فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فقالوا لسنا نكلمك إنما نكلم محمدًا، فنزلت هذه الآية واعلم أن هذه القصة إنما وقعت بالمدينة فلهذا السبب قالوا إن هذه الآيات مدنية.
وروى أن قريشًا قالوا له: اجعل آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة، حتى نؤمن بك.
فنزلت هذه الآية وقال الحسن: الكفار أخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بمكة قبل الهجرة فقالوا: كف يا محمد عن ذم آلهتنا وشتمها فلو كان ذلك حقًا كان فلان وفلان بهذا الأمر أحق منك فوقع في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكف عن شتم آلهتهم.
وعلى هذا التقدير فهذه الآية مكية، وعن سعيد بن جبير أنه عليه السلام كان يستلم الحجر فتمنعه قريش ويقولون لا ندعك حتى تستلم آلهتنا فوقع في نفسه أن يفعل ذلك مع كراهية، فنزلت هذه الآية.
المسألة الثانية:
قال الزجاج معنى الكلام كادوا يفتنونك ودخلت إن واللام للتأكيد وإن مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والمعنى إن الشأن أنهم قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين وأصل الفتنة الاختبار يقال فتن الصائغ الذهب إذا أدخله النار وأذابه لتميز جيده من رديئه ثم استعملوه في كل من أزال الشيء عن حده وجهته فقالوا فتنه فقوله: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أي يزيلونك ويصرفونك عن الذي أوحينا إليك يعني القرآن، والمعنى عن حكمة وذلك لأن في إعطائهم ما سألوه مخالفة لحكم القرآن، وقوله: {لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} أي غير ما أوحينا إليك وهو قولهم: قل الله أمرني بذلك {وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} أي لو فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلًا وأظهروا للناس أنك موافق لهم على كونهم وراضٍ بشركهم ثم قال: {وَلَوْلاَ أَن ثبتناك} أي على الحق بعصمتنا إياك {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} أي تميل إليهم شيئًا قليلًا وقوله: {شَيْئًا} عبارة عن المصدر أي ركونًا قليلًا، قال ابن عباس يريد حيث سكت عن جوابهم.
قال قتادة لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» ثم توعده في ذلك أشد التوعد فقال: {إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات} أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات يريد عذاب الدنيا وعذاب الآخرة والضعف عبارة عن أن يضم إلى الشيء مثله فإن الرجل إذا قال لوكيله أعط فلانًا شيئًا فأعطاه درهمًا فقال أضعفه كان المعنى ضم إلى ذلك الدرهم مثله إذا عرفت هذا فنقول: إنا حسن إضمار العذاب في قوله: {ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات} لما تقدم في القرآن من وصف العذاب بالضعف في قوله: {رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هذا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا في النار} [ص: 61] وقال: {لِكُلّ ضِعْفٌ ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 38] وحاصل الكلام أنك لو مكنت خواطر الشيطان من قلبك وعقدت على الركون إليه همتك لاستحققت بذلك تضعيف العذاب عليك في الدنيا والآخرة ولصار عذابك مثلي عذاب المشرك في الدنيا ومثلي عذابه في الآخرة والسبب في تضعيف هذا العذاب أن أقسام نعم الله تعالى في حق الأنبياء عليهم السلام أكثر فكانت ذنوبهم أعظم فكانت العقوبة المستحقة عليها أكثر ونظيره قوله تعالى: {يانساء النبى مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة مُّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] فإن قيل قال عليه السلام: «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» فموجب هذا الحديث أنه عليه السلام لو رضي بما قالوه لكان وزره مثل وزر كل أحد من أولئك الكفار وعلى هذا التقدير يكون عقابه زائدًا على الضعف قلنا إثبات الضعف لا يدل على نفي الزائد عليه إلا بالبناء على دليل الخطاب وهو حجة ضعيفة ثم قال تعالى: {ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} يعني إذا أذقناك العذاب المضاعف لم تجد أحدًا يخلصك من عذابنا وعقابنا، والله أعلم.
المسألة الثالثة:
احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام بهذه الآية فقالوا هذه الآية تدل على صدور الذنب العظيم عنهم من وجوه.
الأول: أن الآية دلت على أنه عليه السلام قرب من أن يفتري على الله، والفرية على الله من أعظم الذنوب.
والثاني: أنها تدل على أنه لولا أن الله تعالى ثبته وعصمه لقرب من أن يركن إلى دينهم ويميل إلى مذهبهم.
والثالث: أنه لولا سبق جرم وجناية وإلا فلا حاجة إلى ذكر هذا الوعيد الشديد والجواب عن الأول: أن كاد معناه المقاربة فكان معنى الآية أنه قرب وقوعه في الفتنة، وهذا القدر لا يدل على الوقوع في تلك الفتنة فإنا إذا قلنا كاد الأمير أن يضرب فلانًا لا يفهم منه أنه ضربه، والجواب عن الثاني: أن كلمة لولا تفيد انتفاء الشيء لثبوت غيره، تقول لولا علي لهلك عمر، معناه أن وجود علي منع من حصول الهلاك لعمر، فكذلك ههنا قوله: {وَلَوْلاَ أَن ثبتناك لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} معناه أنه حصل تثبيت الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم فكان حصول ذلك التثبيت مانعًا من حصول ذلك الركون، والجواب عن الثالث: أن ذلك التهديد على المعصية لا يدل على الإقدام عليها والدليل عليه آيات منها قوله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل * لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين} [الحاقة: 44 46] ومنها قوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] ومنها قوله: {وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين} [الأحزاب: 48]، والله أعلم.
