فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ} أي جعلناهم قاطبة برهم وفاجرهم ذوي كرم أي شرف ومحاسن جمة لا يحيط بها نطلق الحصر، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كرمهم سبحانه بالعقل، وفي رواية بتناولهم الطعام بأيديهم لا بأفواههم كسائر الحيوانات.
وعن الضحاك بالنطق، وعن عطاء بتعديل القامة وامتدادها، وعن زيد بن أسلم بالمطاعم واللذات، وعن يمان بحسن الصورة، وعن ابن جرير بالتسلط على غيرهم من الخلق وتسخيره لهم، وعن محمد بن كعب بجعل محمد صلى الله عليه وسلم منهم.
وقيل: بخلق الله تعالى أباهم آدم بيديه، وقيل: بتدبر المعاش والمعاد، وقيل: بالخط، وقيل: باللحية للرجل والذؤابة للمرأة، وقيل وقيل والكل في الحقيقة على سبيل التمثيل؛ ومن ادعى الحصر في واحد كابن عطية حيث قال: إنما التكريم بالعقل لا غير فقد ادعى غلطًا ورام شططًا وخالف صريح العقل وصحيح النقل ولذا استدل الإمام الشافعي بالآية على عدم نجاسة الآدمي بالموت {وحملناهم في البر والبحر} على أكبار رطبة وأعواد يابسة من الدواب والسفن فهو من حملته على كذا إذا أعطيته ما يركبه ويحمله فالمحمول عليه مقدر بقرينة المقام.
وقيل: المراد من حملهم في البر والبحر جعلهم قارين فيهما بأن لم يخسف بهم الأرض ولم يغرقهم بالماء، والأول انسب بالتكريم إذ لا يثبت لشيء من الحيوانات سواهم بخلاف الثاني {وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات} أي فنون النعم وضروب المستلذات مما يحصل بصنعهم وبغير صنعهم من المأكولات والملبوسات والمفروشات والمقتنيات وغير ذلك {وفضلناهم} قيل: أي بالتكريم المذكور {على كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} عظيمًا، والمراد أن ذلك مخصوص بهم بالنسبة إلى الكثير فلم يكرم الكثير كما كرموا، وبحث الإمام في هذا المقام بأنه تعالى قال أولًا: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ} وقال سبحانه هنا: {وفضلناهم} فلابد من فرق بين التكريم والتفضيل لئلا يلزم التكرار.
والأقرب في ذلك أن يقال: إنه تعالى فضل الإنسان على سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط والصورة الحسنة والقامة المديدة ثم أنه عز وجل عرضه بواسطة العقل والفهم لاكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة فالأول هو التكريم والثاني هو التفضيل فكأنه قيل فضلناهم بالتعريض لاكتساب ما فيه النجاة والزلفى بواسطة ما كرمناهم به من مبادي ذلك فعليهم أن يشكروا ويصرفوا ما خلق لهم لما خلق له فيوحدوا الله تعالى ولا يشركوا به شيئًا ويرفضوا ما هم عليه من عبادة غيره عز وجل، ويقال نحو هذا على ما سبق أيضًا بقليل تغيير، وقال الطيبي: قد كرر في الآية ما يبنىء عن غاية المدح من ذكر الكرامة والتفضيل وتسخير الأشياء على سبيل الترقي كأنه قيل: ولقد كرمنا بني آدم بكرامة أبيهم عليه السلام ثم سخرنا لهم الأشياء ورزقناهم من الطيبات ثم فضلناهم تفضيلًا أي تفضيل ولذا عقب بها قوله سبحانه:
{وَإِذَا قُلْنَا للملائكة اسجدوا} [الإسراء: 61] إلخ وهو لبيان كرامة بيهم وما توسطوا بينهما من الآيات كالاستطراد والاعتراض إلى آخر ما قاله، ويعلم منه دفع التكرار وإن لم يسقه لذلك الغرض، وفيه تخصيص التكريم، وكذا فيما قيل إن التكريم بالنعم التي يصح بها التكليف والتفضيل بالتكليف الذي عرضهم به للمنازلة الرفيعة، والمراد بالكثير من عدا الملائكة عليهم السلام عند الكثير ومنهم الزمخشري وزعم أن الآية صريحة في تفضيل الملك على البشر وشنع على أهل السنة تشنيعًا أقذع فيه.
