ لم يعجلكم بالعقوبة.
ثم قال: {والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} أي: جمالًا، ومنظرًا، وحسنًا.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس، أنه سئل عن لحوم الخيل، فكرهه، وتلا هذه الآية: {والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} يعني: إنما خلق هذه الأصناف الثلاثة للركوب والزينة، لا للأكل، وسائر الأنعام خلقت للركوب، والأكل، كما قال: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وبه كان يقول أبو حنيفة: إن لحم الخيل مكروه.
ثم قال: {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أي: خلق أشياء تعلمون، وخلق أشياء مما لا تعلمون.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ الله خَلَقَ أَرْضًَا بَيْضَاء مِثْلَ الدُّنْيَا ثَلاثِينَ مَرَّةً مَحْشُوَّةً خَلْقًا مِنْ خَلْقِ الله تَعَالَى، لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الله تَعَالَى يُعْصَى طَرْفَةَ عَيْنٍ قالوا: يا رسول الله أمن ولد آدم هم؟ قال: مَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الله خَلَقَ آَدَمَ قالوا: فأين إبليس منهم؟ قال: مَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الله خَلَقَ إِبْلِيسَ» ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} قوله: {وَعَلَى الله قَصْدُ السبيل} أي: بيان الهدى.
ويقال: هداية الطريق {وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي: من الطرق ما هو مائل عن طريق الهدى إلى طريق اليهودية، والنصرانية.
وروى جويبر عن الضحاك أنه قال: {وَعَلَى الله قَصْدُ السبيل} يعني: بيان الهدى، {وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي: سبيل الضلالة.
وقال قتادة: في قراءة عبد الله بن مسعود {وَمِنْهَا جَائِرٌ} أي: مائل عن طريق الهدى {وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} أي: لو علم الله تعالى أن الخلق كلهم أهلًا للتوحيد لهداهم.
ويقال: لو شاء الله لأنزل آية يضطر الخلق إلى الإيمان بها.
ثم قال: {هُوَ الذي أَنْزَلَ مِنَ السماء مَاء} أي: المطر {لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ} وهو ما يستقر في الأرض من الغدران، وتشربون منه، وتسقون أنعامكم {وَمِنْهُ شَجَرٌ} أي: من الماء ما ينتشر في الأرض، فينبت منه الشجر، والنبات {فِيهِ تُسِيمُونَ} أي: ترعون أنعامكم.
قوله: {يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرع والزيتون} أي: يخرج لكم بالمطر الزرع، والزيتون {والنخيل والاعناب} أي: الكروم {وَمِن كُلّ الثمرات} أي: من ألوان الثمرات قرأ عاصم في رواية أبي بكر: {الله لَكُمْ} بالنون.
وقرأ الباقون بالياء، ومعناهما واحد.
ثم قال: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} يعني: فيما ذكر من نزول المطر، وخروج النبات لعبرة {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} في إنشائه.
ثم قال: {وَسَخَّر لَكُمُ الشمس والقمر} أي ذلّل لكم الليل، والنهار لمعايشكم {والشمس والقمر} أي: خلق الشمس والقمر {والنجوم مسخرات} بأمره أي: مذللات {بِأَمْرِهِ} أي: بإذنه {إِنَّ في ذَلِكَ لاَيَاتٍ} أي: لعبرات {لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي: لمن له ذهن الإنسانية.
ثم قال عز وجل: {وَمَا ذَرَأَلَكُمْ في الأرض} أي: وما خلق لكم في الأرض، من الدواب، والأشجار، والثمار {مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً} أي في اختلاف ألوانها لعبرة {لِقَوْمٍ يَتَذَكَّرُونَ} أي: يتعظون قرأ ابن عامر: {والشمس والقمر والنجوم} كلها بالرفع على معنى الابتداء.
وقرأ عاصم في رواية حفص: {والشمس والقمر} بالنصب على معنى البناء.
أي: سخر لكم الشمس والقمر.
ثم ابتدأ فقال: {والنجوم} بالضم على معنى الابتداء.
وقرأ الباقون الثلاثة كلها بالنصب، ويكون بمعنى المفعول.
ثم قال: {وَهُوَ الذي سَخَّرَ البحر} أي: ذلّل لكم البحر.
ويقال: ذلّل لكم ما في البحر {لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ} أي: من البحر {لَحْمًا طَرِيّا} أي: السمك الطري {وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ} يعني: من البحر {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يعني: لؤلؤًا تتزينون بها.
يعني: زينة للنساء {وَتَرَى الفلك مَوَاخِرَ فِيهِ} أي: مقبلة، ومدبرة فيه.
ويقال: تذهب، وتجيء بريح واحدة.
وقال عكرمة: يعني: السفينة حين تشق الماء يقال: مخرت السفينة إذا جرت، لأنها إذا جرت تشق الماء {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} أي: لكي تطلبوا من رزقه، حين تركبون السفينة للتجارة {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي: لكي تشكروا الله فيما صنع لكم من النعمة.
