فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان}.
أي: بتوحيد الله، وشهادة أن لا إله إلا الله، والإحسان إلى الناس، والعفو عن الناس.
ويقال: الإحسان القيام بالفرائض {وَإِيتَاء ذِى القربى} أي: صلة الرحم {وينهى عَنِ الفحشاء} أي: عن الزنى ويقال: جميع المعاصي {والمنكر} يعني: ما لا يعرف في شريعة، ولا في سنة.
ويقال: المنكر ما وعد الله عليه النار {والبغى} يعني: الاستطالة، والكبر.
فقد أمر بثلاثة أشياء، ونهى عن ثلاثة أشياء، وجمع في هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين، وجميع الخصال المحمودة.
وروي عن عثمان بن مظعون أنه قال: ما أسلمت يوم أسلمت إلا حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه كان يدعوني، فيعرض عليَّ الإِسلام، فاستحييت منه، فأسلمت، ولم يقر الإِسلام في قلبي، فمررت به ذات يوم وهو بفناء بابه، جالسًا محتبيًا، فدعاني، فجلست إليه، فبينما هو يحدثني، إذ رأيت بصره شخص إلى السماء حتى رأيت طرفه قد انقطع، ثم رأيته خفضه عن يمينه، ثم ولاَّني وركه ينفض رأسه كأنه يستفهم شيئًا يقال له: ثم دعا فرفع رأسه إلى السماء، ثم خفضه حتى وضعه عن يساره، ثم أقبل عليَّ محمرًا وجهه، يفيض عرقًا، فقلت: يا رسول الله ما رأيتك صنعت هذا في طول ما كنت أجالسك فقال: «وَلَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ قلت: نعم قال: بَيْنَمَا أُحَدِّثُكَ إذْ رَفَعْتُ بَصَرِي إلى السَّمَاء، فَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ عَلَيَّ، فَلَمْ تَكُنْ لِي هِمَّةٌ غَيْرَهُ، حَتَّى نَزَلَ عَنْ يَمِينِي فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان وَإِيتَاء ذِى القربى} إلى آخر الآية» قال عثمان: فوقر الإيمان في قلبي، فآمنت، وصدقته قال: فأتيت أبا طالب، فأخبرته بما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر قريش، اتبعوا ابن أخي، ترشدوا، وتفلحوا، ولئن كان محمد صادقًا أو كاذبًا، ما يأمركم إلاَّ بمكارم الأخلاق.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم من عمه اللين، قال: «يا عَمَّاهُ أَتَأْمُرُ النَّاسَ أَنْ يَتَّبِعُونِي وَتَدَعُ نَفْسَكَ» وجهد عليه، فأبى أن يسلم فنزل: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين} [القصص: 56]. إلى آخر الآية.
قال الفقيه أبو الليث: حدثنا أبو منصور عبد الله الفرائضي بسمرقند بإسناده عن عكرمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الوليد بن المغيرة {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان} إلى آخر الآية.
فقال له: يا ابن أخي أعد عليَّ، فأعاد عليه، فقال: والله يا ابن أخي إنّ له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هذا بقول البشر.
وقال قتادة في قول الله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان} الآية.
قال: ليس من خلق حسن، كان أهل الجاهلية يستحسنونه بينهم إلا أمر الله به، وليس من خلق سيِّىءٍ يتعايرونه بينهم إلاَّ نهى الله عنه.
ثم قال تعالى: {يَعِظُكُمُ} أي: يأمركم، وينهاكم عن هذه الأَشياء التي ذكرها الله في الآية {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي: تتعظون.
قوله: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ الله إِذَا عاهدتم} يقول: إذا حلفتم بالله، فأتموا له بالفعل.
ويقال: {أَوْفُواْ بِعَهْدِ الله} يعني: العهود التي بينكم وبين الله تعالى، والعهود التي بينكم وبين الناس.
ثم قال: {وَلاَ تَنقُضُواْ الايمان} يعني: لا تنكثوا العهود {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} يعني: بعد تغليظها، وتشديدها، {وَقَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} أي: شهيدًا على إتمام العهود، والوفاء بها.
ويقال: حفيظًا على ما قال الفريقان {إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} في وفاء العهد، والنقض.
ثم ضرب الله تعالى مثلًا فقال عز وجل: {وَلاَ تَكُونُواْ} في نقض العهد {كالتى نَقَضَتْ غَزْلَهَا} وهي ريطة الحمقاء بنت عمرو بن كعب بن سعد وهي أم أخنس بن شريق الزهري {مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنكاثا} أي: من بعد ما أبرمته، وأحكمته، كانت إذا غزلت الشعر والكتان نقضته، ثم غزلته.
فقال: ولا تنقضوا العهد بعد توكيده، كما نقضت المرأة غزلها، وقال القتبي: أي لا تؤكدوا على أنفسكم الأيمان، والعهود، ثم تنقضوا ذلك، فتكونوا كامرأة غزلت ونسجت، ثم نقضت ذلك النسج فجعلته أنكاثًا، والأنكاث ما نقض من غزل الشعر وغيره، واحدها نكث.
