فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وبشارة الكافر بالعذاب تسُرُّ المؤمن؛ لأنه لم يقع في مصيدة الكفر، وتزجر مَنْ لم يقع فيه وتُخيفه، وهذا رحمة به وإحسان إليه.
وهذا المعنى واضح في قول الحق سبحانه في سورة الرحمن: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئَاتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 17-25]
فهذه كلها نِعَم من نعَم الله تعالى علينا، فناسب أن تُذيَّل بقوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 18]
أما قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 35-36]
فأيُّ نعمة في أنْ يُرسل الله عليهما شواظ من نار ونحاس فلا ينتصران؟
نعم، المتأمل في هذه الآية يجد فيها نعمة من أعظم نِعَم الله، ألا وهي زَجْر العاصي عن المعصية، ومسرّة للطائع.
ثم يقول الحق سبحانه عن طبيعة الإنسان البشرية: {وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولًا}.
{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)}.
{يَدْعُ} الدعاء: طلَب ما تعجز عنه من قادر عليه.
وأهل النحو يقولون. إن الفعل: ماضٍ ومضارع وأمر. فالأمر: طَلَبٌ من الأعلى إلى الأدنى، فكلّ طلب من الله لخلْقه فهو أمر، أو من الأعلى من البشر للأدنى. أما إنْ كان الطلب من مُسَاوٍ لك فهو التماس أو رجاء. فإنْ كان الطلب من الأدنى للأعلى، كطلب العبد من ربه فهو دعاء.
لذلك نجد التدقيق في الإعراب يحفظ لله تعالى مكانته ويُعظّمه، فنقول للطالب: أعرب: رب اغفر لي، فيقول: اغفر، فِعْل دالّ على الدعاء، لأنه لا يجوز في حَقِّ الموْلَى تبارك وتعالى أن نقول: فعل أمر، فالله لا يأمره أحد.
فأوَّل ما يُفهم من الدعاء أنه دَلَّ على صفة العجز والضعف في العبد، وأنه قد اندكتْ فيه ثورة الغرور، فعَلِم أنه لا يقدر على هذا إلا الله فتوجه إليه بالدعاء.
{بِالشَّرِّ} بالمكروه، والإنسان لا يدعو على نفسه، أو على ولده، أو على ماله بالشر إلا في حالة الحنَق والغضب وضيق الأخلاق، الذي يُخرِج الإنسان عن طبيعته، ويُفقِده التمييز، فيتسرّع في الدعاء بالشر، ويتمنى أن يُنّفذ الله له مَا دعا به.
ومن رحمة الله تعالى بعباده ألاَّ يستجيب لهم هذا الدعاء الذي إنْ دلَّ فإنما يدل على حُمْق وغباء من العبد.
وكثيرًا ما نسمع أمًا تدعو على ولدها بما لو استجاب الله له لكانت قاصمة الظهر لها، أو نسمع أبًا يدعو على ولده أو على ماله، إذن: فمن رحمة الله بنا أنْ يفوت لنا هذا الحمق، ولا يُنفّذ لنا ما تعجّلناه من دُعاءٍ بالشر. قال تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11] أي: لو استجاب الله لهم في دعائهم بالشر لكانت نهايتهم.
وإن كنت تُُسَرّ وتسعد بأن ربك سبحانه وتعالى فوّتَ لك دعوة بالشر فلم يَسْتجب لها، وأن لعدم استجابته سبحانه حكمةً بالغةً. فاعلم أن لله حكمة أيضًا حينما لا يستجيب لك في دعوة الخير، فلا تقُلْ: دعوتُ فلم يستجِبْ لي، واعلم أن لله حكمة في أن يمنعك خيرًا تُريده، ولعله لو أعطاك هذا الخير لكان وبالًا عليك.
إذن: عليك أن تقيسَ الأمريْن بمقياس واحد، وترضى بأمر الله في دعائك بالخير، كما رضيت بأمره حين صرف عنك دعاء الشر، ولم يستجب لك فيه. فكما أن له سبحانه حكمة في الأولى، فلَه حكمة في الثانية.
