فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشنقيطي:

{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه إذا بدل آية مكان آية، بأنه نسخ آية أو أنساها، وأتى بخير منها أو مثلها- أن الكفار يجعلون ذلك سببًا للطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم. بادعاء أنه كاذب على الله، مفتر عليه زعمًا منهم أن نسخ الآية بالآية يلزمه البداء، وهو الراي المجدد، وأن ذلك مستحيل على الله. فيفيهم عندهم من ذلك أن النَّبي صلى الله عليه وسلم مفتر على الله، زاعمين أنه لو كان من اله لأقره واثبته، ولم يطرأ له فيه رأي متجدد حتى ينسخه.
والدليل على أن قوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} معناه: نسخنا آية وأ، سيناها- قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا} [البقرة: 106]، وقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى إِلاَّ مَا شَاء الله} [الأعلى: 6-7]. أي أن تنساه.
والدلي على أنه إت نسخ آية أو أنساها، لابد أن يأتي ببدل خير منها أو مثلها- قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]، وقوله هنا {بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ}.
وما زعمه المشركون واليهود: من أن النسخ مستحيل على الله لأنه يلزمه البداء، وهو الرأي المتجدد- ظاهر السقوط، واضح البطلان لكل عاقل. لأن النسخ لا يلزمه البداء البتة، بل الله جل وعلا يشرِّع الحكم وهو عالم بأن مصلحته سنتقضي في الوقت المعين، وأنه عند ذلك الوقت ينسخ ذلك الحكم ويبدله بالحكم الجديد الذي فيه المصلحة. فإذا جاء ذلك الوقت المعين أنجز جل وعلا ما كان في عمله السابق من نسخ ذلك الحكم، الذي زالت مصلحته بذلك الحكم الجديد الذي فيه المصلحة. كما أن حدوث المرض بعد الصحة وعكسه، وحدوث الغنى بعد الفقر وعكسه، ونحو ذلك لا يلزم فيه البداء، لأن الله عالم بأن حكمته الإلهية تقتضي ذلك التغيير في وقته المعين له، على وفق ما سبق في العلم الأزلي كما هو واضح.
وقد أشار جل وعلا إلى علمه بزوال المصلحة من المنسوخ، وتمحضها في الناسخ بقوله هنا: {والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} وقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 106]، وقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى إِلاَّ مَا شَاء الله إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر وَمَا يخفى} [الأعلى: 6-7]. فقوله: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر وَمَا يخفى} بعد قوله: {إِلاَّ مَا شَاء الله} يدل عى أنه أعلم بما ينزل. فهو عالم بمصلحة الإنساء، ومصلحة تبديل الجديد من الأول المنسي.
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة:
المسألة الأولى:
لا خلاف بين المسلمين في جواز النسخ عقلًا وشرعًا، ولا في وقوعه فعلًا، ومن ذكر عنه خلاف في ذلك كأبي مسلم الأصفهاني- فإنه إنما يعني أن النسخ تخصيص لزمن الحكم بالخطاب الجديد.
لأن ظاهر الخكاب الأول استمرار الحكم في جميع الزمن، والخطاب الثاني دلَّ على تخصيص الحكم الأول بالزمن الذي قبل النسخ. فليس النسخ عنده رفعًا للحكم الأول، وقد أشار إليه في مراقي السعود بقوله في تعريف النسخ:
رفع لحكم أو بيان الزمن ** بمحكم القرآن أو بالسنن

وإنما خالف فيه اليهود وبعض المشركين، زاعمين أنه يلزمه البداء كما بينا، ومن هنا قالت اليهود: إن شريعة موسى يستحيل نسخها.
المسألة الثانية:
لا يصح نسخ حكم شرعي إلا بوحي من كتاب أو سنة. لأن الله جلَّ وعلا يقول: {وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائت بِقُرْآنٍ غَيْرِ هاذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نفسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15].- وبه تعلم أن النسخ بمجرد العقل ممنوع، وكذلك لا نسخ بالإجماع. لأن الإجماع لا ينعقد إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم: لأنه ما دام حيًا فالعبرة بقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وسلم، ولا حجة معه في قول الأمة، لأن اتِّباعه فرض على كل أحد ولذا لابد في تعريف الإجماع من التقييد بكونه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، كما قال صاحب المراقي في تعريف الإجماع:
وهو الاتفاق من مجتهدي ** الأمة من بعد وفاة أحمد

