فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)}.
امتنع الشقيُّ وقال: لا أسجد لغيرك بوجهٍ سَجَدْتُ لَكَ به، وكان ذلك جهلًا منه، ولو كان بالله عارفًا لكان لأمره مؤثِرًا، ولمحيط نفسه تاركًا.
{قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)}.
لو علقت به ذرَّةٌ من المعرفة والتوحيد لم يحطب على نفسه بالإضلال والإغواء، لكنَّه أقامه الحقُّ بذلك المقام، وأنطقه بماهو لقلوبِ أهلِ التحقيق مُتَّضِح.
{قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63)}.
هذا غاية التهديد، وفيه إشارة وبيان بألا مراء ولا تفويتٍ، ولو أَخرَّ عقوبةَ قومٍ فإن ذلك إمهالُ لا إهمال، ومكرٌ واستدراجٌ لا إنعامٌ وإكرامٌ.
{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصًوْتِكَ}: أي افعل ما أمكنكَ، فلا تأثيرَ لفعلك في أحد، فإنَّ المنشئَ والمُبْدِعَ هو الله.. وهذا غاية التهديد.
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)}.
السلطان الحجة، فالآية تدل على العموم، ولا حجة للعذر على أحد، بل الحجة لله وحده.
ويقال السلطان هو التَّسَلُّط، وليس لإبليس على أحدٍ تسلط؛ إذ المقدور بالقدرة ولا لغيره من المخلوقين تسلط من حيث التأثير في أحد، وعلى هذا أيضًا فالآية للعموم.
ويقال أراد بقوله: {عِبَادِى} الخواصَ من المؤمنين الذين هم أهل الحفظ والرحمة والرعاية من قِبَلَ الله، فإن وساوسَ الشيطان لا تضرُّهم لالتجائهم إلى الله، ودوام استجارتهم بالله، ولهذا فإن الشيطان إذا قَرُبَ من قلوب أهل المعرفة احترق بضياء معارفهم.
ويقال إنّ فرار الشيطان من المؤمنين أشدُّ من فرار المؤمنين من الشيطان.
والخواص من عباده هم الذين لا يكونون في أَسْرِ غيره، وأَمَّا مَنْ استعبده هواه. واستمكنت منه الأطماع، واستَرقته كل خسيسة ونقيصة فلا يكون من جملة خواصه... وفي الخبر «تَعِسَ عبد الدرهم تعس عبد الدينار». ويقال في {عِبَادِى} هم المُتَفَيِّئُون في ظلال عنايته، المُتَبَرُّون عن حَوْلهِم وقُوَّتِهم، المتفرِّدُون بالله بحسن التوكل عليه ودوام التعلُّق به. اهـ.

.تفسير الآيات (66- 69):

قوله تعالى: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69)}.

.مناسبة الآيات لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر أنه الوكيل الذي لا كافي غيره في حفظه، لاختصاصه بشمول علمه وتمام قدرته، أتبعه بعض أفعاله الدالة على ذلك فقال تعالى، عودًا إلى دلائل التوحيد الذي هو المقصود الأعظم بأحوال البحر الذي يخلصون فيه، في أسلوب الخطاب استعطافًا لهم إلى المتاب: {ربكم} أي المحسن إليكم، هو {الذي يزجي} أي يسوق ويدفع وينفذ {لكم} أي لمنفعتكم {الفلك} التي حملكم فيها مع أبيكم نوح عليه السلام {في البحر لتبتغوا} أي تطلبوا طلبًا عظيمًا بذلك أنواع المنافع التي يتعذر أو يتعسر الوصول إليها في البر {من فضله} ثم علل فعله ذلك بقوله تعالى: {إنه} أي فعل ذلك لكم لأنه {كان} أي أزلًا وأبدًا {بكم} أي أيها المؤمنون خاصة {رحيمًا} أي مكرمًا بالتوفيق إلى فعل ما يرضيه في المتجر وغيره، لا لشيء غير ذلك، أو يكون ذلك خطابًا لجميع النوع فيكون المعنى: خصكم به من بين الحيوانات.
