فصل: فصل في مراتب الحسد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في مراتب الحسد:

قال الفخر:
في مراتب الحسد، قال الغزالي رحمه الله هي أربعة.
الأولى: أن يحب زوال تلك النعمة وإن كان ذلك لا يحصل له وهذا غاية الحسد.
والثانية: أن يحب زوال تلك النعمة عنه إليه وذلك مثل رغبته في دار حسنة أو امرأة جميلة أو ولاية نافذة نالها غيره وهو يحب أن تكون له، فالمطلوب بالذات حصوله له، فأما زواله عن غيره فمطلوب بالعرض.
الثالثة: أن لا يشتهي عنها بل يشتهي لنفسه مثلها، فإن عجز عن مثلها أحب زوالها لكي لا يظهر التفاوت بينهما.
الرابعة: أن يشتهي لنفسه مثلها، فإن لم يحصل فلا يحب زوالها، وهذا الأخير هو المعفو عنه إن كان في الدنيا والمندوب إليه إن كان في الدين، والثالثة: منها مذمومة وغير مذمومة، والثانية: أخف من الثالثة، والأول: مذموم محض قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ الله بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ} [النساء: 32] فتمنيه لمثل ذلك غير مذموم وأما تمنيه عين ذلك فهو مذموم. اهـ.

.فصل في أسباب الحسد:

قال الفخر:
ذكر الشيخ الغزالي رحمة الله عليه للحسد سبعة أسباب:
السبب الأول: العداوة والبغضاء، فإن من آذاه إنسان أبغضه قلبه وغضب عليه، وذلك الغضب يولد الحقد والحقد يقتضي التشفي والانتقام، فإن عجز المبغض عن التشفي بنفسه أحب أن يتشفى منه الزمان، فمهما أصاب عدوه آفة وبلاء فرح، ومهما أصابته نعمة ساءته، وذلك لأنه ضد مراده، فالحسد من لوازم البغض والعداوة ولا يفارقهما، وأقصى الإمكان في هذا الباب أن لا يظهر تلك العداوة من نفسه وأن يكره تلك الحالة من نفسه، فأما أن يبغض إنسانًا ثم تستوي عنده مسرته ومساءته فهذا غير ممكن، وهذا النوع من الحسد هو الذي وصف الله الكفار به، إذ قال: {وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأنامل مِنَ الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [آل عمران: 119، 120] وكذا قال: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم} [آل عمران: 118].
واعلم أن الحسد ربما أفضى إلى التنازع والتقاتل.
السبب الثاني: التعزز، فإن واحدًا من أمثاله إذا نال منصبًا عاليًا ترفع عليه وهو لا يمكنه تحمل ذلك، فيريد زوال ذلك المنصب عنه وليس من غرضه أن يتكبر، بل غرضه أن يدفع كبره فإنه قد يرضى بمساواته ولكنه لا يرضى بترفعه عليه.
السبب الثالث: أن يكون في طبيعته أن يستخدم غيره فيريد زوال النعمة من ذلك الغير ليقدر على ذلك الغرض، ومن هذا الباب كان حسد أكثر الكفار للرسول عليه الصلاة والسلام إذ قالوا: كيف يتقدم علينا غلام يتيم وكيف نطأطئ له رءوسنا؟ فقالوا: {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [الزخرف: 31] وقال تعالى يصف قول قريش: {أَهَؤُلاء مَنَّ الله عَلَيْهِم مّن بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] كالاستحقار بهم والأنفة منهم.
السبب الرابع: التعجب كما أخبر الله عن الأمم الماضية إذ قالوا: {مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرًا مّثْلَنَا} [إبراهيم: 10]، وقالوا: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عابدون} [المؤمنون: 47]، {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لخاسرون} [المؤمنون: 34] وقالوا متعجبين: {أَبَعَثَ الله بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء: 94] وقالوا: {لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْنَا الملئكة} [الفرقان: 21] وقال: {أوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مّن رَّبّكُمْ على رَجُلٍ مّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ} [الأعراف: 63 69].
السبب الخامس: الخوف من فوت المقاصد وذلك يختص بالمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كل واحد منهما يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عونًا له في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الباب تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية، وتحاسد الأخوة في التزاحم على نيل المنزلة في قلوب الأبوين للتوصل إلى مقاصد المال والكرامة، وكذلك تحاسد الواعظين المتزاحمين على أهل بلدة واحدة، إذ كان غرضهما نيل المال والقبول عندهم.
السبب السادس: حب الرياسة وطلب الجاه نفسه من غير توسل به إلى مقصوده، وذلك كالرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في فن من الفنون، فإنه لو سمع بنظير له في أقصى العالم ساءه ذلك وأحب موته وزوال النعمة التي بها يشاركه في المنزلة من شجاعة أو علم أو زهد أو ثروة ويفرح بسبب تفرده.
السبب السابع: شح النفس بالخير على عباد الله، فإنك تجد من لا يشتغل برياسة ولا بكبر ولا بطلب مال إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله شق عليه ذلك، وإذا وصف اضطراب أمور الناس وإدبارهم وتنغص عيشهم فرح به فهو أبدًا يحب الإدبار لغيره ويبخل بنعمة الله على عباده، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزانته، ويقال: البخيل من بخل بمال غيره، فهذا يبخل بنعمة الله على عباده الذين ليس بينهم وبينه لا عداوة ولا رابطة وهذا ليس له سبب ظاهر إلا خبث النفس ورذالة جبلته في الطبع، لأن سائر أنواع الحسد يرجى زواله لإزالة سببه، وهذا خبث في الجبلة لا عن سبب عارض فتعسر إزالته.
فهذه هي أسباب الحسد، وقد يجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها أو جميعها في شخص واحد فيعظم فيه الحسد ويقوى قوة لا يقوى صاحبها معها على الإخفاء والمجاملة بل يهتك حجاب المجاملة ويظهر العداوة بالمكاشفة وأكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب وقلما يتجرد واحد منها. اهـ.

