فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويعني: بقوله «صدق الله»: هذه الآية.
والثاني: فيه شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه، قاله السدي.
والصحيح أن ذلك خرج مخرج الغالب.
قال ابن الأنباري: الغالب على العسل أنه يعمل في الأدواء، ويدخل في الأدوية، فإذا لم يوافق آحادَ المرضى، فقد وافق الأكثرين، وهذا كقول العرب: الماء حياة كل شيء، وقد نرى من يقتله الماء، وإِنما الكلام على الأغلب.
والثاني: أن الهاء ترجع إِلى الاعتبار.
والشفاء: بمعنى الهدى، قاله الضحاك.
والثالث: أنها ترجع إِلى القرآن، قاله مجاهد.
قوله تعالى: {والله خلقكم} أي: أوجدكم ولم تكونوا شيئًا {ثم يتوفَّاكم} عند انقضاء آجالكم، {ومنكم من يُرَدُّ إِلى أرذل العمر} وهو أردؤه، وأَدْوَنُه، وهي حالة الهرم.
وفي مقداره من السنين ثلاثة أقوال:
أحدها: خمس وسبعون سنة، قاله عليّ عليه السلام.
والثاني: تسعون سنة، قاله قتادة.
والثالث: ثمانون سنة، قاله قطرب.
قوله تعالى: {لكي لا يعلم بعد علم شيئًا} قال الفراء: لكي لا يعقل من بعد عقله الأول شيئًا.
وقال ابن قتيبة: أي: حتى لا يعلم بعد علمه بالأمور شيئًا، لشدة هرمه.
وقال الزجاج: المعنى: أن منكم من يَكْبُرُ حتى يذهب عقله خَرَفًا، فيصير بعد أن كان عالمًا جاهلًا، ليريَكم من قدرته، كما قَدِر على إِماتته وإِحيائه، أنه قادر على نقله من العلم إِلى الجهل.
وروى عطاء عن ابن عباس أنه قال: ليس هذا في المسلمين، المسلم لا يزداد في طول العمر والبقاء إِلاَّ كرامة عند الله، وعقلًا، ومعرفة.
وقال عكرمة: من قرأ القرآن، لم يُردّ إِلى أرذل العمر.
قوله تعالى: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} يعني: فضل السادة على المماليك {فما الذين فُضِّلوا} يعني: السادة {برادِّي رزقِهم على ما ملكت أيمانهم} فعبرت {ما} عن مَنْ لأنه موضع إِبهام، تقول: ما في الدار؟ فيقول المخاطب: رجلان أو ثلاثة، ومعنى الآية: أن المولى لا يردّ على ماملكت يمينه من مالِه حتى يكون المولى والمملوك في المال سواء، وهو مَثَل ضربه الله تعالى للمشركين الذين جعلوا الأصنام شركاء له، والأصنامَ ملكًا له، يقول: إِذا لم يكن عبيدُكم معكم في المُلك سواء، فكيف تجعلون عبيدي معي سواء، وترضَون لي ما تأنفون لأنفسكم منه؟! وروى العوفي عن ابن عباس، قال: لم يكونوا أشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم، فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني؟
وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: نزلت في نصارى نجران حين قالوا: عيسى ابن الله تعالى.
قوله تعالى: {أفبنعمة الله يجحدون} قرأ أبو بكر عن عاصم: {تَجحدون} بالتاء وفي هذه النعمة قولان:
أحدهما: حُجته وهدايته.
والثاني: فضله ورزقه.
قوله تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} يعني النساء.
وفي معنى {من أنفسكم} قولان:
أحدهما: أنه خلَق آدم، ثم خلَق زوجته منه، قاله قتادة.
والثاني: {من أنفسكم}، أي: من جنسكم من بني آدم، قاله ابن زيد.
