فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وروي في بعض الأخبار أن فيكم مغربين قال: ما المغربون قال: الذين شارك فيهم الجن.
وعن ابن عباس أنه سأله رجل فقال: إن امرأتي استيقظت وفي فرجها شعلة نار قال: ذلك من وطء الجن {وعدهم} أي منهم الجميل في طاعتك، وقيل: قل لهم لا جنة ولا نار ولا بعث، وذلك أن الشيطان إذا دعا المعصية فلابد أن يقرر أولًا أنه لا مضرة في فعلها البتة، وذلك لا يمكن إلا إذا قال له لا معاد ولا جنة ولا نار ولا حياة بعد هذه الحياة، فيقرر عند المدعو أنه لا مضرة في هذه المعاصي وإذا فرغ من هذا النوع قرر عنده أن هذا الفعل يفيد أنواعًا من اللذة والسرور ولا حياة للإنسان في الدنيا إلا به، فهذا طريق الدعوة إلى المعصية ثم ينفره عن فعل الطاعات وأنه يقرر عنده أن لا جنة ولا نار ولا عقاب فلا فائدة فيها.
وقيل معنى عدهم أي شفاعة الأصنام عند الله وإيثار العاجل على الأجل.
فإن قلت: كيف ذكر الله هذه الأشياء بصيغة الأمر، والله سبحانه وتعالى يقول: إن الله لا يأمر بالفحشاء؟ قلت: هذا على طريق التهديد كقوله تعالى: اعلموا ما شئتم.
وكقول القائل اجتهد جهدك فسترى ما ينزل بك.
وقوله سبحانه وتعالى: {وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا} أي يزين الباطل بما يظن أنه حق واعلم أن الله سبحانه وتعالى لما قال: وعدهم، أردفه بما هو زاجر عن قبول وعده بقوله: ما يعدهم الشيطان إلا غرورا والسبب فيه أنه إنما يدعو إلى قضاء الشهوة وطلب الرياسة ونحو ذلك، ولا يدعو إلى معرفة الله تعالى، ولا إلى عبادته وتلك الأشياء التي يدعو إليها خيالية لا حقيقة لها ولا تحصل إلا بعد متاعب ومشاق عظيمة، وإذا حصلت كانت سريعة الذهاب والانقضاء وينغصها الموت والهرم وغير ذلك، وإذا كانت هذه الأشياء بهذه الصفة كانت الرغبة فيها غرورًا.
{إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} يعني بعبادة الأنبياء وأهل الفضل الصلاح لأنه لا يقدر على إغوائهم {وكفى بربك وكيلًا} أي حافظًا.
والمعنى: أنه سبحانه وتعالى لما أمكن إبليس أن يأتي بما يقدر عليه من الوسوسة كان ذلك سببًا لحصول الخوف في قلب الإنسان، قال تعالى: {وكفى بربك وكيلًا} أي فالله سبحانه وتعالى أقدر منه وأرحم بعباده فهو يدفع عنهم كيد الشيطان ووساوسه، ويعصمهم من إغوائه وإضلاله.
وفي بعض الآثار أن إبليس لما خرج إلى الأرض قال: يا رب أخرجتني من الجنة لأجل آدم فسلطني عليه وعلى ذريته قال: أنت مسلط، قال: لا أستطيعه إلا بك فزدني، قال: استفزز من استطعت منهم الآية.
فقال آدم: يا رب سلطت إبليس علي وعلى ذريتي وإني لا أستطيعه إلا بك قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه قال رب زدني قال الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها قال رب زدني قال: التوبة معروضة ما دام الروح في الجسد قال رب زدني فقال يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الآية.
وفي الخبر قال إبليس: يا رب بعثت أنبياء وأنزلت كتبًا فما قراءتي؟ قال: الشعر.
قال: فما كتابي؟ قال: الوشم، قال: ومن رسلي؟ قال الكهنة.
قال: أي شيء مطعمي؟ قال ما لم يذكر عليه اسمي قال فما شرابي قال كل مسكر قال: وأين مسكني؟ قال الحمامات قال وأين مجلسي؟ قال في الأسواق قال: وما حبائلي قال: النساء قال: وما أذاني؟ قال المزمار.
