فصل: الثاني: في فضل المشي إلى المساجد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الثاني: في فضل المشي إلى المساجد:

عن أبي هريرة قال: قال عليه الصلاة والسلام: «من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئته والأخرى ترفع درجته» رواه مسلم.
أبو هريرة قال: قال عليه الصلاة والسلام: «من غدا أو راح إلى المسجد أعد الله له في الجنة منزلًا كلما غدا أو راح» أخرجاه في الصحيح.
أبي بن كعب قال: كان رجل ما أعلم أحدًا من أهل المدينة ممن يصلى إلى القبلة أبعد منزلًا منه من المسجد وكان لا تخطئه الصلوات مع الرسول عليه السلام، فقيل له: لو اشتريت حمارًا لتركبه في الرمضاء والظلماء، فقال: والله ما أحب أن منزلي بلزق المسجد، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فسأله فقال: يا رسول الله كيما يكتب أثري وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري، فقال عليه الصلاة والسلام: «لك ما احتسبت أجمع» أخرجه مسلم.
جابر قال: خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: «أنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى قرب المسجد، فقالوا: نعم قد أردنا ذلك قال يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم» رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في حقهم: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الموتى وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ وَءَاثَارَهُمْ} [يس: 12].
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الناس أجرًا في الصلاة أبعدهم إلى المسجد مشيًا والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام في جماعة أعظم أجرًا ممن يصليها ثم ينام» أخرجاه في الصحيح.
عقبة بن عامر الجهني أنه عليه السلام قال: «إذا تطهر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه أو كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات والقاعد الذي يرعى الصلاة كالقانت ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع».
عن سعيد بن المسيب قال: حضر رجلًا من الأنصار الموت فقال لأهله: من في البيت، فقالوا: أهلك، وأما أخوتك وجلساؤك ففي المسجد، فقال: ارفعوني فأسنده رجل منهم إليه ففتح عينيه وسلم على القوم فردوا عليه وقالوا له: خيرًا.
فقال: إني مورثكم اليوم حديثًا ما حدثت به أحدًا منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم احتسابًا وما أحدثكموه اليوم إلا احتسابًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد يصلي في جماعة المسلمين لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب الله له بها حسنة ولم يضع رجله اليسرى إلا حط الله عنه بها خطيئة حتى يأتي المسجد، فإذا صلى بصلاة الإمام انصرف وقد غفر له، فإن هو أدرك بعضها وفاته بعض كان كذلك».
عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال: «من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها ولم ينقص ذلك من أجرهم شيئًا».
أبو هريرة قال عليه السلام: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات»، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» رواه أبو مسلم.
قال أبو سلمة بن عبد الرحمن لداود بن صالح: هل تدري فيم نزلت: {يا أيها الذين ءَامَنُواْ اصبروا وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} [آل عمران: 200] قال: قلت لا يا ابن أخي، قال: سمعت أبا هريرة يقول لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة.
بريدة قال عليه السلام: «بشر المشائين في الظلم إلى المسجد بالنور التام يوم القيامة» قال النخعي كانوا يرون المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة موجبة.
قال الأوزاعي: كان يقال خمس كان عليها أصحاب محمد عليه السلام والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة واتباع السنة، وعمارة المسجد وتلاوة القرآن والجهاد في سبيل الله.
أبو هريرة قال عليه السلام: «من بنى لله بيتًا يعبد الله فيه من مال حلال بنى الله له بيتًا في الجنة من دور ياقوت».
أبو ذر: قال عليه السلام: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة».
أبو سعيد الخدري: قال عليه السلام: إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله تعالى قال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مساجد الله مَنْ ءامَنَ بالله واليوم الآخر} [التوبة: 18].
عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: إن المساجد بيوت الله وأنه لحق على الله أن يكرم من زاره فيها.
أنس قال عليه السلام: «إن عمار بيوت الله هم أهل بيوت الله».
أنس قال عليه السلام: «يقول الله تعالى: كأني لأهم بأهل الأرض عذابًا فإذا نظرت إلى عمار بيوتي والمتحابين في وإلى المستغفرين بالأسحار صرفت عنهم».
عن أنس: قال عليه السلام: «إذا أنزلت عاهة من السماء صرفت عن عمار المساجد».
كتب سلمان إلى أبي الدرداء: يا أخي ليكن بيتك المساجد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسجد بيت كل تقي وقد ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله تعالى».
قال سعيد بن المسيب: عن عبد الله بن سلام: إن المساجد أوتادًا من الناس، وإن لهم جلساء من الملائكة، فإذا فقدوهم سألوا عنهم، وإن كانوا مرضى عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم.
الحسن قال عليه السلام: «يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم فلا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة».
أبو هريرة: قال عليه السلام: «إن للمنافقين علامات يعرفون بها تحيتهم لعنة وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، لا يقربون المساجد إلا هجرًا ولا الصلاة إلا دبرًا، لا يتألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل سحب بالنهار».
أبو سعيد الخدري وأبو هريرة: قال عليه السلام: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».
هذا حديث أخرجه الشيخان في الصحيحين.
عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من خرج من بيته إلى المسجد كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها عشر حسنات، والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت ويكتب من المصلين حتى يرجع إلى بيته».
روى عبد الله بن المبارك عن حكيم بن زريق بن الحكم، قال: سمعت سعيد بن المسيب وسأله أبي: أحضور الجنازة أحب إليك أم القعود في المسجد؟ قال: من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تقبر فله قيراطان، والجلوس في المسجد أحب إلي، تسبح الله وتهلل وتستغفر والملائكة تقول: آمين اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، فإذا فعلت ذلك فقل: اللهم اغفر لسعيد بن المسيب.

