فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فَتُفَجّرَ الأنهار}، أي تشقق الأنهار {خِلاَلَهَا}، يعني: وسطها.
{تَفْجِيرًا}، أي تشقيقًا.
{أَوْ تُسْقِطَ السماء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا}، أي قطعًا.
قرأ ابن عامر وعاصم ونافع: {كِسَفًا} بنصب السين، وقرأ الباقون بالجزم؛ ومعناهما واحد، أي تسقط علينا طبقًا.
واشتقاقه من كسفت الشيء، إذا غطيته.
ومن قرأ بالنصب، جعلها جمع كسفة وهي القطعة {أَوْ تَأْتِىَ بالله والملئكة قَبِيلًا}، أي ضمينًا كفيلًا، والقبيل الكفيل؛ ويقال: من المقابلة أي معاينة شهيدًا، يشهدون لك بأنك نبي الله تعالى.
{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مّن زُخْرُفٍ}، أي من ذهب.
{أَوْ ترقى في السماء}، أي تصعد إلى السماء.
{وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيّكَ}، أي لصعودك.
{حَتَّى تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَءهُ}، روى أسباط، عن السدي أنه قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، جاءه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أمية المخزومي أخو أم سلمة، فأبى أن يبايعهما، فقالت أم سلمة: ما بال أخي يكون أشقى الناس بك يا رسول الله وابن عمك؟ فقال: «أمَّا ابْنُ عَمِّي، فَإنَّهَ كَانَ يَهْجُونا؛ وأمَّا أَخُوكِ، فَإنَّهُ زَعَمَ أنَّهُ لا يُؤْمِنُ بِي حَتَّى أَرْقَى فِي السَّمَاءِ؛ وَلَوْ رَقِيتُ إلَى السَّمَاءِ، لَنْ يُؤْمِنَ حَتَّى آتِيَهُ بِكِتَابٍ يَقْرَؤُهُ».
ثم دعاهما، فقبل منهما وبايعهما.
قال الله تعالى: {قُلْ سبحان رَبّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولًا}، فإني لا أقدر على ما تسألوني.
قرأ ابن كثير وابن عامر: {قَالَ سبحانك رَبّى} بالألف على وجه الحكاية وقرأ الباقون: {قُلْ سبحان} بغير ألف على وجه الأمر.
ثم قال {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يُؤْمِنُواْ}، يعني: أهل مكة {إِذْ جَاءهُمُ الهدى}، يعني: القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم.
{إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ الله بَشَرًا رَّسُولًا}، يعني: الرسول من الآدميين، ومعناه أنه ليست لهم حجة سوى ذلك القول.
قال الله تعالى: {قُلْ} يا محمد: {لَوْ كَانَ في الأرض ملائكة يَمْشُونَ}، أي لو كان سكانٌ ملائكة يمشون {مُطْمَئِنّينَ}، أي مقيمين في الأرض؛ {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السماء مَلَكًا رَّسُولًا}، أي لبعثنا عليهم رسولًا من الملائكة.
وإنما يبعث الملك إلى الملائكة والبشر إلى البشر، فلما قال لهم ذلك، قالوا له: من يشهد لك بأنك رسول الله تعالى؟ قال الله تعالى: {قُلْ كفى بالله شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} بأني رسول الله {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}.
ثم قال: {وَمَن يَهْدِ الله}، أي من يكرمه الله تعالى بالإسلام ويوفقه، {فَهُوَ المهتد}؛ يعني: فهو على الهدى وعلى الصواب.
قرأ نافع وأبو عمرو: {المهتدى} بالياء عند الوصل؛ وقرأ الباقون بغير ياء.
{وَمَن يُضْلِلِ}، أي ومن يخذله الله عن دينه، {فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ}، أي يهدونهم من الضلالة.
{وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ}، أي نبعثهم يوم القيامة ونسوقهم منكبين على وجوههم، يسحبون عليها {عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا}، عن الهدى؛ ويقال: في ذلك الوقت يكونون عميًا وبكمًا وصمًا كما وصفهم.
{مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}، أي: مصيرهم إلى جهنم {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}.
يقول: كلما سكن لهبها ولم تجد شيئًا تأكله، {زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}، أي وقودًا، أعيدوا خلقًا جديدًا.
قال مقاتل: وذلك أن النار إذا أكلتهم، فلم يبقَ منهم شيء غير عظام وصاروا فحمًا، سكنت النار فهو الخبو.
ثم بدلوا جلودًا غيرها، فتشتعل وتسعر عليهم، فذلك قوله: {زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}؛ وقال أهل اللغة: يقال خبت النار، إذا سكن لهبها، وإذا بقي من جمرها شيء، يقال خمدت، فإذا طفئت ولم يبقَ شيء، قالوا همدت.
ثم قال تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُم}، أي ذلك العذاب عقوبتهم وجزاء أعمالهم.
