فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



عن الحسن: حال بينهم وبينه أن يقتلوه كما قال: {والله يعصمك من الناس} [المائدة: 67] وقيل: أراد بالناس أهل مكة، وأحاط في معنى الاستقبال إلا أن خبر الله تعالى لما كان واجب الوقوع عبر عنه بلفظ الماضي، وعد نبيه بأنه سيهلك قريشًا في وقعة بدر.
أما قوله: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} ففيه أقوال: الأول أنه تعالى أراه في المنام مصارع كفار قريش حتى قال: والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم وهو يأتي الأرض ويقول: هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان، فلما سمع قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية وكانوا يستعجلون بما وعد. الثاني: أنه رؤياه التي رأى أن يدخل مكة وبذلك أخبر أصحابه، فلما منع من البيت الحرام عام الحديبية كان ذلك فتنة لبعض القوم. وقال عمر لأبي بكر: قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ندخل البيت فنطوف به. فقال أبو بكر: إنه لم يخبر أنا نفعل ذلك في هذه السنة فسنفعل ذلك في سنة أخرى. فلما جاء العام القابل دخلها وأنزل الله تعالى: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} [الفتح: 27]. الثالث: قول سعيد بن المسيب وابن عباس في رواية عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك. الرابع وهو قول أكثر المفسرين: أن المراد بهذه الرؤيا هي حديث الإسراء. ثم اختلفوا، فالأكثرون على أن الرؤيا بمعنى الرؤية يقال: رأيت بعيني رؤية ورؤيا، أو سماها رؤيا على قول المكذبين حين قالوا لعلها رؤيا رأيتها وخيال خيل إليك. والأقلون على أن الإسراء كان في المنام وقد مر هذا البحث في أول السورة. قوله: {والشجرة} فيه تقديم وتأخير، والتقدير وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس قال الأكثرون: إنها شجرة الزقوم لقيت في القرآن حيث لعن طاعموها. قال عز من قائل: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} أو وصفت باللعن لأنه إلا بعاد وهي في أصل الجحيم أبعد مكان من الرحمة، أو العرب تقول لكل طعام مكروه ضارّ ملعون. والفتنة فيها أن أبا جهل وغيره قالوا: زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر ثم يقول ينبت فيها الشجر فأنزل الله تعالى هذه الآية. ونظيره قوله: {إنا جعلناها فتنة للظالمين} [الصافات: 63]. ومن شاهد حال السمندل والنعامة كيف يتعجب من قدرة الله على إنبات الشجرة من جنس لا تعمل فيه النار.
وعن ابن عباس: الشجرة الملعونة بنو أمية. وعنه هي الكشوث التي تتلوى بالشجر تجعل في الشراب. وقيل: هي الشيطان. وقيل: اليهود سؤال: أي تعلق لحديث الرؤيا والشجرة إلى ما قبله من الكلام؟ جوابه كأنه قيل: إنهم لما طلبوا هذه المعجزات ثم إنك لم تظهرها صار عدم ظهورها شبهة في أنك لست بصادق في دعوى النبوة إلا أن وقوع هذه الشبهة لا ينبغي أن يكون سببًا في توهين أمرك.
