فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{إِنَّمَا قَوْلُنَا} استئناف لبيان كيفية التكوينِ على الإطلاق إبداء وإعادةً بعد التنبيهِ على آنية البعثِ، ومنه يظهر كيفيتُه، فما كافةٌ وقولُنا مبتدأ وقوله: {لِشَىْء} أي أيِّ شيءٍ كان مما عز وهان متعلقٌ به، على أن اللامَ للتبليغ كهي في قولك: قلت له قم فقام، وجعلها الزجاجُ سببيةً أي لأجل شيءٍ وليس بواضح، والتعبيرُ عنه بذلك باعتبار وجودِه عند تعلق مشيئتِه تعالى به لا أنه كان شيئًا قبل ذلك {إِذَا أَرَدْنَاهُ} ظرفٌ لقولنا أي وقت إرادتِنا لوجوده {أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ} خبر للمبتدأ {فَيَكُونُ} إما عطفٌ على مقدر يُفصِحُ عنه الفاء وينسحب عليه الكلام، أي فنقول ذلك فيكون كقوله تعالى: {فَإِذَا قضى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ} وإما جوابٌ لشرط محذوف أي فإذا قلنا ذلك فهو يكون، وليس هناك قولٌ ولا مقولٌ له ولا أمرٌ ولا مأمورٌ حتى يقال إنه يلزم منه أحدُ المُحالين إما خطابُ المعدومِ أو تحصيلُ الحاصل، أو يقال إنما يستدعيه انحصار قوله تعالى: {كُنَّ} وليس يلزم منه انحصارُ أسباب التكوين فيه كما يفيده قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} فإن المرادَ بالأمر هو الشأنُ الشاملُ للقول والفعل ومن ضرورة انحصارِه في كلمة كن انحصارُ أسبابه على الإطلاق فيه بل إنما هو تمثيلٌ لسهولة تأتّي المقدورات حسب تعلقِ مشيئتِه تعالى بها وتصويرٌ لسرعة حدوثِها بما هو عَلَمٌ في ذلك من طاعة المأمورِ المطيعِ لأمر الآمر المُطاع، فالمعنى إنما إيجادُنا لشيء عند تعليق مشيئتِنا به أن نوجدَه في أسرع ما يكون، ولمّا عنه بالأمر الذي هو قولٌ مخصوصٌ وجب أن يُعبّر عن مطلق الإيجادِ بالقول المطلقِ فتأمل، وفي الآية الكريمة من الفخامة والجزالةِ ما يحار فيه العقولُ والألباب، وقرئ بنصب {يكون} عطفًا على {نقول} أو تشبيهًا له بجواب الأمر.
{والذين هاجروا في الله} أي في شأن الله تعالى ورِضاه وفي حقه ولوجهه {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ} ولعلهم الذين ظلمهم أهلُ مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجوهم من ديارهم فهاجروا إلى الحبشة ثم بوّأهم الله تعالى المدينةَ حسبما وعد بقوله سبحانه: {لَنُبَوّئَنَّهُمْ في الدنيا حَسَنَة} أي مَباءةً حسنةً أو تبوئةً حسنة كما قال قتادة وهو الأنسبُ بما هو المشهورُ من كون السورةِ غيرَ ثلاثِ آياتٍ من آخرها مكيةً، وأما ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما من أنها نزلت في صهيبٍ وبلالٍ وعمارٍ وخبابٍ وعابس وجُبير وأبي جندل بن سهيل، أخذهم المشركون فجعلوا يعذّبونهم ليردوهم عن الإسلام، فأما صهيبٌ فقال لهم: أنا رجلٌ كبير إن كنت معكم لم أنفعْكم وإن كنت عليكم لم أضرَّكم، فافتدى منهم بماله وهاجر فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه قال: ربح البيعُ يا صهيب، وقال عمر رضي الله عنه: نعم العبدُ صُهيب لو لم يخِفِ الله لم يَعْصِهِ، فإنما يناسب ما حُكي عن الأصم من كون كل السورةِ مدنيةً، وما نقل عن قتادةَ من كون هذه الآية إلى آخر السورةِ مدنيةً فيُحمل ما نقلناه عنه من نزول الآيةِ في أصحاب الهجرتين على أن يكون نزولُها بالمدينة بين الهجرتين، وأما جعلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جملتهم فلا يساعده نظمُ التنزيلِ ولا شأنُه الجليل، وقرئ {لنُثْوِينّهم} ومعناه إثواءةً حسنةً أو لنُنزّلنهم في الدنيا منزلة حسنة وهي الغَلبةُ على من ظلمهم من أهل مكةَ وعلى العرب قاطبةً وأهلِ الشرقِ والغربِ كافة {وَلاَجْرُ الآخرة} أي أجرُ أعمالِهم المذكورةِ في الآخرة {أَكْبَرَ} مما يعجّل لهم في الدنيا، وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا أعطى رجلًا من المهاجرين عطاء قال له: خُذ بارك الله تعالى لك فيه، هذا ما وعدك الله تعالى في الدنيا وما ادّخر في الآخرة أفضلُ {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} الضمير للكفار أي لو علموا أن الله تعالى يجمع لهؤلاء المهاجرين خيرَ الدارين لوافقوهم في الدين، وقيل: للمهاجرين أي لو علموا ذلك لزادوا في الاجتهاد أو لَما تألموا لما أصابهم من المهاجَرة وشدائدِها.
