فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد قال تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون} وكذلك وزر من يَسُنّ للناس وزرًا لم يكونوا يعملونه من قبل وفي الصحيح: «مَا من نفس تقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأوللِ كِفْل من دمها ذلك أنه أول من سن القتل».
وسكتت الآية عن أن لا ينتفع أحد بصالح عمل غيره اكتفاء إذ لا داعي إلى بيانه لأنه لا يوقع في غرور، وتعلم المساواة بطريق لحن الخطاب أو فحواه، وقد جاء في القرآن ما يومىء إلى أن المتسبب لأحد في هدي ينال من ثواب المهتدي قال تعالى: {واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان: 74] وفي الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم بثه في صدور الرجال، وولد صالح يدعو له بخير.
ومن التخليط توهم أن حمل الدية في قتل الخطأ على العاقلة مناففٍ لهذه الآية، فإن ذلك فرع قاعدة أخرى وهي قاعدة التعاون والمواساة وليست من حمل التبعات. و{تزر} تحمل الوزر، وهو الثقل.
والوازرة: الحاملة، وتأنيثها باعتبار أنها نفس لقوله قبله {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها} [فصّلت: 46].
وأطلق عليها {وازرة} على معنى الفرض والتقدير، أي لو قدرت نفس ذات وزر لا تزاد على وزرها وزر غيرها، فعلم أن النفس التي لا وزر لها لا تزر وزر غيرها بالأوْلى.
والوزر: الإثم لتشبيهه بالحمل الثقيل لما يجره من التعب لصاحبه في الآخرة، كما أطلق عليه الثقل، قال تعالى: {وليحملن أثقالهم وأثقالًا مع أثقالهم} [العنكبوت: 13]. عطف على آية {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه} الآية. وهذا استقصاء في الإعذار لأهل الضلال زيادة على نفي مؤاخذتهم بأجرام غيرهم، ولهذا اقتصر على قوله: {وما كنا معذبين} دون أن يقال ولا مثيبين؛ لأن المقام مقام إعذار وقطع حجة وليس مقام امتنان بالإرشاد.
والعذاب هنا عذاب الدنيا بقرينة السياق وقرينة عطف {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} [الإسراء: 16] الآية. ودلت على ذلك آيات كثيرة، قال الله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين} [الشعراء: 209] وقال: {فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون} [يونس: 47].
على أن معنى حتى يؤذن بأن بعثة الرسول متصلة بالعذاب شأن الغاية، وهذا اتصال عرفي بحسب ما تقتضيه البعثة من مدةٍ للتبليغ والاستمرار على تكذيبهم الرسول والإمهال للمكذبين، ولذلك يظهر أن يكون العذاب هنا عذاب الدنيا وكما يقتضيه الانتقال إلى الآية بعدها على أننا إذا اعتبرنا التوسع في الغاية صح حمل التعذيب على ما يعم عذاب الدنيا والآخرة. ووقوع فعل {معذبين} في سياق النفي يفيد العموم، فبعثة الرسل لتفصيل ما يريده الله من الأمة من الأعمال.
ودلت الآية على أن الله لا يؤاخذ الناس إلا بعد أن يرشدهم رحمة منه لهم.
وهي دليل بين على انتفاء مؤاخذة أحد ما لم تبلغه دعوة رسول من الله إلى قوم، فهي حجة للأشعري ناهضة على الماتريدي والمعتزلة الذين اتفقوا على إيصال العقل إلى معرفة وجود الله، وهو ما صرح به صدر الشريعة في التوضيح في المقدمات الأربع. فوجود الله وتوحيده عندهم واجبان بالعقل فلا عذر لمن أشرك بالله وعطل ولا عذر له بعد بعثة رسول.
وتأويل المعتزلة أن يراد بالرسول العقل تطوُّحٌ عن استعمال اللغة وإغماض عن كونه مفعولًا لفعل {نبعث} إذ لا يقال بعث عقلًا بمعنى جعل. وقد تقدم ذلك في تفسير قوله تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} في سورة [النساء: 165].
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)}.
هذا تفصيل للحكم المتقدم قُصد به تهديد قادة المشركين وتحميلهم تبعة ضلال الذين أضلوهم.
وهو تفريع لتبيين أسباب حلول التعذيب بعد بعثة الرسول أدمج فيه تهديد المضلين.
فكان مقتضى الظاهر أن يعطف بالفاء على قوله: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} [الإسراء: 15] ولكنه عطف بالواو للتنبيه على أنه خبر مقصود لذاته باعتبار ما يتضمنه من التحذير من الوقوع في مثل الحالة الموصوفة، ويظهر معنى التفريع من طبيعة الكلام، فالعطف بالواو هنا تخريج على خلاف مقتضى الظاهر في الفصل والوصل.
فهذه الآية تهديد للمشركين من أهل مكة وتعليم للمسلمين.
والمعنى أن بعثة الرسول تتضمن أمرًا بشرع وأن سبب إهلاك المرسل إليهم بعد أن يبعث إليهم الرسول هو عدم امتثالهم لما يأمرهم الله به على لسان ذلك الرسول.