ألا ترى أن ذكر تلك الرؤيا والشجرة صار سببًا لوقوع الشبهة العظيمة، ثم إنها ما أوجبت ضعفًا في أمرك ولا فتورًا في اجتماع المحقين عليك. ثم ذكر سببًا آخر في أنه تعالى لا يظهر المقترحات عليهم فقال: {ونخوفهم} بمخاوف الدنيا والآخرة {فما يزيدهم إلا طغيانًا كبيرًا} متماديًا. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

قوله: {قُلِ ادعوا الذين زَعَمْتُم مّن دُونِهِ} هذا ردّ على طائفة من المشركين كانوا يعبدون تماثيل على أنها صور الملائكة، وعلى طائفة من أهل الكتاب كانوا يقولون بإلهية عيسى ومريم وعزير، فأمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم: ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دون الله؛ وقيل: أراد بـ {الذين زعمتم} نفرًا من الجن عندهم ناس من العرب، وإنما خصصت الآية بمن ذكرنا لقوله: {يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة}، فإن هذا لا يليق بالجمادات {فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضر عَنْكُمْ} أي: لا يستطيعون ذلك، والمعبود الحق هو الذي يقدر على كشف الضرّ، وعلى تحويله من حال إلى حال، ومن مكان إلى مكان، فوجب القطع بأن هذه التي تزعمونها آلهة ليست بآلهة، ثم إنه سبحانه أكد عدم اقتدارهم ببيان غاية افتقارهم إلى الله في جلب المنافع ودفع المضارّ، فقال: {أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة} ف {أولئك} مبتدأ {والذين يدعون} صفته، وضمير الصلة محذوف أي: يدعونهم، وخبر المبتدأ: {يبتغون إلى ربهم الوسيلة}، ويجوز أن يكون {الذين يدعون} خبر المبتدأ أي: الذين يدعون عباده إلى عبادتهم، ويكون {يبتغون} في محل نصب على الحال.
وقرأ ابن مسعود {تدعون} بالفوقية على الخطاب.
وقرأ الباقون بالتحتية على الخبر؛ ولا خلاف في {يبتغون} أنه بالتحتية.
و{الوسيلة}: القربة بالطاعة والعبادة أي: يتضرّعون إلى الله في طلب ما يقربهم إلى ربهم، والضمير في ربهم يعود إلى العابدين أو المعبودين {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} مبتدأ وخبر.
قال الزجاج: المعنى أيهم أقرب بالوسيلة إلى الله أي: يتقرّب إليه بالعمل الصالح، ويجوز أن يكون بدلًا من الضمير في {يبتغون} أي: يبتغي من هو أقرب إليه تعالى الوسيلة، فكيف بمن دونه؟ وقيل: إن يبتغون مضمن معنى يحرصون أي: يحرصون أيهم أقرب إليه سبحانه بالطاعة والعبادة {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} كما يرجوها غيرهم {ويخافون عَذَابَهُ} كما يخافه غيرهم {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا} تعليل قوله: {يخافون عذابه} أي: إن عذابه سبحانه حقيق بأن يحذره العباد من الملائكة والأنبياء وغيرهم.
ثم بيّن سبحانه مآل الدنيا وأهلها فقال: {وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القيامة} {إن} نافية، و{من} للاستغراق أي: ما من قرية، أيّ قرية كانت من قرى الكفار.
قال الزجاج: أي ما من أهل قرية إلاّ سيهلكون إما بموت وإما بعذاب يستأصلهم، فالمراد بالقرية: أهلها، وإنما قيل: {قبل يوم القيامة} لأن الإهلاك يوم القيامة غير مختص بالقرى الكافرة، بل يعم كل قرية لانقضاء عمر الدنيا؛ وقيل: الإهلاك للصالحة والتعذيب للطالحة، والأوّل أولى لقوله:
{وَمَا كُنَّا مُهْلِكِى القرى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظالمون} [القصص: 59].
{كَانَ ذَلِكَ} المذكور من الإهلاك، والتعذيب {فِى الكتاب} أي: اللوح المحفوظ {مَسْطُورًا} أي: مكتوبًا، والسطر الخط وهو في الأصل مصدر، والسطر بالتحريك مثله.
قال جرير:
من شاء بايعته مالي وخلعته ** ما يكمل التيم في ديوانهم سطرا

والخلفة بضم الخاء: خيار المال، والسطر: جمع أسطار، وجمع السطر بالسكون أسطر.
{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بالأيات وَلاَ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون} قال المفسرون: إن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبًا وأن ينحي عنهم جبال مكة، فأتاه جبريل فقال: إن شئت كان ما سأل قومك، ولكنهم إن لم يؤمنوا بها يمهلوا وإن شئت استأنيت بهم، فأنزل الله هذه الآية.
