فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَكُلَّ إنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ} عمله {فِي عُنُقِهِ} يعني أن عمله لازم له لزوم القلادة أو الغل للعنق لا يفك عنه {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ} هو صفة ل {كتابا} ً.
يُلقَّاه شامي {مَنْشورًا} حال من {يلقاه} يعني غير مطوي ليمكنه قراءته أو هما صفتان للكتاب ونقول له {اقْرَأْ كِتَابَكَ} أي كتاب أعمالك وكلٌّ يُبعث قارئًا {كفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ} الباء زائدة أي كفى نفسك {حَسِيبًا} تمييز وهو بمعنى حاسب وعلى متعلق به من قولك حسب عليه كذا أو بمعنى الكافي.
وضع موضع الشهيد فعدى بعلى لأن الشاهد يكفي المدعى ما أهمه، وإنما ذكر حسيبًا لأنه بمنزلة الشهيد والقاضي والأمير إذا الغالب أن يتولى هذه الأمور الرجال فكأنه قيل: كفى نفسك رجلًا حسيبًا، أو تؤوّل النفس بالشخص.
{مَّنِ اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} أي فلها ثواب الاهتداء وعليها وبال الضلال {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} أي كل نفس حاملة وزرًا فإنما تحمل وزرها لا وزر نفس أخرى {وَمَا وَكُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا} وما صح منا أن نعذب قومًا عذاب استئصال في الدنيا إلا بعد أن نرسل إليهم رسولًا يلزمهم الحجة {وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً} أي أهل قرية {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} متنعميها وجبابرتها بالطاعة عن أبي عمرو والزجاج {فَفَسَقُوا فِيهَا} أي خرجوا عن الأمر كقولك: أمرته فعصى أو {أمرنا} كثرنا، دليله قراءة يعقوب أمرنا ومنه الحديث: «خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة» أي كثيرة النسل {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} فوجب عليها الوعيد {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} فأهلكناها إهلاكًا {وَكَمْ} مفعول {أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ} بيان لكم {مِن بَعْدِ نُوحٍ} يعني عادًا وثمودًا وغيرهما {وكفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خِبِيرًا} وإن أخفوها في الصدور {بَصِيرًا} وإن أرخوا عليها الستور.
{مَن كَانَ يُريدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشآءُ} لا ما يشاء {لِمَن نُّرِيدُ} بدل من {له} بإعادة الجار وهو بدل البعض من الكل إذ الضمير يرجع إلى {من} أي من كانت العاجلة همه ولم يرد غيرها كالكفرة تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد، فقيد المعجل بمشيئته والمعجل له بإرادته وهكذا الحال، ترى كثيرًا من هؤلاء يتمنون ما يتمنون ولا يعطون إلا بعضًا منه، وكثيرًا منهم يتمنون ذلك البعض وقد حرموه فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، وأما المؤمن التقي فقد اختار غنى الآخرة فإن أوتي حظًا من الدنيا فبها، وإلا فربما كان الفقر خيرًا له {ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ} في الآخرة {يَصْلاهَا} يدخلها {مَذْمُومًا} ممقوتًا {مَّدْحُورًا} مطرودًا من رحمة الله.
{وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وسعى لَهَا سَعْيَهَا} هو مفعول به أو حقها من السعي وكفاءها من الأعمال الصالحة {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} مصدق لله في وعده ووعيده {فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} مقبولًا عند الله مثابًا عليه.
عن بعض السلف: من لم يكن معه ثلاث لم ينفعه عمله: إيمان ثابت ونية صادقة وعمل مصيب وتلا الآية: فإنه شرط فيها ثلاث شرائط في كون السعي مشكورًا: إرادة الآخرة والسعي فيما كلف والإيمان الثابت {كُلًا} كل واحد من الفريقين والتنوين عوض عن المضاف إليه وهو منصوب بقوله: {نُّمِدُّ هَؤُلآءِ} بدل من {كلًا} أي نمد هؤلاء {وهؤلاءآء} أي من أراد العاجلة ومن أراد الآخرة {مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ} رزقه و{من} تتعلق ب {نمد} والعطاء اسم للمعطي أي نزيدهم من عطائنا ونجعل الآنف منه مددًا للسالف لا نقطعه فنرزق المطيع والعاصي جميعًا على وجه التفضل {وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} ممنوعًا عن عباده وإن عصوا {انظُرْ} بعين الاعتبار {كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} في المال والجاه والسعة والكمال {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} روي أن قومًا من الأشراف فمن دونهم اجتمعوا بباب عمر رضي الله عنه فخرج الإذن لبلال وصهيب فشق على أبي سفيان فقال سهيل بن عمرو: إنما أتينا من قبلنا.