وفي الحَفَدَة خمسة أقوال:
أحدها: أنهم الأصهار، أختان الرجل على بناته، قاله ابن مسعود، وابن عباس في رواية، ومجاهد في رواية، وسعيد بن جبير، والنخعي، وأنشدوا من ذلك:
ولو أنَّ نَفْسِي طاوعتني لأَصْبَحَتْ ** لها حَفَدٌ مِمَّا يُعدُّ كثيرُ

ولكنَّها نَفْسٌ عَلَيَّ أبِيَّةٌ ** عَيُوفٌ لأصهار اللئِام قذورُ

والثاني: أنهم الخدم، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال مجاهد في رواية الحسن، وطاووس وعكرمة في رواية الضحاك، وهذا القول يحتمل وجهين: أحدهما: أنه يراد بالخدم: الأولاد.
فيكون المعنى: أن الأولاد يَخدمون.
قال ابن قتيبة: الحفدة: الخدم والأعوان، فالمعنى: هم بنون، وهم خدم.
وأصل الحَفْد: مداركة الخطو والإِسراع في المشي، وإِنما يفعل الخدم هذا، فقيل لهم: حَفَدَة.
ومنه يقال في دعاء الوتر: «وإِليك نسعى ونَحفِد».
والثاني: أن يراد بالخدم، المماليك، فيكون معنى الآية: وجعل لكم من أزواجكم بنين، وجعل لكم حفدة من غير الأزواج، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والرابع: أنهم ولد الولد، رواه مجاهد عن ابن عباس.
والخامس: أنهم كبار الأولاد، والبنون: صغارهم، قاله ابن السائب، ومقاتل.
قال مقاتل: وكانوا في الجاهلية تخدمهم أولادهم.
قال الزجاج: وحقيقة هذا الكلام أن الله تعالى جعل من الأزواج بنين، ومن يعاون على ما يُحتاج إِليه بسرعة وطاعة.
قوله تعالى: {ورزقكم من الطيبات} قاله ابن عباس: يريد: من أنواع الثمار والحبوب والحيوان.
قوله تعالى: {أفبالباطل يؤمنون} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الأصنام، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الشريك والصاحبة والولد، فالمعنى: يصدِّقون أن لله ذلك؟! قاله عطاء.
والثالث: أنه الشيطان، أمرهم بتحريم البحيرة والسائبة، فصدَّقوا.
وفي المراد ب {نعمة الله} ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها التوحيد، قاله ابن عباس.
والثاني: القرآن والرسول.
والثالث: الحلال الذي أحلَّه الله لهم.
قوله تعالى: {ويعبُدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقًا} وفي المشار إِليه قولان:
أحدهما: أنها الأصنام، قاله قتادة.
والثاني: الملائكة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {من السموات} يعني: المطر، {و} من {الأرض} النبات، والثمر.
قوله تعالى: {شيئًا} قال الأخفش: جعل {شيئًا} بدلًا من الرزق، والمعنى: لا يملكون رزقًا قليلا ولا كثيرا، {ولا يَستطيعون} أي: لا يقدرون على شيء.
قال الفراء: وإِنما قال في أول الكلام: {يملك} وفي آخره: {يستطيعون}، لأن {ما} في مذهب: جمعٌ لآلهتهم، فوحَّد {يملك} على لفظ {ما} وتوحيدها، وجمع في {يستطيعون} على المعنى، كقوله: {ومنهم من يستمعون إِليك} [يونس: 42].
قوله تعالى: {فلا تضربوا لله الأمثال} أي: لا تشبِّهوه بخَلْقه، لأنه لا يُشْبِه شيئًا، ولا يُشبِهه شيء، فالمعنى: لا تجعلوا له شريكا.
وفي قوله: {إِن الله يعلم وأنتم لا تعلمون} أربعة أقوال:
أحدها: يعلم ضرب المثل، وأنتم لا تعلمون ذلك، قاله ابن السائب.
والثاني: يعلم أنه ليس له شريك، وأنتم لا تعلمون أنه ليس له شريك، قاله مقاتل.
والثالث: يعلم خطأ ما تضربون من الأمثال، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه.
والرابع: يعلم ما كان ويكون، وأنتم لا تعلمون قدر عظَمته حين أشركتم به، ونسبتموه إِلى العجز عن بعث خلقه. اهـ.

.قال النسفي:

{وَقَالَ الله لاَ تَتَّخِذُواْ إلهين اثنين إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ}.
