فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله تعالى: {وجعلنا على قلوبهم أكنَّة أن يفقهوه} قد شرحناه في [الأنعام: 25].
قوله تعالى: {وإِذا ذَكَرْتَ ربَّك في القرآن وحده} يعني: قلتَ: لا إِله إِلا الله، وأنت تتلو القرآن {ولَّوا على أدبارهم} قال أبو عبيدة: أي: على أعقابهم، {نُفورًا} وهو: جمع نافر، بمنزلة قاعد وقُعود، وجالس وجُلوس.
وقال الزجاج: تحتمل مذهبين.
أحدهما: المصدر، فيكون المعنى: ولَّوا نافرين نفورًا.
والثاني: أن يكون {نفورًا} جمع نافر.
وفي المشار إِليهم قولان.
أحدهما: أنهم الشياطين، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم المشركون، وهذا مذهب ابن زيد.
قوله تعالى: {نحن أعلم بما يستمعون به} قال المفسرون: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا عليه السلام أن يتخذ طعامًا ويدعو إِليه أشراف قريش من المشركين، ففعل ذلك، ودخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهم القرآن، ودعاهم إِلى التوحيد، وكانوا يستمعون ويقولون فيما بينهم: هو ساحر، هو مسحور، فنزلت هذه الآية: {نحن أعلم بما يستمعون به}، أي: يستمعونه، والباء زائدة.
{إِذ يستمعون إِليك وإِذ هم نجوى} قال أبو عبيدة: هي مصدر مِنْ ناجَيْتُ واسم منها، فوصف القوم بها، والعرب تفعل ذلك، كقولهم: إِنما هو عذاب، وأنتم غَمٌّ، فجاءت في موضع متناجين.
وقال الزجاج: والمعنى: وإِذ هم ذوو نجوى، وكانوا يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون بينهم: هو ساحر، وهو مسحور، وما أشبه ذلك من القول.
قوله تعالى: {إِذ يقول الظالمون} يعني: أولئك المشركون {إِن تتَّبعون} أي: ما تتَّبعون {إِلا رجلًا مسحورًا} وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه الذي سُحر فذُهب بعقله، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: مخدوعًا مغرورًا، قاله مجاهد.
والثالث: له سَحْر، أي: رئة؛ وكلُّ دابَّة أو طائر أو بَشَر يأكل فهو: مسحور ومسحَّر، لأن له سَحْرًا، قال لبيد:
فانْ تَسْأَلِينا فِيمَ نَحْنُ فانَّنا ** عَصَافِيرُ مِنْ هَذَا الأنامِ المَسَحَّر

وقال امرؤ القيس:
أُرانا مُرْصَدِيْن لأَمْرِ غَيْبٍ ** ونُسْحَرُ بالطَّعامِ وبالشَّرَابِ

