فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وورف النبت يرف إذا رأيت له بهجة من ريه، ولا يكون ذلك إلا من نضارته واتساعه وكونه ملء العين، وورف الظل يرف ورفًا ووريفًا ووروفًا: اتسع وطال وامتد كأورف وورّف والورف: ما رق من نواحي الكبد- لزيادته واسترخائه، والرفة- كعدة: الناضر من النبت، وورفته توريفًا: مصصته، والأرض: قسمتها- كأنه من الإزالة.
وفارت القدر- إذا غلت حتة يعلو ما فيها فتفيض، وكل حارّ يفور فورًا، وفار العرق- إذا انتفخ، زاد في القاموس: وضرب، والمسكُ، انتشر، وفارة الإبل: فوح جلودها إذا نديت بعد الورد، والفائر: المنتشر العصب من الدواب وغيرها، وأتوا من فورهم: من وجههم أو قبل أن يسكنوا- لأن حركتهم توسع وانتشار فسميت فورًا والفار: عضل الإنسان- لأنه أثخن مما دونه، والفور- بالضم: الظباء، جمع فائر- لأنه من أسرع الحيوان نفارًا، وأشدها وثبًا، وأوسعها عدوًا، وقال القزاز: والفارة والفورة: ريح تكون في رسغ الفرس تنفش إذا مسحت وتجتمع إذا تركت، وقال في فأر: فإذا مشى انفشت، وأعاده في القاموس في المهموز فقال: والفأرة له- أي للذكر من الحيوان المعروف- وللأنثى، وريح في رسغ الدابة تنفش إذا محست وتجتمع إذا تركت كالفورة بالضم، والفور: ولد الحمار- لخفته وسرعة حركته ووثبه، وفوارتا الكرش: غدتان في جوف لحمتين، وقيل: الفوارة: اللحمة- التي في داخلها الغدة، وقيل: تكونان لكل ذي لحم، وذلك لوجوب الزيادة سواء قلنا: إنها لحمة أو غدة، وقال القزاز: وقالوا: ماء الرجل إنما يقع في الكلية ثم في الفوارة ثم في الخصية، فعلى هذا سمي لأنه يقذف ما فيه إلى الخصية، والفياران- بالكسر: حديدتان تكتنفان لسان الميزان لاتساعهما عن اللسان، والفيرة- بالكسر بالهمز وبغيره: تمر يغلى ويمرس ويطبخ بحلبة تشربها النفساء قاله القزاز، وفي مختصر العين: حلبة تطبخ؛ فإذا فارت فوارتها ألقيت في معصرة ثم صفيت وتحسيها النفساء، وأعاده في القاموس في المهموز وقال: والفئرة- بالكسر- والفؤارة كثمامة والفئيرة والفئرة كعنبة ويترك همزها: حلبة تطبخ للنفساء- سميت إما لغليانها وإما للاتساع بجمع التمر والحلبة.
والفرو والفروة: لبس معروف- لخروج صوفها وزيادة الرفق به، كأنها أصل المادة كلها، وفروة الرأس: جلدته بشعرها، والفروة: الأرض البيضاء ليس لها نبات- لأنه أوسع لها من حيث هي، والفروة: الغنى والثروة وقطعة نبات مجتمعة يابسة، وجبة شمر كماها- لأنه لولا زيادتهما ما شمرا، ونصف كساء يتخذ من أوبار الإبل- كأنه شبه بالفروة لطول وبره، وخريطة يجعل السائل فيها صدقته، والتاج- لاتساعه وعلوه وكماله ولغنى صاحبه، وخمار المرأة- لزيادته على كفايتها ولسبوغه وفضله عن رأسها.
ورفا الثوب يرفوه: أصلحه ولأم خرقه: وقال في القاموس: في المهموز: وضم بعضه إلى بعض، قال القزاز: والهمز أكثر؛ والرفاء- ككساء: الالتحام والاجتماع والاتفاق، ومنه ما يدعى به للمتزوج: بالرفاء والبنين، وأعادوه في المهموز.
وقال في القاموس: أي بالالتئام وجمع الشمل، قال القزاز: ومعنى رفا: تزوج، والأرفى: العظيم الأذنين في استرخاء، قال القزاز: والأذن الرفواء هي التي تقبل على الأخرى حتى تكاد تماس أطرافهما؛ ورفوت الرجل: إذا سكنته من رعب، وأعاده في القاموس في المهموز- لأن ذلك أوسع لفكره لأنه أقر لعينه.
والروف: السكون- وهو أوسع من الاضطراب لأنه لا يكون إلا عن قرار العين، قال في القاموس: وليس من الرأفة، والروفة: الرحمة، وراف يراف لغة في رأف يرأف- وستأتي بقيتها قريبًا إن شاء الله تعالى.