إنهم دعوا ودعينا يعني إلى الإسلام فأسرعوا وأبطأنا، وهذا باب عمر فكيف التفاوت في الآخرة، ولئن حسدتموهم على باب عمر لما أعد الله لهم في الجنة أكثر.
{لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا} فتصير جامعًا على نفسك الذم والخذلان.
وقيل: مشتومًا بالإهانة محرومًا عن الإعانة، إذ الخذلان ضد النصر والعون.
دليله قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده} [آل عمران: 160] حيث ذكر الخذلان بمقابلة النصر. اهـ.

.قال البيضاوي:

{سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}
سبحان اسم بمعنى التسبيح {الذى} هو التنزيه يستعمل علمًا له فيقطع عن الإِضافة ويمنع عن الصرف قال:
قَدْ قُلْتُ لَمَّا جَاءَني فَخْرُهُ ** سبحان من علقمة الفاخر

وانتصابه بفعل متروك إظهاره، وتصدير الكلام به للتنزيه عن العجز عما ذكر بعد. و{أسرى} وسرى بمعنى، و{لَيْلًا} نصب على الظرف. وفائدته الدلالة بتنكيره على تقليل مدة الإسراء، ولذلك قرئ: {من الليل} أي بعضه كقوله: {وَمِنَ اليل فَتَهَجَّدْ بِهِ} {مّنَ المسجد الحرام} بعينه لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق أو من الحرم» وسماه المسجد الحرام لأنه كله مسجد أو لأنه محيط به، أو ليطابق المبدأ المنتهى. لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان نائمًا في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء فأسرى به ورجع من ليلته، وقص القصة عليها وقال: «مثل لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصليت بهم» ثم خرج إلى المسجد الحرام وأخبر به قريشًا فتعجبوا منه استحالة، وارتد ناس ممن آمن به، وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال: إن كان قال لقد صدق، فقالوا: أتصدقه على ذلك، قال: إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي الصديق، واستنعته طائفة سافروا إلى بيت المقدس فجلى له فطفق ينظر إليه وينعته لهم، فقالوا: أما النعت فقد أصاب فقالوا أخبرنا عن عيرنا، فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها وقال تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق، فخرجوا يشتدون إلى الثنية فصادفوا العير كما أخبر، ثم لم يؤمنوا وقالوا ما هذا إلا سحر مبين وكان ذلك قبل الهجرة بسنة. واختلف في أنه كان في المنام أو في اليقظة بروحه أو بجسده، والأكثر على أنه أسرى بجسده إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السموات حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ولذلك تعجب قريش واستحالوه، والاستحالة مدفوعة بما ثبت في الهندسة أن ما بين طرفي قرص الشمس ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيفًا وستين مرة، ثم إن طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ثانية، وقد برهن في الكلام أن الأجسام متساوية في قبول الأعراض وأن الله قادر على كل الممكنات فيقدر أن يخلق مثل هذه الحركة السريعة في بدن النبي صلى الله عليه وسلم، أو فيما يحمله، والتعجب من لوازم المعجزات. {إلى المسجد الأقصى} بيت المقدس لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد. {الذى بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ببركات الدين والدنيا لأنه مهبط الوحي ومتعبد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من لدن موسى عليه الصلاة والسلام، ومحفوف بالأنهار والأشجار. {لِنُرِيَهُ مِنْ ءاياتنا} كذهابه في برهة من الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام له، ووقوفه على مقاماتهم، وصرف الكلام من الغيبة إلى التكلم لتعظيم تلك البركات والآيات. وقرئ {ليريه} بالياء. {إِنَّهُ هُوَ السميع} لأقوال محمد صلى الله عليه وسلم. {البصير} بأفعاله فيكرمه ويقربه على حسب ذلك.