أي: نُغذَّى، لأن أهل السماء لا يأكلون، فأراد أن يكون مَلَكًا.
فعلى هذا يكون المعنى: إِن تتبعون إِلا رجلًا له سَحْر، خلقه الله كخلقكم، وليس بملَكٍ، وهذا قول أبي عبيدة.
قال ابن قتيبة: والقول قول مجاهد، [أي: مخدوعًا]، لأن السِّحر حيلة وخديعة، ومعنى قول لبيد المسحَّر: المعلَّل، وقول امرئ القيس: {ونُسْحَر} أي: نُعلَّل، وكأنا نُخدَع، والناس يقولون: سحرتَني بكلامكَ، أي: خدعتَني، ويدل عليه قوله: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال}، لأنهم لو أرادوا رجلًا ذا رِئَةٍ، لم يكن في ذلك مَثَلٌ ضربوه، فلما أرادوا مخدوعًا كأنه بالخديعة سُحر كان مَثَلًا ضربوه، وكأنهم ذهبوا إِلى أن قومًا يعلِّمونه ويخدعونه.
قال المفسرون: ومعنى {ضربوا لك الأمثال} بيَّنوا لك الأشباه، حتى شبَّهوك بالساحر والشاعر والمجنون {فَضَلُّوا} عن الحق، {فلا يستطيعون سبيلًا} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: لا يجدون سبيلًا إِلى تصحيح ما يعيبونك به.
والثاني: لا يستطيعون سبيلًا إِلى الهُدى، لأنا طبعنا على قلوبهم.
والثالث: لا يأتون سبيل الحق، لثقله عليهم؛ ومثله قولهم: لا أستطيع أن أنظر إِلى فلان، يعنون: أنا مبغِض له، فنظري إِليه يثقل، ذكرهن ابن الأنباري.
قوله تعالى: {أئذا كُنَّا عظامًا} قرأ ابن كثير: {أَيْذا} بهمزة ثم يأتي بياء ساكنة من غير مَدّ، {أَينا} مثله، وكذلك في كل القرآن.
وكذلك روى قالون عن نافع، إِلا أن نافعًا كان لا يستفهم في {أَيْنا}، كان يجعل الثاني خبرًا في كل القرآن، وكذلك مذهب الكسائي، غير أنه يهمز الأُولى همزتين.
وقرأ عاصم، وحمزة بهمزتين في الحرفين جميعًا وقرأ ابن عامر: {إِذا كُنّا} بغير استفهام بهمزة واحدة {آئنا} بهمزتين يمد بينهما مدة.
قوله تعالى: {ورُفاتًا} فيه قولان.
أحدهما: أنه التراب، ولا واحد له، فهو بمنزلة الدُّقاق والحُطام، قاله الفراء، وهو مذهب مجاهد.
والثاني: أنه العظام مالم تتحطم، والرُّفات: الحُطام، قاله أبو عبيدة.
وقال الزجاج: الرُّفات: التراب.
والرُّفات: كل شيء حُطِمَ وكُسِرَ، و{خلقًا جديدًا} في معنى مجددًا. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}.
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت: لما نزلت سورة {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ} أقبلت العَوْرَاءُ أمُّ جميل بنت حرب ولها وَلْوَلة وفي يدها فِهْر وهي تقول:
مُذَمَّمًا عَصَيْنَا

