فصل: مطلب قصة موسى عليه السلام مع الخضر رضي اللّه عنه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب قصة موسى عليه السلام مع الخضر رضي اللّه عنه:

قال تعالى: وَاذكر لقومك هذه القصة العظيمة أيضا {إِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ} يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليه السلام، وهو ابن أخت موسى كما ذكروا وأكبر أصحابه، وخليفته في شريعته بعد هرون عليهم السلام، وهو من عظماء بني إسرائيل وسمي فتى، وهو هنا بمعنى خادم وعبد لقيامه في خدمته ودوام متابعته له وكثرة تعلمه منه، وإلا فمعنى الفتى الشاب الطري السجي الكريم، والفتوة لقب شرف ويأتي بمعنى الحديث في السن، ولهذا يقال لليل والنهار الفتيان، والتلميذ عبد حكمي لأستاذه مهما كان شريفا أو حقيرا.
قال شعبة: من كتبت عنه أربعة أحاديث فأنا عبده، ومن علمني حرفا كنت له عبدا.
ومقول القول {لا أَبْرَحُ} لا أزال أسير {حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} قالوا بحر فارس والروم وملتقاهما مما يلي المشرق ولعل المراد بما يقرب من مجمعهما لأنهما لا يجتمعان إلا في البحر المتوسط وهما شعبتان فيه {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} 60 أداوم على السير زمنا طويلا، والحقب ثمانون سنة، وذلك أن اللّه تعالى وعد موسى أن يلقى الخضر هناك، وموسى هذا هو ابن عمران، وما قيل إنه ابن ميشا من أولاد يوسف لا صحة له ولا ثقة بالمنقول عنه وهو كعب الأحبار، لأن اللّه تعالى لم يذكر في كتابه مسمى بهذا الاسم غير صاحب التوراة، ولو أراد غيره لذكره وعرفه ليتميز عنه، روى البخاري ومسلم عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس إن نوفل البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو بني بني إسرائيل، فقال ابن عباس كذب عدو اللّه، حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول إن موسى عليه السلام قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال أنا فعتب اللّه عليه، إذ لم يرد العلم إليه أي لم يقل اللّه أعلم فأوحى اللّه سبحانه وتعالى إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال يا رب فكيف لي به؟
قال فخذ معك حوتا فاجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم، فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق، وانطلق معه فتاه يوشع بن نون، حتى أتيا الصخرة بوجد بقرب ملتقى نهر الكلب والبحر الأبيض المتوسط في بيروت صخرة عظيمة يزعمون أنها هي تلك الصخرة، وأن المراد بملتقى البحرين نهر الكلب والبحر الأبيض هناك، وهو قول لم يثبت، وقد ذكرنا غير مرة بأن أشياء كهذه لا يمكن القطع بها، وأن كل ما لم يبينه اللّه يجب أن نحيل العلم فيه إليه وضعا رءوسهما فناما، فاضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه فسقط في البحر، وتيقظ يوشع عند ذاك فرآه، قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما} أي نسي يوشع أن يخبر موسى بما رآه من أمر الحوت وهو قوله تعالى: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} إذ أمسك اللّه عن الحوت جرية الماء وموجه فصار عليه مثل الطاق، وان موسى لم يسأله عن المكتل الذي فيه الحوت ولهذا نسب اللّه تعالى النسيان إليهما وبقيا يمشيان بقية يومهما وليلتهما {فَلَمَّا جاوَزا} المكان الذي فقدا فيه الحوت وداوما على السير ألقى اللّه على موسى الجوع ليتذكر موعد ربه، حتى إذا كان الغد من هذا اليوم {قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَبًا} وذلك لأنه جاوز المحل الذي أمره اللّه به، أما قبله فلم يحس بتعب لأنه لا يكلف عبده بما لا قدرة له به ولا طاقة له عليه سواء في العمل أو في العبادة، راجع الآية الأخيرة من سورة البقرة، فتيقظ إذ ذاك يوشع و{قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ} قال له موسى بلى، قال: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} أي نسيت أن أقص عليك خبره، فذكر له شأنه وقال: {وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} لك، قال هذا على سبيل الاعتذار، ثم قال: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}.