والحق أنها لا تصلح للاحتجاج على التفضيل المتنازع فيه، ففي الكشف أن الظاهر من سياق الآية أنه حث للإنسان على الشكر وعلى أن لا يشرك به تعالى حيث ذكر ما في البر والبحر من حسن كلاءته سبحانه له وضمن فيه أنه جلا وعلا هداهم إلى الفلك وصنعته وما يترتب عليه من الفوائد في قوله سبحانه: {رَبَّكُمُ الذي يُزْجِى لَكُمُ الفلك} [الإسراء: 66] الآيات فقال عز وجل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ} أي هذا النوع من بين سائر الأنواع باصطناعات خصصناهم بها فذكر تعالى منها حملهم في البر والبحر ورزقهم من الطيبات وتفضيلهم على كثير من المخلوقات وهذا التفضيل لا يراد منه عظم الدرجة وزيادة القربة عند الله تعالى وهو المتنازع فيه لأن الحكم للنوع من حيث هو وذكر الله تعالى لذلك موجبات تعم الصالح والطالح فسواء دخل في هذا الكثير الملائكة أو لم يدخل لم يدل على الأفضلية بالمعنى المذكور فلا يصلح لاحتجاج إحدى الطائفتين اهـ.
ثم إن على فرض أن التفضيل بالمعنى اللمتنازع فيه لا تدل الآية على أن الملك أفضل من البشر إلا بطريق المفهوم وفي حجيته خلاف، وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنه لا يقول به على أنه يدل على أنهم فضلوا على الكثير ولم يفضلوا على مقابله وهو يحتمل المساواة وتفضيل المقابلة فليس نصًا في مذهب الزمخشري.
وجعل الطيبي من بيانية كما في قولك بذلت له العريض من جاهي أي فضلناهم على الكثيرين الذين خلقناهم من ذوي العقول كما هو الظاهر من {مِنْ} وهم منحصرون في الملك والجن والبشر فحيث خرج البشر لأن الشيء لا يفضل على نفسه بقي الملك والجن فيكون المراد بيان تفضيل البشر عليهم جميعًا وهو الذي يقتضيه مقام المدح فإن الآية مسوقة له وإذا جعلت للتبعيض كان {مّمَّنْ خَلَقْنَا} بدلًا أي فضلناهم على بعض المخلوقين.
وذكر البعض في هذا المقام يدل على تعظيم المفضل عليه كما قرر في قوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ درجات} [البقرة: 253] وأي مدح لبني آدم وإثبات للفضل والكرامة بالجملة القسمية إذا جعلوا مفضلين على الجن والشياطين على أن صفة الكثرة إذا جعلت مخصصة لإخراج البعض كانت الملائكة أولى من الجن والشياطين لأنهم هم الموصوفون بالكثرة كما تدل عليه الأخبار الكثيرة كخبر اطيط السماء وخبر نزول قطرات المطر وخبر ما يدخل البيت المعمور في كل يوم من الملائكة إلى غير ذلك، وإليه ينظر قول صاحب التقريب إنه يحتمل أن يراد بكثير ممن خلقنا الملائكة إذ هم كثير من العقلاء المخلوقين اهـ.
وتعقب بأن ما ذكره من حمل {مَّنْ خَلَقْنَا} على تعميم ذوي العقول مقبول فإن تفضيلهم على غير ذوي العقول حينئذ آت من طريق مفهوم الموافقة فلا حاجة إلى ارتكاب خلاف الظاهر واعتبار تغليبهم ليعمهم وغيرهم لكن حمل من على البيان غير مقبول فإنه بعيد جدًا لأن قيد الكثرة يضيع عليه حمل من على التعميم التغليبي أو الوضعي ولأن استعماله في التبعيض شائع أينما وقع في التنزيل واستعمالات الفصحاء وهو أكثر تعسفًا من حمله على الغاية في قوله تعالى: {فامسحوا برؤسكم وأيديكم منه} [المائدة: 6] على ما ذكره الزمخشري فيه وأنه إذا قوبل بشيء آخر دل على القلة في المقابل كما في قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فاسقون} [الحديد: 26] فإنه صرح بأنه يدل على أن الغلبة للفساق للمقابلة.
أما ورد ابتداء فربما كان الأكثر خلاف ذلك كما في قوله تعالى: {فَضَّلَنَا على كَثِيرٍ مّنْ عِبَادِهِ المؤمنين} [النمل: 15] فقوله إن صفة الكثرة إذا جعلت مخصصة إلخ كلام لم يصدر عن ثبت، ولهذه النكتة قال صاحب التقريب: يحتمل دلالة على أنه مرجوح.