وأمْرَه أبَيْنَا ** *

وَدِينَه قَلَيْنَا

والنبيّ صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد ومعه أبو بكر رضي الله عنه؛ فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، لقد أقبلتْ وأنا أخاف أن تراك! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لن تراني» وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال وقرأ {وَإِذَا قَرَأْتَ القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة حِجَابًا مَّسْتُورًا}.
فوقفت على أبي بكر رضي الله عنه ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا بكر، أخبِرتُ أن صاحبك هجاني! فقال: لا ورَبِّ هذا البيت ما هجاك قال: فولّت وهي تقول: قد علمتْ قريش أني ابنة سيدِها وقال سعيد بن جُبير رضي الله عنه: لما نزلت {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} جاءت امرأة أبي لهب إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فقال أبو بكر: لو تَنَحّيْتَ عنها لئلا تُسمِعَك ما يؤذيك، فإنها امرأة بذِيّة.
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنه سيحال بيني وبينها» فلم تره فقالت لأبي بكر: يا أبا بكر، هجانا صاحبك! فقال: واللَّهِ ما ينطق بالشعر ولا يقوله فقالت: وإنك لمصدّقه؛ فاندفعت راجعة. فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، أمَا رأتك؟ قال: «لا ما زال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت» وقال كعب رضي الله عنه في هذه الآية: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يستتر من المشركين بثلاث آيات: الآية التي في الكهف {إِنَّا جَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الكهف: 57]، والآية التي في النحل {أولئك الذين طَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [النحل: 108]، والآية التي في الجاثية {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ وَخَتَمَ على سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ على بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23] الآية.
فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا قرأهن يستتر من المشركين.
قال كعب رضي الله تعالى عنه: فحدّثت بهن رجلًا من أهل الشأم، فأتى أرض الروم فأقام بها زمانًا، ثم خرج هاربًا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن فصاروا يكونون معه على طريقه ولا يبصرونه.
قال الثعلبي: وهذا الذي يروُونه عن كعب حدّثت به رجلًا من أهل الريّ فأسر بالدَّيْلَم، فمكث زمانًا ثم خرج هاربًا فخرجوا في طلبه فقرأ بهن حتى جعلت ثيابهم لتلمس ثيابه فما يبصرونه.
قلت: ويزاد إلى هذه الآي أوّلُ سورة ياس إلى قوله: {فهم لا يبصرون}.
فإن في السيرة في هجرة النبيّ صلى الله عليه وسلم ومقامِ عليّ رضي الله عنه في فراشه قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حَفْنَة من تراب في يده، وأخذ الله عز وجل على أبصارهم عنه فلا يَرَوْنه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات من يس: {يس والقرآن الحكيم إِنَّكَ لَمِنَ المرسلين على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ تَنزِيلَ العزيز الرحيم} [يس: 1-5].
إلى قوله: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس: 9].
حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب.
قلت: ولقد اتفق لي ببلادنا الأندلس بحصن منثور من أعمال قرطبة مثل هذا.
وذلك أني هربت أمام العدوّ وانحزت إلى ناحية عنه، فلم ألبث أن خرج في طلبي فارسان وأنا في فضاء من الأرض قاعد ليس يسترني عنهما شيء، وأنا أقرأ أول سورة يس وغير ذلك من القرآن؛ فعبرا عليّ ثم رجعا من حيث جاءا وأحدهما يقول للآخر: هذا دِيَبْلُه؛ يعنون شيطانًا.
وأعمى الله عز وجل أبصارهم فلم يروني، والحمد لله حمدًا كثيرًا على ذلك.
وقيل: الحجاب المستور طَبْعُ اللَّهِ على قلوبهم حتى لا يفقهوه ولا يدركوا ما فيه من الحكمة؛ قاله قتادة.
وقال الحسن: أي أنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب في عدم رؤيته لك حتى كأن على قلوبهم أغطية.
وقيل: نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن، وهم أبو جهل وأبو سفيان والنضر بن الحارث وأم جميل امرأة أبي لهب وحُوَيطب؛ فحجب الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم عن أبصارهم عند قراءة القرآن، وكانوا يمرّون به ولا يرونه؛ قاله الزجاج وغيره.
وهو معنى القول الأوّل بعينه، وهو الأظهر في الآية، والله أعلم.
وقوله: {مَّسْتُورًا} فيه قولان: أحدهما: أن الحجاب مستور عنكم لا ترونه.
والثاني: أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه؛ ويكون مستورًا بمعنى ساتر.
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً}
{أكِنة} جمع كِنان، وهو ما ستر الشيء.
وقد تقدم في الأنعام.
{أَن يَفْقَهُوهُ} أي لئلا يفقهوه، أو كراهية أن يفقهوه، أي أن يفهموا ما فيه من الأوامر والنواهي والحِكم والمعاني، وهذا ردّ على القدرية.
{وفي آذَانِهِمْ وَقْرًا} أي صممًا وثقلًا، وفي الكلام إضمار، أي أن يسمعوه.
{وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ} أي قلت: لا إله إلا الله وأنت تتلو القرآن.
وقال أبو الجَوْزاء أوْس بن عبد الله: ليس شيء أطْرَدَ للشيطان من القلب من قول لا إله إلا الله، ثم تلا {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ وَلَّوْاْ على أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا}.
وقال علي بن الحسين: هو قوله بسم الله الرحمن الرحيم، وقد تقدم هذا في البسملة.
{وَلَّوْاْ على أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} قيل: يعني بذلك المشركين.
وقيل: الشياطين.
وَ{نُفُورًا} جمع نافر؛ مثل شهود جمع شاهد، وقعود جمع قاعد، فهو منصوب على الحال.
ويجوز أن يكون مصدرًا على غير الصدر؛ إذ كان قوله: {وَلَّوْا} بمعنى نفروا، فيكون معناه نفروا نفورًا.
قوله تعالى: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}
قيل: الباء زائدة في قوله: {به} أي يستمعونه.
وكانوا يستمعون من النبيّ صلى الله عليه وسلم القرآن ثم ينفرون فيقولون: هو ساحر ومسحور؛ كما أخبر الله تعالى به عنهم؛ قاله قتادة وغيره.
{وَإِذْ هُمْ نجوى} أي متناجون في أمرك.
قال قتادة: وكانت نجواهم قولهم إنه مجنون وإنه ساحر وإنه يأتي بأساطير الأوّلين، وغير ذلك.
وقيل: نزلت حين دعا عُتْبة أشرافَ قريش إلى طعام صنعه لهم، فدخل عليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله؛ فتناجوا؛ يقولون ساحر ومجنون.
وقيل: أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم عليًّا أن يتخذ طعامًا ويدعو إليه أشراف قريش من المشركين؛ ففعل ذلك عليّ ودخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى التوحيد، وقال: {قولوا لا إله إلا الله لتطيعكم العرب وتدين لكم العجم} فأبَوْا، وكانوا يستمعون من النبيّ صلى الله عليه وسلم ويقولون بينهم متناجين: هو ساحر وهو مسحور؛ فنزلت الآية.
وقال الزجاج: النَّجْوَى اسم للمصدر؛ أي وإذ هم ذو نجوى، أي سرار.
{إِذْ يَقُولُ الظالمون} أبو جهل والوليد بن المُغِيرة وأمثالهما.
{إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا} أي مَطْبُوبًا قد خبله السحر فاختلط عليه أمره، يقولون ذلك لينفروا عنه الناس.
وقال مجاهد: {مسحورًا} أي مخدوعًا؛ مثلُ قوله: {فأنى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89] أي من أين تخدعون.
وقال أبو عبيدة: {مسحورًا} معناه أن له سَحْرًا، أي رِئة، فهو لا يستغني عن الطعام والشراب؛ فهو مثلكم وليس بمَلَك.
وتقول العرب لِلجبان: قد انتفخ سَحْره ولكل من أكل من آدمي وغيره أو شرب مسحور ومُسَحَّر.
قال لبيد:
فإن تسألينا فِيم نحن فإنّنا ** عصافيرُ من هذا الأنام المُسَحَّرِ

