فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ ابن أبي عبلة: {الكُذُبَ}، قال ابن القاسم: هو نعت الألسنة، وهو جمع كذوب.
قال المفسرون: والمعنى: أن تحليلكم وتحريمكم ليس له معنىً إِلاَّ الكذب.
والإِشارة بقوله: {هذا حلال وهذا حرام} إِلى ما كانوا يُحلُّون ويحرِّمون، {لتفتروا على الله الكذب} وذلك أنهم كانوا ينسبون ذلك التحليل والتحريم إِلى الله تعالى، ويقولون: هو أَمَرنا بهذا.
وقوله: {متاع قليل} أي: متاعهم بهذا الذي فعلوه قليل.
قوله تعالى: {وعلى الذين هادوا حرَّمنا ما قصصنا عليك من قبل} يعني به ما ذكر في [الأنعام: 126]، وهو قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا كلَّ ذي ظُفُر} {وما ظلمناهم} بتحريمنا ما حرَّمنا عليهم، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} بالبغي والمعاصي.
قوله تعالى: {ثم إِن ربك للذين عملوا السوء بجهالة} قد شرحناه في سورة [النساء 17]، وشرحنا في [البقرة: 160]. التوبة والاصلاح، وذكرنا معنى قوله: {من بعدها} آنفا.
قوله تعالى: {إِن إبراهيم كان أُمَّة} قال ابن الأنباري: هذا مثل قول العرب: فلان رحمة، وفلان علاَّمة، ونسَّابة، ويقصدون بهذا التأنيث قصد التناهي في المعنى الذي يصفونه، والعرب قد توقع الأسماء المبهَمة على الجماعة، وعلى الواحد، كقوله: {فنادته الملائكة} [آل عمران: 39]، وإِنما ناداه جبريل وحده.
وللمفسرين في المراد بالأُمَّة هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الأُمَّة: الذي يعلِّم الخير، قاله ابن مسعود، والفراء، وابن قتيبة.
والثاني: أنه المؤمن وحده في زمانه، روى هذا المعنى الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.
والثالث: أنه الإِمام الذي يُقتدَى به، قاله قتادة، ومقاتل، وأبو عبيدة، وهو في معنى القول الأول.
فأما القانت فقال ابن مسعود: هو المطيع.
وقد شرحنا القنوت في [البقرة: 116، 238]، وكذلك الحنيف [البقرة 135].
قوله تعالى: {ولم يَكُ} قال الزجاج: أصلها: لم يكن، وإِنما حذفت النون عند سيبويه، لكثرة استعمال هذا الحرف، وذكر الجلَّة من البصرين أنها إِنما احتملت الحذف، لأنه اجتمع فيها كثرة الاستعمال، وأنها عبارة عن كل ما يمضي من الأفعال وما يستأنف، وأنها قد أشبهت حروف اللين، وأنها تكون علامة كما تكون حروف اللين علامة، وأنها غُنَّة تخرج من الأنف، فلذلك احتملت الحذف.
قوله تعالى: {شاكرًا لأنعمه} انتصب بدلًا من قوله: {أُمَّةً قانتًا} وقد ذكرنا واحد الأنعم آنفًا، وشرحنا معنى الاجتباء في [الأنعام: 87]. قال مقاتل: والمراد بالصراط المستقيم هاهنا: الإِسلام.
قوله تعالى: {وآتيناه في الدنيا حسنة} فيها ستة أقوال:
أحدها: أنه الذِّكْر الحسن، قاله ابن عباس.
والثاني: النبوَّة، قاله الحسن.
والثالث: لسان صدق، قاله مجاهد.
والرابع: اجتماع المِلَل على ولايته، فكلهم يتولّونه ويرضَونه، قاله قتادة.
والخامس: أنها الصلاة عليه مقرونة بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل بن حيان.
والسادس: الأولاد الأبرار على الكِبَر، حكاه الثعلبي.
وباقي الآية مفسر في [البقرة: 130].
قوله تعالى: {ثم أوحينا إِليك أن اتبع ملة إِبراهيم} ملَّتُه: دينُه.