ثم قال: {وألقى في الأرض رَوَاسِىَ} يعني: الجبال الثوابت {أَن تَمِيدَ بِكُمْ} يعني: لكيلا تميد بكم، وقد يحذف لا ويراد إثباته، كما قال هاهنا: {أَن تَمِيدَ بِكُمْ} أي لا تميل بأهلها.
وروى معمر عن قتادة أنه قال لما خلقت الأرض كادت تميد فقالت الملائكة ما هذه بمقرة على ظهرها أحدًا فأصبحوا وقد خلقت الجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال وقال القتبي الميد الحركة والميل ويقال: {أَن تَمِيدَ} أي كراهة أن تميد بكم {وأنهارا} أي: وجعل لكم أنهارًا {وَسُبُلًا} أي: طرقًا {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي: تعرفون بها الطرق {وعلامات} أي: جعل في الأرض علامات من الجبال، وغيرها تهتدون به الطرق في حال السفر.
{وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ} أي: بالجدي، والفرقدين، تعرفون بها الطرق في البر والبحر.
وروى عبد الرزاق عن معمر في قوله: {وعلامات} قال: قال الكلبي: الجبال.
وقال قتادة: النجوم.
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله: {وعلامات وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ} قال: منها ما يكون علامة، ومنها ما يهتدى به.
وقال عمر بن الخطاب: تعلموا من النجوم ما تهتدون به، في طرقكم، وقبلتكم، ثم كفوا، وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم.
وقال السدي: {وعلامات} أي: الجبال بالنهار يهتدون بها الطرق، والنجوم بالليل.
ثم قال: {أَفَمَن يَخْلُقُ} يعني: هذه الأشياء التي وصفت لكم {كَمَن لاَّ يَخْلُقُ} أي: لا يقدر أن يخلق شيئًا وهم الأصنام.
{أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} أي: أفلا تتعظون في صنعه، فتوحّدوه وتعبدوه، ولا تعبدوا غيره.
ثم قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا} أي: لا تطيقوا إحصاءها.
فكيف تقدرون على أداء شكرها {إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} لمن تاب ورجع.
ثم قال: {والله يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ} في قلوبكم {وَمَا تُعْلِنُونَ} بالقول.
ويقال: ما تخفون من أعمالكم {وَمَا تُعْلِنُونَ} أي: تظهرون منها، فالسر والعلانية عنده سواء.
ثم قال: {والذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله} أي: يعبدون من دون الله من الأوثان {لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا} أي: لا يقدرون أن يخلقوا شيئًا {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} أي: ينحتون من الأحجار، والخشب، وغيره.
ثم قال تعالى: {أموات غَيْرُ أَحْيَاء} قال في رواية الكلبي: يعني: أن الأصنام أموات ليس فيها روح: {وَمَا يَشْعُرُونَ} يعني: الأصنام {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي: متى يحيون فيحاسبون ويقال: {أَمْوَاتٌ} يعني: أن الكفار غير أحياء.
يعني: كأنهم أموات لا يعقلون شيئًا وما يشعرون أيَّان يبعثون غيره {فالذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة} يعني: الذين لا يصدقون بالبعث {قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ} أي جاحدة للتوحيد ويقال قلوبهم خبيثة لا تدخل المعرفة فيها {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} أي متعظمون عن الإيمان ثم قال عز وجل: {لاَ جَرَمَ} أي: حقًا.
ويقال: نعم.
وذكر عن الفراء أنه قال: {لاَ جَرَمَ} بمنزلة لابد ولا محالة.
ثم كثرت في الكلام، حتى صارت بمنزلة حقًا {أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} أي: ما يكتمون، وما يظهرون من الكفر، والمكر في أمر محمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المستكبرين} أي: المتعظمين عن الإيمان.
ويقال: لا يحب المتكبرين الذين يتكبرون على الناس.
قال الفقيه: حدّثنا محمد بن الفضل.
قال: حدّثنا محمد بن جعفر.
قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف.
قال: حدّثنا الفضل بن دكين، عن مسعر بن كدام، عن أبي مصعب، عن أبيه، عن أبي بن كعب قال: سيأتي المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم، ويأتيهم الذل من كل مكان.
قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} يعني: الخراصين من أهل مكة.
وروى أسباط عن السدي قال: اجتمعت قريش، فقالوا: إن محمدًا رجل حلو اللسان، إذا كلمه رجل ذهب بعقله.
وفي رواية أخرى: بقلبه.
فانظروا أناسًا من أشرافكم، فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين.
فمن جاء يريده ردّوه عنه.
فخرج ناس منهم في كل طريق، فكان إذا جاء الرجل من وفد القوم، ينظر ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم.
فنزل بهم، فقالوا له: أنا فلان بن فلان، فيعرفه بنسبه.
ثم قال: أنا أخبرك ثم قال: أنا أخبرك.