قوله: {ربكم الذين يزجي} أي يسوق ويجري {لكم الفلك} أي السفن {في البحر لتبتغوا من فضله} أي لتطلبوا من رزقه بالأرباح في التجارة وغيرها {إنه كان بكم رحيمًا} أي حيث يسر لكم هذه المنافع، والمصالح وسهلها عليكم {وإذا مسكم الضر في البحر} أي الشدة وخوف الغرق في البحر {ضل من تدعون} أي ذهب من أوهامكم وخواطركم كل من تدعون في حوادثكم من الأصنام وغيرها {إلا إياه} أي أجاب دعاءكم لا تذكرون سواه ولا يخطر ببالكم غيره لأنه القادر على إعانتكم ونجاتكم {فلما نجاكم} أي أجاب دعاءكم وأنجاكم من هول البحر وشدته وأخرجكم {إلى البر أعرضتم} أي عن الإيمان والإخلاص والطاعة، وكفرتم النعمة وهو قوله تعالى: {وكان الإنسان كفورًا} أي جحودًا {أفأمنتم} أي بعد إنجائكم {أن يخسف بكم جانب البر} أي تغوره.
والمعنى: أن الجهات كلها له، وفي قدرته برًا كان أو بحرًا بل إن كان الغرق في البحر ففي جانب البر ما هو مثله وهو الخسف لأنه يغيب تحت الثرى كما أن الغرق يغيب تحت الماء {أو يرسل عليكم حاصبًا} أي نمطر عليكم حجارة من السماء، كما أمطرناها على قوم لوط {ثم لا تجدوا لكم وكيلًا} أي مانعًا وناصرًا {أم أمنتم أن يعيدكم فيه} أي في البحر {تارة} أي مرة {أخرى فيرسل عليكم قاصفًا من الريح} قال ابن عباس: أي عاصفًا وهي الريح الشديدة.
وقيل: الريح التي تقصف كل شيء من شجر وغيره {فيغرقكم بما كفرتم} أي بكفرانكم النعمة وإعراضكم حين أنجيناكم {ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعًا} التبيع المطالب.
والمعنى: أنا نفعل ما نفعل بكم ثم لا تجدون لكم أحدًا يطالبنا بما فعلنا انتصارًا لكم ودركًا للثأر من جهتنا.
وقيل: معناه من يتبعنا بالإنكار علينا. اهـ.

.قال النسفي:

{قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ في صُدُورِكُمْ} أي السماوات والأرض فإنها تكبر عندكم عن قبول الحياة {فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ} يعيدكم {الذى فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} والمعنى أنكم تستبعدون أن يجدد الله خلقكم ويرده إلى حال الحياة بعدما كنتم عظامًا يابسة مع أن العظام بعض أجزاء الحي بل هي عمود خلقه الذي يبنى عليه سائره فليس ببدع أن يردها الله بقدرته إلى الحالة الأولى، ولكن لو كنتم أبعد شيء من الحياة وهو أن تكونوا حجارة أو حديدًا لكان قادرًا على أن يردكم إلى حال الحياة {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} فسيحركونها نحوك تعجبًا واستهزاءً {وَيَقُولُونَ متى هُوَ} أي البعث استبعادًا له ونفيًا {قُلْ عسى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} أي هو قريب و{عسى} للوجوب {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ} إلى المحاسبة وهو يوم القيامة {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} أي تجيبون حامدين والباء للحال.
عن سعيد بن جبير: ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون سبحانك اللهم وبحمدك {وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا} أي لبثًا قليلًا أو زمانًا قليلًا في الدنيا أو في القبر.
{وَقُل لّعِبَادِى} وقل للمؤمنين {يَقُولُواْ} للمشركين الكلمة {التى هي أَحْسَنُ} وألين ولا يخاشنوهم وهي أن يقولوا يهديكم الله {إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} يلقي بينهم الفساد ويغري بعضهم على بعض ليوقع بينهم المشاقة.
والنزغ: إيقاع الشر وإفساد ذات البين.
وقرأ طلحة: {ينزغ} بالكسر وهما لغتان {إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا} ظاهر العداوة أو فسر {التي هي أحسن} بقوله: {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ} بالهداية والتوفيق {أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ} بالخذلان أي يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا يقولوا لهم إنكم من أهل النار وإنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشر.
