فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ذهب مجاهد إلى أن الضمير في {يلبثون} لجميعهم.
وقال الحسن: {ليستفزونك} ليفتنونك عن رأيك.
وقال ابن عيسى: ليزعجونك ويستخفونك.
وأنشد:
يطيع سفيه القوم إذ يستفزه ** ويعصي حليمًا شيبته الهزاهز

والظاهر أن الآية تدل على مقاربة استفزازه لأن يخرجوه، فما وقع الاستفزاز ولا إخراجهم إياه المعلل به الاستفزاز، ثم جاء في القرآن {وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك} أي أخرجك أهلها.
وفي الحديث: «يا ليتني كنت فيها جذعًا إذ يخرجك قومك قال: أو مخرجي هم» الحديث فدل ذلك على أنهم أخرجوه.
لكن الإخراج الذي هو علة للاستفزاز لم يقع فلا تعارض بين الآيتين والحديث.
وقال أبو عبد الله الرازي: ما خرج بسبب إخراجهم وإنما خرج بأمر الله فزال التناقض انتهى.
{ولا يلبثون} جواب قسم محذوف أي والله إن استفزوك فخرجت {لا يلبثون} ولذلك لم تعمل {إذًا} لأنها توسطت بين قسم مقدر، والفعل فلا يلبثون ليست منصبة عليه من جهة الإعراب، ويحتمل أن تكون {لا يلبثون} خبرًا لمبتدأ محذوف يدل عليه المعنى تقديره، وهم {إذًا لا يلبثون} فوقعت إذًا بين المبتدأ وخبره فألغيت.
وقرأ أُبيّ وإذا لا يلبثوا بحذف النون أعمل إذًا فنصب بها على قول الجمهور، وبأن مضمرة بعدها على قول بعضهم وكذا هي في مصحف عبد الله محذوفة النون.
قال الزمخشري: فإن قلت: ما وجه القراءتين؟ قلت: أما الشائعة فقد عطف فيها الفعل على الفعل وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد، والفعل في خبر كاد واقع موقع الاسم.
وأما قراءة أُبيّ ففيها الجملة برأسها التي هي وإذًا لا يلبثوا عطف على جملة قوله: {وإن كادوا ليستفزونك} انتهى.
وقرا عطاء: {لا يلبثون} بضم الياء وفتح اللام والباء مشددة.
وقرأ يعقوب كذلك إلاّ أنه كسر الباء.
وقرأ الأخوان وابن عامر وحفص: {خلافك} وباقي السبعة خلفك والمعنى واحد.
قال الشاعر:
عفت الديار خلافهم فكأنما ** بسط الشواطب بينهن حصيرا