.فصل في أسباب كثرة الحسد:

قال الفخر:
في سبب كثرة الحسد وقلته وقوته وضعفه.
اعلم أن الحسد إنما يكثر بين قوم تكثر فيهم الأسباب التي ذكرناها، إذ الشخص الواحد يجوز أن يحسد لأنه يمتنع من قول المتكبر ولأنه يتكبر ولأنه عدو لغير ذلك من الأسباب وهذه الأسباب إنما تكثر بين قوم تجمعهم روابط يجتمعون بسببها في مجالس المخاطبات ويتواردون على الأغراض والمنازعة مظنة المنافرة، والمنافرة مؤدية إلى الحسد فحيث لا مخالطة فليس هناك محاسدة، ولما لم توجد الرابطة بين شخصين في بلدين لا جرم لم يكن بينهما محاسدة، فلذلك ترى العالم يحسد العالم دون العابد والعابد يحسد العابد دون العالم، والتاجر يحسد التاجر، بل الإسكاف يحسد الإسكاف ولا يحسد البزاز، ويحسد الرجل أخاه وابن عمه أكثر مما يحسد الأجانب والمرأة تحسد ضرتها وسريَّة زوجها أكثر مما تحسد أم الزوج وابنته، لأن مقصد البزاز غير مقصد الإسكاف فلا يتزاحمون على المقاصد، ثم مزاحمة البزاز المجاور له أكثر من مزاحمة البعيد عنه إلى طرف السوق وبالجملة فأصل الحسد العداوة وأصل العداوة التزاحم على غرض واحد والغرض الواحد لا يجمع متباعدين بل لا يجمع إلا متناسبين، فلذلك يكثر الحسد بينهم، نعم من اشتد حرصه على الجاه العريض والصيت في أطراف العالم فإنه يحسد كل من في العالم ممن يشاركه في الخصلة التي يتفاخر بها.
أقول: والسبب الحقيقي فيه أن الكمال محبوب بالذات وضد المحبوب مكروه ومن جملة أنواع الكمال التفرد بالكمال، فلا جرم كان الشريك في الكمال مبغضًا لكونه منازعًا في الفردانية التي هي من أعظم أبواب الكمال، إلا أن هذا النوع من الكمال لما امتنع حصوله إلا لله سبحانه ووقع اليأس عنه فاختص الحسد بالأمور الدنيوية، وذلك لأن الدنيا لا تفي بالمتزاحمين، أما الآخرة فلا ضيق فيها، وإنما مثال الآخرة نعمة العلم، فلا جرم من يحب معرفة الله تعالى ومعرفة صفاته وملائكته فلا يحسد غيره إذا عرف ذلك، لأن المعرفة لا تضيق على العارفين بل المعلوم الواحد يعرفه ألف ألف ويفرح بمعرفته ويلتذ به ولا تنقص لذة أحد بسبب غيره، بل يحصل بكثرة العارفين زيادة الأنس، فلذلك لا يكون بين علماء الدين محاسدة لأن مقصدهم معرفة الله، وهي بحر واسع لا ضيق فيها وغرضهم المنزلة عند الله ولا ضيق فيها، نعم إذا قصد العلماء بالعلم المال والجاه، تحاسدوا لأن المال أعيان إذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الآخر، ومعنى الجاه ملء القلوب، ومهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم انصرف عن تعظيم الآخر، أما إذا امتلأ قلب بالفرح بمعرفة الله لم يمنع ذلك أن يمتلئ قلب غيره وأن يفرح به فلذلك وصفهم الله تعالى بعدم الحسد فقال: {وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَانًا على سُرُرٍ متقابلين} [الحجر: 47]. اهـ.

