فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ونقل الشعراني عن الخواص أنه قال: كل جماد يفهم الخطاب ويتألم كما يتألم الحيوان، وقال الشيخ الأكبر قدس سره: أن المسمى بالجماد والنبات له عندنا أرواح بطنت عن إدراك غير الكشف إياها في العادة فالكل عندنا حي ناطق غير أن هذا المزاج الخاص يسمى إنسانًا لا غير بالصورة ووقع التفاصيل بين الخلائق في المزاج والكل يسبح الله تعالى كما نطقت الآية به ولا يسبح إلا حي عاقل عالم عارف بمسبحه، وقد ورد أن المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس، والشرائع والنبوات مشحونة بما هو من هذا القبيل ونحن زدنا مع الإيمان بالأخبار الكشف إلى آخر ما قال.
واستدل بعضهم في هذا المقام بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال في دعائه للحمى: «يا أم ملدم إن كنت آمنت بالله تعالى فلا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم ولا تفوري من الفم وانتقلي إلى من يزعم أن مع الله تعالى آلهة أخرى فإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم» وجاء عن السجاد رضي الله تعالى عنه في الصحيفة في مخاطبة القمر ما هو ظاهر في أن له شعورًا، واستفاض عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كتب للنيل كتابًا يخاطبه فيه بما يخاطبه وضرب الأرض بالدرة حين تزلزلت وقال لها: إني أعدل عليك.
وكم وكم في الأخبار نحو ذلك قيل ولا داعي لتأويلها إذ لا أحد يقول: إن شعور الجمادات كشعور الحيوانات الظاهرة بحيث يدركه كل أحد حتى يكون العمل بظاهر اللفظ خلاف حس العقلاء فيجب ارتكاب التأويل والتجوز، ومن علم عظم قدرة الله عز وجل وأنه سبحانه لا يعجزه شيء وأن المخلوقين على اختلاف مراتبهم لا سيما المنغمسين في أوحال العلائق والعوائق الدنيوية والمسجونين في سجين الطبيعة الدنية لم يقفوا على عشر العشر مما أودع في عالم الإمكان ونقش بيد الحكمة على برود الأعيان سلم ما جاء به الصادق عليه الصلاة والسلام وإن خالف ما عنده نسب القصور إلى نفسه فرب فكر يظنه المرء حقًا وهو من الأوهام كما لا يخفى على من أنصف ولم يتعسف.
وعلى هذا الذي ذكروه لا تحتاج إعادة ضمير ذوي العلم في {تَسْبِيحَهُمْ} على ما تقدم إلى توجيه وتفصى آخر عن الأول بأن قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} متعلق بقوله سبحانه: {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ} ولا يخفى ما في هذا التفصي، ولعل الأولى فيه أن يلتزم حمل التسبيح على ما هو الأعم من الحالي والقالي ويثبت كلا النوعين لكل شيء، والتذييل باعتبار القصور في فقه الحالي لا باعتبار القصور في فقه الآخر، ويشكل أيضًا أن من أفراد من نسب إليه التسبيح الجحد فضلًا عن الساكت فالحمل على المجاز واجب.
وأجيب بأن استثناء أولئك معلوم بقرينة السباق واللحاق، وزعم من زعم أن الجاحد مقدس أيضًا وأنشدوا للحلاج:
جحودي لك تقديس ** وعقلي فيك منهوس

فما آدم إلاك ** وما في الكون إبليس

وأنت تعلم أن مثل هذا الحلج والندف صار سببًا لما لاقى من الحتف فماذا عسى أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل.
وقرئ {لاَّ يَفْقَهُونَ} على صيغة المبني للمفعول من باب التفعيل. اهـ.

.قال القاسمي:

{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا}.