{الذين صَبَرُواْ} على الشدائد من أذية الكفار ومفارقةِ الأهل والوطن وغيرِ ذلك، ومحلُّه النصبُ أو الرفع على المدح {وعلى رَبّهِمْ} خاصة {يَتَوَكَّلُونَ} منقطعين إليه تعالى معرِضين عما سواه مفوِّضين إليه الأمرَ كلَّه، والجملةُ إما معطوفةٌ على الصلة وتقديمُ الجار والمجرور للدِلالة على قصر التوكلِ على الله تعالى وصيغةُ الاستقبال للدلالة على دوام التوكل. أو حالٌ من ضمير صبروا. اهـ.

.قال الألوسي:

{إِنَّمَا قَوْلُنَا} استئناف لبيان التكوين على الإطلاق ابتداء أو إعادة بعد التنبيه على أنية البعث ومنه يعلم كيفيته فما كافة و{قَوْلُنَا} مبتدأ، وقوله تعالى: {لِشَىْء} متعلق به واللام للتبليغ كما في قولك: قلت لزيد قم فقام، وقال الزجاج: هي لام السبب أي لأجل إيجاد شيء، وتعقب بأنه ليس بواضح والمتبادر من الشيء هنا المعدوم وهو أحد إطلاقاته، وقد برهن الشيخ إبراهيم الكوراني عليه الرحمة على أن إطلاق الشيء على المعدوم حقيقة كإطلاقه على الموجود وألف ذلك رسالة جليلة سماها جلاء الفهوم، ويعلم منها أن القول بذلك الإطلاق ليس خاصًا بالمعتزلة كما هو المشهور، ولهذا أول هنا من لم يقف على التحقيق من الجماعة فقال: إن التعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى به لا أنه كان شيئًا قبل ذلك.
وفي البحر نقلًا عن ابن عطية أن في قوله تعالى: {لِشَىْء} وجهين: أحدهما: أنه لما كان وجوده حتمًا جاز أن يسمى شيئًا وهو في حال العدم، والثاني: أن ذلك تنبيه على الأمثلة التي ينظر فيها وأن ما كان منها موجودًا كان مرادًا وقيل له كن فكان فصار مثالًا لما يتأخر من الأمور بما تقدم، وفي هذا مخلص من تسمية المعدوم شيئًا اه، وفيه من الخفاء ما فيه، وأيًا ما كان فالتنوين للتنكير أي لشيء أي شيء كان مما عز وهان {إِذَا} ظرف لقولنا أي وقت تعلق إرادتنا بإيجاده {أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ} في تأويل مصدر خبر للمبتدأ، والسلام في {لَهُ} كاللام في {لِشَىْء} {فَيَكُونُ} إما عطف على مقدر يفصح عنه الفاء وينسحب عليه الكلام أي فنقول ذلك فيكون، وإما جواب لشرط محذوف أي فإذا قلنا ذلك فهو يكون، وقيل: إنه بعد تقدير هو تكون الجملة خبرًا لمبتدأ محذوف أي ما أردناه فهو يكون، وكان في الموضعين تامة، والذي ذهب إليه أكثر المحققين وذكره مقتصرًا عليه شيخ الإسلام أنه ليس هناك قول ولا مقول له ولا أمر ولا مأمور حتى يقال: إنه يلزم أحد المحالين أما خطاب المعدوم أو تحصيل الحاصل؛ أو يقال: {إِنَّمَا} مستدعية انحصار قوله تعالى: في قوله تعالى: {كُنَّ} وليس يلزم منه انحصار أسباب التكوين فيه كما يفيده قوله سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: 82]. فإن المراد بالأمر الشأن الشامل للقول والفعل ومن ضرورة انحصاره في كلمة كن انحصار أسبابه على الإطلاق في ذلك بل إنما هو تمثيل لسهولة تأتي المقدورات حسب تعلق مشيئته تعالى وتصوير لسرعة حدوثها بما هو علم في ذلك من طاعة المأمور المطيع لأمر الآمر المطاع، فالمعنى إنما إيجادنا لشيء عند تعلق مشيئتنا به أن نوجده في أسرع ما يكون، ولما عبر عنه بالأمر الذي هو قول مخصوص وجب أن يعبر عن مطلق الإيجاد بالقول المطلق.