فإن قلت: إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والإثنين فقالوا عندي رجال ثلاثة، لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص، فأما رجل ورجلان فمعدودان فيهما دلالة على العدد فلا حاجة إلى أن يقال رجل واحد ورجلان اثنان.
قلت: الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين: على الجنسية والعدد المخصوص.
فإذا أريدت الدلالة على أن المعنيّ به منهما هو العدد شفع بما يؤكده فدل به على القصد إليه والعناية به، ألا ترى أنك لو قلت {إنما هو إله} ولم تؤكده بواحد لم يحسن وخيل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية {فإياي فارهبون} نقل الكلام عن الغيبة إلى التكلم وهو من طريقة الالتفات وهو أبلغ في الترغيب من قوله فإياي فارهبوه.
{فارهبوني} يعقوب {وَلَهُ مَا في السموات والأرض وَلَهُ الدين} أي الطاعة {وَاصِبًا} واجبًا ثابتًا لأن كل نعمة منه فالطاعة واجبة له على كل منعم عليه، وهو حال عمل فيه الظرف، أو وله الجزاء دائمًا يعني الثواب والعقاب {أفغيرالله تَتَّقُونَ وَمَا بِكُم مّن نِّعْمَةٍ} وأي شيء اتصل بكم من نعمة عافية وغنى وخصب {فَمِنَ الله} فهو من الله {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر} المرض والفقر والجدب {فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ} فما تتضرعون إلا إليه، والجؤار رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضر عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} إلخ.طاب في و{ما بكم من نعمة} إن كان عامًا فالمراد بالفريق الكفرة، وإن كان الخطاب للمشركين فقوله: {منكم} للبيان لا للتبعيض كأنه قال: فإذا فريق كافر وهم أنتم، ويجوز أن يكون فيهم من اعتبر كقوله: {فَلَمَّا نجاهم إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} [لقمان: 32]. {لِيَكْفُرُواْ بِمَا ءاتيناهم} من نعمة الكشف عنهم كأنهم جعلوا غرضهم في الشرك كفران النعمة، ثم أوعدهم فقال: {فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} هو عدول إلى الخطاب على التهديد {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رزقناهم} أي لآلهتهم، ومعنى {لا يعلمون} أنهم يسمونها آلهة ويعتقدون فيها أنها تضر وتنفع وتشفع عند الله وليس كذلك لأنها جماد لا تضر ولا تنفع، أو الضمير في {لا يعلمون} للآلهة أي لأشياء غير موصوفة بالعلم ولا تشعر أجعلوا لها نصيبًا في أنعامهم وزروعهم أم لا، وكانوا يجعلون لهم ذلك تقربًا إليهم {تالله لَتُسْئَلُنَّ} وعيد {عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} من أنها آلهة وأنها أهل للتقرب إليها {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ البنات} كانت خزاعة وكنانة تقول الملائكة بنات الله {سبحانه} تنزيه لذاته من نسبة الولد إليه أو تعجب من قولهم {وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ} يعني البنين.
ويجوز في {ما} الرفع على الابتداء و{لهم} إلخ.بر، والنصب على العطف على {البنات}، و{سبحانه} اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه أي وجعلوا لأنفسهم ما يشتهون من الذكور {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بالأنثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدَّا} أي صار فظل وأمسى وأصبح وبات تستعمل بمعنى الصيرورة لأن أكثر الوضع يتفق بالليل فيظل نهاره مغتمًا مسود الوجه من الكآبة والحياء من الناس {وَهُوَ كَظِيمٌ} مملوء حنقًا على المرأة {يتوارى مِنَ القوم مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} يستخفى منهم من أجل سوء المبشر به ومن أجل تعييرهم ويحدث نفسه وينظر {أَيُمْسِكُهُ على هُونٍ} أيمسك ما بشر به على هون وذل {أَمْ يَدُسُّهُ في التراب} أم يئده {أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} حيث يجعلون الولد الذي هذا محله عندهم لله ويجعلون لأنفسهم من هو على عكس هذا الوصف.
{لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة مَثَلُ السوء} صفة السوء وهي الحاجة إلى الأولاد الذكور وكراهة الإناث، ووأدهن خشية الإملاق {وَلِلَّهِ المثل الأعلى} وهو الغني عن العالمين والنزاهة عن صفات المخلوقين {وَهُوَ العزيز} الغالب في تنفيذ ما أراد {الحكيم} في إمهال العباد {وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِظُلْمِهِمْ} بكفرهم ومعاصيهم {مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا} على الأرض {مِن دَآبَّةٍ} قط ولأهلكها كلها بشؤم ظلم الظالمين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: إن الحبارى لتموت في وكرها بظلم الظالم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: كاد الجعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما.
{من دابة} من مشرك يدب {ولكن يُؤَخِرُهُمْ إلى أَجَلٍ مسمى} أي أجل كل أحد أو وقت تقتضيه الحكمة أو القيامة {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} ما يكرهونه لأنفسهم من البنات ومن شركاء في رياستهم ومن الاستخفاف برسلهم، ويجعلون له أرذل أموالهم ولأصنامهم أكرمها {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الكذب} مع ذلك أي ويقولون الكذب {أَنَّ لَهُمُ الحسنى} عند الله وهي الجنة إن كان البعث حقًا كقوله: {وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى} [فصلت: 50]، و{أن لهم الحسنى} بدل من {الكذب} {لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النار وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} {مفرِطون} نافع: {مفرِّطون} أبو جعفر.
فالمفتوح بمعنى مقدمون إلى النار معجلون إليها من أفرطت فلانًا وفرطته في طلب الماء إذا قدمته، أو منسيون متروكون من أفرطت فلانًا خلفي إذا خلفته ونسيته.
والمكسور المخفف من الإفراط في المعاصي، والمشدد من التفريط في الطاعات أي التقصير فيها.
{تالله لَقَدْ أَرْسَلْنَا إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ} أي أرسلنا رسلًا إلى من تقدمك من الأمم {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطن أَعْمَالَهُمْ} من الكفر والتكذيب بالرسل {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليوم} أي قرينهم في الدنيا تولى إضلالهم بالغرور، أو الضمير لمشركي قريش أي زين للكفار قبلهم أعمالهم فهو ولي هؤلاء لأنهم منهم، أو هو على حذف المضاف أي فهو ولي أمثالهم اليوم {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في القيامة {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب} القرآن {إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ} للناس {الذى اختلفوا فِيهِ} هو البعث لأنه كان فيهم من يؤمن به {وَهُدًى وَرَحْمَةً} معطوفان على محل {لتبين} إلا أنهما انتصبا على أنهما مفعول لهما لأنهما فعلا الذي أنزل الكتاب.
ودخلت اللام على {لتبيين} لأنه فعل المخاطب لا فعل المنزل {لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ والله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ في ذلك لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} سماع إنصاف وتدبر لأن من لم يسمع بقلبه فكأنه لا يسمع.
{وَإِنَّ لَكُمْ في الأنعام لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا في بُطُونِهِ} وبفتح النون: نافع وشامي وأبو بكر.
فال الزجاج: سقيته وأسقيته بمعنى واحد.
ذكر سيبويه الأنعام في الأسماء المفردة الواردة على أفعال ولذا رجع الضمير إليه مفردًا، وأما في بطونها في سورة المؤمنين فلأن معناه الجمع وهو استئناف كأنه قيل: كيف العبرة؟ فقال: {نسقيكم مما في بطونه} {مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا} أي يخلق الله اللبن وسيطًا بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ لا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة بل هو خالص من ذلك كله.
قيل إذا أكلت البهيمة العلف فاستقر في كرشها طبخته فكان أسفله فرثًا وأوسطه لبنًا وأعلاه دمًا، والكبد مسلطة على هذه الأصناف الثلاثة تقسمها فتجري الدم في العروق واللبن في الضروع ويبقى الفرث في الكرش ثم ينحدر، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر.
وسئل شقيق عن الإخلاص فقال: تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من بين فرث ودم {سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ} سهل المرور في الحلق، ويقال: لم يغص أحد باللبن قط.