فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{وأوحى رَبُّكَ إلى النحل} أي ألهمها وقذف في قلوبها وعلّمها بوجوه لا يعلمها إلا العليمُ الخبير وقرى بفتحتين {أَنِ اتخذى} أي بأن اتخذي على أنّ أنْ مصدريةٌ ويجوز أن تكون مفسرةً لما في الإيحاء من معنى القول، وتأنيثُ الضمير مع أن النحلَ مذكر للحمل على معنى الجمع أو لأنه جمعُ نحلة، والتأنيثُ لغة أهل الحجاز {مِنَ الجبال بُيُوتًا} أي أوكارًا مع ما فيها من الخلايا، وقرئ بيوتًا بكسر الباء {وَمِنَ الشجر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} أي يعرِشه الناسُ أي يرفعه من كرْم أو سقف، وقيل: المرادُ به ما يرفعه الناسُ ويبنونه للنحل، والمعنى اتخذي لنفسك بيوتًا من الجبال والشجر إذا لم يكن لك أرباب وإلا فاتخذي ما يعرِشونه لك، وإيرادُ حرفِ التبعيض لما أنها لا تبنى في كل جبل وفي كل شجر وكل عرش ولا في كل مكان منها.
{ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ الثمرات} من كل ثمرة تشتهينها حُلوِها ومُرِّها {فاسلكى} ما أكلتِ منها {سُبُلَ رَبّكِ} أي مسالكَه التي برَأها بحيث يُحيل فيها بقدرته القاهرة النَّوَر المرَّ عسلًا من أجوافك أو فاسلكي الطرقَ التي ألهمك في عمل العسلِ أو فاسلكي راجعةً إلى بيوتك سبلَ ربك لا تتوعّر عليك ولا تلتبس {ذُلُلًا} جمع ذَلول وهو حال من السبل أي مذللة غيرَ متوعرة ذللها الله سبحانه وسهلها لك، أو من الضمير في اسلكي أي اسلكي منقادةً لما أُمرتِ به {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا} استئناف عُدل به عن خطاب النحلِ لبيان ما يظهر منها من تعاجيب صنعِ الله تعالى التي هي موضعُ العبرة بعد ما أُمِرتْ بما أمرتْ {شَرَابٌ} أي عسل لأنه مشروب، واحتج به وبقوله تعالى: {كُلِى} من زعم أن النحلَ تأكلُ الأزهار والأوراقَ العطِرة فتستحيل في بطنها عسلًا ثم تقيءُ ادّخارًا للشتاء، ومن زعم أنها تلتقط بأفواهها أجزاء قليلةً حُلوة صغيرة متفرقةً على الأزهار والأوراق وتضعها في بيوتها، فإذا اجتمع فيها شيءٌ كثيرٌ يكون عسلًا فسّر البطونَ بالأفواه {مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} أبيضُ وأسودُ وأصفرُ وأحمرُ حسب اختلاف سنِّ النحل أو الفصلِ أو الذي أخذت منه العسل {فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} إما بنفسه كما في الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض، إذ قلما يكون معجونٌ لا يكون فيه عسلٌ، مع أن التنكيرَ فيه مُشعرٌ بالتبعية، ويجوز كونه للتفخيم، وعن قتادةَ أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي يشتكي بطنه، فقال عليه الصلاة والسلام: «اسقِه العسلَ» فذهب ثم رجع فقال: قد سقَيتُه فما نفع، فقال: «اذهبْ فاسقِه عسلًا فقد صدق الله وكذب بطنُ أخيك» فسقاه فبرِىء كأنما أُنْشِط من عِقال، وقيل: الضميرُ للقرآن أو لِما بين الله تعالى من أحوال النحل، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: العسلُ شفاء لكل داء، والقرآنُ شفاء لما في الصدور فعليكم بالشفاءين العسلِ والقرآنِ {إِنَّ في ذَلِكَ} الذي ذكر من أعاجيب آثار قدرةِ الله تعالى: {لآيَةً} عظيمة {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فإن من تفكر في اختصاص النحلِ بتلك العلومِ الدقيقة والأفعالِ العجيبةِ المشتملةِ على حسن الصنعةِ وصِحة القسمة التي لا يقدر عليها حُذّاقُ المهندسين إلا بآلات دقيقةٍ وأدواتٍ أنيقة وأنظار دقيقة، جزم قطعًا بأن له خالقًا قادرًا حكيمًا يلهمها ذلك ويهديها إليه جل جلاله.
{والله خَلَقَكُمْ}.