.فصل في الدواء المزيل للحسد:

قال الفخر:
في الدواء المزيل للحسد وهو أمران: العلم والعمل.
أما العلم ففيه مقامان إجمالي وتفصيلي، أما الإجمالي فهو أن يعلم أن كل ما دخل في الوجود فقد كان ذلك من لوازم قضاء الله وقدره، لأن الممكن ما لم ينته إلى الواجب لم يقف، ومتى كان كذلك فلا فائدة في النفرة عنه، وإذا حصل الرضا بالقضاء زال الحسد.
وأما التفصيلي فهو أن تعلم أن الحسد ضرر عليك في الدين والدنيا، وأنه ليس فيه على المحسود ضرر في الدين والدنيا، بل ينتفع به في الدين والدنيا، أما أنه ضرر عليك في الدين فمن وجوه:
أحدها: أنك بالحسد كرهت حكم الله ونازعته في قسمته التي قسمها لعباده وعدله الذي أقامه في خلقه بخفي حكمته، وهذه جناية على حدقة التوحيد وقذى في عين الإيمان.
وثانيها: أنك إن غششت رجلًا من المؤمنين فارقت أولياء الله في حبهم الخير لعباد الله وشاركت إبليس وسائر الكفار في محبتهم للمؤمنين البلايا، وثالثها: العقاب العظيم المرتب عليه في الآخرة، وأما كونه ضررًا عليك في الدنيا فهو أنك بسبب الحسد لا تزال تكون في الغم والكمد وأعداؤك لا يخليهم الله من أنواع النعم فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم فتبقى أبدًا مغمومًا مهمومًا، فقد حصل لك ما أردت حصوله لأعدائك وأراد أعداؤك حصوله لك فقد كنت تريد المحنة لعدوك فسعيت في تحصيل المحنة لنفسك.
ثم إن ذلك الغم إذا استولى عليك أمرض بدنك وأزال الصحة عنك وأوقعك في الوساوس ونغص عليك لذة المطعم والمشرب.
وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه فواضح لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدره الله من إقبال ونعمة فلابد وأن يدوم إلى أجل قدرة الله، فإن كان كل شيء عنده بمقدار ولكل أجل كتاب، ومهما لم تزل النعمة بالحسد لم يكن على المحسود ضرر في الدنيا ولا عليه إثم في الآخرة، ولعلك تقول: ليت النعمة كانت لي وتزول عن المحسود بحسدي وهذا غاية الجهل فإنه بلاء تشتهيه أولًا لنفسك فإنك أيضًا لا تخلو عن عدو يحسدك، فلو زالت النعمة بالحسد لم يبق لله عليك نعمة لا في الدين ولا في الدنيا، وإن اشتهيت أن تزول النعمة عن الخلق بحسدك ولا تزول عنك بحسد غيرك فهذا أيضًا جهل، فإن كل واحد من حمقى الحساد يشتهي أن يختص بهذه الخاصية، ولست أولى بذلك من الغير، فنعمة الله عليك في أن لم يزل النعمة بالحسد مما يجب شكرها عليك وأنت بجهلك تكرهها.
وأما أن المحسود ينتفع به في الدين والدنيا فواضح، أما منفعته في الدين فهو أنه مظلوم من جهتك لاسيما إذا أخرجت الحسد إلى القول والفعل بالغيبة والقدح فيه وهتك ستره وذكر مساوئه، فهي هدايا يهديها الله إليه، أعني أنك تهدي إليه حسناتك فإنك كلما ذكرته بسوء نقل إلى ديوانه حسناتك وازدادت سيئاتك، فكأنك اشتهيت زوال نعم الله عنه إليك فأزيلت نعم الله عنك إليه، ولم تزل في كل حين وأوان تزداد شقاوة، وأما منفعته في الدنيا فمن وجوه.
الأول: أن أهم أغراض الخلق مساءة الأعداء وكونهم مغمومين معذبين ولا عذاب أعظم مما أنت فيه من ألم الحسد، بل العاقل لا يشتهي موت عدوه بل يريد طول حياته ليكون في عذاب الحسد لينظر في كل حين وأوان إلى نعم الله عليه فيتقطع قلبه بذلك، ولذلك قيل:
لا مات أعداؤك بل خلدوا ** حتى يروا منك الذي يكمد