خطاب للذين قالوا من مشركي العرب: الملائكة بنات الله والهمزة للإنكار. قال الزمخشري: والمعنى: أفخصكم ربكم، على وجه الخلوص والصفاء، بأفضل الأولاد وهم الذكور، ولم يجعل فيهم نصيبًا لنفسه، واتخذ أدونهم، وهن البنات، وأنتم لا ترضونهن لأنفسكم، بل تئدونهن وتقتلونهن. فهذا خلاف الحكمة وما عليه معقولكم وعادتكم. فإن العبيد لا يؤثرون بأجود الأشياء، وأصفاها من الشوب، ويكون أردؤها وأدونها للسادات. وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} أي: بإضافة الأولاد إليه، وهي خاصة المحدثات. ثم بإيثاركم أنفسكم عليه، حيث تجعلون له ما تكرهون.
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ} أي: كررنا للناس البيان بوجوه كثيرة، وبينا فيه من كل مثل: {لِيَذَّكَّرُواْ} أي: ليتعظوا ويطمئنوا إلى ما يحتج به عليهم: {وَمَا يَزِيدُهُمْ} أي: التصريف المذكور: {إِلاَّ نُفُورًا} أي: عن الحق وبعدًا عنه، الذي يقربه وجوه البيان.
وقوله تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} أي: قل لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شركاء من خلقه، العابدين معه غيره، ليقربهم إليه زلفى: لو كان الأمر كما تقولون، وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه؛ لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه، ويبتغون الزلفى والطاعة لديه، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه. ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه. فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه. بل يكرهه ويأباه. وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه. هذا ما اختاره ابن كثير، وسبقه إليه ابن جرير.
وحاصله: أن السبيل بمعنى الوسيلة الموصلة إليه. وفيه إشارة إلى قياس اقتراني تقريره هكذا: ولو كان كما زعمتم معه آلهة لتقربوا إليه. وكل من كان كذلك ليس إلهًا، فهم ليسوا بآلهة. وقيل: معنى: {لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} أي: لطلبوا إليه سبيلًا بالمغالبة والممانعة، كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض، على طريقة قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] وهذا الوجه قدمه الزمخشري على الأول. وقال أبو السعود: إنه الأظهر الأنسب لقوله:
{سُبْحَانَهُ} فإنه صريح في أن المراد بيان أنه يلزم مما يقولونه محذور عظيم، من حيث لا يحتسبون. وأما ابتغاء السبيل إليه تعالى بالتقرب، فليس مما يختص بهذا التقرير، ولا هو مما يلزمهم من حيث لا يشعرون. بل هو أمر يعتقدونه رأسًا. انتهى. ومعنى: {سُبْحَانَهُ} أي: تنزه عن الولد والشريك تنزهًا حقيقًا به: {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} أي: تعاظم عن ذلك تعاظمًا كبيرًا. فإن مثل هذه الفرية والبهتان، مما يتنزه عنه مقامه الأسمى.
قال الشهاب: وذكر العلو، بعد عنوانه بذي العرش في أعلى مراتب البلاغة. وقوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} أي: تُنزِّهُ الله، وتُقدسُهُ وتُجلُّهُ السماوات والأرض ومن فيهن من المخلوقات عما يصفه به المشركون. وتشهد جميعها له بالوحدانية في إلهيته وربوبيته، كما قال: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم: 90- 91]، وقوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} أي: لأنها بخلاف لغاتكم.
قال ابن كثير: وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات، على أشهر القولين. ثم استدل بما صح من تسبيح الطعام، والحصا، مما خرج في الصحيحين والمسانيد، مما هو مشهور. واختاره الراغب في مفرداته وقال: إنه تسبيح على الحقيقة بدلالة قوله: {وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} ودلالة قوله: {وَمَن فِيهنَّ} بعد ذكر السماوات والأرض لا يصح أن يكون تقديره يسبح له من في السماوات ويسجد له من في الأرض لأن هذا ممن نفقهه، ولأنه محال أن يكون ذلك تقديره. ثم يعطف عليه بقوله: {وَمَن فِيهنَّ} والأشياء كلها تسبح له وتسجد بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار. والآية تدل على أن المذكورات تسبح باختيار، لما ذكر من الدلالة. انتهى.