هذا ثم إن مسئلة التفضيل مختلف فيها بين أهل السنة، فمنهم من ذهب إلى تفضيل الملائكة وهو مذهب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما واختيار الزجاج على ما رواه الواحدي في البسيط، ومنهم من فصل فقال: إن الرسول من البشر أفضل مطلقًا ثم الرسل من الملائكة على من سواهم من البشر والملائكة ثم عموم الملائكة على عموم البشر وهذا ما عليه أصحاب الإمام أبي حنيفة عليه الرحمة وكثير من الشافعية والأشعرية، ومنهم من عمم تفضيل الكمل من نوع الإنسان نبيًا كان أو وليًا، ومنهم من فضل الكروبيين من الملائكة مطلقًا ثم الرسل من البشر ثم الكمل منهم ثم عموم الملائكة على عموم البشر.
وهذا ما عليه الإمام الرازي وبه يشعر كلام الغزالي في مواضع عديدة في كتبه، ومن هذا يعلم أن إطلاق القول بأن أهل السنة يفضلون البشر على الملك ليس على ما ينبغي، وهذه المسألة ومسألة تفضيل الأئمة ليستا مما يبدع الذاهب إلى أحد طرفيهما على ما في الكشف إذ لا يرجع إلى أصل في الاعتقاد ولا يستند إلى قطعي بعد أن يسلم من العطن وما يخل بتعظيم في المسؤلتين لكن المشهور في مسألة تفضيل الأئمة أن القول بخلاف ما استقر عليه رأي أهل السنة ابتداع ومن أنصف قال بما في الكشف فهذر الزمخشري على من خالفه محض جهالة إذا لم يكن بتلك الغاية فكيف وهو قد بلغ فيه السفاهة غايتها ومن البذاذة نهايتها وسيري جزاء ذلك.
{يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بإمامهم} شروع في بيان تفاوت أحوال بني آدم في الآخرة بعد بيان حالهم في الدنيا، و{يَوْمٍ} مفعول به لفعل محذوف أي الذكر يوم ندعو إلخ.
وجوز ابن عطية وغيره أن يكون ظرفا لفعل يدل عليه {لاَ يُظْلَمُونَ} ولم يجعل ظرفًا له بناء على أن الفاء لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ولو ظرفًا، وجوز أيضًا أن يكون مبتدأ وهو مبني لإضافته إلى غير متمكن والخبر جملة {فَمَنْ أُوتِىَ} إلخ ويقدر للربط فيها فيه، وفيه أن المنقسم إلى متمكن وغير متمكن هو الاسم لا الفعل وما في حيزه هنا فعل مضارع على أن بناء أسماء الظروف المضافة إلى جملة هو أحد ركنيها بناء على مذهب الكوفيين والبصريون لا يجوزون ذلك ومع هذا هو تخريج متكلف.
وجوز أيضًا كونه ظرفًا لِ {فضلناهم} [الإسراء: 70] قال: وتفضيل البشر على سائر الحيوانات يوم القيامة بين وبه قال بعض النحاة إلا أنه قال: فضلناهم بالثواب، وفيه أنه أي تفضيل للبشر ذلك اليوم والكفار منهم أخس من كل شيء إلا أن يقال: يكفي في تفضيل الجنس تفضيل بعض أفراده ألا ترى صحة الرجال أفضل من النساء مع أن من النساء من هي أفضل من بعض الرجال بمراتب، وأيضًا إذا أريد التفضيل بالثواب لا يصح إخراج الملائكة لأن جنس البشر يثابون والملائكة عليهم عليهم السلام لا يثابون كما هو مقرر في محله، ثم إنهم يشاركهم في الثواب الجن لأن مؤمنيهم يثابون كما يثاب البشر عند بعض، وقيل إن ثوابهم دون ثوابهم لأنهم لا يرون الله تعالى يالجنة عند من قال: إن الله تعالى يرى فيها فالبشر مفضلون عليهم في الثواب من هذه الجهة، وقيل ظرف {يَقْرَءونَ} أو ما دل عليه، وفيه أنهم لايقرؤن كتابهم وقت الدعوة. وأجيب بأن المراد بيوم يدعون وقت طويل وهو اليوم الآخر الذي يكون فيه ما يكون ويبقى في جعله ظرفًا للمذكور حديث الفاء.
وقال الفراء: هو ظرف لنعيدكم محذوفًا، وقيل: ظرف لِ {تستجيبون} [الإسراء: 52]، وقيل هو بدل من {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ} وقيل العامل فيه ما دل عليه قوله سبحانه: {متى هُوَ} [الإسراء: 51] وهي أقوال في غاية الضعف، وأقرب الأقوال وأقواها ما ذكرناه أولًا.