وقيل: إن الكلام على حقيقته وبذلك جرت العادة الإلهية ونسب إلى السلف، وأجيب لهم عن حديث لزوم أحد المحذورين تارة بأن الخطاب تكويني ولا ضير في توجهه إلى المعدوم، وتعقب بأنه قول بالتمثيل وتارة بأن المعدوم ثابت في العلم ويكفي في صحة خطابه ذلك حتى أن بعضهم قال بأنه مرئي له تعالى في حال عدمه، وتعقب بما يطول، وأما حديث الانحصار فقالوا إن الأمر فيه هين، وقد مر بعض الكلام في هذا المقام.
واحتج بعض أهل السنة بالآية بناء على الحقيقة على قدم القرآن قال: إنها تدل على أنه تعالى إذا أراد إحداث شيء قال له كن فلو كان كن حادثًا لزم التسلسل وهو محال فيكون قديمًا ومتى قيل بقدم البعض فليقل بقدم الكل، وتعقب بأن كلمة إذا لا تفيد التكرار ولذا إذا قال لامرأته: إذا دخلت الدار فأنت طالق فدخلت مرات لا تطلق إلا طلقة واحدة فلا يلزم أن يكون كل محدث محدثًا بكلمة كن فلا يلزم التسلسل على أن القول بقدم {كُنَّ} ضروري البطلان لما فيه من ترتب الحروف، وكذا يقال في سائر الكلام اللفظي.
وقال الإمام: إن الآية مشعرة بحدوث الكلام من وجوه: الأول: أن قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْء إِذَا أَرَدْنَاهُ} يقتضي كون القول واقعًا بالإرادة وما كان كذلك فهو محدث، والثاني: أنه علق القول بكلمة {إِذَا} ولا شك أنها تدخل للاستقبال، والثالث: أن قوله تعالى: {إِن نَّقُولُ} لا خلاف في أنه يبنىء عن الاستقبال.
والرابع: أن قوله سبحانه: {كُنْ فَيَكُونُ} كن فيه مقدمة على حدوث المكون ولو بزمان واحد والمقدم على المحدث كذلك محدث فلابد من القول بحدوث الكلام. نعم إنها تشعر بحدوث الكلام اللفظي الذي يقول به الحنابلة ومن وافقهم ولا تشعر بحدوث الكلام النفسي.
والأشاعرة في المشهور عنهم لا يدعون إلا قدم النفسي وينكرون قدم اللفظي، وهو بحث أطالوا الكلام فيه فليراجع، وما ذكر من دلالة {إِذَا} و{نَّقُولُ} على الاستقبال هو ما ذكره غير واحد، لكن نقل أبو حيان عن ابن عطية أنه قال: ما في ألفاظ هذه الآية من معنى الاستقبال والاستئناف إنما هو راجع إلى المراد لا إلى الإرادة، وذلك أن الأشياء المرادة المكونة في وجودها استئناف واستقبال لا في إرادة ذلك ولا في الأمر به لأن ذينك قديمان فمن أجل المراد عبر بإذا ونقول.
وأنت تعلم أنه لا كلام في قدم الإرادة لكنهم اختلفوا في أنها هل لها تعلق حادث أم لا؛ فقال بعضهم بالأول، وقال آخرون: ليس لها إلا تعلق أزلي لكن بوجود الممكنات فيما لا يزال كل في وقته المقدر له.
فالله تعالى تعلقت إرادته في الأزل بوجود زيد مثلًا في يوم كذا وبوجود عمرو في يوم كذا وهكذا، ولا حاجة إلى تعلق حادث في ذلك اليوم، وأما الأمر فالنفسي منه قديم واللفظي حادث عن القائلين بحدوث الكلام اللفظي، وأما الزمان فكثيرًا ما لا يلاحظ في الأفعال المستندة إليه تعالى، واعتبر كان الله تعالى ولا شيء معه وخلق الله تعالى العالم ونحو ذلك ولا أرى هذا الحكم مخصوصًا فيما إذا فسر الزمان بما ذهب إليه الفلاسفة بل يطر في ذلك وفيما إذا فسر بما ذهب إليه المتكلمون فتأمل والله تعالى الهادي.