وذهب كثيرون إلى أن التسبيح المذكور مجازي، على طريقة الاستعارة التمثيلية أو التبعية، كـ: نطقت الحال فإنه استعير فيه للتسبيح للدلالة على وجود فاعل قادر حكيم واجب الوجود، منزه عن الولد والشريك، كما يدل الأثر على مؤثره. فجعلت تلك الدلالة الحالية كأنه تنزيه له عما يخالفه.
وفي كل شيء له آية ** تدل على أنه الواحد

قالوا: والخطاب في قوله تعالى: {وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} للمشركين. أي: لإخلالكم بالنظر الصحيح الذي به يفهم تسبيحهم. وقد بالغ في رد القول الأول واختيار الثاني، الإمام ابن حزم في كتابه الملل والنحل ولا بأس بإيراده، لما فيه من الغرائب.
قال رحمه الله في الرد على من قال: إن في البهائم رسلًا: إنما يخاطب الله تعالى بالحجة من يعقلها. قال الله تعالى: {يَا أُولِي الْأَلْبَاب} [البقرة: 179]، وقد علمنا بضرورة الحسن؛ أن الله تعالى إنما خص بالنطق- الذي هو التصرف في العلوم ومعرفة الأشياء على ما هي عليه، والتصرف في الصناعات على اختلافها- الإنسان خاصة. وأضفنا إليهم، بالخبر الصادق، الجن والملائكة. ثم قال رحمه الله: وقد قاد السخف بعضهم إلى أن جعل للجمادات تمييزًا لمثل قوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} ونحوه من الآيات. ولا حجة لهم فيه؛ لأن القرآن واجب أن يحمل على ظاهره، كذلك كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن خالف ذلك كان عاصيًا لله عز وجل، مبدلًا لكلماته، ما لم يأت نص في أحدهما، أو إجماع متيقن، أو ضرورة حس على خلاف ظاهره، فيوقف عند ذلك. ويكون من حمله على ظاهره حينئذ ناسبًا الكذب إلى الله عز وجل، أو كاذبًا عليه وعلى نبيه عليه السلام، نعوذ بالله من كلا الوجهين.
وإذ قد بينا قبلُ بالبراهين الضرورية؛ أن الحيوان غير الإنسان والجن والملائكة لا نطق له. نعني أنه لا تصرف له في العلوم والصناعات. وكان هذا القول مشاهدًا بالحس معلومًا بالضرورة، لا ينكره إلا وقح مكابر لحسِّه، وبيَّنا أن كل ما كان بخلاف التمييز المعهود عندنا، فإنه ليس تمييزًا. وكان هذا أيضًا يعلم بالضرورة والعيان والمشاهدة؛ فوجب أنه بخلاف ما يسمى في الشريعة واللغة نطقًا وقولًا وتسبيحًا وسجودًا. فقد وجب أنها أسماء مشتركة اتفقت ألفاظها. وأما معانيها فمختلفة، لا يحل لأحد أن يحملها على غير هذا؛ لأنه إن فعل كان مخبرًا أن الله تعالى قال ما يبطله العيان والعقل الذي به عرفنا الله تعالى، ولولاه ما عرفناه.
