فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {إن هذا القرآن} الآية، {يهدي} في هذه الآية بمعنى يرشد، ويتوجه فيها أن تكون بمعنى يدعو، و{التي} يريد بها الحالة والطريقة، وقالت فرقة، {للتي هي أقوم} لا إله إلا الله.
قال القاضي أبو محمد: والأول أعم وكلمة الإخلاص وغيرها من الأقوال داخلة في الحال {التي هي أقوم} من كل حال تجعل بازائها، والاقتصار على {أقوم} ولم يذكر من كذا إيجاز، والمعنى مفهوم، أي {للتي هي أقوم} من كل ما غايرها فهي النهاية في القوام، وقيد المؤمنين بعمل الصالحات إذ هو كمال الإيمان وإن لم يكن في نفسه، والمؤمن المفرط في العمل له بإيمانه حظ في عمل الصالحات: والأجر الكبير الجنة، وكذلك حيث وقع في كتاب الله فضل كبير وأجر كبير فهو الجنة، وقوله: {أن} الأولى في موضع نصب بـ {يبشر}، و{أن} الثانية عطف على الأولى، وهي داخلة في جملة بشارة المؤمنين، بشرهم القرآن بالجنة، وأن الكفار لهم عذاب أليم، وذلك أن علم المؤمنين بهذا مسرة لهم، وفي هذه البشارة وعيد للكفار بالمعنى، هذا الذي تقتضيه ألفاظ الآية، وقرأ الجمهور: {ويُبَشِّر} بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين، وقرأ ابن مسعود ويحيى ين وثاب وطلحة: {ويَبْشُر} بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين، و{أعتدنا} معناه أحضرنا وأعددنا ومنه العتاد، والأليم الموجع، وقوله: {ويدع الإنسان} الآية، سقطت الواو من {يدع} في خط المصحف لأنهم كتبوا المسموع، وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد: هذه الآية نزلت ذامة لما يفعله الناس من الدعاء على أموالهم وأبنائهم في وقت الغضب والضجر، فأخبر الله أنهم يدعون بالشر في ذلك الوقت كما تدعون بالخير في وقت التثبت، فلو أجاب الله دعاءهم أهلكهم، لكنه يصفح ولا يجيب دعاء الضجر المستعجل، ثم عذر بعض العذر في أن الإنسان له عجلة فطرية، و{الإنسان} هنا قيل يريد به الجنس بحسب ما في الخلق من ذلك قاله مجاهد وغيره، وقال سلمان الفارسي وابن عباس: إشارته إلى آدم في أنه لما نفخ الروح في رأسه عطس وأبصر فلما مشى الروح في بدنه قبل ساقيه أعجبته نفسه فذهب ليمشي مستعجلًا لذلك فلم يقدر وأشارت ألفاظ هذه الآية إلى هذا والمعنى فأنتم ذووعجلة موروثة من أبيكم، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أسيرًا في قيْد في بيت سودة بنت زمعة فسمعت سودة أنينه فأشفقت فقالت له ما بالك؟ فقال: ألم القيد، فقالت: فأرخت من ربطه فسكت، ثم نامت، فتحيل في الانحلال وفر، فطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصبح، فأخبر الخبر، فقال قطع الله يدها ففزعت سودة ورفعت يديها نحو السماء وهي تخاف الإجابة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد جعل دعائي في مثل هذا رحمة على المدعو عليه، لأني بشر أغضب وأعجل، فلترد سودة يديه»، وقالت فرقة هذه الآية نزلت في شأن قريش الذين قالوا {اللهم إن كان الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} [الأنفال: 32]، وكان الأولى أن يقولوا فاهدنا إليه وارحمنا به فذمهم الله تعالى في هذه الآية بهذا، وقالت فرقة: معنى هذه الآية: معاتبة الناس على أنهم إذا نالهم شر وضرعوا وألحوا في الدعاء الذي كان يجب أن يدعوه في حالة الخير ويلتزمه من ذكر الله وحمده والرغبة إليه، لكنه يقصر حينئذ، فإذا مسه ضر ألح واستعجل الفرج، فالآية على هذا من نحو قوله تعالى: {وإذا مس الإنسان الضر دعَانا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضُر مسه} [يونس: 12]. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {إِن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}.