المسألة الرابعة:
احتج أصحابنا على صحة قولهم بأنه لا عصمة عن المعاصي إلا بتوفيق الله تعالى بقوله: {وَلَوْلاَ أَن ثبتناك لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} قالوا إنه تعالى بين أنه لولا تثبيت الله تعالى له لمال إلى طريقة الكفار ولا شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان أقوى من غيره في قوة الدين وصفاء اليقين فلما بين الله تعالى أن بقاءه معصومًا عن الكفر والضلال لم يحصل إلا باعانة الله تعالى وإغاثته كان حصول هذا المعنى في حق غيره أولى.
قالت المعتزلة: المراد بهذا التثبيت الألطاف الصارفة له عن ذلك وهي ما خطر بباله من ذكر وعده ووعيده، ومن ذكر أن كونه نبيًا من عند الله تعالى يمنع من ذلك، والجواب: لا شك أن هذا التثبيت عبارة عن فعل فعله الله يمنع الرسول من الوقوع في ذلك العمل المحذور، فنقول: لو لم يوجد المقتضى للإقدام على ذلك العمل المحذور في حق الرسول لما كان إلى إيجاد هذا المانع حاجة وحيث وقعت الحاجة إلى تحصيل هذا المانع علمنا أن المقتضى قد حصل في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وأن هذا المانع الذي فعله الله منع ذلك المقتضى من العمل وهذا لا يتم إلا إذا قلنا إن القدرة مع الداعي توجب الفعل، فإذا حصلت داعية أخرى معارضة للداعية الأولى اختل المؤثر فامتنع الفعل ونحن لا نريد إلا إثبات هذا المعنى، والله أعلم.
المسألة الخامسة:
قال القفال رحمه الله: قد ذكرنا في سبب نزول هذه الآية الوجوه المذكورة، ويمكن أيضًا تأويلها من غير تقييد بسبب يضاف نزولها فيه لأن من المعلوم أن المشركين كانوا يسعون في إبطال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقصى ما يقدرون عليه، فتارة كانوا يقولون: إن عبدت آلهتنا عبدنا إلهك، فأنزل الله تعالى: {قُلْ يا أَيُّهَا الكافرون لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: 1، 2] وقوله: {وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] وعرضوا عليه الأموال الكثيرة والنسوان الجميلة ليترك ادعاء النبوة فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: 131] ودعوه إلى طرد المؤمنين عن نفسه فأنزل الله تعالى قوله: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الأنعام: 52] فيجوز أن تكون هذه الآيات نزلت في هذا الباب وذلك أنهم قصدوا أن يفتنوه عن دينه وأن يزيلوه عن منهجه، فبين تعالى أنه يثبته على الدين القويم والمنهج المستقيم، وعلى هذا الطريق فلا حاجة في تفسير هذه الآيات إلى شيء من تلك الروايات، والله أعلم.
{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)}.
في هذه الآية قولان: الأول: قال قتادة: هم أهل مكة هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، ولو فعلوا ذلك ما أمهلوا، ولكن الله منعهم من إخراجه، حتى أمره الله بالخروج، ثم إنه قل لبثهم بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حتى بعث الله عليهم القتل يوم بدر وهذا قول مجاهد.
والقول الثاني: قال ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة حسدته اليهود وكرهوا قربه منهم فقالوا: يا أبا القاسم إن الأنبياء إنما بعثوا بالشام وهي بلاد مقدسة وكانت مسكن إبراهيم فلو خرجت إلى الشام آمنا بك واتبعناك وقد علمنا أنه لا يمنعك من الخروج إلا خوف الروم فإن كنت رسول الله فالله مانعك منهم.
فعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أميال من المدينة قيل بذي الحليفة حتى يجتمع إليه أصحابه ويراه الناس عازمًا على الخروج إلى الشام لحرصه على دخول الناس في دين الله فنزلت هذه الآية فرجع.
فالقول الأول اختيار الزجاج وهو الوجه لأن السورة مكية فإن صح القول الثاني كانت الآية مدنية، والأرض في قوله: {لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض} على القول الأول مكة وعلى القول الثاني المدينة وكثر في التنزيل ذكر الأرض والمراد منها مكان مخصوص كقوله: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأرض} [المائدة: 33] يعني من مواضعهم وقوله: {فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض} [يوسف: 80] يعني الأرض التي كان قصدها لطلب الميرة، فإن قيل قال الله تعالى: {وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ هي أَشَدُّ قُوَّةً مّن قَرْيَتِكَ التى أَخْرَجَتْكَ} [محمد: 13] يعني مكة والمراد أهلها فذكر أنهم أخرجوه وقال في هذه الآية: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرض لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} فكيف يمكن الجمع بينهما على قول من قال الأرض في هذه الآية مكة؟ قلنا: إنهم هموا بإخراجه وهو عليه السلام ما خرج بسبب إخراجهم وإنما خرج بأمر الله تعالى، فزال التناقض.