لا زلت محسودًا على نعمة ** فإنما الكامل من يحسد

الثاني: أن الناس يعلمون أن المحسود لابد وأن يكون ذا نعمة فيستدلون بحسد الحاسد على كونه مخصوصًا من عند الله بأنواع الفضائل والمناقب، وأعظم الفضائل مما لا يستطاع دفعه وهو الذي يورث الحسد فصار الحسد من أقوى الدلائل على اتصاف المحسود بأنواع الفضائل والمناقب.
الثالث: أن الحاسد يصير مذمومًا بين الخلق ملعونًا عند الخالق وهذا من أعظم المقاصد للمحسود.
الرابع: وهو أنه سبب لازدياد مسرة إبليس وذلك لأن الحاسد لما خلا عن الفضائل التي اختص المحسود بها فإن رضي بذلك استوجب الثواب العظيم فخاف إبليس من أن يرضى بذلك فيصير مستوجبًا لذلك الثواب، فلما لم يرض به بل أظهر الحسد فاته ذلك الثواب واستوجب العقاب فيصير ذلك سببًا لفرح إبليس وغضب الله تعالى.
الخامس: أنك عساك تحسد رجلًا من أهل العلم وتحب أن يخطئ في دين الله وتكشف خطأه ليفتضح وتحب أن يخرس لسانه حتى لا يتكلم أو يمرض حتى لا يعلم ولا يتعلم وأي إثم يزيد على ذلك، وأي مرتبة أخس من هذه.
وقد ظهر من هذه الوجوه أيها الحاسد أنك بمثابة من يرمي حجرًا إلى عدوه ليصيب به مقتله فلا يصيبه، بل يرجع إلى حدقته اليمنى فيقلعها فيزداد غضبه فيعود ويرميه ثانيًا أشد من الأول فيرجع الحجر على عينه الأخرى فيعميه فيزداد غيظه ويعود ثالثًا فيعود على رأسه فيشجه وعدوه سالم في كل الأحوال، والوبال راجع إليه دائمًا وأعداؤه حواليه يفرحون به ويضحكون عليه، بل حال الحاسد أقبح من هذا لأن الحجر العائد لم يفوت إلا العين ولو بقيت لفاتت بالموت، وأما حسده فإنه يسوق إلى غضب الله وإلى النار، فلأن تذهب عينه في الدنيا خير له من أن يبقى له عين ويدخل بها النار فانظر كيف انتقم الله من الحاسد إذا أراد زوال النعمة عن المحسود فما أزالها عنه ثم أزال نعمة الحاسد تصديقًا لقوله تعالى: {وَلاَ يَحِيقُ المكر السيئ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] فهذه الأدوية العلمية فمهما تفكر الإنسان فيها بذهن صاف وقلب حاضر انطفأ من قلبه نار الحسد، وأما العمل النافع فهو أن يأتي بالأفعال المضادة لمقتضيات الحسد، فإن بعثه الحسد على القدح فيه كلف لسانه المدح له وإن حمله على التكبر عليه كلف نفسه التواضع له وإن حمله على قطع أسباب الخير عنه كلف نفسه السعي في إيصال الخيرات إليه، فمهما عرف المحسود ذلك طاب قلبه وأحب الحاسد وذلك يفضي آخر الأمر إلى زوال الحسد من وجهين.
الأول: أن المسحود إذا أحب الحاسد فعل ما يحبه الحاسد فحينئذ يصير الحاسد محبًا للمحسود ويزول الحسد حينئذ.
الثاني: أن الحاسد إذا أتى بضد موجبات الحسد على سبيل التكلف يصير ذلك بالآخرة طبعًا له فيزول الحسد عنه. اهـ.