ثم قال: {تَتَّخِذُونَ أيمانكم دَخَلًا بَيْنَكُمْ} أي: دغلًا وخيانة {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ} أي: فريق منكم {هِىَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} أي: هي أكثر وأغنى من أمة، من فريق.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في كندة، ومراد، وذلك أنه كان بينهم قتال، حتى كَلَّ الظهر.
ثم توادعوا لستة أشهر، حتى يصلح الظهر أي: الدواب، ويجم الخيل.
فلما مضت خمسة أشهر، أمر قيس بن معدي كرب بالجهاد إليهم، فقالوا: قد بقي من الأجل شهر، فمكث حتى علم أنه يأتيهم بعد انقضاء الأجل بيوم، ثم سار إليهم، فإذا هو يوم انقضاء الأجل، فقتلوه، وهزموا قومه، فذلك قوله: {وَلاَ تتخذوا أيمانكم دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ السواء بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 94]. يعني: عهودكم بالله دخلًا أي: مكرًا وخديعة بينكم {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هي أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} يعني: أن تكون أمة أكثر من أمة فينقضون العهد، لأجل كثرتهم، فلا تحملنكم الكثرة على نقض العهد {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ} يعني: إنما يبتليكم الله بالكثرة، لنقض العهد والوفاء.
وقال مجاهد: كانوا يحالفون الحلفاء، فإِذا وجدوا أكثر منهم وأعز، نقضوا، وحالفوا الأعز، فنزل: {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ} أي: يختبركم بنقض العهود وبالكثرة {وَلَيُبَيّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القيامة مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} من الدين ويبيّن لكم ما نقضتم من العهود، ويجازيكم به.
قوله: {وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة} أي: على ملة واحدة.
وهي الإسلام {ولكن يُضِلُّ مَن يَشَاء} يعني: يخذل من علم أنه ليس من أهل الإسلام {وَيَهْدِى مَن يَشَاء} أي: يكرم بالإِسلام من هو أهل لذلك {وَلَتُسْئَلُنَّ} فهذه اللام لام القسم، والتأكيد يَوْمَ الْقِيَامَةِ {عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي: يسألكم {عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} من الوفاء، والنقض بالعهد.
ثم قال تعالى: {وَلاَ تَتَّخِذُواْ أيمانكم دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} أي: إنّ ناقض العهد يزل عن الطاعة، كما تزل قدم الرجل بعد الاستقامة {وَتَذُوقُواْ السوء} أي: تتجرعوا العقوبة {بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله} أي: صرفتم الناس عن دين الإسلام {وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} يعني: شديد في الآخرة {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ الله} أي: لا تختاروا على عهد الله، والحلف به {ثَمَنًا قَلِيلًا} أي: عرضًا يسيرًا من الدنيا {إِنَّمَا عِنْدَ الله} في الآخرة من الثواب الدائم {هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} أي: ثواب الجنة {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أَن الآخرة خير من الدنيا ويقال: إن كنتم تصدقون بثوابه.
قال الكلبي: نزلت الآية في رجل من حضرموت يقال له: عبدان بن الأشوع قال: يا رسول الله إنّ امرأ القيس الكندي جاورني في أرض، فاقتطع أرضي، فذهب بها، وغلبني عليها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيَشْهَدُ لَكَ أَحَدٌ عَلَى ما تَقُولُ؟ قال: يا رسول الله إِنَّ القوم كلهم يعلمون أنِّي صادق فيما أقول، ولكنه أكرم عليهم مني عليهم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرئ القيس: مَا يَقُولُ صَاحِبُكَ قال: الباطل، والكذب فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحلف فقال عبدان: إنه لفاجر، وما يبالي أن يحلف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ شُهُودٌ فَخُذْ يَمِينَهُ» فقال عبدان: وما لِي يا رسول الله إلا يمينه؟ فقال: لا فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلف فلما قام ليحلف، أخره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: «انْصَرِفْ» فانصرف من عنده فنزلت هذه الآية {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ الله ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى قوله: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ} أي: ما عندكم من أمور الدنيا يفنى {وَمَا عِندَ الله بَاقٍ} أي: ثواب الله في الجنة دائم لأَهلها {وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صَبَرُواْ} عن اليمين وأقروا بالحق.
ويقال: الذين صبروا على الإيمان، وأقروا بالحق {أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يعني: بالإحسان الذي كانوا يعملون في الدنيا.
ويقال: يجزيهم بأحسن أعمالهم، ويبقى سائر أعمالهم فضلًا.
قال الكلبي: فلما نزلت هاتان الآيتان، قال امرؤ القيس:
أَمَّا ما عندي فينفد وأمَّا صاحبي ** فيجزى بأَحسن ما كان يعمل

اللَّهم إنه صادق فيما قال.
