فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



اللسان هنا: اللغة التي يُتحدَّث بها.
ويُلحِدون إليه: يميلون إليه وينسبون إليه أنه يُعلِّم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أعجمي: أي لغته خفية، لا يُفصح ولا يُبين الكلام، كما نرى الأجانب يتحدثون العربية مثلًا.
ونلاحظ هنا أن القرآن الكريم لم يقُلْ {عجمي}، لأن العجم جنس يقابل العرب، وقد يكون من العجم مَنْ يجيد العربية الفصيحة، كما رأينا سيبوَيْه صاحب {الكتاب} أعظم مراجع النحو حتى الآن وهو عَجمي.
أما الأعجمي فهو الذي لا يُفصح ولا يُبين، حتى وإنْ كان عربيًا، وقد كان في قبيلة لؤي رجل اسمه زياد يُقال له زياد الأعجمي لأنه لا يُفصح ولا يُبين، مع أنه من أصل عربي.
إذن: كيف يتأتَّى لهؤلاء الأعاجم الذين لا يُفصحون، ولا يكادون ينطقون اللغة العربية، كيف لهؤلاء أنْ يُعلِّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء بمعجزة في الفصاحة والبلاغة والبيان؟
كيف يتعلم من هؤلاء، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم التقى بأحد منهم إلا {عداس} يُقال: إنه قابله مرة واحدة، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم تردَّد إلى معلم، لا من هؤلاء، ولا من غيرهم؟
كما أن ما يحويه القرآن من آيات وأحكام ومعجزات ومعلومات يحتاج في تعلُّمه إلى وقت طويل يتتلمذ فيه محمد على يد هؤلاء، وما جرّبْتم على محمد شيئًا من هذا كله.
وهل يُعقل أن ما في القرآن يمكن أن يطويه صَدْرُ واحدٍ من هؤلاء؟! لو حدث لكان له من المكانة والمنزلة بين قومه ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من منزلة، ولأشاروا إليه بالبنان ولذَاع صِيتُه، واشتُهر أمره، وشيء من ذلك لم يحدث.
وقوله تعالى: {وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} [النحل: 103].
أي: لغته صلى الله عليه وسلم، ولغة القرآن الكريم عربية واضحة مُبِينة، لا لَبْسَ فيها ولا غموض.
ثم يقول الحق سبحانه: {إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ}.
الحق تبارك وتعالى في قوله: {إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ الله} [النحل: 104].
ينفي عن هؤلاء صفة الإيمان، فكيف يقول بعدها: {لاَ يَهْدِيهِمُ الله} [النحل: 104].
أليسوا غير مؤمنين، وغير مُهْتدين؟
قُلْنا: إن الهداية نوعان:
هداية دلالة وإرشاد، وهذه يستوي فيها المؤمن والكافر، فقد دَلَّ الله الجميع، وأوضح الطريق للجميع، ومنها قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى} [فصلت: 17]. أي: أرشدناهم ودَلَلْناهم.
وهداية المعونة والتوفيق، وهذه لا تكون إلا للمؤمن، ومنها قوله تعالى: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} [محمد: 17].
إذن: معنى: {لاَ يَهْدِيهِمُ الله} [النحل: 104].
أي: هداية معونة وتوفيق.
ويصح أن نقول أيضًا: إن الجهة هنا مُنفكّة إلى شيء آخر، فيكون المعنى: لا يهديهم إلى طريق الجنة، بل إلى طريق النار، كما قال تعالى: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} [النساء: 168-169].
بدليل قوله تعالى بعدها: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 104].
ولأنه سبحانه في المقابل عندما تحدِّث عن المؤمنين قال: {وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 6].
أي: هداهم لها وعرَّفهم طريقها.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)}.
كأن الحق سبحانه وتعالى يقول: وإن افتريتم على رسول الله واتهمتموه بالكذب الحقيقي أنْ تُكذِّبوا بآيات الله، ولا تؤمنوا بها.