وفيما أُمر باتباعه من ذلك قولان:
أحدهما: أنه أُمر باتباعه في جميع ملته، إِلا ما أُمر بتركه، وهذا هو الظاهر.
والثاني: اتباعه في التبرُّؤ من الأوثان، والتدين بالإِسلام، قاله أبو جعفر الطبري.
وفي هذه الآية دليل على جواز اتباع المفضول، لأن رسولنا أفضلُ الرسل، وإِنما أُمر باتباعه، لسبقه إِلى القول بالحق.
قوله تعالى: {إِنما جُعِل السبت} أي: إِنما فرض تعظيمه وتحريمه، وقرأ الحسن، وأبو حيوة: {إِنما جَعَل} بفتح الجيم والعين {السبتَ} بنصب التاء {على الذين اختلفوا فيه} والهاء ترجع إِلى السبت.
وفي معنى اختلافهم فيه قولان:
أحدهما: أن موسى قال لهم: تفرَّغوا لله في كل سبعة أيام يومًا، فاعبدوه في يوم الجمعة، ولا تعملوا فيه شيئًا من صنيعكم، فأبَوا أن يقبلوا ذلك، وقالوا: لا نبتغي إِلاَّ اليوم الذي فرغ فيه من الخلق، وهو يوم السبت، فجعل ذلك عليهم، وشدِّد عليهم فيه، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
وقال مقاتل: لما أمرهم موسى بيوم الجمعة، قالوا: نتفرغ يوم السبت، فإن الله لم يخلق فيه شيئًا، فقال: إِنما أُمرت بيوم الجمعة، فقال أحبارهم: انتهوا إِلى أمر نبيِّكم، فأبَوا، فذلك اختلافهم، فلما رأى موسى حرصهم على السبت، أمرهم به، فاستحلوا فيه المعاصي.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: رأى موسى رجلًا يحمل قصبًا يوم السبت، فضرب عنقه، وعكفت عليه الطير أربعين صباحًا.
وذكر ابن قتيبة في مختلف الحديث: أن الله تعالى بعث موسى بالسبت، ونسخ السبت بالمسيح.
والثاني: أنه بعضهم استحلَّه، وبعضهم حرَّمه، قاله قتادة.
قوله تعالى: {ادع إِلى سبيل ربك} قال ابن عباس: نزلت مع الآية التي بعدها، وسنذكر هناك السبب.
فأما السبيل، فقال مقاتل: هو دين الإِسلام.
وفي المراد {بالحكمة} ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها القرآن، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: الفقه، قاله الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: النبوَّة، ذكره الزجاج.
وفي {الموعظة الحسنة} قولان:
أحدهما: مواعظ القرآن، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: الأدب الجميل الذي يعرفونه، قاله الضحاك عن ابن عباس.
قوله تعالى: {وجادلهم} في المشار إِليهم قولان:
أحدهما: أنهم أهل مكة، قاله أبوصالح.
والثاني: أهل الكتاب، قاله مقاتل.
وفي قوله: {بالتي هي أحسن} ثلاثة أقوال:
أحدها: جادلهم بالقرآن.
والثاني: ب لا آله إِلاّ الله، روي القولان عن ابن عباس.
والثالث: جادلهم غير فظٍّ ولا غليظ، وأَلِنْ لهم جانبك، قاله الزجاج.
وقال بعض علماء التفسير: وهذا منسوخ بآية السيف.
قوله تعالى: {إِن ربك هو أعلم} المعنى: هو أعلم بالفريقين، فهو يأمرك فيهما بما فيه الصلاح.
قوله تعالى: {وإِن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على حمزة، فرآه صريعًا، فلم ير شيئًا كان أوجع لقلبه منه، فقال: «والله لأمثلن بسبعين منهم»، فنزل جبريل، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف، بقوله: {وإِن عاقبتم} إِلى آخرها، فصبر رسول الله وكفَّر عن يمينه، قاله أبو هريرة.
وقال ابن عباس: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة قد شُق بطنه، وجُدِعت أذناه، فقال: «لولا أن تحزن النساء؛ أو تكون سنَّة بعدي لتركته حتَّى يبعثه الله من بطون السباع والطير، ولأقتلنَّ مكانه سبعين رجلا منهم»، فنزل قوله: {ادع إِلى سبيل ربك} إِلى قوله: {وما صبرك إِلا بالله}.