وهذا كقوله: {فرح المخلفون بمقعدهم} خلاف رسول الله أي خلف رسول الله في أحد التأويلات.
وقرأ عطاء بن أبي رباح: بعدك مكان خلفك، والأحسن أن يجعل تفسيرًا لخلفك لا قراءة لأنها لا تخالف سواد المصحف، فأراد أن يبين أن خلفك هنا ليست ظرف مكان وإنما تجوز فيها فاستعملت ظرف زمان بمعنى بعدك.
وهذه الظروف التي هي قبل وبعد ونحوهما اطّرد إضافتها إلى أسماء الأعيان على حذف مضاف يدل عليه ما قبله، في نحو خلفك أي خلف إخراجك، أو جاء زيد قبل عمرو أي قبل مجيء عمرو، وضحك بكر بعد خالد أي بعد ضحك خالد. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ}
نزلت في ثقيفٍ إذ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لا ندخُل في أمرك حتى تعطيَنا خِصالًا نفتخر بها على العرب لا نُعشر ولا نُحشر ولا نجبى في صلاتنا، وكلُّ رِبًا لنا فهو لنا وكلُّ ربًا علينا فهو موضوعٌ عنا، وأن تُمتّعنا باللات سنةً وأن تحرِّم واديَنا وَجّ كما حرّمت مكة، فإذا قالت العربُ: لم فعلتَ؟ فقل: إن الله أمرني بذلك، وقيل: في قريش حيث قالوا: اجعل لنا آيةَ عذابٍ آيةَ رحمةٍ وآيةَ رحمةٍ آيةَ عذابٍ، أو قالوا: لا نُمكّنك من استلام الحجرِ حتى تُلمّ بآلهتنا، فإنْ مخففةٌ من المشددة وضميرُ الشأنِ الذي هو اسمُها محذوفٌ واللامُ هي الفارقة بينها وبين النافية، أي إن الشأنَ قاربوا أن يفتنوك أي يخدعوك فاتنين {عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} من أوامرنا ونواهينا ووعْدِنا ووعيدِنا {لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} لتتقول علينا غيرَ الذي أوحينا إليك مما اقترحَتْه ثقيفٌ أو قريشٌ حسبما نقل {وَأَذًّا لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} أي لو اتبعت أهواءَهم لكنتَ لهم وليًّا ولخرجتَ من ولايتي.
{وَلَوْلاَ أَن ثبتناك}
على ما أنت عليه من الحق بعِصمتنا لك {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} من الركون الذي هو أدنى ميلٍ أي لولا تثبيتنا لك لقاربت أن تميلَ إليهم شيئًا يسيرًا من الميل اليسيرِ لقوة خَدعِهم وشدة احتيالِهم، لكن أدركتْك العصمةُ فمنعَتْك من أن تقرَبَ من أدنى مراتبِ الركونِ إليهم فضلًا عن نفس الركونِ، وهذا صريحٌ في أنه عليه الصلاة والسلام ما همّ بإجابتهم مع قوة الداعي إليها، ودليلٌ على أن العصمةَ بتوفيق الله تعالى وعنايتِه.
{إِذًا} لو قاربت أن تركنَ إليهم أدنى رَكْنة {إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ} أي عذابَ الدنيا وعذابَ الآخرة ضعفَ ما يُعذَّب به في الدارين بمثل هذا الفعلِ غيرُك لأن خطأَ الخطيرِ خطيرٌ، وكان أصلُ الكلامِ عذابًا ضِعفًا في الممات بمعنى مضاعفًا ثم حُذف الموصوفُ وأُقيمت الصفةُ مُقامَه ثم أضيفت إضافةَ موصوفِها، وقيل: الضِعف من أسماء العذاب، وقيل: المرادُ بضِعف الحياة عذابُ الآخرة وبضِعف المماتِ عذابُ القبر {ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} يدفع عنك العذابَ.
{وَإِن كَادُواْ} الكلامُ فيه كما في الأول أي كاد أهلُ مكة {لَيَسْتَفِزُّونَكَ} أي ليُزعِجونك بعداوتهم ومكرِهم {مّنَ الأرض} أي الأرضِ التي أنت فيها وهي أرضُ مكة {لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَأَذًّا لاَّ يَلْبَثُونَ} بالرفع عطفًا على خبر كاد، وقرئ لا يلبثوا بالنصب بإعمال إذن على أن الجملةَ معطوفةٌ على جملة وإن كادوا ليستفزونك {خلافك} أي بعدك قال:
خلت الديارُ خِلافَهم فكأنما ** بسَطَ الشواطِبُ بينهن حصيرًا

أي لو خرجتَ لا يبقَون بعد خروجِك وقرئ خلفك {إِلاَّ قَلِيلًا} إلا زمانًا قليلًا وقد كان كذلك فإنهم أُهلكوا ببدر بعد هجرتِه عليه الصلاة والسلام، وقيل: نزلت الآيةُ في اليهود حيث حسدوا مقامَ النبي عليه الصلاة والسلام بالمدينة، فقالوا: الشامُ مقامُ الأنبياءِ عليهم السلام فإن كنت نبيًا فالحَقْ بها حتى نؤمِنَ بك، فوقع ذلك في قلبه عليه الصلاة والسلام فخرج مرحلةً فنزلت فرجع ثم قُتل منهم بنو قريظة وأُجليَ بنو النضير بعدهم بقليل. اهـ.