ولما بدأ سبحانه بالوعيد لطفًا بالمكلفين، عطف على {اذهب} قوله ممثلًا حاله في تسلطه على من يغويه بمغوار أوقع بقوم فصوت بهم صوتًا يستفزهم من أماكنهم، ويقلعهم عن مراكزهم، وأجلب عليهم بجنده من خيالة ورجالة حتى استأصلهم: {واستفزز} أي استخف، والفز أصله القطع، أي استزله بقطعه عن الصواب- قاله الرماني {من استطعت منهم} وهم الذين سلطناك عليهم {بصوتك} أي دعائك بالغنى والمزامير وكل ما تزينه بالوساس {وأجلب} أي اجمع أو سق بغاية ما يمكنك من الصياح {عليهم بخيلك} أي ركبان جندك {ورجلك} أي ومشاتهم؛ والمعنى: افعل جميع ما تقدر عليه، ولا تدع شيئًا من قوتك، فإنك لا تقدر على شيء لم أقدره لك.
ولما كان الشيطان طالبًا شركة الناس في جميع أمورهم بوساوسه الحاملة لهم على إفسادها، فإن أطاعوه كانوا طالبين لأن يشركوه وإن كانوا لا شعور لهم بذلك، عبر بصيغة المفاعلة فقال تعالى: {وشاركهم} أي بوثوبك على مخالطتهم عند ما يشاركونك بفعل ما يوافق هواك {في الأموال} أي التي يسعون في تحصيلها {والأولاد} أي التي ينسلونها، إن اقتنوها بوجه محرم أو لم يذكروا اسمي عليها، وكذا قرابينهم لغير الله وإنفاقهم في المحرمات وتعليمهم أولادهم المعاصي والكفر مشاركة فيها {وعدهم} من المواعيد الباطلة ما يستخفهم ويغرهم من شفاعة الآلهة والكرامة على الله تعالى وتسويف التوبة- ونحو ذلك؛ ثم التفت إلى الصالحين من عباده فأخبرهم تثبيتًا لهم وتنبيهًا لغيرهم على أنه ليس بيده شيء، فقال تعالى مظهرًا لضميره بما يدل على تحقيره، تقبيحًا لأمره وتنفيرًا منه: {وما يعدهم الشيطان} أي المحترق المطرود باللعنة، من عدم البعث وطول الأجل وشفاعة الآلهة ونحو ذلك {إلا غرورًا} والغرور: تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب، ثم رجع إلى مواجهته بما يحقر أمره، فإن المواجهة بالتحقير أنكأ، مصرحًا بنتيجة ذلك، وهي أنه غير قادر إلا بإذنه سبحانه، وممنوع عنه ما لم يقدره له، دفعًا لما قد يوهمه ما مضى من أنه يؤثر شيئًا استقلالًا فقال تعالى: {إن} أي اجهد جهدك، لأن أهل الشهوات سلطتك عليهم زيادة في شقائك بما أردته منهم قبل خلقك وخلقهم، لا تقدر أن تتعدى شيئًا منه إلى خالصتي ومن ارتضيته لعبادتي، إن {عبادي} الذين أهّلتهم للإضافة إليّ فقاموا بحق عبوديتي بالتقوى والإحسان {ليس لك} أي بوجه من الوجوه {عليهم سلطان} أي فلا تقدر أن تغويهم وتحملهم على ذنب لا يغفر، فإني وفقتهم للتوكل عليّ فكفيتهم أمرك {وكفى بربك} أي الموجد لك المدبر لأمرك {وكيلًا} يحفظ ما هو وكيل فيه من كل ما يمكن أن يفسده. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{اخرتني} بالياء في الحالين: ابن كثير غير الهاشمي عن ابن فليح وسهل ويعقوب وافق أبو جعفر ونافع وأبو عمرو في الوصل. الباقون بالحذف {ورجلك} بكسر الجيم: حفص وأبو زيد عن المفضل الآخرون بسكونها. {أن نخسف}، {أونرسل}، {أن نعيدكم}، {فنرسل}، {فتغركم} كلها بالنون: ابن كثير وأبو عمرو. والباقون على الغيبة إلا يعقوب ويزيد فإنهما قرأ {فتغرقكم} بالتاء الفوقانية على أن الضمير للريح من الرياح على الجميع يزيد: {هذه أعمى} بالإمالة {أعمى} بالتفخيم: أبو عمرو ونصير والبرجمي ورويس. وقرأ حمزة وعلي غير نصير وخلف ويحيى وحماد جميعًا بالإمالة. الباقون جميعًا بالتفخيم.

.الوقوف:

{إبليس} ط {طينًا} o لاتحاد فاعل فعل قبله وفعل بعده بلا حرف عطف {عليّ} ز لحق القسم المحذوف مع اتحاد الكلام {قليلًا} o {موفورًا} o {وعدهم} ط للعدول {غرورًا} o {سلطان} ط {وكيلًا} o {من فضله} ط {رحيمًا} o {الا إياه} ج {أعرضتم} ط {كفورًا} o {وكيلًا} o لا للعطف {تبيعًا} o {تفضيلًا} o {بإمامهم} ج {فتيلًا} o {سبيلًا}. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)} فيه مسائل:
المسألة الأولى: في كيفية النظم وجوه:
الأول: اعلم أنه تعالى لما ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في محنة عظيمة من قومه وأهل زمانه، بين أن حال الأنبياء مع أهل زمانهم كذلك.