ولما كان المراد المؤمنين خاصة وإن كان خطابًا للمجموع، خص المشركين كذلك فقال: {وإذا} أي فإذا نعمكم بأنواع الخير كنتم على إشراككم به سبحانه، وإذا {مسكم} ولم يقل: أمسكم- بالإسناد إلى نفسه، تأديبًا لنا في مخاطبته بنسبة الخير دون الشر إليه، مع اعتقاده أن الكل فعله، وتنبيهًا على أن الشر مما ينبغي التبرؤ منه والبعد عنه {الضر في البحر} من هيج الماء واغتلامه لعصوف الريح وطمو الأمواج {ضل} أي ذهب وبطل عن ذكركم وخواطركم {من تدعون} من الموجودات كلها {إلا إياه} وحده، فأخلصتم له الدعاء علمًا منكم أنه لا ينجيكم سواه {فلما نجّاكم} من الغرق وأوصلكم بالتدريج {إلى البر أعرضتم} عن الإخلاص له ورجعتم إلى الإشراك {وكان الإنسان} أي هذا النوع {كفورًا} أي بليغ التغطية لما حقه أن يشهر، فأظهر في موضع الإضمار تنبيهًا على أن هذا الوصف لا يخصهم، بل يعم هذا النوع لطبعه على النقائص إلا من أخلصه الله له.
ولما كان التقدير: أعرضتم بعد إذ أنجاكم فكفرتم بذلك وكان الكفر وصفًا لكم لازمًا، فتسبب عن ذلك أنكم أمنتم، أي فعلتم بذلك فعل الآمن، أنكر عليهم هذا الأمر لكونه من أجهل الجهل فقال تعالى: {أفأمنتم} أي أنجوتم من البحر فأمنتم بعد خروجكم منه {أن نخسف} أي بما لنا من العظمة {بكم} ودل على شدة إسراعهم بالكفر عند وصولهم إلى أول الساحل بقوله تعالى: {جانب البر} أي فنغيبكم فيه في أيّ جانب كان منه، لأن قدرتنا على التغييب في التراب في جميع الجوانب كقدرتنا على التغييب في الماء سواء، فعلى العاقل أن يستوي خوفه من الله في جميع الجوانب {أو} أمنتم إن غلظت أكبادكم عن تأمل مثل هذا أن {يرسل عليكم} من جهة الفوق شيئًا من أمرنا {حاصبًا} أي يرمي بالحصباء، أي بالحصى الصغار- قاله الرازي في اللوامع، وقال الرماني: حجارة يحصب بها، أي يرمي بها، حصبه- إذا رماه رميًا متتابعًا- انتهى.
يرميكم ذلك الحاصب في وجوهكم أو فوق رؤوسكم رميًا يهلك مثله كما وقع لقوم لوط أنا أرسلنا عليهم حاصبًا، وقيل: الحاصب: الريح، ولم يقل: حاصبة لأنه وصف لزمها، ولم يكن لها، مذكر تنتقل إليه في حال فكان بمنزلة حائض {ثم لا تجدوا} أيها الناس {لكم} وأطلق ليعم فقال تعالى: {وكيلًا} ينجيكم من ذلك ولا من غيره كما لم تجدوا في البحر وكيلًا غيره {أم أمنتم} إن جاوزت بكم الغباوة حدها فلم تجوزوا ذلك {أن يعيدكم فيه} أي البحر بما لنا من العظمة التي تضطركم إلى ذلك فتقركم عليه وإن كرهتم {تارة أخرى} بأسباب تضطركم إلى ذلك {فنرسل عليكم} أي بما لنا من صفة الجلال {قاصفًا} وهو الكاسر بشدة {من الريح} كما عهدتم أمثاله يا من وقفت أفكارهم مع المحسوسات فرضوا بذلك أن يكونوا كالبهائم لا يفهمون إلا الجزئيات المشاهدات {فيغرقكم} أي في البحر الذي أعدناكم فيه، لعظمتنا {بما كفرتم} كما يفعل أحدكم إذا ظفر بمن كفر إحسانه {ثم لا تجدوا لكم} وإن أمعنتم في الطلب، وطالت أزمانكم في إتقان السبب.