قوله: {إن الشيطان ينزع بينهم}.
اعتراض {وَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} حافظًا لأعمالهم وموكولًا إليك أمرهم وإنما أرسلناك بشيرًا ونذيرًا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ في السماوات والأرض} وبأحوالهم وبكل ما يستأهل كل واحد منهم.
{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيين على بَعْضٍ} فيه إشارة إلى تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: {وءاتينا داوُود زَبورًا} دلالة على وجه تفضيله وأنه خاتم الأنبياء، وأن أمته خير الأمم لأن ذلك مكتوب في زبور داود قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا في الزبور مِن بَعْدِ الذكر أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصالحون} [الأنبياء: 105] وهم محمد وأمته.
ولم يعرف الزبور هنا وعرفه في قوله: {ولقد كتبنا في الزبور} لأنه كالعباس وعباس والفضل وفضل.
{قُلِ ادعوا الذين زَعَمْتُم} إنها آلهتكم {مِن دُونِهِ} من دون الله وهم الملائكة، أو عيسى وعزير، أو نفر من الجن عبدهم ناس من العرب ثم أسلم الجن ولم يشعروا {فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضر عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلًا} أي ادعوهم فهم لا يستطيعون أن يكشفوا عنكم الضر من مرض أو فقر أو عذاب، ولا أن يحولوه من واحد إلى آخر {أولئك} مبتدأ {الذين يَدْعُونَ} صفة أي يدعونهم آلهة أو يعبدونهم والخبر {يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة} يعني أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة وهي القربة إلى الله عز وجل: {أَيُّهُم} بدل من واو يبتغون وأي موصولة أي يبتغي من هو {أَقْرَبُ} منهم الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب أو ضمن يبتغون الوسيلة معنى يحرصون فكأنه قيل: يحرصون أيهم يكون أقرب إِلى الله وذلك بالطاعة وازدياد الخير {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويخافون عَذَابَهُ} كغيرهم من عباد الله فكيف يزعمون أنهم آلهة {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا} حقيقًا بأن يحذره كل أحد من ملك مقرب ونبي مرسل فضلًا عن غيرهم {وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القيامة أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا} قبل الهلاك للصالحة والعذاب للطالحة {كَانَ ذلك في الكتاب} في اللوح المحفوظ {مَسْطُورًا} مكتوبًا.
وعن مقاتل: وجدت في كتب الضحاك في تفسيرها: أما مكة فيخربها الحبشة، وتهلك المدينة بالجوع، والبصرة بالغرق، والكوفة بالترك، والجبال بالصواعق والرواجف.
أما خراسان فعذابها ضروب، وأما بلخ فتصيبهم هدَّة فيهلك أهلها، وأما بدخشان فيخربها أقوام، وأما ترمذ فأهلها يموتون بالطاعون، وأما صغانيان إلى ولشجرد فيقتلون بقتل ذريع، وأما سمرقند فيغلب عليها بنو قنطوراء فيقتلون أهلها قتلًا ذريعًا، وكذا فرغانة والشاش واسبيجاب وخوارزم، وأما بخارى فهي أرض الجبابرة فيموتون قحطًا وجوعًا، وأما مرو فيغلب عليها الرمل ويهلك بها العلماء والعباد، وأما هراة فيمطرون بالحيات فتأكلهم أكلًا، وأما نيسابور فيصيب أهلها رعد وبرق وظلمة فيهلك أكثرهم، وأما الري فيغلب عليها الطبرية والديلم فيقتلونهم، وأما أرمينية وأذربيجان فيهلكها سنابك الخيول والجيوش والصواعق والرواجف، وأما همذان فالديلم يدلخها ويخربها، وأما حلوان فتمر بها ريح ساكنة وهم نيام فيصبح أهلها قردة وخنازير ثم يخرج رجل من جهينة فيدخل مصر، فويل لأهلها ولأهل دمشق، وويل لأهل إفريقية وويل لأهل الرملة، ولا يدخل بيت المقدس، وأما سجستان فيصيبهم ريح عاصف أيامًا ثم هدة تأتيهم ويموت فيها العلماء وأما كرمان وأصبهان وفارس فيأتيهم عدو وصاحوا صيحة تنخلع القلوب وتموت الأبدان.