ونلاحظ في تذييل هذه الآية أن الحق سبحانه لم يَقُلْ: وأولئك هم الكافرون. بل قال: الكاذبون. ليدل على شناعة الكذب، وأنه صفة لا تليق بمؤمن.
ولذلك حينما سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيسرق المؤمن؟ قال: نعم لأن الله قال: {والسارق والسارقة} [المائدة: 38]».
فما دام قد شرَّع حُكْمًا، وجعل عليه عقوبة فقد أصبح الأمر واردًا ومحتمل الحدوث. وسئل: «أيزني المؤمن؟ قال: نعم، لأن الله قال: {الزانية والزاني} [النور: 2]. وسئل: أيكذب المؤمن؟ قال: لا».
والحديث يُوضّح لنا فظاعة الكذب وشناعته، وكيف أنه أعظم من كل هذه المنكرات، فقد جعل الله لكل منها عقوبة معلومة في حين ترك عقوبة الكذب ليدل على أنها جريمة أعلى من العقوبة وأعظم.
إذن: الكذب صفة لا تليق بالمؤمن، ولا تُتصوّر في حَقِّه؛ ذلك لأنه إذا اشتُهِر عن واحد أنه كذاب لما اعتاده الناس من كذبه، فنخشى أن يقول مرة: أشهد ألاَّ إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله فيقول قائل: إنه كذاب وهذه كذبة من أكاذيبه. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)}.
هذا شروع في ترغيب كل مؤمن في كل عمل صالح، وتعميم للوعد.
ومعنى {مَّنْ عَمِلَ صالحا} من عمل عملًا صالحًا أي: عمل كان.
وزيادة التمييز بذكر أو أنثى مع كون لفظ {من} شاملًا لهما لقصد التأكيد والمبالغة في تقرير الوعد.
وقيل: إن لفظ {من} ظاهر في الذكور، فكان في التنصيص على الذكر والأنثى بيان لشموله للنوعين، وجملة {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} في محل نصب على الحال، جعل سبحانه الإيمان قيدًا في الجزاء المذكور؛ لأن عمل الكافر لا اعتداد به، لقوله سبحانه: {وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان: 23].
ثم ذكر سبحانه الجزاء لمن عمل ذلك العمل الصالح فقال: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طَيّبَةً} وقد وقع الخلاف في الحياة الطيبة بماذا تكون؟ فقيل: بالرزق الحلال، روي ذلك عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء، والضحاك.
وقيل: بالقناعة، قاله الحسن البصري، وزيد بن وهب، ووهب بن منبه.
وروي أيضًا عن عليّ وابن عباس.
وقيل: بالتوفيق إلى الطاعة، قاله الضحاك.
وقيل: الحياة الطيبة: هي حياة الجنة.
روي عن مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وحكي عن الحسن أنه قال: لا تطيب الحياة لأحد إلاّ في الجنة، وقيل: الحياة الطيبة.
هي السعادة.
روي ذلك عن ابن عباس.
وقيل: هي المعرفة بالله، حكي ذلك عن جعفر الصادق.
وقال أبو بكر الوراق: هي حلاوة الطاعة.
وقال سهل بن عبد الله التستري: هي أن ينزع عن العبد تدبير نفسه، ويردّ تدبيره إلى الحق.
وقيل: هي الاستغناء عن الخلق والافتقار إلى الحق.
وأكثر المفسرين على أن هذه الحياة الطيبة هي في الدنيا، لا في الآخرة؛ لأن حياة الآخرة قد ذكرت بقوله: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وقد قدّمنا قريبًا تفسير الجزاء بالأحسن.
ووحد الضمير في {لنحيينه} وجمعه في {ولنجزينهم} حملًا على لفظ {من} وعلى معناه.