والمعنى: وما منعنا من إرسال الآيات التي سألوها إلاّ تكذيب الأوّلين، فإن أرسلناها وكذب بها هؤلاء عوجلوا ولم يمهلوا كما هو سنّة الله سبحانه في عباده، فالمنع مستعار للترك، والاستثناء مفرّغ من أعمّ الأشياء، أي: ما تركنا إرسالها لشيء من الأشياء إلاّ تكذيب الأوّلين، فإن كذب بها هؤلاء كما كذب بها أولئك لاشتراكهم في الكفر والعناد حلّ بهم ما حلّ بهم، و{أن} الأولى في محل نصب وبإيقاع المنع عليها، و{أن} الثانية في محل رفع، والباء في {بالآيات} زائدة.
والحاصل: أن المانع من إرسال الآيات التي اقترحوها هو أن الاقتراح مع التكذيب موجب للهلاك الكلي وهو الاستئصال، وقد عزمنا على أن نؤخر أمر من بعث إليهم محمد إلى يوم القيامة؛ وقيل: معنى الآية: إن هؤلاء الكفار من قريش ونحوهم مقلدون لآبائهم فلا يؤمنون ألبتة كما لم يؤمن أولئك، فيكون إرسال الآيات ضائعًا، ثم إنه سبحانه استشهد على ما ذكر بقصة صالح وناقته، فإنهم لما اقترحوا عليه ما اقترحوا من الناقة وصفتها التي قد بينت في محل آخر، وأعطاهم الله ما اقترحوا فلم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب.
وإنما خصّ قوم صالح بالاستشهاد، لأن آثار إهلاكهم في بلاد العرب قريبة من قريش وأمثالهم يبصرها صادرهم وواردهم فقال: {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} أي: ذات إبصار يدركها الناس بأبصارهم كقوله: {وجعلنا آية النهار مبصرة} [الإسراء: 12] أو أسند إليها حال من يشاهدها مجازًا، أو أنها جعلتهم ذوي إبصار، من أبصره جعله بصيرًا وقرئ على صيغة المفعول وقرئ بفتح الميم والصاد وانتصابها على الحال وقرئ برفعها على أنها خبر مبتدأ محذوف، والجملة معطوفة على محذوف يقتضيه سياق الكلام أي: فكذبوها وآتينا ثمود الناقة، ومعنى {فَظَلَمُواْ بِهَا} فظلموا بتكذيبها أو على تضمين ظلموا معنى جحدوا أو كفروا أي: فجحدوا بها أو كفروا بها ظالمين ولم يكتفوا بمجرد الكفر أو الجحد {وَمَا نُرْسِلُ بالأيات إِلاَّ تَخْوِيفًا} اختلف في تفسير {بالآيات} على وجوه: الأوّل: أن المراد بها العبر والمعجزات التي جعلها الله على أيدي الرسل من دلائل الإنذار تخويفًا للمكذبين؛ الثاني: أنها آيات الانتقام تخويفًا من المعاصي؛ الثالث: تقلب الأحوال من صغر إلى شباب ثم إلى تكهل ثم إلى شيب، ليعتبر الإنسان بتقلب أحواله فيخاف عاقبة أمره؛ الرابع آيات القرآن، الخامس: الموت الذريع، والمناسب للمقام أن تفسر الآيات المذكورة بالآيات المقترحة، أي: لا نرسل الآيات المقترحة إلا تخويفًا من نزول العذاب، فإن لم يخافوا وقع عليهم.
والجملة مستأنفة لا محل لها، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من ضمير ظلموا بها أي: فظلموا بها، ولم يخافوا، والحال أنّ ما نرسل بالآيات التي هي من جملتها إلاّ تخويفًا.
قال ابن قتيبة: وما نرسل بالآيات المقترحة إلاّ تخويفًا من نزول العذاب العاجل.