والإمام المقتدي به والمتبع عاقلًا كان أو غيره، والجار والمجرور متعلق بندعوا أي ندعو كل أناس من بني آدم الذين فعلنا بهم في الدنيا ما فعلنا من التكريم وما عطف عليه بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب أو دين فيقال: يا أتباع فلان يا أهل دين كذا أو كتاب كذا.
وأخرج ابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية: «يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهما عن ابن عباس أنه قال: إمام هدى وإمام ضلالة.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: بإمامهم بكتاب أعمالهم فيقال: يا أصحاب كتاب الخير يا أصحاب كتاب الشر وروى ذلك عن أبي العالية.
والربيع والحسن، وقرئ {بكتابهم} ولعلم وجه كون ذلك إمامهم إنهم متبعون لما يحكم به من جنة أو نار، وقال الضحاك وابن زيد: هو كتابهم الذي نزل عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أنس أنه قال: هو نبيهم الذي بعث إليهم.
واختار ابن عطية كغيره عموم الإمام لما ذكر في الآثار، وقيل: المراد القوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم كالقوة النظرية والعملية والقوة الغضبية والشهوية سواء كانت الشهوة شهوة النقود أو الضياع أو الجاه والرياسة ولاتباعهم لها دعيت إماما، وهو مع كونه غير مأثور بعيد جدًا فلا يقتدي بقائله وإن كان إمامًا.
وفي الكشاف أن من بدع التفاسير أن الإمام جمع أم كخف وخفاف وأن الناس يدعون يوم القيامة بإمامتهم وأن الحكمة في الدعاء بهن دون الآباء رعاية حق عيسى عليه السلام وشرف الحسن والحسين ولا يفضح أولاد الزنا، وليت شعري أيهما أبدع أصحة تفسيره أم بهاء حكمته انتهى، وهو مروي عن محمد بن كعب.
ووجه عدم قبوله على ما في الكشف، أما أولًا: فلأن إمام جمع أم غير شائع وإنما المعروف الأمهات.
وأما ثانيًا: فلأن رعاية حق عيسى عليه السلام في امتيازه بالدعاء بالأم فإن خلقه من غير أن كرامة له لا غض منه ليجبر بأن الناس أسوته في انتسابهم إلى الأمهات، وإظهار شرف الحسنين بدون ذلك أتم فإن أباهما خير من أمهما مع أن أهل البيت كحلقة مفرغة، وأما افتضاح أولاد الزنا فلا فضيحة إلا للأمهات وهي حاصلة دعى غيرهم بالأمهات أو بالآباء ولا ذنب لهم في ذلك حتى يترتب عليه الافتضاح انتهى، وما ذكر من عدم شيوع الجمع المذكورين، وأما الطعن في الحكمة فقد تعقب فإن حاصلها أنه لو دعى جميع الناس بآبائهم ودعى عيسى عليه السلام بأمه لربما أشعر بنقص فروعي تعظيمه عليه السلام ودعى الجميع بالأمهات وكذا روعي تعظيم الحسنين رضي الله تعالى عنهما لما أن في ذلك بيان نسبهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو نسبا إلى أبيهما كرم الله تعالى وجهه لم يفهم هذا وإن كان هو هو رضي الله تعالى عنه؛ وفي ذلك أيضًا ستر على الخلق حتى لا يفتضح أولاد الزنا فإنه لو دعى الناس بآبائهم ودعوا هم بأمهاتهم علم أنهم لا نسبة لهم إلى آباء يدعون بهم وفيه تشهير لهم ولو دعوا بآباء لم يعرفوا بهم في الدنيا وإن لم ينسبوا إليهم شرعًا كان كذلك، وعلى هذا يسقط ما في الكشف، وعندي أن القائل بذلك لا يكاد يقول به من غير أن يتمسك بخبر لأنه خلاف ما ينساق إلى الأذهان على اختلاف مراتبها ولا تكاد تسلم حكمته عن وهن:
ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر

ولعل الخبر إن كان ليس بالصحيح ويعارضه ما قدمناه غير بعيد من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم» والله تعالى أعمل، وما ذكر من تعلق الجار بما عنده هو الظاهر الذي ذهب إليه الجمهور، وجوز أن يكون متعلقًا بمحذوف وقع حالًا أي مصحوبين بإمامهم، ثم إن الداعي إما الله عز وجل وأما الملك وهو الذي تشعر به الآثار فإسناد الفعل إليه تعالى مجاز.