{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون} استعير المنع لترك إرسال الآيات.
وأن الأولى مع صلتها في موضع النصب لأنها مفعول ثان ل {منعنا} وأن الثانية مع صلتها في موضع الرفع لأنها فاعل {منعنا} والتقدير: وما منعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين.
والمراد الآيات التي اقترحتها قريش من قلب الصفا ذهبًا ومن إحياء الموتى وغير ذلك وسنة الله في الأمم أن من اقترح منهم آية فأجيب إليها ثم لم يؤمن أن يعاجل بعذاب الاستئصال.
والمعنى: وما منعنا عن إرسال ما يقترحونه من الآيات إلا أن كذب بها الذين هم أمثالهم من المطبوع على قلوبهم كعاد وثمود، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك وعذبوا العذاب المستأصل، وقد حكمنا أن نؤخر أمر من بعثت إليهم إلى يوم القيامة.
ثم ذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها لما أرسلت فأهلكوا واحدة وهي ناقة صالح عليه السلام، لأن آثار هلاكهم قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم فقال: {وءَاتينا ثمود الناقة} باقتراحهم {مُبْصِرَةً} آية بينة {فَظَلَمُواْ بِهَا} فكفروا بها {وَمَا نُرْسِلُ بالآيات} إن أراد بها الآيات فالمعنى لا نرسلها {إِلاَّ تَخْوِيفًا} من نزول العذاب العاجل كالطليعة والمقدمة له، فإن لم يخافوا وقع عليهم، وإن أراد غيرها فالمعنى وما نرسل ما نرسل من الآيات كآيات القرآن وغيرها إلا تخويفًا وإنذارًا بعذاب الآخرة وهو مفعول له.
{وَإذا قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس وَمَا جَعَلْنَا الرءيا التى أريناك إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ} واذكر إذ أوحينا إليك أن ربك أحاط بقريش علمًا وقدرة فكلهم في قبضته، فلا تبال بهم وامض لأمرك وبلغ ما أرسلت به، أو بشرناك بوقعة بدر وبالنصرة عليهم وذلك قوله: {سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} {قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المهاد} [آل عمران: 12] فجعله كأن قد كان ووجد فقال: أحاط بالناس على سنته في إخباره، ولعل الله تعالى أراه مصارعهم في منامه فقد كان يقول حين ورد ماء بدر: «والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم» وهو يومىء إلى الأرض ويقول: «هذا مصرع فلان» فتسامعت قريشًا بما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر بدر وما أري في منامه من مصارعهم فكانوا يضحكون ويسخرون ويستعجلون به استهزاء.
{والشجرة الملعونة في القرءان} أي وما جعلنا الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس، فإنهم حين سمعوا بقوله: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} [الدخان: 43] جعلوها سخرية وقالوا: إن محمدًا يزعم أن الجحيم تحرق الحجارة، ثم يقول: تنبت فيها الشجرة وما قدروا الله حق قدره إذا قالوا ذلك فإنه لا يمتنع أن يجعل الله الشجرة من جنس لا تأكله النار فوبر السمندل وهو دويبة ببلاد الترك يتخذ منه مناديل إذا اتسخت طرحت في النار، فذهب الوسخ وبقي المنديل سالمًا لا تعمل فيه النار وترى النعامة تبتلع الجمر فلا يضرها، وخلق في كل شجرة نارًا فلا تحرقها، فجاز أن يخلق في النار شجرة لا تحرقها.
والمعنى أن الآيات إنما ترسل تخويفًا للعباد، وهؤلاء قد خوفوا بعذاب الدنيا وهو القتل يوم بدر وخوفوا بعذاب الآخرة وبشجرة الزقوم فما أثر فيهم.
ثم قال: {وَنُخَوّفُهُمْ} أي بمخاوف الدنيا والآخرة {فَمَا يَزِيدُهُمْ} التخويف {إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا} فكيف يخاف قوم هذه حالهم بإرسال ما يقترحون من الآيات؟ وقيل: الرؤيا هي الإسراء، والفتنة ارتداد من استعظم ذلك وبه تعلق من يقول: كان الإسراء في المنام، ومن قال: كان في اليقظة فسر الرؤيا بالرؤية.