فصل: قال الزمخشري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قال: هي رؤيا التي رأى أنه يدخل مكة عام الحديبية هو وأصحابه وهو يومئذ بالمدينة فعجّل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة قبل الأجل فردّه المشركون.
فقال ناس: قد ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان حدثنا إنه سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم وقد كان في العام المقبل سار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلها فأنزل الله عزّ وجلّ: {لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرءيا بالحق} [الفتح: 27].
سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن حذيفة عن سعيد بن المسيب، من قول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} قال: أرى بني أمية على المنابر فساءه ذلك فقيل له إنها الدنيا يعطونها [فتزوى] عنه إلاّ فتنة للناس قال: بلا للناس.
وروى عبد المهيمن عن بن عبّاس عن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما إستجمع ضاحكًا حتّى مات، فإنزل الله في ذلك {وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} {والشجرة الملعونة} المذكورة {فِي القرآن} يعني شجرة الزقوم، ومجاز الآية: الشجرة الملعونة المذكورة في القرآن، ونصب الشجرة عطفًا بها على الرؤيا تأويلها: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة في القرآن إلاّ فتنة للناس فكانت فتنتهم في الرؤيا ماذكرت، وفتنتهم في الشجرة الملعونة أن أبا جهل قال لما نزلت هذه الآية: أليس من الكذب ابن أبي كبشة أن يوعدكم بحرق الحجارة ثمّ يزعم إنه ينبت فيها شجرة وأنتم تعلمون إن النار تحرق الشجرة فما يقولون في الزقوم.
فقال عبد الله بن [الزبوي]: إنها الزبد والتمر بلغة بربرة.
فقال أبو جهل: ياجارية زقمينا فأتته بالزبد التمر، فقال: يزعموا ياقوم فإن هذا ما يخوفكم به محمّد والله ما يعلم الزقوم إلاّ الزبد والتمر، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزقوم * طَعَامُ الأثيم} [الدخان: 43، 44] ووصفها في الصافات فقال: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم} [الصافات: 64] أي خلقت من النار وحذيت بها وأنزل الله {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا}.
وروى ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن مولى لبني هاشم حدثه إن عبد الله بن الحرث ابن نوفل [أرسل] إلى ابن عبّاس: نحن الشجرة الملعونة في القرآن؟ قال: فقال: الشجرة الملعونة هي هذه الشجرة التي تلتوي على الشجر يعني الكشوث.
{فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} يعني من طين.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال: بعث رب العزة إبليس فأخذ كفًا من أديم الأرض من عذبها ومِلْحها فخلق منه آدم فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى السعادة وإن كان ابن كافرين، وكل شيء خلقه من ملحها فهو صائر إلى الشقاوة وإن كان ابن نبيين.
قال: ومن ثمّ قال إبليس: أأسجد لمن خلقت طينا أيّ هذه الطينة أنا جئت بها، ومن ثمّ سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.
{قَالَ} إبليس {أَرَأَيْتَكَ هذا الذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} أي فضلته {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة} وأمهلتني {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} أيّ لأستولين على أولاده ولأحتوينهم ولأستأصلنهم بالاضلال ولأجتاحنهم.
يقال: [إحتنك] فلان ما عند فلان من علم أو كمال مما استقصاه وأخذه كله، واحتنك الجراد الزرع إذا أكله كله.
قال الشاعر:
أشكوا إليك سنة قد أجحفت ** وأحنكت أموالنا واجتلفت