{ذَلِكَ جَزَاؤُهُم بِأَنَّهُمْ}، أي بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن {وَقَالُواْ أَءذَا كُنَّا عظاما ورفاتا}، أي ترابًا.
{أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} بعد الموت.
قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ}، يعني: أو لم يخبروا في القرآن؟ {أَنَّ الله الذي خَلَقَ السموات والأرض قَادِرٌ على أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}، يعني: يحييهم بعد الموت.
{وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لاَّ رَيْبَ فِيهِ}، أي لا شك فيه عند المؤمنين أنه كائن.
{فأبى الظالمون إَلاَّ كُفُورًا}، أي أبى المشركون عن الإيمان، ولم يقبلوا إلاّ الكفر.
ثم قال تعالى: {قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبّى}، يقول: لو تقدرون على مفاتيح رزق ربي، {إِذًا لأمْسَكْتُمْ}؛ أي لبخلتهم وامتنعتم عن الصدقة {خَشْيَةَ الإنفاق}، أي مخافة الفقر.
{وَكَانَ الإنسان قَتُورًا}، أي ممسكًا بخيلًا.
قال الزجاج هذا جواب لقولهم: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] وقال بعضهم: هذا ابتداء وصف بخلهم.
قوله: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى تِسْعَ ءايات بَيّنَاتٍ}، أي علامات واضحات، مضيئات بالحجة عليهم وهاديات، إذ جاءهم موسى بالبينات.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، عن ابن عباس في قوله: {تِسْعَ ءايات بَيّنَاتٍ}، وهي في سورة الأعراف {وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءالَ فِرْعَوْنَ بالسنين وَنَقْصٍ مِّن الثمرات لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130] قال: السنين لأهل البوادي، ونقص الثمرات لأهل القرى، فهاتان آيتان.
والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، وهذه خمسة؛ ويد موسى إذ أخرجها بيضاء من غير سوء، وعصاه إذ ألقاها فإذا هي ثعبان مبين.
قال الفقيه: حدّثنا الخليل بن أحمد قال: حدّثنا أبو موسى محمد بن إسحاق وخزيمة قالا: حدّثنا علي بن حزم بن حشرم قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فنسأله عن هذه الآيات: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى تِسْعَ ءايات}.
فقال: لا تقل نبي، فإنه لو سمعها صارت له أربعة أعين.
فأتوه فسألوه، فقال: «ألاّ تُشْرِكُوا بالله شَيْئًا، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلاَّ بِالحَقِّ، وَلا تَسْرِقُوا، ولاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلا تَسْحَرُوا، وَلا تَقْذِفُوا مُحْصَنًا أو قال: ولا تَفِرُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ، وَلا تَمْشُوا بَبرِيءٍ إلى سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً يا مَعْشَرَ اليَهُودِ ألا تَعْتَدوا فِي السَّبْتِ» فقبَّلا يديه ورجليه وقالوا نشهد إنك نبي الله ورسوله فقال: «وَمَا يَمْنَعُكُمَا أنْ تُسْلِمَا؟» فقالا: إن داود دعا ربه ألاَّ يزال في ذريته نبي، فنخاف أن يقتلنا اليهود.
ثم قال تعالى: {فاسأل بَنِى إسراءيل}، يعني: سل مؤمني أهل الكتاب عن هذه الآيات.
{إِذْ جَاءهُمُ}، يعني: حين جاءهم موسى، {فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنّى لاظُنُّكَ ياموسى موسى مَّسْحُورًا}؛ أي مغلوب العقل.
قوله: {قَالَ} أي موسى: يا فرعون، {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء}؛ الآيات.
قرأ الكسائي: {عَلِمَتِ} بضم التاء، يعني: علمت أنا من أنزل هؤلاء الآيات {إِلاَّ رَبُّ السموات والأرض}، يعني: إن لم تصدقوني، فأنا على يقين من ذلك؛ وقرأ الباقون بالنصب، يعني: إنك تعلم ذلك، كما قال في آية أخرى: {وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين} [النمل: 14].
{بَصَائِرَ}، أي علامات لنبوتي، ويقال: علامات بينات.
{وَإِنّى لاظُنُّكَ}، أي لأعلمنك {لاظُنُّكَ يافرعون مَثْبُورًا}، أي ملعونًا هالكًا.
قال الحسن: {مَثْبُورًا} أي مهلكًا، وكذا قال قتادة.
وروى مجاهد، عن ابن عباس أنه قال: {مَثْبُورًا} أي ملعونًا، وكذا روى الكلبي والضحاك.
{فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مّنَ الأرض} أي يَسْتَنْزلهُمْ ويخرجهم، ويقال: أي يستخفهم من الأرض، يعني: من الأردن وفلسطين ومصر {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِى إسراءيل}، الذين مع موسى: {اسكنوا الأرض}، أي انزلوا أرض الأردن وفلسطين ومصر.
{فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخرة}، أي البعث بعد الموت، {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}؛ أي جميعًا.