.قال الألوسي:

قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)}.
ثم إنه عز وجل لما عد نعمه على بني آدم ثم ذكر حالهم في الآخرة وانقسامهم إلى قسمين سعداء وأشقياء أتبع ذلك بذكر بعض مساوي بعض الأشقياء في الدنيا من المكر والخداع والتلبس على سيد أهل السعادة المقطوع له بالعصمة صلى الله عليه وسلم وفي ذلك إشارة إلى أهم داخلون فيمن عمى عن الاهتداء في الدنيا خولًا أوليًا فقال سبحانه وتعالى: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ} قيل نزلت في ثقيف قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالًا نفتخر بها على العرب لا نشعر ولا نحشر ولا نجبى في الصلاة وكل ربًا لنا فهو لنا وكل ربًا علينا فهو موضوع عنا وأن تمتعنا باللات سنة وأن تحرم وادينا وجاكما حرمت مكة فإن قالت العرب: لم فعلت ذلك؟ فقل: إن الله تعالى أمرني، وروى ذلك الثعلبي عن ابن عباس ولم يذكر له سندًا.
وقال العراقي فيه: إنا لم نجده في كتب الحديث؛ ونقله الزمخشري بزيادة، ونقل غيره أنهم طلبوا ثلاث خصال عدم التجبية في الصلاة وكسر أصنامهم بأيديهم وتمتيعهم باللات سنة من غير أن يعبدوها بل ليأخذوا ما يهدي لها فقال صلى الله عليه وسلم: «لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود وأما كسر أصنامكم بأيديكم فذلك لكم وأما الطاغية اللات فإني غير ممتعكم بها» وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ما بالكم آديتم رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لا يدع الأصنام في أرض العرب فما زالوا به حتى أنزل الله تعالى الآية.
وأخرج ابن أبي إسحق وابن مردويه وغيرهما عنه رضي الله تعالى عنه أن أمية بن خلف وأبا جهل ورجالًا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: تعالى فتسمح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم فانزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله سبحانه: {نَصِيرًا} [الإسراء: 75]، وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن باذان عن جابر بن عبد الله مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير أن قريشًا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: إن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم لنكون نحن أصحابك فنزلت، وقيل: إنهم قالوا له عليه الصلاة والسلام: اجعل لنا آية رحمة آية عذاب وآية عذاب آية رحمة حتى نؤمن بك فنزلت وفي ذلك روايات أخر مختلفة أيضًا وفي بعضها ما لا يصح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكاد يؤول وذلك يدل على الوضع والتفسير لا يتوقف على شيء من ذلك، وأياما كان فضمير الجمع للكفار وهم إما ثقيف قريش، و{إن} مخففة من المثقلة واسمها ضمير شان مقدر واللام هي الفارقة بين المخففة وغيرها أي أن الشان قاربوا في ظنهم أن يوقعوك في الفتنة صار فيك {عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد {لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} لتتقول علينا غير الذي أوحيناه إليك مما اقترح عليك ثقيف من تحريم وج مثلًا أو قريش من جعل آية الرحمة آية عذاب وبالعكس، وقيل: المعنى لتحل محل المفتري علينا لأنك إن اتبعت أهواءهم أو همت أنك تفعل ذلك عن ووحينا لأنك رسولنا فكنت كالمفتري.
{وَإِذًا لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} أي لو فعلت ليتخذنك صديقًا لهم، وكان المراد ليكونن بينك وبينهم مخالة وصداقة وهم أعداء الله تعالى فمخالتهم تقتضي الانقطاع عن ولايته عز وجل كما قيل:
إذا صافى صديقك من تعادى ** فقد عاداك وانقطع الكلام