قال ابن الأنباري: {التي} وصف للجمع، والمعنى: يهدي إِلى الخصال التي هي أقوم الخصال.
قال المفسرون: وهي توحيد الله والإِيمان به وبرسله والعمل بطاعته، {ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم} أي: بأن لهم {أجرًا} وهو الجنة، {وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة} أي: ويبشرهم بالعذاب، لأعدائهم، وذلك أن المؤمنين كانوا في أذىً من المشركين، فعجَّل الله لهم البشرى في الدنيا بعقاب الكافرين.
قوله تعالى: {ويدعُ الإِنسان بالشر}
وذلك أن الإِنسان يدعو في حال الضجر والغضب على نفسه وأهله بما لا يحب أن يستجاب له كما يدعو لنفسه بالخير.
{وكان الإِنسان عجولًا} يعجِّل بالدعاء بالشر عند الغضب والضجر عَجَلَته بالدعاء بالخير.
وفي المراد بالإِنسان هاهنا ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه اسم جنس يراد به الناس، قاله الزجاج وغيره.
والثاني: آدم، فاكتفى بذكره من ذكر ولده، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: أنه النضر بن الحارث حين قال: {فأمطر علينا حجارة من السماء} [الأنفال: 32]، قاله مقاتل.
وقال سلمان الفارسي: أول ما خلق الله من آدم رأسه، فجعل ينظر إِلى جسده كيف يخلق، قال: فبقيت رجلاه، فقال: يا رب عجِّل، فذلك قوله: {وكان الإِنسان عجولا}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}
لما ذكر المعراج ذكر ما قضى إلى بني إسرائيل، وكان ذلك دلالة على نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بيّن أن الكتاب الذي أنزل الله عليه سبب اهتداء.
ومعنى {لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} أي الطريقة التي هي أسدّ وأعدل وأصوب؛ ف {التي} نعت لموصوف محذوف، أي الطريقة التي هي أقوم.
وقال الزجاج: للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله.
وقاله الكلبي والفرّاء.
قوله تعالى: {وَيُبَشِّرُ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات} تقدّم.
{أَنَّ لَهُمْ} أي بأن لهم.
{أَجْرًا كَبِيرًا} أي الجنة.
{وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة} أي ويبشرهم بأن لأعدائهم العقاب.
والقرآن معظمه وعد ووعيد.
وقرأ حمزة والكسائي: {ويَبْشُر} مخففًا بفتح الياء وضم الشين؛ وقد ذُكر.
قوله تعالى: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير}
قال ابن عباس وغيره: هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له: اللَّهُمَّ أهلكه، ونحوه.
{دُعَآءَهُ بالخير} أي كدعائه ربَّه أن يَهَب له العافية؛ فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك.
نظيره: {وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير} [يونس: 11] وقد تقدّم.
وقيل: نزلت في النضر بن الحارث، كان يدعو ويقول: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32].
وقيل: هو أن يدعو في طلب المحظور كما يدعو في طلب المباح، قال الشاعر وهو ابن جامع:
أطوف بالبيت فيمن يطوف ** وأرفع من مئْزَرِي الْمُسْبَلِ

وأسجد بالليل حتى الصباح ** وأَتْلُو من الْمُحْكَم الْمُنْزَلِ

عسى فارجُ الْهَمِّ عن يوسفٍ ** يُسَخِّر لي ربّةَ المَحْمِلِ

قال الجوهري: يقال ما على فلان مَحْمِل مثال مجلس أي معتمد.
والمَحْمِل أيضًا: واحد محامل الحاج.
والمِحْمَل مثال المِرْجَل: عِلاقة السيف.