ولما ذكر سبحانه الامتناع من إرسال الآيات المقترحة على رسوله للصارف المذكور، قوي قلبه بوعد النصر والغلبة فقال: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس} الظرف متعلق بمحذوف، أي: اذكر إذ قلنا لك، أي: أنهم في قبضته وتحت قدرته، فلا سبيل لهم إلى الخروج مما يريده بهم لإحاطته لهم بعلمه وقدرته، وقيل: المراد بالناس: أهل مكة، وإحاطته بهم إهلاكه إياههم أي: إن الله سيهلكهم، وعبر بالماضي تنبيهًا على تحقق وقوعه، وذلك كما وقع يوم بدر ويوم الفتح، وقيل: المراد أنه سبحانه عصمه من الناس أن يقتلوه حتى يبلّغ رسالة ربه {وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التى أريناك إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ} لما بين سبحانه أن إنزال الآيات يتضمن التخويف ضمّ إليه ذكر آية الإسراء، وهي المذكورة في صدر السورة، وسماها رؤيا لأنها وقعت بالليل، أو لأن الكفرة قالوا لعلها رؤيا، وقد قدّمنا في صدر السورة وجهًا آخر في تفسير هذه الرؤيا، وكانت الفتنة ارتداد قوم كانوا أسلموا حين أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسري به، وقيل: كانت رؤيا نوم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أنه يدخل مكة فافتتن المسلمون لذلك، فلما فتح الله مكة نزل قوله تعالى: {لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق} [الفتح: 27] وقد تعقب هذا بأن هذه الآية مكية، والرؤيا المذكورة كانت بالمدينة، وقيل: إن هذه الرؤيا المذكورة في هذه الآية هي أنه رأى بني مروان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك، فقيل: إنما هي الدنيا أعطوها فسرّي عنه، وفيه ضعف، فإنه لا فتنة للناس في هذه الرؤيا إلاّ أن يراد بالناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، ويراد بالفتنة ما حصل من المساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يحمل على أنه قد كان أخبر الناس بها فافتتنوا، وقيل: إن الله سبحانه أراه في المنام مصارع قريش حتى قال: «والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم»، وهو يومىء إلى الأرض ويقول: «هذا مصرع فلان، هذا مصرع فلان» فلما سمع قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية.
{والشجرة الملعونة في القرءان} عطف على الرؤيا، قيل: وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلاّ فتنة للناس.
قال جمهور المفسرين: وهي شجرة الزقوم، والمراد بلعنها لعن آكلها كما قال سبحانه: {إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم طَعَامُ الأثيم} [الدخان: 43- 44].
وقال الزجاج: إن العرب تقول: لكل طعام مكروه: ملعون، ومعنى الفتنة فيها: أن أبا جهل وغيره قالوا: زعم صاحبكم أن نار جهنم تحرق الحجر، ثم يقول: ينبت فيها الشجر، فأنزل الله هذه الآية.
وروي أن أبا جهل أمر جارية فأحضرت تمرًا وزبدًا وقال لأصحابه: تزقموا.
وقال ابن الزبعري: كثر الله من الزقوم في داركم، فإنه التمر بالزبد بلغة اليمن، وقيل: إن الشجرة الملعونة: هي الشجرة التي تلتوي على الشجر فتقتلها، وهي شجرة الكشوث؛ وقيل: هي الشيطان؛ وقيل: اليهود؛ وقيل: بنو أمية {وَنُخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا} أي: نخوّفهم بالآيات فما يزيدهم التخويف إلاّ طغيانًا متجاوزًا للحد، متماديًا غاية التمادي، فما يفيدهم إرسال الآيات إلاّ الزيادة في الكفر، فعند ذلك نفعل بهم ما فعلناه بمن قبلهم من الكفار، وهو عذاب الاستئصال، ولكنا قد قضينا بتأخير العقوبة.
وقد أخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، والبخاري، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه، وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود في قوله: {قُلِ ادعوا الذين زَعَمْتُم مّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضر عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلًا} قال: كان نفر من الإنس يعبدون نفرًا من الجن فأسلم النفر من الجنّ وتمسك الإنسيون بعبادتهم، فأنزل الله {أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة} كلاهما، يعني: الفعلين بالياء التحتية، وروي نحو هذا عن ابن مسعود من طرق أخرى.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيرًا.
وروي عنه من وجه آخر بلفظ عيسى وأمه وعزير.
وروي عنه أيضًا من وجه آخر بلفظ هم: عيسى وعزير، والشمس والقمر.
وأخرج الترمذي، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله لي الوسيلة، قالوا وما الوسيلة؟ قال القرب من الله، ثم قرأ {يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}» وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي في قوله: {كَانَ ذلك في الكتاب مَسْطُورًا} قال: في اللوح المحفوظ.