وقيل: الخليل هذا من الخلة بمعنى الحاجة أي لاتخذوك فقيرًا محتاجًا إليهم وهو كما ترى.
{وَلَوْلاَ أَن ثبتناك} أي لولا تثبيتنا إياك على ما أنت عليه من الحق بعصمتنا لك {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} من الركون الذي هو أدنى ميل، وأصله الميل إلى ركن، ذكروا أنه إذا أطلق يقع على أدنى الميل، ونصب {شَيْئًا} على المصدرية أي لولا ذلك لقاربت أن تميل إليهم شيئًا يسيرًا من الميل اليسير لقوة خدعهم وشدة احتيالهم لكن أدركتم العصمة فمنعتك من أن تقرب أدنى الأدنى من الميل إليهم فضلًا عن نفس الميل إليهم، وهذا صريح في أنه صلى الله عليه وسلم لم يهم بإجابتهم ولم يكد، وبه يرد على من زعم أنه عليه الصلاة والسلام هم فمنعه نزول الآية وكأنه غره ظواهر بعض الروايات في بيان سبب النزول كرق في رواية ابن إسحاق ومن معه عن الحبر ولا يخفى أن في قوله بسحانه {إِلَيْهِمُ} دون إلى إجابتهم ما يقوى الدلالة على أنه عليه الصلاة والسلام بمعزل عن الإجابة في أقصى الغايات، وهذا الذي ذكر في معنى الآية هو الظاهر المتبادر للأفهام؛ وذهب ابن الأنباري إلى أن المعنى لقد كانوا أن يخبروا عنك أنك ركنت إليهم ونسب فعلهم إليه عليه الصلاة والسلام مجازًا واتساعًا كما تقول للرجل كدت تقتل نفسك أي كاد الناس يقتلونك بسبب ما فعلت وهو من الألغاز المستغنى عنه.
واستدل بالآية على أن العصمة بتوفيق الله تعالى وعنايته.
وقرأ قتادة وابن أبي إسحاق وابن مصرف: {تَرْكَنُ} بضم الكاف مضارع ركن بفتحها وهو على قراءة الجمهور مضارع ركن بكسر الكاف، وقيل: بفتحها أيضًا وجعل ذلك من تداخل اللغتين.
{إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)}.
{إِذَا} أي لو قاربت أن تركن إليهم أدنى ركنة {إِذًا لأذقناك ضِعْفَ} أي مضاعف الحياة وهو صفة محذوف والإضافة على معنى في أو للملابسة أي عذابًا مضاعفًا في الحياة، والمراد بها الحياة الدنيا لأنه المتبادر عند إطلاق لفظها وكذا يقال في قوله تعالى: {وَضِعْفَ الممات} أي وعذابًا ضعفًا في الممات، والمراد به ما يشمل العذاب في القبر وبعد البعث، واستسهل بعض المحققين أن يكون التقدير من أول الأمر لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات وتكون الإضافة لامية والقرينة على تقدير العذاب {لأذقناك} والمعنى لو قاربت ما ذكرنا لنضاعفن لك العذاب المعجل للعصاة في الحياة الدنيا والعذاب المؤجل لهم بعد الموت.
وقيل المراد بالحياة حياة الآخرة وبعذاب الممات ما يكون في القبر وأمر الإضافة والتقدير على حاله، والمعنى لو قاربت لنضاعفن لك عذاب القبر وعذاب يوم القيامة المدخرين للعصاة، وفي هذه الشرطية إجلال عظيم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنبيه على أن الأقرب أشد خطرًا وذلك أنه أوعد بضعف العذاب على مقاربة أدنى ركون وقد وضع عنا الركون ما لم يصدقه العمل، ونظير ذلك من وجه ما جاء في نسائه عليه الصلاة والسلام من قوله تعالى: {يانساء النبى مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة مُّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] وذكر في وجه مضاعفة جزاء خطأ الخطير أنه يكون سببًا لارتكاب غيره مثله والاحتجاج به فكأنه سن ذلك وقد جاء «من سن سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» وعلى هذا يضاعف عذاب الخطير في خطئه أضعافًا مضاعفة، ولا يلزم من إثبات الضعف الواحد نفي الضعف المتعدد، وقيل الضعف من أسماء العذاب وأنشدوا على ذلك قوله:
لمقتل مالك إذ بان مني ** أبيت الليل في ضعف أليم

وذكر بعضهم أن الضعف ليس من أسماء العذاب وضعًا لكنه يعبر به عنه لكثرة وصف العذاب به كما في قوله تعالى: {عَذَابًا ضِعْفًا} [ص: 61] وزعم أن ذلك مراد القائل والله تعالى أعلم، واللام في {لأذقناك} و{لاتَّخذُوكَ} [الإسراء: 73] لام القسم على ما نص عليه الحوفي، والماضي في الموضعين واقع موقع المضارع الدال عليه اللام، والنون على ما نص عليه أبو حيان وأشرنا إليه فيما سبق {الممات ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} يدفع العذاب أو يرفعه عنك، روي عن قتادة أنه لما نزل قوله تعالى: {وَإِن كَادُواْ} [الإسراء: 73] إلى هنا قال صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وينبغي للمؤمن إذا تلا هذه الآية أن يجثو عندها ويتدبرها وأن يستشعر الخشية وازدياد التصلب في دين الله تعالى ويقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.