فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فإذا مات طويت الصحيفتان، وجعلتا معه في عنقه فلا ينشران إلا يوم القيامة {اقرأ كتابك} أي يقال له: اقرأ كتابك قيل يقرأ يوم القيامة من لم يكن قارئًا {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} أي محاسبًا قال الحسن: لقد عدل عليك من جعلك حسيب نفسك، وقيل: يقول الكافر إنك لست بظلام للعبيد فاجعلني أحاسب نفسي.
فيقال له اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا.
قوله سبحانه وتعالى: {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها} يعني أن ثواب العمل الصالح مختص بفاعله، وعقاب الذنب مختص بفاعله أيضًا، ولا يتعدى منه إلى غيره وهو قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى من الآثام، ولا يؤاخذ أحد بذنب أحد بل كل أحد مختص بذنبه {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا} لإقامة الحجة وقطعًا للعذر وفيه دليل على أن ما وجب إنما وجب بالسمع لا بالعقل.
قوله سبحانه وتعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} في معنى الآية قولان: أحدهما: أن المراد منه الأمر بالفعل، ثم إن لفظ الآية يدل على أنه تعالى بماذا أمرهم فقال أكثر المفسرين: معناه أنه تعالى أمرهم بالأعمال الصالحة، وهي الإيمان والطاعة وفعل الخير والقوم خالفوا ذلك الأمر وفسقوا.
والقول الثاني: أمرنا مترفيها أي كثرنا فساقها.
يقال أمر القوم إذا كثروا وأمرهم الله إذا كثرهم، ومنه الحديث: «خير المال مهرة مأمورة» أي كثيرة النتاج والنسل فعلى هذه قوله تعالى أمرنا ليس من الأمر بالفعل.
والمترف هو الذي أبطرته النعمة وسعة العيش {ففسقوا فيها} أي خرجوا عما أمرهم الله به من الطاعة {فحق عليها القول} أي وجب عليها العقاب {فدمرناها تدميرًا} أي أهلكناها إهلاك استئصال والدمار الهلاك والخراب.
(ق) عن أم المؤمنين زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعًا يقول: «لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها قالت زينب: قلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال: نعم إذا كثر الخبث» قوله: ويل للعرب.
ويل كلمة تقال: لمن وقع في هلكة، أو أشرف أن يقع فيها وقوله إذا كثر الخبث أي الشر قوله تعالى: {وكم أهلكنا من القرون} أي المكذبة {من بعد نوح} وهم عاد وثمود وغيرهم من الأمم الخالية يخوف الله بذلك كفار قريش.
قال عبد الله بن أبي أوفى: القرن عشرون ومائة سنة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول قرن ويزيد بن معاوية في آخره.
وقيل: القرن مائة سنة وروي عن محمد بن القاسم بن عبد الله بن بشر المازني أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأسه وقال: «سيعيش هذا الغلام قرنًا» قال محمد ابن القاسم: ما زلنا نعد له حتى تمت له مائة سنة ثم مات.
وقيل: القرن ثمانون سنة.
وقيل: أربعون {وكفى بربك بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا} يعني أنه عالم بجميع المعلومات راء لجميع المرئيات لا يخفى عليه شيء من أحوال الخلق.
قوله: {من كان يريد العاجلة} أي الدار العاجلة يعني الدنيا {عجلنا له فيها ما نشاء} أي من البسط أو التقتير {لمن نريد} أن نفعل به ذلك أو إهلاكه، وقيل في معنى الآية.
عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد أي القدر الذي نشاء نعجله له في الدنيا، الذي يشاء هو ولمن نريد أن نعجل له شيئًا، قدرناه له هذا ذم لمن أراد بعمله ظاهر الدنيا ومنفعتها وبيان أن من أرادها لا يدرك منها إلا ما قدر له، {ثم جعلنا له} أي في الآخرة {جهنم يصلاها} أي يدخلها {مذمومًا مدحورًا} أي مطرودًا مباعدًا.
قوله سبحانه وتعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها} أي عمل لها عملها {وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا} أي مقبولًا قيل: في الآية ثلاث شرائط في كون السعي مشكورًا إرادة الآخرة بعمله بأن يعقد بها همه ويتجافى عن دار الغرور، والسعي فيما كلف من الفعل والترك، والإيمان الصحيح الثابت، وعن بعض السلف الصالح.
من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله، إيمان ثابت، ونية صادقة، وعمل مصيب.
قوله: {كلا نمد هؤلاء وهؤلاء} أي نمد كلا الفريقين من يريد الدنيا، ومن يريد الآخرة {من عطاء ربك} يعني يرزقها جميعًا ثم يختلف الحال بهما في المآل {وما كان عطاء ربك محظورًا} أي ممنوعًا عن عباده والمراد بالعطاء العطاء في الدنيا إذ لا حظ للكافر في الآخرة {انظر} يا محمد {كيف فضلنا بعضهم على بعض} أي في الرزق والعمل يعني طالب العاجلة وطالب الآخرة {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلًا} يعني أن تفاضل الخلق في درجات منافع الدنيا محسوس فتفاضلهم في درجات منافع الآخرة أكبر وأعظم فإن نسبة التفاضل في درجات الآخرة إلى التفاضل في درجات الدنيا، كنسبة الآخرة إلى الدنيا فإذا كان الإنسان تشتد رغبته في طلب الدنيا فلأن تقوى وتشتد رغبته في طلب الآخرة أولى، لأنها دار المقامة.