لما ذكر سبحانه من عجائب أحوالِ ما ذَكَر من الماء والنبات والأنعام والنحل أشار إلى بعض عجائبِ أحوالِ البشر من أول عمُره إلى آخره وتطوراتِه فيما بين ذلك وقد ضبطوا مراتبَ العمُر في أربع: الأولى سنُّ النشوء والنماء، والثانية سنُّ الوقوف وهي سن الشباب، والثالثة سنُّ الانحطاط القليل وهي سنُّ الكهولة، والرابعة سنُّ الانحطاط الكبير وهي سنُّ الشيخوخة {ثُمَّ يتوفاكم} حسبما تقتضيه مشيئتُه المبنيةُ على حِكَم بالغةٍ بآجال مختلفة أطفالًا وشبابًا وشيوخًا {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ} قبل توفّيه أي يعاد {إلى أَرْذَلِ العمر} أي أخسِّه وأحقرِه وهو خمسٌ وسبعون سنة على ما روي عن علي رضي الله عنه، وتسعون سنة على ما نقل عن قتادة رضي الله عنه، وقيل: خمسٌ وتسعون، وإيثارُ الردِّ على الوصول والبلوغِ ونحوهما للإيذان بأن بلوغَه والوصولَ إليه رجوعٌ في الحقيقة إلى الضُّعف بعد القوة كقوله تعالى: {وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّسْهُ في الخلق} ولا عمُرَ أسوأُ حالًا من عمر الهرِمِ الذي يشبه الطفلَ في نقصان العقل والقوة {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ} كثير {شَيْئًا} من العلم أو من المعلومات أو لكيلا يعلم شيئًا بعد علمٍ بذلك الشيء، وقيل: لئلا يعقِلَ بعد عقله الأولِ شيئًا {إِنَّ الله عَلِيمٌ} بمقادير أعماركم {قَدِيرٌ} على كل شيء يميت الشابَّ النشيطَ ويُبقي الهرِمَ الفانيَ، وفيه تنبيهٌ على أن تفاوتَ الآجالِ ليس إلا بتقدير قادرٍ حكيم ركب أبنيتَهم وعدّل أمزجتَهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوتُ هذا المبلغ. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}.
ألهمها وألقى في روعها وعلمها بوجه لا يعلمه إلا اللطيف الخبير؛ وفسر بعضهم الإيحاء إليها بتسخيرها لما أريد منها، ومنعوا أن يكون المراد حقيقة الإيحاء لأنه إنما يكون للعقلاء وليس التحل منها.
نعم يصدر مها أفعال ويوجد فيها أحوال يتخيل بهاأنها ذوات عقول وصاحبة فضل تقصر عنه الفحول، فتراها يكون بينها واحد كالرئيس هو أعظمها جثة يكون نافذ الحكم على سائرها والكل يخدمونه ويحملون عنه وسمي اليعسوب والأمير، وذكروا أنها إذا نفرت عن وكرها ذهبت بجمعيتها إلى موضع آخر فإذا اؤرادوا عودها إلى وكرها ضربوا لها الطبول وآلات الموسيقى ورودها بواسطة تلك الألحان إلى وكرها، وهي تبني البيوت المسدسة من أضلاع متساوية والعقلاء لا يمكنهم ذلك إلا بآلات مثل المسطرة والفرجار وتختارها على غيرها من البيوت المشكلة بأشكال أخر كالمثلثات والمربعات والمخمسات وغيرها، وفي ذلك سر لطيف فإنهم قالوا: فإنهم قالوا: ثبت في الهندسة أنها لو كانت مشكلة بأشكال أخر يبقى فيما بينها بالضرورة فرج خالية ضائعة؛ ولها أحوال كثيرة عجيبة غير ذلك قد شاهدها كثير من الناس وسبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
والصوفية على ما ذكره الشعراني في غير موضع لا يمنعون إرادة الحقيقة، وقد أثبتوا في سائر الحيوانات رسلًا وأنبياء والشرع يأبى ذلك.
وذهب بعض حكماء الإشراق إلى ثبوت النفس الناطقة لجميع الحيوانات وأكاد أسلم لهم ذلك ولم نسع عن أحد غير الصوفية القول بما سمعت عنهم، والنحل جنس واحده نحلة ويؤنث في لغة الحجاز ولذلك قال سبحانه: {أَنِ اتخذى} وقرأ ابن وثاب {النحل} بفتحتين وهو يحتمل أن يكون لغة وأن يكون إتباعًا لحركة النون، و{إن} إما مصدرية بتقدير بناء الملابسة أي بأن اتخذي أو تفسيرية وما بعدها مفسر للإيحاء لأن فيه باعتبار معناه المشهور معنى القول دون حروفه، وذلك كاف في جعلها تفسيرية: وقد غفل عن ذلك أبو حيان أو لم يعتبره فقال: إن في ذلك نظرًا لأن الوحي هنا بمعنى الإلهام إجماعًا وليس في الإلهام معنى القول {مِنَ الجبال بُيُوتًا} أوكارًا، وأصل البيت مأوى الإنسان واستعمل هنا في الوكر الذي تبنيه النحل لتعسل فيه تشبيهًا له بما يبنيه الإنسان لما فيه من حسن الصنعة وصحة القسمة كما سمعت: وقرئ {بُيُوتًا} بكسر الباء لمناسبة الياء وإلا فجمع فعل على فعول بالضم.