وبعد وفاته ينقطع النسخ. ئلنه تشريع، ولا تشريع البتة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وإلى كون العقل والإجماع لا يصح النسخ بمجرهما- أشار في مراقي السعود أيضًا بقوله في النسخ:
فلم يكن بالعقل أو مجرد ** الإجماع بل ينمى إلى المستند

وقوله: بل ينمى إلى المستند يعني أنه إذا وجد في كلام العلماء أن نصًّا منسوخ بالإجماع، فإنهم إنما يعنون أنه منسوخ بالنص الذي هو مستند الإجماع، لا بنفس الإجماع. لما ذكرنا من منع النسخ به شرعًا، وكذلك لا يجوز نسخ الوحي بالقياس على التحقيق، وإليه أشار في المراقي بقوله:
وينسخ الخف بما له ثقل ** وقد يجيء عاريا من البدل

أنه باطل بلا شك، والعجب ممن قال به العلماء الأجلاء مع كثرتهم، مع أنه مخالف مخالفة صريحة لقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. فلا كلام البتة لأحد بعد كلام الله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلًا} [النساء: 122]، {اومن أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثًا} [النساء: 87]، {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله} [البقرة: 140]. فقد ربط جل وعلا في هذه الآية الكريمة بين النسخ، وبين الإتيان ببدل المنسوخ على سبيل الشرط والجزاء، ومعلوم أن الصدق والكذب في الشرطية يتواردان على الربط. فيلزم أنه كلما وقع النسخ وقع الإتيان بخير من المنسوخ أو مثله كما هو ظاهر.
وما زعمه بعض أهل العلم من أن النسخ وقع في القرآن بلا بدل وذلك في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12]. فإنه نسخ بقوله: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة: 13]. الآية، ولا بدل لهذا المنسوخ.
فالجواب- أنه له بدلًا، وهو أن وجوب تقديم الصدقة أمام المناجاة لما نسخ بقي استحباب الصدقة وندبها، بدلًا من الوجوب المنسوخ كما هو ظاهر.
المسألة الرابعة:
اعلم أنه يجوز نسخ الأخف بالأثقل، والأثقل بالأخف. فمثال نسخ الأخف بالأثقل: نسخ التخيير بين الصوم والإطعام المنصوص عليه في قوله تعالى: {وَعَلَى الذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]. بأثقل منه، وهو تعيين إيجاب الصوم في قوله: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، ونسخ حبس الزواني في البيوت المنصوص عليه بقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البيوت} [النساء: 15]. الآية، بأثقل منه وهو الجلد والرجم المنصوص على الأول منهما في قوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، وعلى الثاني منهما بآية الرجم التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها ثابتًا، وهي قوله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم ومثال نسخ الأثقل بالأخف: نسخ وجوب مصابرة المسلم عشرة من الكفار المنصوص عليه في قوله: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} [الأنفال: 65]. الآية، بأخف منه وهو مصابرة المسلم اثنين منهم المنصوص عليه في قوله: {الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} [الأنفال: 66]. الآية، وكنسخ قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} [البقرة: 284]. الآية، بقوله: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. فإنه نسخ للاثقل بالأخف كما هو ظاهر، وكنسخ اعتداد المتوفى عنها بحول، المنصوص عليه في قوله: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعًا إِلَى الحول} [البقرة: 240]. الآية، بأخف منه هو الاعتداد بأربعة أشهر وعشر، المنصوص عليه في قوله: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
تنبيه:
اعلم- أن في قوله جل وعلا: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. إشكالًا من جهتين:
الأولى- ان يقال: إما أن يكون الأثقل خيرًا من الأخف. لأنه أكثر أجرًا، أو الأخف خير من الأثقل لأنه أسهل منه، واقرب إلى القدرة على الامتثال، وكون الأثقل خيرًا يقتضي منه نسخه بالأخف، كما أن كون الأخف خيرًا يقتضي منع نسخه بالأثقل. لأن الله صرح بأنه يأتي بما هو خير من المنسوخ أو مماثل له، لا ما هو دونه، وقد عرفت: ان الواقع جواز نسخ كل منهما بالآخر.