قوله تعالى: {لا تجعل مع الله إلهًا آخر} الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره وقيل معناه لا تجعل أيها الإنسان مع الله إلهًا آخر وهذا أولى {فتقعد مذمومًا} أي من غير حمد {مخذولًا} أي بغير ناصر. اهـ.

.قال النسفي:

{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}.
{سُبْحَانَ} تنزيه الله عن السوء وهو علم للتسبيح كعثمان للرجل، وانتصابه بفعل مضمر متروك إِظهاره تقديره أسبح الله سبحان، ثم نزل سبحان منزلة الفعل فسد مسده ودل على التنزيه البليغ {الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} محمد صلى الله عليه وسلم وسرى وأسرى لغتان {لَيْلًا} نصب على الظرف وقيده بالليل والإسراء لا يكون إلا بالليل للتأكيد، أو ليدل بلفظ التنكير على تقرير مدة الإسراء وأنه أسرى به في بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة {مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قيل: أسري به من دار أم هانىء بنت أبي طالب.
والمراد بالمسجد الحرام الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الحرم كله مسجد.
وقيل: هو المسجد الحرام بعينه وهو الظاهر، فقد قال عليه السلام: «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق وقد عرج بي إلى السماء في تلك الليلة» وكان العروج به من بيت المقدس وقد أخبر قريشًا عن عيرهم وعدد جمالها وأحوالها، وأخبرهم أيضًا بما رأى في السماء من العجائب، وأنه لقي الأنبياء عليهم السلام وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى، وكان الإسراء قبل الهجرة بسنة وكان في اليقظة، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: والله ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عرج بروحه.
وعن معاوية مثله وعلى الأول الجمهور إذ لا فضيلة للحالم ولا مزية للنائم {إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَا} هو بيت المقدس لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} يريد بركات الدين والدنيا لأنه متعبد الأنبياء عليهم السلام ومهبط الوحي وهو محفوف بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة {لِنُرِيَهُ} أي محمدًا عليه السلام {مِنْ آيَاتِنَا} الدالة على وحدانية الله وصدق نبوته برؤيته السماوات وما فيها من الآيات {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} للأقوال {الْبَصِيرُ} بالأفعال ولقد تصرف الكلام على لفظ الغائب والمتكلم فقيل {أسرى} ثم {باركنا} ثم {إنه هو} وهي طريقة الالتفات التي هي من طرق البلاغة.
{وَآتَيْنَا مُوَسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ} أي الكتاب وهو التوراة {هُدًى لبني إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا} أي لا تتخذوا.
وبالياء: أبو عمرو أي لئلا يتخذوا {مِن دُونِي وَكِيلًا} ربًا تكلون إليه أموركم {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} نصب على الاختصاص أو على النداء فيمن قرأ {لا تتخذوا} بالتاء على النهي أي قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلًا يا ذرية من حملنا مع نوح {إِنَّهُ} إن نوحًا عليه السلام {كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} في السراء والضراء، والشكر مقابلة النعمة بالثناء على المنعم، وروي أنه كان لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس إلا قال الحمد لله، وأنتم ذرية من آمن به وحمل معه فاجعلوه أسوتكم كما جعله آباؤكم أسوتهم، وآية رشد الأبناء صحة الاقتداء بسنة الآباء وقد عرفتم حال الآباء هنالك فكونوا أيها الأبناء كذلك.
{وقضينا إلى بني إِسْرَآءِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ} وأوحينا إليهم وحيًا مقضيًا أي مقطوعًا مبتوتًا بأنهم يفسدون في الأرض لا محالة.
والكتاب التوراة، ولتفسدن جواب محذوف أو جرى القضاء المبتوت مجرى القسم فيكون {لتفسدن} جوابًا له كأنه قال وأقسمنا لتفسدن في الأرض {مَرَّتَيْنِ} أولاهما قتل زكرياء عليه السلام وحبس أرمياء عليه السلام حين أنذرهم سخط الله، والأخرى قتل يحيى بن زكرياء عليهما السلام وقصد قتل عيسى عليه السلام {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًَّا كَبِيرًا} ولتستكبرن عن طاعة الله من قوله: {إِن فرعون علا في الأَرض} [القصص: 4] والمراد به البغي والظلم وغلبة المفسدين على المصلحين.
{فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} أي وعد الله عقاب أولاهما {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ} سلطنا عليكم {عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدِ} أشداء في القتال يعني سنجاريب وجنوده أو بختنصر أو جالوت، قتلوا علماءهم وأحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين ألفًا {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} ترددوا للغارة فيها.