ثم قال تعالى: {وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خلافك إِلاَّ قَلِيلًا}.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو عن عاصم: {خلفك} بفتح الخاء وسكون اللام والباقون: {خلافك} زعم الأخفش أن خلافك في معنى خلفك وروى ذلك يونس عن عيسى وهذا كقوله: {بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُولِ الله} [التوبة: 81] وقال الشاعر:
عفت الديار خلافهم فكأنما ** بسط الشواطب بينهن حصير

قال صاحب الكشاف قرئ {لا يلبثون} وفي قراءة أبي: {لا يلبثوا} على إعمال إذًا، فإن قيل: ما وجه القراءتين؟ قلنا: أما الشائعة فقد عطف فيها الفعل على الفعل وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد والفعل في خبر كاد واقع موقع الاسم وأما قراءة أبي ففيها الجملة برأسها التي هي قوله: {إِذًا لا يلبثوا} عطف على جملة قوله: {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ}. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره} فيه قولان:
أحدهما: ما روى سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر في طوافه فمنعته قريش وقالوا لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فحدث نفسه وقال: «ما عليّ أن ألمَّ بها بعد أن يعدوني أستلم الحجر واللّه يعلم أني لها كاره» فأبى الله تعالى وأنزل عليه هذه الآية، قاله مجاهد وقتادة.
الثاني: ما روى ابن عباس أن ثقيفًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجِّلْنا سنة حتى نأخذ ما نُهدي لآلهتنا، فإذا أخذناه كسرنا آلهتنا وأسلمْنا، فهمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطيعهم، فأنزل الله هذه الآية.
{لِتَفْتَريَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: لتدّعي علينا غير وحينا.
الثاني: لتعتدي في أوامرنا.
{وإذًا لاتخذوك خليلًا} فيه وجهان:
أحدهما: صديقًا، مأخوذ من الخُلة بالضم وهي الصداقة لممالأته لهم.
الثاني: فقيرًا، مأخوذ من الخلة بالفتح وهي الفقر لحاجته إليهم.
قوله عز وجل: {إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} فيه قولان:
أحدهما: لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك.
الثاني: لأذقناك ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة، حكاه الطبري:
وفي المراد بالضِّعف ها هنا وجهان:
أحدها: النصيب، ومنه قوله تعالى: {لكل ضِعفٌ} [الأعراف: 38] أي نصيب.
الثاني: مثلان، وذلك لأن ذنبك أعظم.
وفيه وجه ثالث: أن الضعف هو العذاب يسمى ضعف لتضاعف ألمه، قاله أبان بن تغلب وأنشد قول الشاعر:
لمقتل مالكٍ إذ بان مني ** أبيتُ الليل في ضعفٍ أليم

قال قتادة: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
قوله عز وجل: {وإن كادوا ليستفزونَك مِنَ الأرض ليخرجوك منها} في قوله: {ليستفزّونك} وجهان:
أحدهما: يقتلونك، قاله الحسن.
الثاني: يزعجونك باتسخفافك، قاله ابن عيسى. قال الشاعر:
يُطِيعُ سَفِيهَ القوْمِ إذ يَسْتَفِزُّهُ ** ويعْصِي حَكِيمًا شَيَّبَتْهُ الْهَزَاهِزُ

وفي قوله: {ليخرجوك منها} أربعة أقاويل:
أحدها: أنهم اليهود أرادوا أن يخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، فقالوا: إن أرض الأنبياء هي الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء، قاله سليمان التيمي.
الثاني: أنهم قريش هموا بإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قبل الهجرة، قاله قتادة.
الثالث: أنهم أرادوا إخراجه من جزيرة العرب كلها لأنهم قد أخرجوه من مكة. الرابع: أنهم أرادوا قتله ليخرجوه من الأرض كلها، قاله الحسن.
{وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلًا} يعني بعدك، قال خلْفك وخلافك وقد قرئا جميعًا بمعنى بعدك، ومنه قول الشاعر:
عَفَتِ الدِّيَارُ خِلاَفَها فَكَأَنَّما ** بَسَطَ الشَّوَاطبُ بَيْنَهُم حَصِيرًا

وقيل خلفك بمعنى مخالفتك، ذكره ابن الأنباري.
{إلا قليلًا} فيه وجهان:
أحدهما: أن المدة التي لبثوها بعده ما بين إخراجهم له إلى قتلهم يوم بدر، وهذا قوله من ذكر أنهم قريش.
الثاني: ما بين ذلك وقتل بني قريظة وجلاء بني النضير، وهذا قول من ذكر أنهم اليهود. اهـ.