وقد دعا الكفار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسهم، فقالوا: {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَاذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ..} [الأنفال: 32]
وقالوا: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا..} [الإسراء: 92]
ولو استجاب الله لهم هذا الدعاء لَقَضى عليهم، وقطع دابرهم، لكن لله تعالى حكمة في تفويت هذا الدعاء لهؤلاء الحَمْقى، وها هم الكفار باقون حتى اليوم، وإلى أن تقوم الساعة.
وكان المنتظر منهم أن يقولوا: اللهم إنْ كان هذا هو الحقّ من عندك فاهْدنا إليه، لكن المسألة عندهم ليست مسألة كفر وإيمان، بل مسألة كراهية لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولما جاء به، بدليل أنهم قَبلوا الموت في سبيل الكفر وعدم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن طبيعة الإنسان العجلة والتسرُّع، كما قال تعالى: {خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ ءَايَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37] فكثيرًا ما يدعو الإنسان بالخير لنفسه أو بما يراه خيرًا، فلا يجد وراءه إلا الشر والتعب والشقاء، وفي المقابل قد يُنزل الله بك ما تظنه شرًا، ويسوق الله الخير من خلاله.
إذن: أنت لا تعلم وَجْه الخير على حقيقته، فدع الأمر لربك عز وجل، واجعل حظك من دعائك لا أنْ تُجابَ إلى ما دعوت، ولكن أن تظهر ضراعة عبوديتك لِعزّة ربك سبحانه وتعالى.
ومعنى: {دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ..} [الإسراء: 11] أي: أن الإنسان يدعو بالشر في إلحاح، وكأنه يدعو بخير. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

قوله: {وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل في الكتاب} أي: أعلمنا وأخبرنا، أو حكمنا وأتممنا، وأصل القضاء: الإحكام للشيء والفراغ منه؛ وقيل: أوحينا، ويدل عليه قوله إلى بني إسرائيل، ولو كان بمعنى الإعلام والإخبار لقال: قضينا بني إسرائيل، ولو كان بمعنى حكمنا لقال: على بني إسرائيل، ولو كان بمعنى أتممنا لقال: لبني إسرائيل، والمراد بالكتاب: التوراة، ويكون إنزالها على نبيهم موسى كإنزالها عليهم لكونهم قومه؛ وقيل: المراد بالكتاب: اللوح المحفوظ.
وقرأ أبو العالية وسعيد بن جبير: {في الكتب}.
وقرأ عيسى الثقفي: {لتفسدنّ في الأرض} بفتح المثناة، ومعنى هذه القراءة قريب من معنى قراءة الجمهور، لأنهم إذا أفسدوا فسدوا في نفوسهم، والمراد بالفساد: مخالفة ما شرعه الله لهم في التوراة، والمراد بالأرض أرض الشام وبيت المقدس؛ وقيل: أرض مصر، واللام في {لتفسدن} جواب قسم محذوف.
قال النيسابوري: أو أجري القضاء المبتوت مجرى القسم كأنه قيل: وأقسمنا لتفسدنّ.
وانتصاب {مَّرَّتَيْنِ} على أنه صفة مصدر محذوف، أو على أنه في نفسه مصدر عمل فيه ما هو من غير جنسه، والمرة الأولى: قتل شعياء أو حبس أرمياء، أو مخالفة أحكام التوراة، والثانية: قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل عيسى {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} هذه اللام كاللام التي قبلها، أي: لتستكبرنّ عن طاعة الله ولتستعلنّ على الناس بالظلم والبغي مجاوزين للحد في ذلك {فَإِذَا جَآء وَعْدُ أولاهما} أي: أولى المرتين المذكورتين {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي: قوّة في الحروب وبطش عند اللقاء.