{وَمِنَ الشجر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} أي يعرشه الناس أي يرفعه من الكروم كما روى عن ابن زيد وغيره أو السقوف كما نقل عن الطبري أو أعم منهما كما قال البعض، و{مِنْ} في المواضع الثلاثة للتبعيض بحسب الأفراد وبحسب الأجزاء فإن النحل لا يبني في كل شجر وكل جبل وكل ما يعرش ولا في كل مكان من ذلك، وبعضهم قال: إن {مِنْ} للتبعيض بحسب الأفراد فقط، والمعنى الآخر معلوم من خارج لا من مدلول {مِنْ} إذ لا يجوز استعمالها فيهما ولمولانا ابن كمال تأليف مفرد في المسألة ليراجع، وأيًا ما كان ففيه مع ما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى من البديع صنعة الطبقا، وتفسير البيوت بيما تبنيه هو الذي ذهب إليه غير واحد، وقال أبو حيان: الظاهر أنها عبارة عن الكوى التي تكون في الجبال وفي متجوف الأشجار والخلايا التي يصنعها ابن آدم للنحل والكوى التي تكون في الحيطان، ولما كان النحل نوعين منه ما مقره في الجبال والغياض ولا يتعهده أحد ومنه ما يكون في بيوت الناس ويتعهده في الخلايا ونحوها شمل الأمر بالاتخاذ البيوت النوعين.
{ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ الثمرات} أي من جميعها، وهي جمع ثمرة محركة حمل الشجر، وأخذ بظاهر ذلك ابن عطية فقال: إنما تأكل النوار من الأشجار، وتقال الثمرة للشجرة أيضًا كما في القاموس، قيل: وهو المناسب هنا إذ التخصيص بحمل الشجر خلاف الواقع لعموم أكلها للأوراق والأزهار والثمار.
وتعقب بأنه لا يخفى أن إطلاق الثمرة على الشجرة مجاز غير معروف وكونها تأكل من غيرها غير معلوم وغي رمناف للاقتصار على أكل ما ينبت فيها والعموم في كل على مايشير إليه كلام البعض عرفي، وجوز أن يكون مخصوصًا بالعادة أي كلي من كل ثمرة تشتهينها، وقيل: {كُلٌّ} للتكثير، قال الخفاجي: ولو أبقى على ظاهره أيضًا جاز لأنه لا يلزم من الأمر بالأكل من جميع الثمرات الأكل منها لأن الأمر للتخلية والإباحة، وأيًا ما فمن للتعيض.
وقال الإمام: رأيت في كتب الطب أنه تعالى دبر هذا العالم على وجه يحدث في الهواء طل لطيف في الليالي ويقع على أوراق الأشجار فقد تكون تلك الأجزاء لطيفة صغيرة متفرقة على الأوراق والأزهار وقد تكون كثيرة بحيث يجتمع منها أجزاء محسوسة وهذا مثل الترنجين فإنه طل ينزل من الهواء ويجتمع على الأطراف في بعض البلدان، وأما القسم الأول فهو الذي ألهم الله تعالى النحل حتى تلتقطه من الأزهار أوراق الأشجار بأفواهها وتغتذي به فإذا شبعت التقطت بأفواهها مرة أخرى شيئًا من تلك الأجزاء وذهبت به إلى بيوتها ووضعته هناك كأنها تحاول أن تدخر لنفسه غذاءها فالمجتمع من ذلك هو العسل، ومن الناس من يقول: إن النحل تأكل من الأزهار الطيبة والأوراق العطرة أشياء ثم إنه تعالى يقلب تلك الأجسام في داخل بدنها عسلًا ثم تقيئه، والقول الأول أقرب إلى العقرب وأشد مناسبة للاستقراء، فإن طبيعة الترنجبين قريبة من العسل في الطعم والشكل ولا شك أنه طل يحدث في الهواء ويقع على أطراف الأسجار والأزهار فكذا ههنا، وأيضًا فنحن نشاهد أن النحل تتغذى بالعسل حتى إنا إذا أخرجنا العسل من بيوتها تركنا لها بقية منه لغذائها، وحينئذ فكلمة من لابتداء الغاية.اهـ.