وروى الضحاك عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يومئذٍ: «لَئِن ظفرتُ بقاتل حمزة لأمثلنَّ به مثلة تتحدث بها العرب» وكانت هند وآخرون معها قد مثّلوا به، فنزلت هذه الآية.
والثاني: أنه أصيب من الأنصار يوم أُحدٍ أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة منهم حمزة، ومثَّلوا بقتلاهم، فقالت الأنصار: لَئِن أصبنا منهم يومًا من الدهر، لنزيدنَّ على عِدَّتهم مرتين، فنزلت هذه الآية، قاله أُبيُّ بن كعب.
وروى أبو صالح عن ابن عباس أن المسلمين قالوا: لَئِن أمكننا الله منهم، لنمثِّلنَّ بالأحياء فضلا عن الأموات، فنزلت هذه الآية.
يقول: إِن كنتم فاعلين، فمثِّلوا بالأموات، كما مثَّلوا بأمواتكم.
قال ابن الأنباري: وإِنما سمى فعل المشركين معاقبةً وهم ابتدؤوا بالمثلة، ليزدوج اللفظان، فيخف على اللسان، كقوله: {وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها} [الشورى: 40].
فصل:
واختلف العلماء، هل هذه الآية منسوخة، أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنها نزلت قبل {براءة} فأُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من قاتله، ولا يبدأ بالقتال، ثم نُسخ ذلك، وأُمر بالجهاد، قاله ابن عباس، والضحاك، فعلى هذا يكون المعنى: {ولئن صبرتم} عن القتال، ثم نسخ هذا بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5].
والثاني: أنها محكمة، وإِنما نزلت فيمن ظُلِم ظُلامة، فلا يحلُّ له أن ينال من ظالمه أكثر مما ناله الظالم منه، قاله مجاهد، والشعبي، والنخعي، وابن سيرين، والثوري، وعلى هذا يكون المعنى: ولئن صبرتم عن المثلة، لا عن القتال.
قوله تعالى: {واصبر وما صبرك إِلاَّ بالله} أي: بتوفيقه ومعونته.
وهذا أمر بالعزيمة.
وفي قوله: {ولا تحزن عليهم} قولان:
أحدهما على كفار مكة إِن لم يُسلموا، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: ولا تحزن على قتلى أُحُد، فانهم أفضَوا إِلى رحمة الله، ذكره علي بن أحمد النيسابوري.
قوله تعالى: {ولا تك في ضَيق} قرأ الأكثرون بنصب الضاد، وقرأ ابن كثير: {في ضِيق} بكسر الضاد هاهنا وفي [النمل: 70].
قال الفراء: الضَيق بفتح الضاد: ما ضاق عنه صدرك، والضيّق: ما يكون في الذي يضيق ويتسع، مثل الدار والثوب وأشباه ذلك.
وقال ابن قتيبة: الضَّيْق: تخفيف ضَيِّق، مثل: هَيْن ولَيْن، وهو، إِذا كان على هذا التأويل: صفة، كأنه قال: لا تك في أمر ضَيِّقٍ من مكرهم.
قال: ويقال: مكان ضَيْق وضِيق، بمعنى واحد، كما يقال: رَطْلٌ ورِطْلٌ، وهذا أعجب إِليَّ.
فأما مكرهم المذكور هاهنا، فقال أبوصالح عن ابن عباس: فعلهم وعملهم.
قوله تعالى: {إِن الله مع الذين اتَّقَوا} ما نهاهم عنه، وأحسنوا فيما أمرهم به، بالعون والنصر. اهـ.

.قال النسفي:

{يَوْمَ تَأْتِى} منصوب بـ {رحيم} أو ب اذكر {كُلُّ نَفْسٍ تجادل عَن نَّفْسِهَا} وإنما أضيفت النفس إلى النفس لأنه يقال لعين الشيء وذاته نفسه وفي نقيضه غيره والنفس الجملة كما هي، فالنفس الأولى هي الجملة، والثانية عينها وذاتها فكأنه قيل: يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه شأن غيره كلٌّ يقول: نفسي نفسي.