63 أي أن خروجه من المكتل ودخوله البحر وصيرورة البحر عليه طاقا كالسرب كان عجبا، قيل كان في أصل الصخرة عين ماء يقال لها عين الحياة لا يصيب شيء من مائها إلا حيّ، وقد أصاب ذلك الحوت منها شيء، فتحرك وانسل من المكتل إلى البحر، مع أنه كان مطبوخا، ولهذا كان لموسى وفتاه عجبا، لأنه حوت مطبوخ وقد أكلا منه، والأعجب منه أيضا ماء البحر مع شدة موجه، وما يحصل فيه من الجريان يمينا وشمالا بسببه يكون سربا مثل الطاق ويبقى على حاله زمنا، إلا أنه ليس بأعجب من فلق البحر له عليه السلام، وإنما لم يتعجب منه لأن اللّه وعده به {قالَ} موسى لفتاه {ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ} من المكان الذي نطلبه {فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا} 64 حتى وصلا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجّى بثوب وهو المعني بقوله تعالى: {فَوَجَدا عَبْدًا مِنْ عِبادِنا} هو الخضر عليه السلام واسمه بليا بن ملكان، وقالوا إن من عرف اسمه واسم أبيه ومات مسلما دخل الجنة، نقله الباجوري في حاشيته على شرح ابن قاسم، ونقل ابن زياد في فتاويه غاية بلوغ المرام عن العلامة أحمد بن زيد الجيش من كتب علي عليه السلام ولد في 10 رجب سنة 30 من عام الفيل دخل الجنة واللّه يرزق من يشاء بغير حساب إذا أراد فعل، ثم وصف ذلك العبد بقوله: {آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} 65 وهو الإخبار بالمغيبات التي خصه اللّه بها، قالوا فلم عليه موسى فقال عليه السلام، وانا بأرضنا السلام، ثم رد عليه وقال من أنت؟ قال موسى، قال موسى بني إسرائيل، قال نعم، قال وما شأنك {قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} 66 وقد ثبت عن حضرة الرسول أن هذا هو الخضر عليه السلام، روى البخاري عن أبي هريرة قال:
قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه وسلم: «إنما سمي خضرا لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء» الفروة القطعة من النبات اليابس المجتمع، وتطلق على وجه الأرض أيضا قالوا وكنيته أبو العباس وكان من أبناء الملوك الأقدمين الذين تزهدوا وتركوا الدنيا، قالوا قال يا موسى أما يكفيك التوراة والوحي وتكليم اللّه لك، قال إن ربي أرسلني إليك، ثم قال له من أين عرفتني موسى نبي إسرائيل، قال عرّفني الذي أرسلك إليّ ثم {قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} 67 يا موسى لأني على علم علمنيه ربي لا تعرفه {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} 68 ولا تقدر أن تعرفه لأنك على علم علمكه اللّه لا أعلمه أنا وقد أعمل بخلافه لأنك تنظر إلى ظاهر الأمور وأنا إلى باطنها {قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِرًا} استثنى عليه السلام لعدم وثوقه من نفسه بالصبر، ثم قال: {وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} 69 من الأمور ولا أخالفك في شيء تريده لأني جئتك متعلما {قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْ ءٍ} يتعلق بصفات الألوهية الذي لا يحل السؤال عنه لأن ما أفعله مخالف ظاهره لظاهر الشرع، لأني سأفعله مبدئيا وان أنكرته، وقرئ: {تسألنّي} بفتح اللام وتشديد النون وثبوت الياء فيه وفيما قبله إجماعا، بخلاف ياء {نبغ} لأن منهم من حذفها ومنهم من أثبتها وعليه الوقف والقراءة في المصاحف بتخفيف النون وإسكان اللام {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} 70 فأبينه لك من تلقاء نفسي، فرضي موسى على هذا الشرط وترافقا {فَانْطَلَقا} يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهما سفينة، فكلموهما أن يحملوهما فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول، فلم ير موسى إلا الخضر عمد إلى لوح من السفينة، فقلعه، وذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها} ثقبها فالتفت إليه موسى وقال له قوم حملونا بغير نول تعمد إلى سفينتهم فتخرقها، وهو قوله تعالى: {قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} 71 كبيرا عظيما يقال امر الأمر إذا كبر، ومنه قول أبي جهل لعنه اللّه أمر أمر ابن أبي كبشة يعني محمدا صلّى اللّه عليه وسلم وأبو كبشة زوج مرضعته حليمة، فيكون أباه من