ومعنى إرادة الله إهلاك قرية التعلق التنجيزي لإرادته.
وتلك الإرادة تتوجه إلى المراد عند حصول أسبابه وهي المشار إليها بقوله: {أمرنا مترفيها} إلى آخره.
ومتعلق {أمرنا} محذوف، أي أمرناهم بما نأمرهم به، أي بعثنا إليهم الرسول وأمرناهم بما نأمرهم على لسان رسولهم فعصوا الرسول وفسقوا في قريتهم.
واعلم أن تصدير هذه الجملة بـ {إذا} أوجب استغلاق المعنى في الربط بين جملة شرط {إذا} وجملة جوابِه، لأن شأن {إذا} أن تكون ظرفًا للمستقبل وتتضمن معنى الشرط أي الربط بين جملتيها.
فاقتضى ظاهر موقع {إذا} أن قوله: {أمرنا مترفيها} هو جواب {إذا} فيقتضي أن إرادة الله إهلاكها سابقة على حصول أمر المترفين سَبْقَ الشرط لجوابه، فيقتضي ذلك أن إرادة الله تتعلق بإهلاك القرية ابتداء فيأمر الله مترفي أهل القرية فيفسقوا فيها فيحق عليها القول الذي هو مظهر إرادة الله إهلاكهم، مع أن مجرى العقل يقتضي أن يكون فسوق أهل القرية وكفرُهم هو سبب وقوع إرادة الله إهلاكهم، وأن الله لا تتعلق إرادته بإهلاك قوم إلا بعد أن يصدر منهم ما توعدهم عليه لا العكس.
وليس من شأن الله أن يريد إهلاكهم قبل أن يأتوا بما يسببه، ولا من الحكمة أن يسوقهم إلى ما يفضي إلى مؤاخذتهم ليحقق سببًا لإهلاكهم.
وقرينة السياق واضحة في هذا، فبنا أن نجعل الواو عاطفة فعل {أمرنا مترفيها} على {نبعث رسولًا} فإن الأفعال يعطف بعضها على بعض سواء اتحدت في اللوازم أم اختلفت، فيكون أصل نظم الكلام هكذا: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا ونأمر مترفي قرية بما نأمرهم به على لسان الرسول فيفسقوا عن أمرنا فيحق عليهم الوعيد فنهلكهم إذا أردنا إهلاكهم.
فكانَ {وإذا أردنا أن نهلك قرية} شريطة لحصول الإهلاك، أي ذلك بمشيئة الله ولا مكره له، كم دلت عليه آيات كثيرة كقوله:
{أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم} [آل عمران: 127 128] وقوله: {أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم} [الأعراف: 100] وقوله: {وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا} [الإنسان: 28] وقوله: {عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} [الإسراء: 18].
فذُكر شريطة المشيئة مرتين.
وإنما عدل عن نظم الكلام بهذا الأسلوب إلى الأسلوب الذي جاءت به الآية لإدماج التعريض بتهديد أهل مكة بأنهم معرضون لمثل هذا مما حل بأهل القرى التي كذبت رسل الله.
وللمفسرين طرائق كثيرة تزيد على ثَمان لتأويل هذه الآية متعسفة أو مدخولة، وهي متفاوتة، وأقربُها قول من جعل جملة {أمرنا مترفيها} إلخ صفةً ل {قرية} وجعل جواب {إذا} محذوفًا.
والمترَفُ: اسم مفعول من أترفه إذا أعطاه التُرفةَ. بضم التاء وسكون الراء أي النعمة. والمترفون هم أهل النعمة وسعة العيش، وهم معظم أهل الشرك بمكة. وكان معظم المؤمنين يومئذٍ ضعفاء قال الله تعالى: {وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا} [المزمّل: 11].
وتعليق الأمر بخصوص المترفين مع أن الرسل يخاطبون جميع الناس، لأن عصيانهم الأمرَ الموجه إليهم هو سبب فسقهم وفسق بقية قومهم إذ هم قادة العامة وزعماء الكفر فالخطاب في الأكثر يتوجه إليهم، فإذا فسقوا عن الأمر اتبعهم الدهماء فعم الفسق أو غلب على القرية فاستحقت الهلاك.
وقرأ الجمهور: {أمرنا} بهمزة واحدة وتخفيف الميم، وقرأ يعقوب {آمرنا} بالمد بهمزتين همزة التعدية وهمزة فاء الفعل، أي جعلناهم آمرين، أي داعين قومهم إلى الضلالة، فسكنت الهمزة الثانية فصارت ألفًا تخفيفًا، أو الألف ألف المفاعلة، والمفاعلةُ مستعملة في المبالغة، مثل عافاه الله.
والفسق: الخروج عن المقر وعن الطريق. والمراد به في اصطلاح القرآن الخروج عما أمر الله به، وتقدم عند قوله تعالى: {وما يضل به إلا الفاسقين} في سورة [البقرة: 26].
و{القول} هو ما يبلغه الله إلى الناس من كلام بواسطة الرسل وهو قول الوعيد كما قال: {فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون} [الصافات: 31].