قيل: هو بختنصر وجنوده؛ وقيل: جالوت؛ وقيل: جند من فارس؛ وقيل: جند من بابل {فَجَاسُواْ خلال الديار} أي: عاثوا وتردّدوا، يقال: جاسوا وهاسوا وداسوا بمعنى، ذكره ابن غرير والقتيبي.
قال الزجاج: معناه طافوا خلال الديار، هل بقي أحد لم يقتلوه؟ قال: والجوس طلب الشيء باستقصاء.
قال الجوهري: الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار، أي: تخللوها، كما يجوس الرجل للأخبار، أي: يطلبها، وكذا قال أبو عبيدة.
وقال ابن جرير: معنى جاسوا طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين.
وقال الفراء: معناه قتلوهم بين بيوتهم وأنشد لحسان:
وَمِنَّا الذي لاقي بسَيْفٍ مُحَمَّدٍ ** فَجاسَ بِهِ الأعْدَاءَ عُرْض العَسِاكِرِ

وقال قطرب: معناه نزلوا وأنشد قول الشاعر:
فجسنا ديارهم عنوة ** وأُبنَا بساداتهم موثقينا

وقرأ ابن عباس {فحاسوا} بالحاء المهملة.
قال أبو زيد: الحوس، والجوس، والعوس، والهوس: الطوف بالليل، وقيل: الطوف بالليل هو الجوسان محركًا، كذا قال أبو عبيدة وقرئ {خلل الديار} ومعناه معنى خلال وهو: وسط الديار {وَكَانَ} ذلك {وَعْدًا مَّفْعُولًا} أي: كائنًا لا محالة.
{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ} أي: الدولة والغلبة والرجعة، وذلك عند توبتهم.
قيل: وذلك حين قتل داود جالوت، وقيل: حين قتل بختنصر {وأمددناكم بأموال وَبَنِينَ} بعد نهب أموالكم وسبي أبنائكم، حتى عاد أمركم كما كان.
{وجعلناكم أَكْثَرَ نَفِيرًا} قال أبو عبيدة: النفير: العدد من الرجال؛ فالمعنى؛ أكثر رجالًا من عدوكم، والنفير: من ينفر مع الرجل من عشيرته، يقال: نفير ونافر مثل: قدير وقدر، ويجوز أن يكون النفير جمع: نفر {إِنْ أَحْسَنتُمْ} أي: أفعالكم وأقوالكم على الوجه المطلوب منكم، {أَحْسَنتُمْ لاِنفُسِكُمْ} لأن ثواب ذلك عائد إليكم {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} أفعالكم وأقوالكم فأوقعتموها لا على الوجه المطلوب منكم، {فَلَهَا} أي: فعليها ومثله قول الشاعر:
فخر صريعًا لليدين وللفم

أي: على اليدين وعلى الفم.
قال ابن جرير: اللام بمعنى إلى، أي: فإليها ترجع الإساءة كقوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا} [الزلزلة: 5] أي: إليها؛ وقيل: المعنى: فلها الجزاء أو العقاب.
وقال الحسين بن الفضل: فلها ربّ يغفر الإساءة، وهذا الخطاب: قيل هو لبني إسرائيل الملابثين لما ذكر في هذه الآيات، وقيل: لبني إسرائيل الكائنين في زمن محمد صلى الله عليه وسلم، ومعناه: إعلامهم ما حل بسلفهم فليرتقبوا مثل ذلك، وقيل: هو خطاب لمشركي قريش.
{فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخرة} أي: حضر وقت ما وعدوا من عقوبة المرة الآخرة، والمرة الآخرة: هي قتلهم يحيى بن زكريا كما سبق، وقصة قتله مستوفاة في الإنجيل، واسمه فيه يوحنا، قتله ملك من ملوكهم بسبب امرأة حملته على قتله، واسم الملك لاخت قاله ابن قتيبة.