الجهة الثانية من جهتي الإشكال في قوله: {أَوْ مِثْلِهَا} لأنه يقال: ما الحكمة في نسخ المثل ليبدل منه مثله؟ وأي مزية للمثل على المثل حتى ينسخ ويبدل به؟
والجواب عن الإشكال الأول: هو أن الخيرية تارة تكون في الأثقل لكثرة الأجر، وذلك إذا كان الأجر كثيرًا جدًا والامتثال غير شديد الصعوبة، كنسخ التخيير بين الإطعام والصوم بإيجاب الصوم.
فإن في الصوم أجرًا كثيرًا كما في الحديث القدسي: «إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، والصائمون من خيار الصابرين. لأنهم صبروا لله عن شهوة بطونهم وفروجهم، والله يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصابرون أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، ومشقة الصوم عادية ليس فيها صعوبة شديدة تكون مظنة لعدم القدرة على الامتثال، وإن عرض ما يقتضي ذلك كمرض أو سفر. فالتسهيل برخصة الإفطار منصوص بقوله: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وتارة تكون الخيرة في الأخف، وذلك فيما إذا كان الأثقل المنسوخ شديد الصعوبة بحيث يعسر فيه الامتثال. فإن الأخف يكون خيرًا منه، لأن مظنة عدم الامتثال تعرض الملكف للوقوع فيما لا يرضي الله، وذلك قوله: {وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} [البقرة: 284]. فلو لم تنسخ المحاسبة بخطرات القلوب لكان الامتثال صعبًا جدًا، شاقًا على النفوس، لا يكان يسلم من الإخلال به، إلى من سلمه الله تعالى- فلا شك أن نسخ ذلك بقوله: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. خير للمكلف من بقاء ذلك الحكم الشاق، وهكذا.
والجواب عن الإشكال الثاني: هو أن قوله: {أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. يراد به مماثلة الناسخ والمنسوخ في حد ذاتيهما. فلا ينافي أن يكون الناسخ يستلزم فوائد خارجة عن ذاته يكون بها خيرًا من المنسوخ، فيكون باعتبار ذاته مماثلًا للمنسوخ، وباعتبار ما يستلزمه من الفوائد التي لاتوجد في المنسوخ خيرًا من المنسوخ.
وإيضاحه- أن عامة المفسرين يمثلون لقوله: {أَوْ مِثْلِهَا} بنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام. فإن هذا الناسخ والمنسوخ بالنظر إلى ذاتيهما متماثلان. لأن كل واحد منهما جهة من الجهات، وهي في حقيقة أنفسها متساوية، فلا ينافي أن يكون الناسخ مشتملًا على حكم خارجة عن ذاته تصيره خيرًا من المنسوخ بذلك الاعتبار. فإن استقبال بيت الله الحرام تلزمه نتائج متعددة مشار لها في القرآن ليست موجودة في استقبال بيت المقدس، منها- أنه يسقط به احتجاج كفار مكة على النَّبي صلى اله عليه وسلم بقولهم: تزعم أنك على ملة إبراهيم ولا تستقبل قبلته! وتسقط به حجة اليهود بقولهم: تعيب ديننا وتستقبل قبلتنا، وقبلتنا ديننا! وتسقط به أيضًا حجة علماء اليهو فإنهم عندهم في التوراة: أنه صلى الله عليه وسلم سوف يؤمر باستقبال بيت المقدس، ثم يؤمر بالتحول عنه إلى استقبال بيت الله الحرام. فلو لم يؤمر بذلك لاحتجوا عليه بما عندهم في التوراة من أنه سيحول إلى بيت الله الحرام، والفرض أنه لم يحول.
وقد اشار تعالى إلى هذه الحكم التي هي إدخاص هذه الحجج الباطلة بقوله: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 150]. ثم بين الحكمة بقوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150]. الآية، وإسقاط هذه الحج من الدواعي التي دعته صلى الله عليه وسلم إلى حب التحويل إلى بيت الله الحرا المشار إليه في قوله تعالى: {قَدْ نرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السماء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجد الحرام} [البقرة: 144]. الآية.
المسألة الخامسة:
اعلم أن النسخ على ثلاثة اقسام:
الأول: نسخ التلاوة والحكم معًا ومثاله ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، الحديث. فآية عشر رضعات منسوخة التلاوة الحكم إجماعًا.
الثاني: نسخ التلاوة وبقاء الحكم، ومثاله آية الرجم المذكورة آنفًا، وأية خمس رضعات على قول الشافعي وعائشة ومن وافقهما.
الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة، وهو غالب ما في القرآن من المنسوخ. كآية المصابرة، والعدة، والتخيير بين الصوم والإطعام، وحبس الزواني. كما ذكرنا ذلك كله آنفًا.