ولما كان إطلاق النفي في ختام الآية الماضية- وإن كان لإرادة التعميم- يحتمل أن يدعي تقييده بما يخالف المراد، وكان المقصود هنا التخويف بسطوته سبحانه تارة بالخسف وتارة بغيره، قيد بما عين المراد، وقدم قوله تعالى: {علينا} دلالة على باهر العظمة {به} أي بما فعلنا بكم {تبيعًا} أي مطالبًا يطالبنا به. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66)}.
اعلم أنه تعالى عاد إلى ذكر الدلائل الدالة على قدرته وحكمته ورحمته، وقد ذكرنا أن المقصود الأعظم في هذا الكتاب الكريم تقرير دلائل التوحيد، فإذا امتد الكلام في فصل من الفصول عاد الكلام بعده إلى ذكر دلائل التوحيد، والمذكور ههنا الوجوه المستنبطة من الإنعامات في أحوال ركوب البحر.
فالنوع الأول: كيفية حركة الفلك على وجه البحر وهو قوله: {رَّبُّكُمُ الذي يُزْجِى لَكُمُ الفلك في البحر} والإزجاء سوق الشيء حالًا بعد حال، وقد ذكرنا ذلك في تفسير قوله: {بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} [يوسف: 88] والمعنى: ربكم الذي يسير الفلك على وجه البحر لتبتغوا من فضله في طلب التجارة إنه كان بكم رحيمًا، والخطاب في قوله: {رَبُّكُمْ} وفي قوله: {إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ} عام في حق الكل، والمراد من الرحمة منافع الدنيا ومصالحها.
والنوع الثاني: قوله: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر في البحر} والمراد من الضر، الخوف الشديد كخوف الغرق: {ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ} والمراد أن الإنسان في تلك الحالة لا يتضرع إلى الصنم والشمس والقمر والملك والفلك.
وإنما يتضرع إلى الله تعالى، فلما نجاكم من الغرق والبحر وأخرجكم إلى البر أعرضتم عن الإيمان والإخلاص {وَكَانَ الإنسان كَفُورًا} لنعم الله بسبب أن عند الشدة يتمسك بفضله ورحمته، وعند الرخاء والراحة يعرض عنه ويتمسك بغيره.
والنوع الثالث: قوله: {أَفَأَمِنتُمْ أَن نَخْسِفْ بِكُمْ جَانِبَ البر} قال الليث: الخسف والخسوف هو دخول الشيء في الشيء.
يقال: عين خاسفة وهي التي غابت حدقتها في الرأس، وعين من الماء خاسفة أي غائرة الماء، وخسفت الشمس أي احتجبت وكأنها وقعت تحت حجاب أو دخلت في جحر.
فقوله: {أن نَخْسِفْ بِكُمْ جَانِبَ البر} أي نغيبكم من جانب البر وهو الأرض، وإنما قال {جَانِبَ البر} لأنه ذكر البحر في الآية الأولى فهو جانب، والبر جانب، خبر الله تعالى أنه كما قدر على أن يغيبهم في الماء فهو قادر أيضًا على أن يغيبهم في الأرض، فالغرق تغييب تحت الماء كما أن الخسف تغييب تحت التراب، وتقرير الكلام أنه تعالى ذكر في الآية الأولى أنهم كانوا خائفين من هول البحر، فلما نجاهم منه آمنوا، فقال: هب أنكم نجوتم من هول البحر فكيف أمنتم من هول البر؟ فإنه تعالى قادر على أن يسلط عليكم آفات البر من جانب التحت أو من جانب الفوق، أما من جانب التحت فبالخسف.