وقال ابن جرير: هيردوس، وجواب {إذا} محذوف، تقديره: بعثناهم، لدلالة جواب {إذا} الأولى عليه، {يسؤووا وُجُوهَكُمْ} متعلق بهذا الجواب المحذوف أي: ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم حتى تظهر عليكم آثار المساءة، وتتبين في وجوهكم الكآبة، وقيل: المراد بالوجوه السادة منهم، وقرأ الكسائي: {لنسوء} بالنون، على أن الضمير لله سبحانه، وقرأ أبيّ: {لنسوءن} بنون التأكيد.
وقرأ أبو بكر، والأعمش، وابن وثاب، وحمزة، وابن عامر: {ليسوء} بالتحتية والإفراد. قال الزجاج: كل شيء كسرته وفتته فقد تبرته، والضمير: لله أو الوعد {وَلِيَدْخُلُواْ المسجد} معطوف على {ليسوءوا}.
{كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ} أي: يدمروا ويهلكوا، وقال قطرب: يهدموا، ومنه قول الشاعر:
فما الناسُ إلاّ عامِلان فَعَاملٌ ** يُتَبِّر ما يَبْنِي وآخر رافع

وقرأ الباقون بالتحتية، وضم الهمزة، وإثبات واو بعدها على أن الفاعل عباد لنا {مَا عَلَوْاْ} أي: ما غلبوا عليه من بلادكم، أو مدة علوهم {تَتْبِيرًا} أي: تدميرًا، ذكر المصدر إزالة للشك وتحقيقًا للخبر.
{عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} يا بني إسرائيل بعد انتقامه منكم في المرة الثانية.
{وَإِنْ عُدتُّمْ} للثالثة {عُدْنَا} إلى عقوبتكم.
قال أهل السير: ثم إنهم عادوا إلى ما لا ينبغي وهو تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وكتمان ما ورد من بعثه في التوراة والإنجيل، فعاد الله إلى عقوبتهم على أيدي العرب، فجرى على بني قريظة والنضير وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة.
{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافرين حَصِيرًا} وهو المحبس، فهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول.
والمعنى: أنهم محبوسون في جهنم لا يتخلصون عنها أبدًا.
قال الجوهري: حصره يحصره حصرًا: ضيق عليه وأحاط به؛ وقيل: فراشًا ومهادًا،- وأراد على هذا- بالحصير: الحصير الذي يفرشه الناس {إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} يعني: القرآن يهدي الناس الطريقة التي هي أقوم من غيرها من الطرق وهي ملة الإسلام، فالتي هي أقوم صفة لموصوف محذوف وهي الطريق.
وقال الزجاج: للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله، وكذا قال الفراء.
{وَيُبَشّرُ المؤمنين} قرأ حمزة والكسائي: {يبشر} بفتح الياء وضم الشين.
وقرأ الباقون بضم الياء وكسر الشين من التبشير أي: يبشر بما اشتمل عليه من الوعد بالخير آجلًا وعاجلًا للمؤمنين {الذين يَعْمَلُونَ الصالحات} التي أرشد إلى عملها القرآن {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} أي: بأنّ لهم.
{وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة} وأحكامها المبينة في القرآن {أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} وهو عذاب النار، وهذه الجملة معطوفة على جملة يبشر بتقدير: يخبر، أي: ويخبر بأن الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ وقيل: معطوفة على قوله: {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}، ويراد بالتبشير: مطلق الإخبار، أو يكون المراد منه معناه الحقيقي، ويكون الكلام مشتملًا على تبشير المؤمنين ببشارتين: الأولى: مالهم من الثواب، والثانية: ما لأعدائهم من العقاب.
{وَيَدْعُ الإنسان بالشر} المراد بالإنسان هنا: الجنس، لوقوع هذا الدعاء من بعض أفراده، وهو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له {دُعَاءهُ بالخير} أي: مثل دعائه لربه بالخير لنفسه ولأهله كطلب العافية والرزق ونحوهما، فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشرّ هلك، لكنه لم يستجب تفضلًا منه ورحمة، ومثل ذلك {وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير} [يونس: 11].