ومعنى المجادلة عنها الاعتذار عنها كقولهم: {هَؤُلاء أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38]. {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا} [الأحزاب: 67]. الآية {والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: 23]. {وتوفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ} تعطى جزاء عملها وافيًا {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} في ذلك.
{وَضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْيَةً} أي جعل القرية التي هذه حالها مثلًا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا وتولوا فأنزل الله بهم نقمته، فيجوز أن يراد قرية مقدرة على هذه الصفة، وأن تكون في قرى الأولين قرية كانت هذه حالها فضربها الله مثلًا لمكة إنذرًا من مثل عاقبتها {كَانَتْ ءَامِنَةً} من القتل والسبى {مُّطْمَئِنَّةً} لا يزعجها خوف لأن الطمأنينة مع الأمن، والانزعاج والقلق مع الخوف {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا} واسعًا {مِّن كُلِّ مَكَانٍ} من كل بلد {فَكَفَرَتْ} أهلها {بِأَنْعُمِ الله} جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وأدرع، أو جمع نعم كبؤس وأبؤس {فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} الإذاقة واللباس استعارتان والإذاقة المستعارة موقعة على اللباس المستعار، ووجه صحة ذلك أن الإذاقة جارية عندهم مجرى الحقيقة لشيوعها في البلايا والشدائد وما يمس الناس منها فيقولون: ذاق فلان البؤس والضر، وأذاقه العذاب شبه ما يدرك من أثر الضرر والألم بما يدرك من طعم المر والبشع.
وأما اللباس فقد شبه به لاشتماله على اللابس ما غشى الإنسان والتبس به من بعض الحوادث، وأما إيقاع الإذاقة على لباس الجوع والخوف فلأنه لما وقع عبارة عما يغشى منهما ويلابس فكأنه قيل: فأذاقهم ما غشيهم من الجوع والخوف.
{وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ} أي محمد صلى الله عليه وسلم {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العذاب وَهُمْ ظالمون} أي في حال التباسهم بالظلم قالوا: إنه القتل بالسيف يوم بدر.
رُوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه إلى أهل مكة في سني القحط بطعام ففرق فيهم فقال: الله لهم بعد أن أذاقهم الجوع {فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} على يدي محمد صلى الله عليه وسلم {حلالا طَيِّبًا} بدلًا عما كنتم تأكلونه حرامًا خبيثًا من الأموال المأخوذة بالغارات والغصوب وخبائث الكسوب {واشكروا نِعْمَتَ الله إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} تطيعون أو إن صح زعمكم أنكم تعبدون الله بعبادة الآلهة لأنها شفعاؤكم عنده.
ثم عدد عليهم محرمات الله ونهاهم عن تحريمهم وتحليلهم بأهوائهم فقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الميتة والدم وَلَحْمَ الخنزير وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ فَمَنِ اضطر غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} {إنما} للحصر أي المحرم هذا دون البحيرة وأخواتها وباقي الآية قد مر تفسيره {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب} هو منصوب ب {لا تقولوا} أي ولا وتقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم: {مَا في بُطُونِ هذه الانعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا} [الأنعام: 139]. من غير استناد ذلك الوصف إلى الوحي أو إلى القياس المستنبط منه.
واللام مثلها في قولك لا تقولوا لما أحل الله هو حرام.
وقوله: {هذا حلال وهذا حَرَامٌ} بدل من الكذب ولك أن تنصب {الكذب} ب {تصف} وتجعل {ما} مصدرية وتعلق {هذا حلال وهذا حرام}.
ب {لا تقولوا} أي ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام وهذا لوصف ألسنتكم الكذب، أي ولا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم لا لأجل حجة وبينة ولكن قول ساذج ودعوى بلا برهان.
وقوله: {تصف ألسنتكم الكذب} من فصيح الكلام جعل قولهم كأنه عين الكذب فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته وصورته بصورته كقولك وجهها يصف الجمال وعينها تصف السحر واللام في {لِّتَفْتَرُواْ على الله الكذب} من التعليل الذي لا يتضمن معنى الفرض {إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ}.
{متاع قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هو خبر مبتدأ محذوف أي منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعذابها عظيم.