ثم لما ذكر سبحانه العمل الصالح والجزاء عليه أتبعه بذكر الاستعاذة التي تخلص بها الأعمال الصالحة عن الوساوس الشيطانية، فقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرءان فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم} والفاء لترتيب الاستعاذة على العمل الصالح، وقيل: هذه الآية متصلة بقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء} والتقدير: فإذا أخذت في قراءته، فاستعذ.
قال الزجاج وغيره من أئمة اللغة: معناه: إذا أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ: وليس معناه: أستعذ بعد أن تقرأ القرآن، ومثله: إذا أكلت فقل: بسم الله.
قال الواحدي: وهذا إجماع الفقهاء أن الاستعاذة قبل القراءة، إلاّ ما روي عن أبي هريرة، وابن سيرين، وداود، ومالك، وحمزة من القراء، فإنهم قالوا: الاستعاذة بعد القراءة، ذهبوا إلى ظاهر الآية، ومعنى {فاستعذ بالله} اسأله سبحانه أن يعيذك من الشيطان الرجيم، أي: من وساوسه.
وتخصيص قراءة القرآن من بين الأعمال الصالحة بالاستعاذة عند إرادتها للتنبيه على أنها لسائر الأعمال الصالحة عند إرادتها أهمّ؛ لأنه إذا وقع الأمر بها عند قراءة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كانت عند إرادة غيره أولى، كذا قيل.
وتوجيه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للإشعار بأن غيره أولى منه بفعل الاستعاذة؛ لأنه إذا أمر بها لدفع وساوس الشيطان مع عصمته، فكيف بسائر أمته؟ وقد ذهب الجمهور إلى أن الأمر في الآية للندب.
وروي عن عطاء الوجوب أخذًا بظاهر الأمر.
وقد تقدّم الكلام في الاستعاذة مستوفى في أوّل هذا التفسير.
والضمير في {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ} للشأن أو للشيطان، أي: ليس له تسلط {على} إغواء {الذين ءامَنُواْ وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} وحكى الواحدي عن جميع المفسرين أنهم فسروا السلطان بالحجة.
وقالوا: المعنى: ليس له حجة على المؤمنين في إغوائهم ودعائهم إلى الضلالة.
ومعنى {وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} يفوّضون أمورهم إليه في كل قول وفعل.
فإن الإيمان بالله والتوكل عليه يمنعان الشيطان من وسوسته لهم، وإن وسوس لأحد منهم، لا تؤثر فيه وسوسته.
وهذه الجملة تعليل للأمر بالاستعاذة، وهؤلاء الجامعون بين الإيمان والتوكل هم الذين قال فيهم إبليس: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [الحجر: 40]، وقال الله فيهم: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين} [الحجر: 42].
ثم حصر سبحانه سلطان الشيطان، فقال: {إِنَّمَا سلطانه} أي: تسلطه على الإغواء {على الذين يَتَوَلَّوْنَهُ} أي: يتخذونه وليًا ويطيعونه في وساوسه {والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} الضمير في {به} يرجع إلى الله تعالى، أي: الذين هم بالله مشركون.
وقيل: يرجع إلى الشيطان.
والمعنى: والذين هم من أجله وبسبب وسوسته مشركون بالله.
{وَإِذَا بَدَّلْنَا ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ} هذا شروع منه سبحانه في حكاية شبه كفرية ودفعها.
ومعنى التبديل: رفع الشيء مع وضع غيره مكانه.
وتبديل الآية رفعها بأخرى غيرها، وهو نسخها بآية سواها.
وقد تقدّم الكلام في النسخ في البقرة {قَالُواْ} أي: كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ {إِنَّمَا أَنتَ} يا محمد {مُفْتَرٍ} أي: كاذب مختلق على الله، متقوّل عليه بما لم يقل، حيث تزعم أنه أمرك بشيء.
ثم تزعم أنه أمرك بخلافه، فردّ الله سبحانه عليهم بما يفيد جهلهم، فقال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} شيئًا من العلم أصلًا، أو لا يعلمون بالحكمة في النسخ، فإنه مبنيّ على المصالح التي يعلمها الله سبحانه، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت، ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع غيره، ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة، لعرفوا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق واللطف.