وجعل غير واحد الآية لبيان إمكان البعث، وتقريره أن تكوين الله تعالى بمحض قدرته ومشيئته لا توقف له على سبق المواد والمدد وإلا لزم التسلسل، وكما أمكن له تكوين الأشياء ابتداء بلا سبق مادة ومثال أمكن له تكيونها إعادة بعده، وظاهره أنه قول بإعادة المعدوم، وظواهر كثير من النصوص أن البعث بجمع الأجزاء المتفرقة، وسيأتي تحقيق ذلك كما وعدناك آنفًا إن شاء الله تعالى.
وقرأ ابن عامر والكسائي هاهنا وفي يس (82) {فَيَكُونُ} بالنصب، وخرجه الزجاج على العطف على {نَّقُولُ} أي فإن يكون أو على أن يكون جواب {كُنَّ}، وقد رد هذا الرضي وغيره بأن النصب في جواب الأمر مشروط بسببية مصدر الأول للثاني وهو لا يمكن هنا لاتحادهما فلا يستقيم ذاك، ووجه بأن مراده أنه نصب لأنه مشابه لجواب الأمر لمجيئه بعده وليس بجواب له من حيث المعنى لأنه لا معنى لقولك: قلت لزيد اضرب تضرب.
وتعقب بأنه لا يخفى ضعفه وأنه يقتضي إلغاء الشرط المذكور، ثم قيل: والظاهر أن يوجه بأنه إذا صدر مثله عن البليغ على قصد التمثيل لسرعة التأثير بسرة مبادرة المأمور إلى الامتثال يكون المعنى إن أقل لك اضرب تسرع إلى الامتثال فيكون المصدر المسبب عنه مسبوكًا من الهيئة لا من المادة، ومصدر الثاني من المادة أو محصل المعنى وبه يحصل التغاير بين المصدرين ويتضح السببية والمسببية، وقال بعضهم: إن مراد من قال إن النصب للمشابهة لجواب الأمر أن {فَيَكُونُ} كما في قراءة الرفع معطوف على ما ينسحب عليه الكلام أو هو بتقدير فهو يكون خبر لمبتدأ محذوف إلا أنه نصب لهذه المشابهة، وفيه ما فيه.
{والذين هاجروا في الله} أي في حقه ففي على ظاهرها ففيه إشارة إلى أنها هجرة متمكنة تمكن الظرف في مظروفه فهي ظرفية مجازية أو لأجل رضاه ففي للتعليل كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن امرأة دخلت النار في هرة» والمهاجرة في الأصل مصارمة الغير ومتاركته واستعملت في الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان أي والذين هجروا أوطانهم وتركوها في الله تعالى وخرجوا {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ} أي من بعد ظلم الكفار إياهم.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ظلمهم أهل مكة فخرجوا من ديارهم حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ثم بوأهم الله تعالى المدينة بعد ذلك حسبما وعد سبحانه بقوله جل وعلا: {لَنُبَوّئَنَّهُمْ في الدنيا حَسَنَة} أي مباءة حسنة، وحاصله لننزلهم في الدنيا منزلًا حسنًا، وعن الحسن دارًا حسنة، والتقدير الأول أظهر لدلالة الفعل عليه، والثاني أوفق بقوله تعالى: {تبوؤا الدَّارِ} [الحشر: 9]، وأيًا ما كان فحسنة صفة محذوف منصوب نصب الظروف، وجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا لنبؤئنهم على معنى لنعطينهم منزلة حسنة، وفسر ذلك بالغلبة على أهل مكة الذين ظلموهم وعلى العرب قاطبة، وقيل: هي ما بقي لهم في الدنيا من الثناء وما صار لأولادهم من الشرف، وعن مجاهد أن التقدير معيشة حسنة أي رزقًا حسنًا، وقيل: التقدير عطية حسنة، والمراد بالعطية المعطي، ويفسر ذلك بكل شيء حسن ناله المهاجرون في الدنيا، وقدر بعضهم تبوئة حسنة فهو صفة مصدر محذوف، وقد تعتبر هذه التبوئة بحيث تشمل إعطاء كل شيء حسن صار للمهاجرين على نحو السابق.
وفي البحر أن الظاهر أن انتصاب {حَسَنَةٌ} على المصدر على غير الصدر لأن معنى لنبوئنهم لنحسنن إليهم فحسنة بمعنى إحسانًا، وعلى جميع التقادير {الذين هاجروا} مبتدأ وجملة {لَنُبَوّئَنَّهُمْ} خبره.