ويقال: هو من قول العرب حنّك الدابة يحنكها إذا شد في حنكها الأسفل حبلًا يقودها به حتى يثبت.
{إِلاَّ قَلِيلًا} يعني المعصومين الذين إستثناهم الله في قوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] {قَالَ اذهب فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ} أي جزاءك وجزاء أتباعك {جَزَاءً مَّوْفُورًا} وأمرًا مكملًا {واستفزز} [استولي] واستخف وإستزل وإستمل {مَنِ استطعت مِنْهُمْ} أي من ذرية آدم {بِصَوْتِكَ}.
قال ابن عبّاس وقتادة: بدعائك إلى معصية الله وكل داع إلى معصية فهو من جند إبليس.
وقال مجاهد: بالغناء والمزامير.
{وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم} أي إجمع وصح. مقاتل: إستفز عنهم.
{بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} أي ركبان جندهم ومشاتهم.
قال المفسرون: كل راكب وماش في معاصي الله.
ابن عبّاس ومجاهد وقتادة: إن له خيلًا ورجلًا من الجن والإنس، فما كان من راكب يقاتل في معصية فهو من خيل إبليس، وما كان من راجل يقاتل في معصية الله فهو من رجل إبليس والرجل الرجالة.
وقرأ حفص: ورجيلك بكسر الراء، وهما لغتان يقال: راجل ورجل مثل تاجر وتجر، وراكب وركب.
{وَشَارِكْهُمْ فِي الأموال} قال قوم: هو كل مال أصيب من حرام وأنفق في حرام، وهذا قول مجاهد والحسن وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن زيد، ورواية عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس.
عطاء بن أبي رباح: هو الربا. قتادة: ما كان المشركون يحرمونه من الأنعام كالبحائر والسوايب والوصيلة والحوامي وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس.
وقال الضحاك: هو ما كان يذبحونه لآلهتهم.
{والأولاد}.
قال بعضهم: هم أولاد الزنا، وهو قول مجاهد والضحاك ورواية عطية عن ابن عبّاس.
الوالبي عنه: هو ما قبلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام.
الحسن وقتادة: عدو الله شاركهم في أموالهم وأولادهم فمجّسوا وهوّدوا ونصّروا وصبّغوا غير صبغة الاسلام.
أبو صالح عن ابن عبّاس: مشاركته إياهم في الأولاد وتسميتهم أولادهم عبد الحرث وعبد شمس وعبد فلان.
{وَعِدْهُمْ} ومنّهم الجميل في طاعتك. قال الله {وَمَا يَعِدُهُمُ الشيطان إِلاَّ غُرُورًا} باطلًا وخديعة لأنه لايغني عنهم من عذاب الله إذا نزل بهم شيئًا كقوله: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} [إبراهيم: 22].
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وكفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا * رَّبُّكُمُ الذي يُزْجِي} يسوي ويجري.
{لَكُمُ الفلك فِي البحر} إلى قوله: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر} أصابكم [الجهد] {فِي البحر} وخفتم الغرق {ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} إلا دعاؤكم إياه فلم تجدوا ما يكفيكم سواه {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ} من البحر وأخرجكم {إِلَى البر أَعْرَضْتُمْ} عن الايمان والطاعة وكفرتم بما جاءكم {وَكَانَ ا؛ لإِنْسَانُ كَفُورًا} {أَفَأَمِنْتُمْ} بعد ذلك {أَن يَخْسِفَ بِكُمْ} يغيبكم ويذهبكم في {جَانِبَ البر أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} حجارة تمطر عليكم من السماء كما أمطر على قوم لوط.
وقال أبو عبيد والقتيبي: الحاصب الذي يرمي بالحصباء، وهي الحصا الصغار.
قال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام يضربنا ** بحاصب كنديف القطن منثور

{ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ} في البحر {تَارَةً} مرة {أخرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ الريح} أي قاصفًا وهي الريح الشديدة.
قال ابن عبّاس وقال أبو عبيدة: هي التي تقصف كل شيء أيّ تدقّه وتحطّمه وهي التي تقصف الشجر أي تكسره {فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} ناصرًا ولا ثائرًا.
واختلف القراء في هذه الآية. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: نخسف ونرسل ونعيدكم ونغرقكم كلها بالنون لقوله: {علينا}.
وقرأ الباقون: كلها بالياء لقوله: {إياه} إلاّ أبا جعفر فإنه قرأ: {تغرقكم} بالتاء يعني الريح. اهـ.

.قال الزمخشري:

.[سورة الإسراء: الآيات 49- 50]

{وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظامًا وَرُفاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيدًا (50)}.
لما قالوا: أئذا كنا عظاما قيل لهم {كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيدًا} فردّ قوله: كونوا، على قولهم: كنا، كأنه قيل: كونوا حجارة أو حديدا ولا تكونوا عظاما، فإنه يقدر على إحيائكم والمعنى: أنكم تستبعدون أن يجدد اللّه خلقكم، ويردّه إلى حال الحياة وإلى رطوبة الحىّ وغضاضته بعد ما كنتم عظاما يابسة، مع أنّ العظام بعض أجزاء الحي، بل هي عمود خلقه الذي يبنى عليه سائره، فليس ببدع أن يردّها اللّه بقدرته إلى حالتها الأولى، ولكن لو كنتم أبعد شيء من الحياة ورطوبة الحىّ ومن جنس ما ركب منه البشر- وهو أن تكونوا حجارة يابسة أو حديدا مع أن طباعها الجسارة والصلابة- لكان قادرا على أن يردّكم إلى حال الحياة {أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} يعني أو خلقا مما يكبر عندكم عن قبول الحياة ويعظم في زعمكم على الخالق إحياؤه فإنه يحييه. وقيل: ما يكبر في صدورهم الموت. وقيل: السموات والأرض {فَسَيُنْغِضُونَ} فسيحرّكونها نحوك تعجبا واستهزاء.