ثم بين سبحانه لهؤلاء المعترضين على حكمة النسخ، الزاعمين أن ذلك لم يكن من عند الله، وأن رسوله افتراه فقال: {قُلْ نَزَّلَهُ} أي: القرآن المدلول عليه بذكر الآية.
{رُوحُ القدس} أي: جبريل، والقدس: التطهير.
والمعنى: نزله الروح المطهر من أدناس البشرية، فهو من إضافة موصوف إلى الصفة {مِن رَبّكَ} أي: ابتداء تنزيله من عنده سبحانه، و{بالحق} في محل نصب على الحال، أي: متلبسًا بكونه حقًا ثابتًا لحكمة بالغة {لِيُثَبّتَ الذين ءامَنُواْ} على الإيمان، فيقولون: كلّ من الناسخ والمنسوخ من عند ربنا؛ ولأنهم أيضًا إذا عرفوا ما في النسخ من المصالح ثبتت أقدامهم على الإيمان ورسخت عقائدهم.
وقرئ {ليثبت} من الإثبات {وَهُدًى وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ} وهما معطوفان على محل {ليثبت} أي: تثبيتًا لهم وهداية وبشارة، وفيه تعريض بحصول أضداد هذه الخصال لغيرهم.
ثم ذكر سبحانه شبهة أخرى من شبههم فقال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلّمُهُ بَشَرٌ} اللام هي الموطئة، أي: ولقد نعلم أن هؤلاء الكفار يقولون: إنما يعلم محمدًا القرآن بشر من بني آدم غير ملك.
وقد اختلف أهل العلم في تعيين هذا البشر الذي زعموا عليه ما زعموا، فقيل: هو غلام الفاكه بن المغيرة، واسمه جبر، وكان نصرانيًا فأسلم، وكان كفار قريش إذا سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم أخبار القرون الأولى مع كونه أميًا، قالوا: إنما يعلمه جبر، وقيل: اسمه يعيش، عبد لبني الحضرميّ، وكان يقرأ الكتب الأعجمية.
وقيل: غلام لبني عامر بن لؤيّ، وقيل: هما غلامان: اسم أحدهما يسار، واسم الآخر جبر، وكانا صيقليين يعملان السيوف، وكانا يقرآن كتابًا لهم.
وقيل: كانا يقرآن التوراة والإنجيل.
وقيل: هو سلمان الفارسي.
وقيل: عنوا نصرانيًا بمكة اسمه بلعام، وكان يقرأ التوراة.
وقيل: عنوا رجلًا نصرانيًا كان اسمه أبا ميسرة يتكلم بالرومية، وفي رواية اسمه عداس.
قال النحاس: وهذه الأقوال غير متناقضة، لأنه يجوز أنهم زعموا أنهم جميعًا يعلمونه، ولكن لا يمكن الجمع باعتبار قول من قال: إنه سلمان، لأن هذه الآية مكية، وهو إنما أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
ثم أجاب سبحانه عن قولهم هذا فقال: {لّسَانُ الذي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ} الإلحاد: الميل، يقال: لحد وألحد أي: مال عن القصد.
وقد تقدّم في الأعراف.
وقرأ حمزة والكسائي: {يلحدون} بفتح الياء والحاء.
وقرأ من عداهما بضم الياء وكسر الحاء، أي: لسان الذين يميلون إليه ويزعمون أنه يعلمك أعجميّ، يقال: رجل أعجم وإمرأة عجماء، أي: لا يفصحان، والعجمة: الإخفاء، وهي ضدّ البيان.
والعرب تسمي كل من لا يعرف لغتهم ولا يتكلم بها أعجميًا.
قال الفراء: الأعجم: الذي في لسانه عجمة وإن كان من العرب، والأعجميّ: هو العجمي الذي أصله من العجم.