وأما من جانب الفوق فبإمطار الحجارة عليهم، وهو المراد من قوله: {أَوْ يرسل عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} فكما لا يتضرعون إلا إلى الله تعالى عند ركوب البحر، فكذلك يجب أن لا يتضرعوا إلا إليه في كل الأحوال.
ومعنى الحصب في اللغة: الرمي.
يقال: حصبت أحصب حصبًا إذا رميت والحصب المرمي.
ومنه قوله تعالى: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] أي يلقون فيها، ومعنى قوله: {حاصبا} أي عذابًا يحصبهم، أي يرميهم بحجارة، ويقال للريح التي تحمل التراب والحصباء حاصب، والسحاب الذي يرمي بالثلج والبرد يسمى حاصبًا لأنه يرمي بهما رميًا.
وقال الزجاج: الحاصب التراب الذي فيه حصباء والحاصب على هذا ذو الحصباء مثل اللابن والتامر وقوله: {ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلًا} يعني لا تجدوا ناصرًا ينصركم ويصونكم من عذاب الله، ثم قال: {أَمْ أَمِنتُمْ أَن نُعِيدُكُمْ فِيهِ} أي في البحر تارة أخرى وقوله: {فَنُرسل علَيْكُمْ قَاصِفًا} من الريح القاصف الكاسر يقال: قصف الشيء يقصفه قصفًا إذا كسره بشدة، والقاصف من الريح التي تكسر الشجر، وأراد ههنا ريحًا شديدة تقصف الفلك وتغرقهم وقوله: {فَنُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ} أي بسبب كفركم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعًا.
قال الزجاج: أي لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم بأن يصرفه عنكم، وتبيع بمعنى تابع.
واعلم أن هذه الآية مشتملة على ألفاظ خمسة: وهي قوله: {أن نَخْسِفْ.
أَوْ نُرْسِلُ.
أَوْ نُعِيدُكُمْ.
فنرسل.
فنغرقكم} قرأ ابن كثير وأبو عمرو جميع هذه الخمسة بالنون، والباقون بالياء، فمن قرأ بالياء، فلأن ما قبله على الواحد الغائب وهو قوله: {إِلا إِيَّاهُ فَلَمَّا نجاكم} ومن قرأ بالنون فلأن هذا البحر من الكلام، قد ينقطع بعضه من بعض وهو سهل لأن المعنى واحد.
ألا ترى أنه قد جاء
{وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِى إسرائيل أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلًا} [الإسراء: 2] فانتقل من الجمع إلى الأفراد وكذلك ههنا يجوز أن ينتقل من الغيبة إلى الخطاب، والمعنى واحد والكل جائز، والله أعلم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {ربُّكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر} معناه يجريها ويسيرها، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد، قال الشاعر:
يا أيها الراكب المزجي مطيتُه ** سائل بني أسدٍ ما هذه الصوت

قوله عز وجل: {وإذا مَسّكم الضُّرُّ في البحر ضَلَّ من تدعون إلا إياه} فيه وجهان:
أحدهما: بطل من تدعون سواه، كما قال تعالى: {أضلَّ أعمالهم} [محمد: 1] أي أبطلها.
الثاني: معناه غاب من تدعون كما قال تعالى: {أئِذا ضَلَلْنا في الأرض} [السجدة: 10] أي غِبْنَا.
قوله عز وجل: {أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البَرِّ}.
يحتمل وجهين:
أحدهما: يريد بعض البر وهو موضع حلولهم منه، فسماه جانبه لأنه يصير بعد الخسف جانبًا.
الثاني: أنهم كانوا على ساحل البحر، وساحله جانب البر، وكانوا فيه آمنين من أهوال البحر فحذرهم ما أمنوه من البر كما حذرهم ما خافوه من البحر.
{أو يُرْسِلَ عليكم حاصبًا} فيه وجهان:
أحدهما: يعني حجارة من السماء، قاله قتادة.
الثاني: إن الحاصب الريح العاصف سميت بذلك لأنها تحصب أي ترمي بالحصباء. والقاصف الريح التي تقصف الشجر، قاله الفراء وابن قتيبة. اهـ.