وحذفت الواو من {ويدع الإنسان} في اللفظ والخط ولم تحذف في المعنى لأن موضعها رفع فحذفت لاستقبالها اللام الساكنة؛ كقوله تعالى: {سَنَدْعُو الزبانية} [العلق: 18] {وَيَمْحُ الله الباطل} [الشورى: 24] {وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين} [النساء: 146] {يُنَادِ المناد} [ق: 41] {فَمَا تُغْنِي النذر} [القمر: 5] {وَكَانَ الإنسان عَجُولًا} أي طبعه العَجَلة، فيَعْجَل بسؤال الشر كما يعجل بسؤال الخير.
وقيل: أشار به إلى آدم عليه السلام حين نهض قبل أن تركّب فيه الروح على الكمال.
قال سلمان: أوّل ما خلق الله تعالى من آدم رأسه فجعل ينظر وهو يخلق جسده، فلما كان عند العصر بقيت رجلاه لم ينفخ فيهما الروح فقال: يا ربّ عَجّل قبل الليل؛ فذلك قوله: {وَكَانَ الإنسان عَجُولًا} وقال ابن عباس: لما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فذهب لينهض فلم يقدر؛ فذلك قوله: {وَكَانَ الإنسان عَجُولًا}.
وقال ابن مسعود: لما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عَجْلانَ إلى ثمار الجنة؛ فذلك حين يقول: {خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ} ذكره البيهقي.
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما صور الله تعالى آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يُطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خُلِق خلقًا لا يتمالك» وقد تقدّم.
وقيل: سلّم عليه السلام أسِيرًا إلى سَوْدة فبات يئنّ فسألته فقال: أنيني لشدّة القِدّ والأسر؛ فأرخت من كتافه فلما نامت هرب؛ فأخبرت النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «قطع الله يديك فلما أصبحت كانت تتوقّع الآفة؛ فقال عليه السلام: إني سألت الله تعالى أن يجعل دعائي على من لا يستحق من أهلي رحمة لأني بشر أغضب كما يغضب البشر» ونزلت الآية؛ ذكره القشيري أبو نصر رحمه الله.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللَّهُمّ إنما محمد بشر يغضَب كما يغضَب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدًا لن تُخْلِفَنِيه فأيُّما مؤمنٍ آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارةً وقُرْبةً تقرّبهُ بها إليك يوم القيامة» وفي الباب عن عائشة وجابر.
وقيل: معنى {وكان الإنسان عجولًا} أي يؤثر العاجل وإن قَلّ، على الآجل وإن جَلّ. اهـ.

.قال أبو حيان:

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}
لما ذكر تعالى من اختصه بالإسراء وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن آتاه التوراة وهو موسى عليه السلام وأنها هدى لبني إسرائيل، وذكر ما قضى عليهم فيها من التسليط عليهم بذنوبهم، كان ذلك رادعًا من عقل عن معاصي الله فذكر ما شرف الله به رسوله من القرآن الناسخ لحكم التوراة وكل كتاب إلهي، وأنه يهدي للطريقة أو الحالة التي هي أقوم.
وقال الضحاك والكلبي والفراء {التي هي أقوم} هي شهادة التوحيد، وقال مقاتل: للأوامر والنواهي و{أقوم} هنا أفعل التفضيل على قول الزجاج إذ قدر أقوم الحالات وقدره غيره أقوم مما عداها أو من كل حال، والذي يظهر من حيث المعنى أن {أقوم} هنا لا يراد بها التفضيل إذ لا مشاركة بين الطريقة التي يرشد إليها القرآن وطريقة غيرها، وفضلت هذه عليها وإنما المعنى التي هي قيمة أي مستقيمة كما قال: {وذلك دين القيمة} و{فيها كتب قيمة} أي مستقيمة الطريقة، قائمة بما يحتاج إليه من أمر الدين.
وقال الزمخشري: {التي هي أقوم} للحالة التي هي أقوم الحالات وأشدّها أو للملة أو للطريقة، وأينما قدرت لم تجد مع الإثبات ذوق البلاغة الذي تجده مع الحذف لما في إبهام الموصوف لحذفه من فخامة تفقد مع إيضاحه انتهى.
{ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات} قيد في الإيمان الكامل إذ العمل هو كمال الإيمان، نبه على الحالة الكاملة ليتحلى بها المؤمن، والمؤمن المفرط في عمله له بإيمانه حظ في عمل الصالحات والأجر الكبير الجنة.