{وَءاتَيْنَآ مُوسَى الكتاب وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِى إسراءيل أَلاَّ تَتَّخِذُواْ} على أن لا تتخذوا كقولك: كتبت إليك أن أفعل كذا. وقرأ أبو عمرو بالياء على {أن لا يتخذوا مِن دُونِى وَكِيلًا} ربًا تكلون إليه أموركم غيري.
{ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} نصب على الاختصاص أو النداء أن قرئ {أن لا تتخذوا} بالتاء على النهي يعني: قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلًا، أو على أنه أحد مفعولي {لاَ تَتَّخِذُواْ} و{مِن دُونِى} حال من {وَكِيلًا} فيكون كقوله: {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الملائكة والنبيين أَرْبَابًا} وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من واو {تَتَّخِذُواْ}، و{ذُرّيَّةِ} بكسر الذال. وفيه تذكير بأنعام الله تعالى عليهم في إنجاء آبائهم من الغرق بحملهم مع نوح عليه السلام في السفينة. {إِنَّهُ} إن نوحًا عليه السلام. {كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} يحمد الله تعالى على مجامع حالاته، وفيه إيماء بأن إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره، وحث للذرية على الاقتداء به. وقيل الضمير لموسى عليه الصلاة والسلام.
{وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل} وأوحينا إليهم وحيًا مقضيًا مبتوتًا. {فِى الكتاب} في التوراة. {لَتُفْسِدُنَّ في الأرض} جواب قسم محذوف، أو قضينا على إجراء القضاء المبتوت مجرى القسم. {مَّرَّتَيْنِ} إفسادتين أولاهما مخالفة أحكام التوراة وقتل شعياء وقيل أرمياء. وثانيهما قتل زكريا ويحيى وقَصْدُ قتل عيسى عليهم السلام. {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} ولتستكبرن عن طاعة الله تعالى أو لتظلمن الناس.
{فَإِذَا جَآء وَعْدُ أولاهما} وعد عقاب أولاهما. {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا} بختنصر عامل لهراسف على بابل وجنوده. وقيل جالوت الجزري. وقيل سنحاريب من أهل نينوى. {أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ} ذوي قوة وبطش في الحرب شديد. {فَجَاسُواْ} فترددوا لطلبكم. وقرئ بالحاء المهملة وهما أخوان. {خلال الديار} وسطها للقتل والغارة فقتلوا كبارهم وسبوا صغارهم وحرقوا التوراة وخربوا المسجد. والمعتزلة لما منعوا تسليط الله الكافر على ذلك أولوا البعث بالتخلية وعدم المنع. {وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا} وكان وعد عقابهم لابد أن يفعل.
{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة} أي الدولة والغلبة. {عَلَيْهِمْ} على الذين بعثوا عليكم، وذلك بأن ألقى الله في قلوب بهمن بن اسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم، فرد أسراهم إلى الشام وملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر، أو بأن سلط الله داود عليه الصلاة والسلام على جالوت فقتله {وأمددناكم بأموال وَبَنِينَ وجعلناكم أَكْثَرَ نَفِيرًا} مما كنتم، والنفير من ينفر مع الرجل من قومه وقيل جمع نفروهم المجتمعون للذهاب إلى العدو.
{إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ} لأن ثوابه لها. {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} فإن وباله عليها، وإنما ذكرها باللام ازدواجًا. {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخرة} وعد عقوبة المرة الآخرة. {فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ} أي بعثناهم {لِيَسُوءواْ وُجُوهَكُمْ} أي يجعلوها بادية آثار المساءة فيها، فحذف لدلالة ذكره أولًا عليه. وقرأ ابن عامر وحمزة وأبو بكر: {ليسوء} على التوحيد، والضمير فيه للوعد أو للبعث أو لله، ويعضده قراءة الكسائي بالنون. وقرئ {لنسوأن} بالنون والياء والنون المخففة والمثقلة، و{لنسوأن} بفتح اللام على الأوجه الأربعة على أنه جواب إذا واللام في قوله: {وَلِيَدْخُلُواْ المسجد} متعلق بمحذوف هو بعثناهم. {كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ} ليهلكوا. {مَا عَلَوْاْ} ما غلبوه واستولوا عليه أو مدة علوهم. {تَتْبِيرًا} ذلك بأن سلط الله عليهم الفرس مرة أخرى فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف اسمه جودرز، وقيل حردوس قيل دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دمًا يغلي فسألهم عنه فقالوا: دم قربان لم يقبل منا فقال: ما صدقوني فقتل عليه ألوفًا منهم فلم يهدأ الدم، ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدًا، فقالوا: إنه دم يحيى فقال لمثل هذا ينتقم ربكم منكم، ثم قال يا يحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك، فاهدأ بإذن الله تعالى قبل أن لا أبقي أحدًا منهم فهدأ.
{عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ} بعد المرة الآخرة. {وَإِنْ عُدتُّمْ} نوبة أخرى. {عُدْنَا} مرة ثالثة إلى عقوبتكم وقد عادوا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، وقصد قتله فعاد الله تعالى بتسليطه عليهم فقتل قريظة وأجلى بني النضير، وضرب الجزية على الباقين هذا لهم في الدنيا. {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافرين حَصِيرًا} محبسًا لا يقدرون على الخروج منها أبد الآباد. وقيل بساطًا كما يبسط الحصير.
{إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} للحالة أو الطريقة التي هي أقوم الحالات أو الطرق. {وَيُبَشّرُ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} وقرأ حمزة والكسائي: {وَيُبَشّرُ} بالتخفيف.
{وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} عطف على {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}، والمعنى أنه يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم، أو على {يُبَشّرُ} بإضمار يخبر.
{وَيَدْعُ الإنسان بالشر} ويدعو الله تعالى عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وماله، أو يدعوه بما يحسبه خيرًا وهو شر. {دُعَاءهُ بالخير} مثل دعائه بالخير. {وَكَانَ الإنسان عَجُولًا} يسارع إلى كل ما يخطر بباله لا ينظر عاقبته. وقيل المراد آدم عليه الصلاة والسلام فإنه لما انتهى الروح إلى سرته ذهب لينهض فسقط. روي: أنه عليه السلام دفع أسيرًا إلى سودة بنت زمعة فرحمته لأنينه فأرخت كتافه، فهرب فدعا عليها بقطع اليد ثم ندم فقال عليه السلام: اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي رحمة له فنزلت. ويجوز أن يريد بالإِنسان الكافر وبالدعاء استعجاله بالعذاب استهزاء كقول النضر بن الحارث: اللهم انصر خير الحزبين، {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ} الآية. فأجيب له فضرب عنقه صبرًا يوم بدر.
{وَجَعَلْنَا اليل والنهار ءايَتَيْنِ} تدلان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد بإمكان غيره. {فَمَحَوْنَا ءايَةَ اليل} أي الآية التي هي الليل، بالإِشراق والإِضافة فيهما للتبيين كإضافة العدد إلى المعدود. {وَجَعَلْنَا ءَايَةَ النهار مُبْصِرَةً} مضيئة أو مبصرة للناس من أبصره فبصر، أو مبصرًا أهله كقولهم: أجبن الرجل إذا كان أهله جبناء. وقيل الآيتان القمر والشمس، وتقدير الكلام وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين، أو جعلنا الليل والنهار ذوي آيتين ومحو آية الليل التي هي القمر جعلها مظلمة في نفسها مطموسة النور، أو نقص نورها شيئًا فشيئًا إلى المحاق، وجعل آية النهار التي هي الشمس مبصرة جعلها ذات شعاع تبصر الأشياء بضوئها. {لِتَبْتَغُواْ فَضْلًا مّن رَّبّكُمْ} لتطلبوا في بياض النهار أسباب معاشكم وتتوصلوا به إلى استبانة أعمالكم. {وَلِتَعْلَمُواْ} باختلافهما أو بحركاتهما. {عَدَدَ السنين والحساب} وجنس الحساب. {وَكُلَّ شىْء} تفتقرون إليه في أمر الدين والدنيا. {فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} بيناه بيانًا غير ملتبس.