فاللفظ مشترك والمعنى هو ما قام الدليل عليه، بيان ذلك: أن التسبيح عندنا إنما هو قول سبحان الله وبحمده وبالضرورة نعلم أن الحجارة والخشب والهوام والحشرات والألوان لا تقول سبحان الله، بالسين والباء والحاء والألف والنون واللام والهاء هذا ما لا يشك فيه من له مسكة عقل. فإذ لا شك في هذا، فباليقين علمنا أن التسبيح الذي ذكره الله تعالى هو حق وهو معنى غير تسبيحنا نحن بلا شك. فإذ لا شك في هذا فإن التسبيح في أصل اللغة هو تنزيه الله تعالى عن السوء. فإذا قد صح هذا؛ فإن كل شيء في العالم بلا شك منزه لله تعالى عن السوء الذي هو صفة الحدوث. وليس في العالم شيء إلا وهو دال بما فيه من دلائل الصنعة واقتضائه صانعًا لا يشبهه على أن الله تعالى منزه عن كل سوء ونقص، وهذا هو الذي لا يفهمه ولا يفقهه كثير من الناس، كما قال تعالى: {وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} فهذا هو تسبيح كل شيء بحمد الله تعالى بلا شك. وهذا المعنى حق لا ينكره موحد. فإن كان قولنا هذا متفقًا على صحته، وكانت الضرورة توجب أنه ليس هو التسبيح المعهود عندنا، فقد ثبت قولنا وانتفى قول من خالفنا بظنه.
وأيضًا فإن الله تعالى يقول: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} والكافر الدهري شيء لا يشك في أنه شيء، وهو لا يسبح بحمد الله تعالى البتة، فصح ضرورة أن الكافر يسبح؛ إذ هو من جملة الأشياء التي تسبح بحمد الله تعالى. وإن تسبيحه ليس هو قوله سبحان الله وبحمده بلا شك. ولكن تنزيه الله تعالى بدلائل خلقه وتركيبه عن أن يكون الخالق مشبهًا لشيء مما خلق. وهذا يقيني لا شك فيه.
فصح بما ذكرنا أن لفظة التسبيح هي من الأسماء المشتركة، وهي التي تقع على نوعين فصاعدًا. انتهى كلامه.
ومحصله: نفي أن يكون للجمادات تسبيح وتمييز بالمعنى الموجود في الإنسان. وهو حق لا شبهة فيه ولا يسوغ لأحد إنكاره. إلا أنه لا ينفي أن يكون له تسبيح وفيه تمييز يناسبه، فيرجع الخلاف لفظيًا. وقد وافق العلم الحديث الآن- كما قاله بعض الفضلاء- على أن في الجماد أثرًا من الحياة. وأن فيه جميع الصفات الجوهرية التي تميز الأحياء. وأن ما فيه في الجواهر الفردة ودقائق المادة ليست ميتة، بل هي عناصر حية متحركة لها صورة من صور الحياة الدنيا المشاهدة في جميع أنواع المادة مثل الجذب، والدفع، والتأثر بالمؤثرات الخارجية، وتغير قوة التوازن، وتجمع الدقائق على أشكال منتظمة، طبقًا لتراكيب محدودة، وإفراز مركبات كيماوية مختلفة. وبالجملة؛ فما يقوله العلم الجديد عن مشابهة الأجسام غير الحية للأجسام الحية يطابق تصورات الأقدمين والشعراء في ذلك. انتهى.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} أي: حيث لم يعاجلهم بالعقوبة، مع كفرهم وقصورهم في النظر. ولو تابوا لغفر لهم ما كان منهم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)}.
تفريع على مقدر يدل على تقديره المفرع عليه.
والتقدير: أفضلكم الله فأعطاكم البنين وجعل لنفسه البنات.
ومناسبته لما قبله أن نسبة البنات إلى الله ادعاء آلهة تنتسب إلى الله بالبنوة، إذ عبد فريق من العرب الملائكَة كما عبدوا الأصنام، واعتلوا لعبادتهم بأن الملائكة بنات الله تعالى كما حكى عنهم في قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا} إلى قوله: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم} [الزخرف: 19 20].
فلما نهوا عن أن يجعلوا مع الله إلهًا آخر خصص بالتحذير عبادة الملائكة لئلا يتوهموا أن عبادة الملائكة ليست كعبادة الأصنام لأن الملائكة بنات الله ليتوهموا أن الله يرضى بأن يعبدوا أبناءه.