وقال الزمخشري: فإن قلت كيف ذكر المؤمنين الأبرار والكفار ولم يذكر الفسقة؟ قلت: كان الناس حينئذ إما مؤمن تقي، وإما مشرك، وإنما حدث أصحاب المنزلة بين المنزلتين بعد ذلك انتهى.
وهذا مكابرة بل وقع في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم من بعض المؤمنين هنات وسقطات بعضها مذكور في القرآن، وبعضها مذكور في الحديث الصحيح الثابت.
{وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة} عطف على قوله: {أن لهم أجرًا كبيرًا} بشروا بفوزهم بالجنة وبكينونة العذاب الأليم لأعدائهم الكفار، إذ في علم المؤمنين بذلك وتبشيرهم به مسرة لهم، فهما بشارتان وفيه وعيد للكفار. وقال الزمخشري: ويجوز أن يراد ويخبر بأن الذين لا يؤمنون انتهى. فلا يكون إذ ذاك داخلًا تحت البشارة.
وفي قوله: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة} دليل على أن من آمن بالآخرة لا يعدّ له عذاب أليم، وأنه ليس عمل الصالحات شرطًا في نجاته من العذاب. وقرأ الجمهور: {ويبشر} مشدّدًا مضارع بشر المشدّد.
وقرأ عبد الله وطلحة وابن وثاب والإخوان {ويبشر} مضارع بشر المخفف ومعنى {أعتدنا} أعددنا وهيأنا، وهذه الآية جاءت عقب ذكر أحوال اليهود، واندرجوا فيمن لا يؤمن بالآخرة لأن أكثرهم لا يقول بالثواب والعقاب الجسماني وبعضهم قال:
{لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة} فلم يؤمنوا بالآخرة حقيقة الإيمان بها.
{ويدع الإنسان} قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: نزلت ذامّة لما يفعله الناس من الدعاء على أموالهم وأبنائهم في أوقات الغضب والضجر، ومناسبتها لما قبلها أن بعض من لا يؤمن بالآخرة كان يدعو على نفسه بتعجيل ما وعد به من الشر في الآخرة، كقول النضر: {فأمطر علينا حجارةً} الآية.
وكتب {ويدع} بغير واو على حسب السمع والإنسان هنا ليس واحدًا معينًا، والمعنى أن في طباع الإنسان أنه إذا ضجر وغضب دعا على نفسه وأهله وماله بالشر أن يصيبه كما يدعو بالخير أن يصيبه، ثم ذكر تعالى أن ذلك من عدم تثبته وقلة صبره.
وعن سلمان الفارسي وابن عباس: أشار به إلى آدم لما نفخ الروح في رأسه عطس وأبصر، فلما مشى الروح في بدنه قبل ساقه أعجبته نفسه فذهب يمشي مستعجلًا فلم يقدر، أو المعنى ذو عجلة موروثة من أبيكم انتهى. وهذا القول تنبو عنه ألفاظ الآية. وقالت فرقة: هذه الآية ذم لقريش الذين قالوا: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} الآية. وكان الأولى أن يقولوا: فاهدنا إليه وارحمنا.
وقالت فرقة: هي معاتبة للناس على أنهم إذا نالهم شر وضر دعوا وألحوا في الدعاء واستعجلوا الفرج، مثل الدعاء الذي كان يجب أن يدعوه في حالة الخير انتهى.
والباء في {بالشر} و{بالخير} على هذا بمعنى في، والمدعوّ به ليس الشر ولا الخير، ويراد على هذا أن تكون حالتاه في الشر والخير متساويتين في الدعاء والتضرّع لله والرغبة والذكر، وينبو عن هذا المعنى قوله: {دعاءه} إذ هو مصدر تشبيهي يقتضي وجوده، وفي هذا القول شبه {دعاءه} في حالة الشر بدعاء مقصود كان ينبغي أن يوجد في حالة الخير.
وقيل: المعنى {ويدع الإنسان} في طلب المحرم كما يدعو في طلب المباح. اهـ.