قال الزجاج: الجوس طلب الشيء بالاستقصاء {وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا} وكان وعد العقاب وعدًا لابد أن يفعل {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ} أي الدولة والغلبة {عَلَيْهِمْ} على الذين بعثوا عليكم حين تبتم ورجعتم عن الفساد والعلو.
قيل: هي قتل بختنصر واستنقاذ بني إسرائيل أسراهم وأموالهم ورجوع الملك إليهم.
وقيل أعدنا لكم الدولة بملك طالوت وقتل داود جالوت {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} مما كنتم وهو تمييز جمع نفر وهو من ينفر مع الرجل من قومه.
{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} قيل اللام بمعنى على كقوله: {وعليها ما اكتسبت} [البقرة: 286] والصحيح أنها على بابها لأن اللام للاختصاص والعامل مختص بجزاء عمله، حسنة كانت أو سيئة يعني أن الإحسان والإساءة كلاهما مختص بأنفسكم لا يتعدى النفع والضرر إلى غيركم.
وعن علي رضي الله عنه: ما أحسنت إلى أحد ولا أسأت إليه وتلاها {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ} وعد المرة الآخرة بعثناهم {لِيَسوؤوا} أي هؤلاء {وُجُوهَكُمْ} وحذف لدلالة ذكره أولًا عليه أي ليجعلوها بادية آثار المساءة والكآبة فيها كقوله: {سيئت وجوه الذين كفروا} [الملك: 27] {ليسوء} شامي وحمزة وأبو بكر، والضمير لله عز وجل أو للوعد أو للبعث.
{لنسوء} علي.
{وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} بيت المقدس {كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} {ما علوا} مفعول ل {يتبروا} أي ليهلكوا كل شيء غلبوه واستولوا عليه، أو بمعنى مدة علوهم {عسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} بعد المرة الثانية إن تبتم توبة أخرى وانزجرتم عن المعاصي {وَإِنْ عُدتُّمُ} مرة ثالثة {عُدْنَا} إلى عقوبتكم وقد عادوا فأعاد الله عليهم النقمة بتسليط الأكاسرة وضرب الإتاوة عليهم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: سلط عليهم المؤمنون إلى يوم القيامة {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} محبسًا.
يقال: للسجن محصر وحصير.
{إِنَّ هذا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} للحالة التي هي أقوم الحالات وأسدها وهي توحيد الله والإيمان برسله والعمل بطاعته أو للملة أو للطريقة {ويُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} ويَبْشر حمزة وعلي {أَنَّ لَهُمْ} بأن لهم {أَجْرًا كَبِيرًا} أي الجنة {وَأَنَّ الَّذِينَ} وبأن الذين {لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا} أي أعددنا قلبت تاء {لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} يعني النار.
والآية ترد القول بالمنزلة بين المنزلتين حيث ذكر المؤمنين وجزاءهم، والكافرين وجزاءهم، ولم يذكر الفسقة {وَيَدْعُ الإنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ} أي ويدعو الله عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وماله وولده كما يدعو لهم بالخير، أو يطلب النفع العاجل وإن قل بالضرر الآجل وإن جل {وَكَانَ الإنسَانُ عَجُولًا} يتسرع إلى طلب كل ما يقع في قلبه ويخطر بباله لا يتأنى فيه تأني المتبصر، أو أريد بالإنسان الكافر وأنه يدعوه بالعذاب استهزاء ويستعجل به كما يدعو بالخير إذا مسته الشدة، {وكان الإنسان عجولًا} يعني أن العذاب آتيه لا محالة فما هذا الاستعجال؟ وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هو النضر بن الحارث قال: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} [الأنفال: 32] الآية.
فأجيب فضربت عنقه صبرًا.
وسقوط الواو من {يدع} في الخط على موافقة اللفظ {وَجَعَلْنَا الَّليْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ الَّليْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} أي الليل والنهار آيتان في أنفسهما فتكون الإضافة في آية الليل وآية النهار للتبيين كإضافة العدد إلى المعدود أي فمحونا الآية التي هي الليل وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة أو جعلنا نيري الليل والنهار آيتين يريد الشمس والقمر.
فمحونا آية الليل التي هي القمر حيث لم نخلق له شعاعًا كشعاع الشمس فترى الأشياء به رؤية بينة، وجعلنا الشمس ذات شعاع يبصر في ضوئها كل شيء {لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ} لتتوصلوا ببياض النهار إلى التصرف في معايشكم {وَلِتَعْلَمُوا} باختلاف الجديدين {عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} يعني حساب الآجال ومواسم الأعمال، ولو كانا مثلين لما عرف الليل من النهار ولا استراح حراص المكتسبين والتجار {وَكُلَّ شَيْءٍ} مما تفتقرون إليه في دينكم ودنياكم {فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} بيناه بيانًا غير ملتبس فأزحنا عللكم وما تركنا لكم حجة علينا.