.الثالث: في تزيين المساجد:

ابن عباس: قال عليه الصلاة والسلام: «ما أمرت بتشييد المساجد» والمراد من التشييد رفع البناء وتطويله، ومنه قوله تعالى: {فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] وهي التي يطول بناؤها.
أمر عمر ببناء مسجد وقال للبناء: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس.
روى أن عثمان رأى أثرجة من جص معلقة في المسجد، فأمر بها فقطعت.
قال أبو الدرداء: إذا حليتم مصاحفكم وزينتم مساجدكم فالدمار عليكم.
قال أبو قلابة: غدونا مع أنس بن مالك إلى الزواية فحضرت صلاة الصبح فمررنا بمسجد فقال أنس: لو صلينا في هذا المسجد؟ فقال بعض القوم: حتى نأتي المسجد الآخر، فقال أنس: أي مسجد، قالوا: مسجد أحدث الآن، فقال أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سيأتي على أمتي زمان يتباهون في المساجد ولا يعمرونها إلا قليلًا».

.الرابع: في تحية المسجد:

في الصحيحين عن أبي قتادة السلمي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس» واعلم أن القول بذلك مذهب الحسن البصري ومكحول وقول الشافعي وأحمد وإسحاق، وذهب قوم إلى أنه يجلس ولا يصلي، وإليه ذهب ابن سيرين وعطاء بن أبي رباح والنخعي وقتادة، وبه قال مالك والثوري وأصحاب الرأي.

.الخامس: فيما يقول إذا دخل المسجد:

روت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال: «رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك»، وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال قال: «رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك».

.السادس: في فضيلة القعود في المسجد لانتظار الصلاة:

أ أبو هريرة: قال عليه الصلاة والسلام: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه فتقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ما لم يحدث».
وروي أن عثمان بن مظعون أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ائذن لي في الاختصاء، فقال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من خصي أو اختصى إن خصاء أمتي الصيام».
فقال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة، فقال: «إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» فقال: يا رسول الله ائذن لي في الترهب، فقال: «إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد انتظارًا للصلاة».

.السابع: في كراهية البيع والشراء في المسجد:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن تناشد الأشعار في المساجد، وعن البيع والشراء فيه، وعن أن يتحلق الناس في المساجد يوم الجمعة قبل الصلاة، واعلم أنه كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد وبه يقول أحمد وإسحاق وعطاء بن يسار، وكان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد قال: عليك بسوق الدنيا فإنما هذا سوق الآخرة، وكان لسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم رحبة إلى جنب المسجد سماها البطحاء، وقال: من أراد أن يلغط أو ينشد شعرًا أو يرفع صوتًا فليخرج إلى هذه الرحبة، واعلم أن الحديث الذي رويناه يدل على كراهية التحلق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر والصلاة والإنصات للخطبة، ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة، وأما طلب الضالة في المسجد، ورفع الصوت بغير الذكر، فمكروه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك».
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: ويدخل في هذا كل أمر لم يبن له المسجد من أمور معاملات الناس، واقتضاء حقوقهم، وقد كره بعض السلف المسألة في المسجد، وكان بعضهم يرى أن لا يتصدق على السائل المتعرض في المسجد، وورد النهي عن إقامة الحدود في المساجد، قال عمر فيمن لزمه حد: أخرجاه من المسجد، ويذكر عن علي رضي الله عنه مثله، وقال معاذ بن جبل: إن المساجد طهرت من خمس: من أن يقام فيها الحدود أو يقبض فيها الخراج، أو ينطق فيها بالأشعار أو ينشد فيها الضالة أو تتخذ سوقًا، ولم ير بعضهم بالقضاء في المسجد بأسًا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لاعن بين العجلاني وامرأته في المسجد ولاعن عمر عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وقضى شريح والشعبي ويحيى بن يعمر في المسجد وكان الحسن وزرارة بن أوفى يقضيان في الرحبة خارجًا من المسجد.

.الثامن: في النوم في المسجد:

في الصحيحين: عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى وعن ابن شهاب قال: كان ذلك من عمر وعثمان وفيه دليل على جواز الاتكاء والاضطجاع وأنواع الاستراحة في المسجد مثل جوازها في البيت، إلا الانبطاح فإنه عليه الصلاة والسلام نهى عنه وقال: أنها ضجعة يبغضها الله، وعن نافع أن عبد الله كان شابًا أعزب لا أهل له فكان ينام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورخص قوم من أهل العلم في النوم في المسجد، وقال ابن عباس: لا تتخذوه مبيتًا أو مقيلًا.

.التاسع: في كراهية البزاق في المسجد:

عن أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها» وفي الصحيح عن أبي ذر قال عليه الصلاة والسلام: «عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت من محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساويء أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن» وفي الحديث: «إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة في النار» أي ينضم وينقبض، فقال بعضهم: المراد أن كونه مسجدًا يقتضي التعظيم والقاء النخامة يقتضي التحقير، وبينهما منافاة، فعبر عليه الصلاة والسلام عن تلك المنافاة بقوله: لينزوي، وقال آخرون: أراد أهل المسجد وهم الملائكة، وفي الصحيحين عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنه يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكًا، ولكن ليبصق عن شماله أو تحت رجليه فيدفنه».
وعن أنس أنه عليه الصلاة والسلام رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه فقام فحكه بيده وقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه فلا يبزقن أحدكم في قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدمه قال: ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض وقال: يفعل هكذا» أخرجه البخاري في صحيحه.