وقال امرؤ القيس:
أَرَانَا مُوضِعين لأمر غَيْبِ ** ونُسْحَر بالطعام وبالشّرابِ

أي نُغَذَّى ونُعَلّل، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: مَن هذه التي تُساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تُوُفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سَحْرِي ونَحْرِي.
قوله تعالى: {انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال} عجّبه من صنعهم كيف يقولون تارةً ساحر وتارة مجنون وتارة شاعر.
{فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلًا} أي حِيلة في صدّ الناس عنك.
وقيل: ضَلُّوا عن الحق فلا يجدون سبيلًا، أي إلى الهدى.
وقيل: مخرجًا؛ لتناقض كلامهم في قولهم: مجنون، ساحر، شاعر.
قوله تعالى: {وقالوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} أي قالوا وهم يتناجَوْن لما سمعوا القرآن وسمعوا أمر البعث: لو لم يكن مسحورًا مخدوعًا لما قال هذا.
قال ابن عباس: الرُفات الغبار.
مجاهد: التراب.
والرفات ما تكسّر وبَلِيَ من كل شيء؛ كالفُتات والحُطام والرُّضاض؛ عن أبي عبيدة والكسائيّ والفَرّاء والأخفش.
تقول منه: رُفِتَ الشيء رَفْتًا، أي حُطِم؛ فهو مرفوت.
{أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} {أئنا} استفهام والمراد به الجَحْد والإنكار.
و{خلقًا} نصب لأنه مصدر؛ أي بعثًا جديدًا.
وكان هذا غايةَ الإنكار منهم. اهـ.