.[سورة الإسراء: آية 52]

{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا (52)}.
والدعاء والاستجابة كلامهما مجاز. والمعنى: يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعون. وقوله: {بِحَمْدِهِ} حال منهم، أي حامدين، وهي مبالغة في انقيادهم للبعث، كقولك لمن تأمره بركوب ما يشقّ عليه فيتأبى ويتمنع، ستركبه وأنت حامد شاكر، يعني: أنك تحمل عليه وتفسير قسرا حتى أنك تلين لين المسمح الراغب فيه الحامد عليه، وعن سعيد بن جبير: ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: سبحانك اللهم وبحمدك {وَتَظُنُّونَ} وترون الهول، فعنده تستقصرون مدّة لبثكم في الدنيا، وتحسبونها يوما أو بعض يوم.
وعن قتادة: تحاقرت الدنيا في أنفسهم حين عاينوا الآخرة.

.[سورة الإسراء: الآيات 53- 54]

{وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54)}.
{وَقُلْ لِعِبادِي} وقل للمؤمنين {يَقُولُوا} للمشركين الكلمة {الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وألين ولا يخاشنوهم، كقوله: وجادلهم بالتي هي أحسن. وفسر التي هي أحسن بقوله: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} يعني يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها، ولا يقولوا لهم: إنكم من أهل النار وإنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشر. وقوله: {إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} اعتراض، يعني يلقى بينهم الفساد ويغرى بعضهم على بعض ليقع بينهم المشارّة والمشاقة {وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} أي ربا موكولا إليك أمرهم تقسرهم على الإسلام وتجبرهم عليه، وإنما أرسلناك بشيرا ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المحاقة والمكاشفة، وذلك قبل نزول آية السيف. وقيل: نزلت في عمر رضي اللّه عنه: شتمه رجل فأمره اللّه بالعفو. وقيل: أفرط إيذاء المشركين للمسلمين، فشكوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزلت. وقيل: الكلمة التي هي أحسن: أن يقولوا يهديكم اللّه، يرحمكم اللّه. وقرأ طلحة: ينزغ، بالكسر وهما لغتان، نحو يعرشون ويعرشون.

.[سورة الإسراء: آية 55]

{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا (55)}.
هو ردّ على أهل مكة في إنكارهم واستبعادهم أن يكون يتيم أبى طالب نبيا، وأن تكون العراة الجوّع أصحابه، كصهيب وبلال وخباب وغيرهم، دون أن يكون ذلك في بعض أكابرهم وصناديدهم، يعني: وربك أعلم بمن في السموات والأرض وبأحوالهم ومقاديرهم وبما يستأهل كل واحد منهم. وقوله: {وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ} إشارة إلى تفضيل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقوله: {وَآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا} دلالة على وجه تفضيله، وهو أنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم، لأنّ ذلك مكتوب في زبور داود. قال اللّه تعالى {وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ} وهم محمد وأمته. فإن قلت: هلا عرّف الزبور كما عرّف في قوله: {وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ}؟ قلت: يجوز أن يكون الزبور وزبور كالعباس وعباس، والفضل وفضل، وأن يريد: وآتينا داود بعض الزبر وهي الكتب، وأن يريد ما ذكر فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الزبور، فسمى ذلك زبورا، لأنه بعض الزبور، كما سمى بعض القرآن قرآنا.

.[سورة الإسراء: الآيات 56- 57]

{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا (56) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُورًا (57)}.
هم الملائكة. وقيل: عيسى ابن مريم، وعزير. وقيل نفر من الجن، عبدهم ناس من العرب ثم أسلم الجن ولم يشعروا، أي: ادعوهم فهم لا يستطيعون أن يكشفوا عنكم الضر من مرض أو فقر أو عذاب، ولا أن يحولوه من واحد إلى آخر أو يبدلوه. و{أُولئِكَ} مبتدأ، و{الَّذِينَ يَدْعُونَ} صفته، و{يَبْتَغُونَ} خبره، يعني: أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة وهي القربة إلى اللّه تعالى. و{أَيُّهُمْ} بدل من واو ببتغون، وأى موصولة، أي: يبتغى من هو أقرب منهم وأزلف الوسيلة إلى اللّه، فكيف بغير الأقرب. أو ضمن يبتغون الوسيلة معنى يحرصون، فكأنه قيل: يحرصون أيهم يكون أقرب إلى اللّه، وذلك بالطاعة وازدياد الخير والصلاح، ويرجون، ويخافون، كما غيرهم من عباد اللّه فكيف يزعمون أنهم آلهة؟ {إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ} حقيقا بأن يحذره كل أحد من ملك مقرّب ونبىّ مرسل، فضلا عن غيرهم.