وأنت تعلم أن ظاهر {كُلِى} يؤيد القول الثاني وهو أشد تأييدًا له من تأييد مشابهة الترنجبين للعسل في الطعم والشكل للقول الأول لاسيما وطبيعة العسل والترنجبين مختلفة فقد ذكر بعض أجلة الأطباء أن العسل حار في الثالثة يابس في الثانية والترنجبين حار في الأولى رطب في الثانية أو معتدل.
نعم لتلك المشابهة يطلق عليه اسم العسل فإن ترنجبين فارسي معناه عسل رطب لا طل النداء كما زعم وإن قالوا: هو في الحقيقة طل يسقط على العاقول بفارس ويجمع كالمن، ويجلب من التكرور شيء يسمى بلسانهم طنبيط أشبه الأشياء به في الصورة والفعل لكن أغلظ، والأمر في مشاهدة تغذيها بالعسل سهل فإنه ليس دائميًا، وينقل عن بعض الطيور التي تكمن شتاء التغذي بالرجيع.
ويؤيد المشهور ما روى عن الأمير علي كرم الله تعالى وجهه في تحقير الدنيا أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة وأشرف شرابه رجيع نحل، وجاء عنه كرم الله تعالى وجهه أيضًا أما العسل فونيم ذباب، وحمله على التمثيل خلاف الظاهر وعلى ذلك نظمت الأشعار فقال المعري:
والنحل يجني المر من زهر الربا ** فيعود شهدًا في طريق رضا به

وقال الحريري:
تقول هذا محاج النحل تمدحه ** وإن ترد ذمه قيء الزنابير

وأخبرني من أثق به أنه شاهد كثيرًا حملها لأوراق الأزهار بفمها إلى بيوتها وهو ما يستأنس به للآكل، وسيأتي إن شاء الله تعالى أيضًا ما يؤيده، {فاسلكى سُبُلَ رَبّكِ} أي طرقه سبحانه راجعة إلى بيوتك بعد الأكل، فالمراد بالسبل مسالكها في العود، ويحكى أنها ربما أجدب عليها ما حولها فانتجعت الأماكن البعيدة للمرعى ثم تعود إلى بيوتها لا تضل عنها، وفي إضافة السبل إلى الرب المضاف إلى ضميرها إشارة إلى أنه سبحانه هو المهيىء لذلك والميسر له والقائم بمصالحها ومعايشها، وقيل: المراد من السبل طرق الذهاب إلى مظان ما تأكل منه، وحينئذ فمعنى {كُلِى} اقصدي الأكل، وقيل: السبل مجاز عن طرق العمل وأنواعها أي فاسلكي الطرق التي ألهمك ربك في عمل العسل، وقيل: مجاز عن طرق إحالة الغذاء عسلًا، و{اسلكي} متعد من سلكت الخيط في الإبرة سلكًا لا لازم من سلك في الطريق سلوكًا، ومفعوله محذوف أي فاسلكي ما أكلت في مسالكه التي يستحيل فيها بقدرته النور المر عسلًا من أجوافك.
وتعقب بأن السلك في تلك المسالك ليس فيه لها اختيار حتى تؤمر به فلابد أن يكون الأمر تكوينيًا، ورد بأنه ليس بشيء لأن الإدخال باختيارها فلا يضره كون الإحالة المترتبة عليه ليست اختيارية وهو ظاهر فليس كما زعم {رَبّكِ ذُلُلًا} أي مذللة ذللها الله تعالى وسهلها لك فهو جمع ذلول حال من السبل وروى هذا عن مجاهد.
وجعل ابن عبد السلام وصف السبل بالذلل دليلًا على أن المراد بالسبل مسالك الغذاء لا طرق الذهاب أو الإياب قال: لأن النحل تذهب وتؤب في الهواء وهو ليس طرقًا ذللًا لأن الذلول هو الذي يذلل بكثرة الوطء والهواء ليس كذلك وفيه نظر.
وقال قتادة: أي مطيعة منقادة فهو حال من الضمير في {فاسلكى} {يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا} استئناف عدل به عن خطاب النحل إلى الكلام مع الناس لبيان ما يظهر منها من تعاجيب صنع الله تعالى التي هي موضع عبرتهم بعد ما أمرت بما أمرت {شَرَابٌ} يعني العسل، وسمي بذلك لأنه مما يشرب حتى قيل: إنه لا يقال: أكلت عسلًا وإنما يقال: شربت عسلًا، وكأنه سبحانه إنما لم يعبر بالإخراج مسندًا إليه تعالى اكتفاءا بإسناد الإيحاء بالمبادىء إليه جل شأنه وفيه إيذان بعظيم قدرته عز وجل بحيث أن ما يشعر بإرادة الشيء كاف في حصوله.