ألا ترى أن أول الأولياء هو آدم، ثم إنه كان في محنة شديدة من إبليس.
الثاني: أن القوم إنما نازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاندوه واقترحوا عليه الاقتراحات الباطلة لأمرين الكبر والحسد، أما الكبر فلأن تكبرهم كان يمنعهم من الإنقياد، وأما الحسد فلأنهم كانوا يحسدونه على ما آتاه الله من النبوة والدرجة العالية، فبين تعالى أن هذا الكبر والحسد هما اللذان حملا إبليس على الخروج من الإيمان والدخول في الكفر، فهذه بلية قديمة ومحنة عظيمة للخلق.
والثالث: أنه تعالى لما وصفهم بقوله: {فما يزيدهم إلا طغيانًا كبيرًا} [الإسراء: 60] بين ما هو السبب لحصول هذا الطغيان وهو قول إبليس {لأحتنكن ذريته إلا قليلًا} فلأجل هذا المقصود ذكر الله تعالى قصة إبليس وآدم، فهذا هو الكلام في كيفية النظم.
المسألة الثانية:
اعلم أن هذه القصة قد ذكرها الله تعالى في سور سبعة، وهي: البقرة والأعراف والحجر وهذه السورة والكهف وطه وص والكلام المستقصى فيها قد تقدم في البقرة والأعراف والحجر فلا فائدة في الإعادة ولا بأس بتعديد بعض المسائل:
المسألة الأولى:
اختلفوا في أن المأمورين بالسجود لآدم أهم جميع الملائكة أم ملائكة الأرض على التخصيص، فظاهر لفظ الملائكة يفيد العموم إلا أن قوله تعالى في آخر سورة الأعراف في صفة ملائكة السموات {وله يسجدون} [الأعراف: 206] يوجب خروج ملائكة السموات من هذا العموم.
المسألة الثانية:
أن المراد من هذه السجدة وضع الجبهة على الأرض أو التحية، وعلى التقدير الأول فآدم كان هو المسجود له أو يقال كان المسجود له هو الله تعالى وآدم كان قبلة للسجود؟
المسألة الثالثة:
أن إبليس هل هو من الملائكة أم لا؟ وإن لم يكن من الملائكة فأمر الملائكة بالسجود كيف يتناوله؟
المسألة الرابعة:
هل كان إبليس كافرًا من أول الأمر أو يقال إنما كفر في ذلك الوقت؟
المسألة الخامسة:
الملائكة سجدوا لآدم من أول ما كملت حياته أو بعد ذلك.
المسألة السادسة:
شبهة إبليس في الامتناع من السجود أهو قوله: {أأسجد لمن خلقت طينًا} أو غيره.
المسألة السابعة:
دلت هذه الآيات على أن إبليس كان عارفًا بربه، إلا أنه وقع في الكفر بسبب الكبر والحسد، ومنهم من أنكر وقال ما عرف الله ألبتة.
المسألة الثامنة:
ما سبب حكمة إمهال إبليس وتسليطه على الخلق بالوسوسة؟
ولنرجع إلى التفسير فنقول: إنه تعالى حكى في هذه الآية عن إبليس نوعًا واحدًا من العمل ونوعين من القول، أما العمل فهو أنه لم يسجد لآدم وهو المراد من قوله: {فسجدوا إلا إبليس} وأما النوعان من القول؟ فأولهما: قوله: {أأسجد لمن خلقت طينًا} وهذا استفهام بمعنى الإنكار معناه أن أصلي أشرف من أصله فوجب أن أكون أنا أشرف منه، والأشرف يقبح في العقول أمره بخدمة الأدنى.
والنوع الثاني من كلامه: قوله: {أرأيتك هذا الذي كرمت علي} قال الزجاج: قوله: {أرأيتك} معناه أخبرني، وقد استقصينا في تفسير هذه الكلمة في سورة الأنعام.
وقوله: {هذا الذي كرمت علي} فيه وجوه.
الأول: معناه: أخبرني عن هذا الذي فضلته علي لم فضلته علي وأنا خير منه؟ ثم اختصر الكلام لكونه مفهومًا.
الثاني: يمكن أن يقال هذا مبتدأ محذوف منه حرف الاستفهام، والذي مع صلته خبر، تقديره أخبرني أهذا الذي كرمته علي! وذلك على وجه الاستصغار والاستحقار، وإنما حذف حرف الاستفهام لأن حصوله في قوله: {أرأيتك} أغنى عن تكراره.
والوجه الثالث:
أن يكون {هذا} مفعول {أرأيت} لأن الكاف جاءت لمجرد الخطاب لا محل لها، كأنه قال على وجه التعجب والإنكار أبصرت أو علمت هذا الذي كرمت علي، بمعنى لو أبصرته أو علمته لكان يجب أن لا تكرمه علي، هذا هو حقيقة هذه الكلمة، ثم قال تعالى حكاية عنه: {لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلًا} وفيه مباحث:
البحث الأول:
قرأ ابن كثير: {لئن أخرتني إلى يوم القيامة} بإثبات الياء في الوصل والوقف، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بالحذف ونافع وأبو عمرو بإثباته في الوصل دون الوقف.