والتدمير: هدم البناء وإزالة أثره، وهو مستعار هنا للاستئصال إذ المقصود إهلاك أهلها ولو مع بقاء بنائهم كما في قوله: {واسأل القرية} [يوسف: 82].
وتقدم التدمير عند قوله تعالى: {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} في سورة [الأعراف: 137].
وتأكيد دمرناها بالمصدر مقصود منه الدلالة على عظم التدمير لا نفي احتمال المجاز.
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}.
ضرب مثال لإهلاك القرى الذي وصف سببه وكيفيته في الآية السابقة، فعقب ذلك بتمثيله لأنه أشد في الكشف وأدخل في التحذير المقصود.
وفي ذلك تحقيق لكون حلول العذاب بالقرى مقدمًا بإرسال الرسول إلى أهل القرية، ثم بتوجيه الأوامر إلى المترفين ثم فسقهم عنها وكان زعماء الكفرة من قوم نوح مترفين وهم الذين قالوا: {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادىء الرأي} [هود: 27] وقال لهم نوح عليه السلام {ولا أقول للذين تزدري أعيُنكم لن يؤتيهم الله خيرًا} [هود: 31].
فكان مقتضى الظاهر عطف هذه الجملة بالفاء لأنها كالفرع على الجملة قبلها ولكنها عطفت بالواو إظهارًا لاستقلالها بوقع التحذير من جهة أخرى فكان ذلك تخريجًا على خلاف مقتضى الظاهر لهذا الاعتبار المناسب.
و{كم} في الأصل استفهام عن العدد، وتستعمل خبرية دالة على عدد كثير مُبهم النوع، فلذلك تحتاج إلى تمييز لنوع العدد، وهي هنا خبرية في محل نصب بالفعل الواقع بعدها لأنها التزم تقديمها على الفعل نظرًا لكون أصلها الاستفهام وله صدر الكلام.
و{من القرون} تمييز للإبهام الذي اقتضته {كم} والقرون جمع قرن، وهو في الأصل المدة الطويلة من الزمن فقد يقدر بمائة سنة وبأربعين سنة، ويطلق على الناس الذين يكونون في تلك المدة كما هنا.
وفي الحديث: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم»، أراد أهل قرني، أي أهل القرن الذي أنا فيه.
وقال الله تعالى: {وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا} [الفرقان: 38].
وتخصيص {من بعد نوح} إيجاز، كأنه قيل من قوم نوح فمن بعدهم، وقد جعل زمن نوح مبدأ لقصص الأمم لأنه أول رسول، واعتبر القَصص من بعده لأن زمن نوح صار كالمنقطع بسبب تجديد عمران الأرض بعد الطوفان، ولأن العذاب الذي حل بقومه عذاب مهول وهو الغرق الذي أحاط بالعالم.
ووجه ذكره تذكير المشركين به وأن عذاب الله لا حد له، والتنبيه على أن الضلالة تحول دون الاعتبار بالعواقب ودون الاتعاظ بما يحل بمن سبق وناهيك بما حل بقوم نوح من العذاب المهول.
وجملة {وكفى بربك بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا} إقبال على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بالخصوص، لأن كل ما سبق من الوعيد والتهديد إنما مآله إلى حمل الناس على تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من القرآن بعد أن لجوا في الكفر وتفننوا في التكذيب، فلا جرم خُتم ذلك بتطمين النبي بأن الله مطلع على ذنوب القوم.
وهو تعريض بأنه مجازيهم بذنوبهم بما يناسب فظاعتها، ولذلك جاء بفعل {كفى} وبوصفي {خبيرًا بصيرًا} المكنى بذكرهما عن عدم إفلات شيء من ذنوبهم المرئية والمعلومة من ضمائرهم أعني أعمالهم ونواياهم.
وقدم ما هو متعلق بالضمائر والنوايا لأن العقائد أصل الأعمال في الفساد والصلاح.
وفي الحديث: «ألا وإن في الجسد مضعة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
وفي ذكر فعل كفى إيماء إلى أن النبي غير محتاج إلى من ينتصر له غير ربه فهو كافيه وحسبه، قال: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [البقرة: 137]؛ أو إلى أنه في غنية عن الهم في شأنهم كقوله لنوح: {فلا تسألننِ ما ليس لك به علم} [هود: 46] فهذا إما تسلية له عن أذاهم وإما صرف له عن التوجع لهم. وفي خطاب النبي بذلك تعريض بالوعيد لسامعيه من الكفار. اهـ.

.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {مَّنِ اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}. ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: ان من اهتدى فعمل بما يرضي الله جلَّ وعلا، أن اهتداءه ذلك إنما هو لنفسه لأنه هو الذي يسخط ربه جلَّ وعلا، أن ضلاله ذلك إنما هو على نفسه. لأنه هو الذي يجنى ثمؤة عواقبه السيئة الوخيمة، فيخلد به في النار.
وبين هذا المعنى في مواضع كثيرة. كقوله: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] الآية، وقوله: {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 40]، وقوله: {قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} [الأنعام: 104]، وقوله: {فَمَنُ اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس: 108]. والآيات بمثل هذا كثيرة جدًا. وقد قدمنا طرفًا منها في سورة: النحل.