لقد اقتطعت أرضه، والله ما أدري كم هي، ولكنه يأخذ ما يشاء من أرض ومثلها معها بما أكلت من ثمارها.
فنزل: {مَنْ عَمِلَ صالحا مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} يعني: لا يقبل العمل منه ما لم يكن مؤمنًا.
فإذا كان مؤمنًا، وعمل صالحًا، يقبل منه.
ثم قال: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياة طَيّبَةً} في الجنة.
ويقال: يجعل حياته في طاعة الله.
ويقال: فلنقنع منه باليسير من الدنيا.
وروي عن ابن عباس أنه قال: الكسب الطيب، والعمل الصالح.
وعن علّي أنه قال: القناعة.
وقال الحسن: لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة.
وقال الضحاك: الرزق الحلال، وعبادة الله تعالى.
ثم قال: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم} أي: ثوابهم {بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي: يثيبهم بإحسانهم، ويعفو عن سيئاتهم.
قرأ ابن كثير، وعاصم وابن عامر في إحدى الروايتين {وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صَبَرُواْ} بالنون.
وقرأ الباقون: بالياء.
واتفقوا في قوله: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} بالنون.
قوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرءان فاستعذ بالله} يعني: إذا أردت أن تقرأ القرآن في الصلاة، وفي غير الصلاة، فتعوذ بالله.
وهذا كقولك: إذا أكلت فقل: بسم الله يعني: إذا أردت أن تأكل وهذا مثل قوله: {يا أيها الذين ءَامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فاطهروا وَإِن كُنتُم مرضى أَوْ على سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الغائط أَوْ لامستم النساء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فامسحوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ولكن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]. يعني: إذا أردتم القيام للصلاة.
وقوله: {مِنَ الشيطان الرجيم} يعني: اللعين.
ويقال: الخبيث.
ويقال: المرجوم.
ويقال: فيه تقديم.
ومعناه: فاستعذ بالله، إذا قرأت القرآن.
ثم قال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ} ليس له غلبة، ولا حجة.
ويقال: ليس له نفاذ الأمر {عَلَى الذين ءامَنُواْ} أي: صدقوا بتوحيد الله تعالى: {وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي: يثقون به، ولا يثقون بغيره.
قوله: {إِنَّمَا سلطانه} أي غلبته وحجته {على الذين يَتَوَلَّوْنَهُ} أي: يطيعونه من دون الله تعالى.
فمن أطاعه فقد تولاه {والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} أي: أشركوا بعبادة ربهم إياه.
وقال مقاتل: أي بالله تعالى.
وقال القتبي: {والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} لم يرد أنهم بإبليس كافرون، ولو كان هكذا، لكانوا مؤمنين.
وإنَّما أراد به الذين هم من أجله مشركون بالله تعالى، كما يقال: صار فلان بك عالمًا أي: من أجلك.
قوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا ءايَةً} يعني: ناسخة {مَّكَانَ ءايَةٍ} يعني: منسوخة.
أي: نسخنا آية بآية.
قال ابن عباس: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية فيها شدة، أخذ الناس بها، وعملوا ما شاء الله أن يعملوا، فيشق ذلك عليهم.
فينسخ الله تعالى هذه الشدة، ويأتيهم بما هي ألين منها، وأهون عليهم، رحمة من الله لهم، فيقول لهم كفار قريش: والله ما محمد إِلاَّ يسخر بأصحابه، يأمرهم اليوم بأمر، وغدًا يأتيهم بما هو أهون عليهم منه.
وما يعلمه إلا عابس، غلام حويطب بن عبد العزى، ويسار بن فكيهة مولى ابن الحضرمي، وكانا قد أسلما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهما، فيحدثهما، ويعلمهما، وكانا يقرآن كتابهما بالعبرانية.
فنزل: {وَإِذَا بَدَّلْنَا ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ} {والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ} يعني: بما يصلح للخلق {قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} أي: مختلق من تلقاء نفسك {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أن الله أمرك بما يشاء، نظرًا لصلاح العباد.
وقال مقاتل: في الآية تقديم، ومعناه: {وَإِذَا بَدَّلْنَا ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ} {قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} فتقول على الله تعالى الكذب.
قلت: كذا ثم نقضته، فجئت بغيره.
ثم قال في التقديم: {والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزّلُ}.
ثم قال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس} يعني: قل يا محمد نزل جبريل بالقرآن، والتشديد لكثرة نزوله.
ويقال: نَزَّلَ بمعنى تَنَزَّلَ.
كما يقال: قَدَّمَ بمعنى تَقَدَّمَ.
وَبَيَّنَ: بمعنى تَبَيَّنَ.
ويقال: {نَزَّلَهُ} بمعنى: تلاه، وبلغه.
ويقال: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس} يعني: جبريل الذي يأتيك بالناسخ والمنسوخ {مِن رَبّكَ} أي: من عند ربك.