واللفيف الجماعة من كل قبيلة.
ثم قال: {وبالحق أَنْزَلْنَاهُ}، أي أنزلنا عليك جبريل بالقرآن.
{وبالحق نَزَلَ}، أي بالقرآن نزل جبريل؛ ويقال: أنزلناه بالحق والحكمة والحجة.
ثم قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشّرًا} بالجنة للمؤمنين {وَنَذِيرًا} بالنار للكافرين.
ثم قال تعالى: {وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ}، حين أنزلنا به جبريل متفرقًا، آية بعد آية، وسورة بعد سورة.
{لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ}، أي على ترسل، وسهل ليفهموه ويحفظوه.
وكان ابن عباس يقرأ: {فَرَقْنَاهُ} بالتشديد، أي بيّنا فيه الحلال والحرام؛ ويقال: أنزلناه متفرقًا.
{ونزلناه تَنْزِيلًا}، أي بيّناه تبيينًا.
قوله: {قُلْ ءامِنُواْ بِهِ}، أي صدقوا بالقرآن.
{أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ}، يعني: أو لا تصدقوا؛ ومعناه إن صدقتم به أو لم تصدقوا، فإنه غني عن إِيمانكم وتصديقكم.
{إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ}، يعني: أعطوا علم كتابهم وهم مؤمنو أهل الكتاب من قبل القرآن.
{إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ}، أي يعرض عليهم القرآن عرفوه.
{يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ}، أي يقعون على الوجه {سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا}، أي تنزيهًا لربنا؛ وقال الكلبي: أي نصلي لربنا. {إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولًا} وقد كان وعد ربنا لمفعولًا أي كائنًا ومقدورًا.
قوله: {وَيَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ}، أي يقعون على الوجوه.
{يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}، أي تواضعًا ومذلة.
{قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن}؛ قال الكلبي: كان ذكر الرحمن في القرآن قليلًا في بدىء ما نزل من القرآن، وقد كان أسلم ناس من اليهود، منهم عبد الله بن سلام وأصحابه، وكان ذكره في التوراة كثيرًا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزل: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن}.
قرأ حمزة والكسائي: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن} بكسر اللام والواو؛ وقرأ أبو عمرو بكسر اللام في {قُلِ ادعوا} وضم الواو في {أَوِ ادعوا الرحمن}، وقرأ الباقون كليهما بالضم، ومعناهما واحد.
{أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الاسماء الحسنى} يعني: بأي الاسمين تدعون، فهو حسن {فَلَهُ الاسماء الحسنى}، أي له الصفات العلى.
ثم قال: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بمكة وكان يصلي بأصحابه، وإذا رفع صوته، أذاه المشركون؛ وإذا خفض لا يسمع صوته الذين خلفه، فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ}، أي بقراءتك فيؤذيك المشركون {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} في جميع الصلوات، يعني: لا تسر بقراءتك فلا يسمع أصحابك قراءتك.
{وابتغ بَيْنَ ذلك سَبِيلًا}؛ يقول: بين الرفع والخفض، ويقال: معناه ولا تجهر في جميع الصلوات، ولا تخافت في جميع الصلوات.
{وابتغ بَيْنَ ذلك سَبِيلًا}، أي اجهر في بعض الصلوات، وخافت في البعض.
ثم قال: {وَقُلِ الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا}؛ قال الكلبي: وذلك أنه لما نزل: {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن}، قالت كفار قريش: كان محمد يدعو إلهًا واحدًا، وهو اليوم يدعو إلهاين ما نعرف الرحمن إلاَّ صاحب اليمامة مسيلمة الكذاب.
فنزل: {وَمِنَ الاحزاب مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ}، يعني: ذكر الرحمن، وأمره بأن يقول: {الحمد لِلَّهِ الذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ في الملك}، أي لم يتخذ ولدًا فيرث ملكه.
{وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ في الملك} في عظمته؛ وقال أبو العالية: معناه وقل الحمد لله الذي لم يجعلني ممن يتخذ له ولدًا، ولم يجعلني ممن يقول له شريك في الملك.
{وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِىٌّ مَّنَ الذل}، أي من اليهود والنصارى؛ وهم أذل خليقة الله تعالى، يؤدون الجزية؛ وقال مقاتل: معناه لم يذل فيحتاج إلى ولي يعينه، أي لم يكن له ولي ينتصر به من الذل.
{وَكَبّرْهُ تَكْبِيرًا}، أي عظمه تعظيمًا، ولا تقل له شريك.
وروى إبراهيم بن الحكم، عن أبيه أنه قال: بلغني أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني رجل كثير الدين، كثير الهم.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ آخِرَ سُورَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ {قُلِ ادعوا الله أَوِ ادعوا الرحمن} حَتَّى تَخْتِمَهِا، ثُمَّ قُلْ: تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ». اهـ.

.قال الثعلبي:

{قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرآن لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} لايقدرون على ذلك.