الرضاع، ولم ينسبه لأبيه عبد اللّه استحقارا به حقره اللّه في ناره {قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} 72 وقد وعدتني بالصبر واشترطته عليك وعدم السؤال فلم توف بالشرط {قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي} تحملني وتغشني {مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} 73 فلا تشدد وتعسر علي متابعتك واعف عن هفوتي وعاملني باليسر والسهولة، وإنما قال له ذلك لأنه لم ير الماء دخل السفينة من الثقب، ولم يعارضه أهلها بذلك لأنهم يعرفونه لا يعمل شيئا عبثا، قالوا وجاء عصفور فوقع على خرق السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال الخضر لموسى ما نقص علمي وعلمك من علم اللّه إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، وإنما اعترض عليه موسى لأن فعله مخالف للظاهر، ولا يجوز للأنبياء السكوت على ما يرونه مخالفا لشريعتهم وهم معذورون إذا لم يصبروا لاسيما وأن في عمله ذلك خطر على أهل السفينة الراكبين فيها ومضرة على أصحابها، وكلا الأمرين غير جائز بل ممنوع شرعا بحسب الظاهر، ثم خرجا من السفينة وصارا يمشيان على الساحل، فأبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأمسكه واقتلع رأسه من جئته بيده فمات حالا، وهو قوله تعالى: {فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلامًا فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} 74 منكرا عظيما لا يتلافى وهو بخلاف خرق السفينة إذ يمكن تلافيه ولأنه قد لا يؤدي إلى الهلاك، وتقرأ نكرا بضم الكاف وسكونها {قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ} أكد إنكاره عليه بأن واللام لقوله: {لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} 75 وإنما زاد في جملته هذه {لك} لأنه نقض العهد مرتين، فلما أحس موسى بانفعال الخضر من اعتراضه عليه ثانيا، لأن في هذه الجملة تعنيفا له {قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} 76 إذا فارقتني لوضوح العذر ولا لوم عليك البتة {فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِدارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} بسقط لشدة ميلانه للانهدام {فَأَقامَهُ} أشار إليه بيده فاعتدل {قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} 77 لأنهم لم يضيفونا ولم يطعمونا فلبسوا بأهل لتعمل لهم ذلك عفوا، قالوا إن هذه القرية أنطاكية مدفن الرجل الصالح حبيب النجار من أصحاب عيسى عليه السلام، قال أبي بن كعب: قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «كانت الأولى من موسى نسيانا والثانية شرطا والثالثة عمدا» {قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} لأني لا أقدر على مصاحبتك لعدم صبرك على ما ترى مني وعدم علمك نتيجته ولكن {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} 78 روى البخاري ومسلم عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: «رحمة اللّه علينا وعلى موسى-وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه- لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامه حياء وإشفاق من الذم واللوم فقال: {إن سألتك} الآية، فلو صبر لرأى العجب».
قال تعالى مبينا ما استنكره السيد موسى بقوله: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} قيل كانوا عشرة خمسة منهم زمنى وخمسة يعملون بها {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها} حتى لا يأخذها أحد منهم {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ} قال سعيد بن جبير: كان ابن عباس يقرأ: {وكان أمامهم ملك} وليس بشيء {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} 79 لم تتكرر هذه الكلمة بالقرآن أي يأخذها مصادرة لاحتياجه إليها في الحرب وإذا رآها معيبة تركها فكان ما فعلته صلاحا لأهلها إذ يمكنهم إصلاح ما أفسدته منها والانتفاع بها.
وفي هذه الآية دليل على أن العامل الذي لا يكفيه عمله يسمى مسكينا ويعطى من الزكاة، قالوا وكان ذلك كافرا اسمه الجلندى، وتوجد في العراق عائلة كريمة تدعى بيت الشاوى من رؤساء عشائر العبيد ينتسبون إلى هذا الملك ولهم مكانة في العراق، وكانت رؤساء العشائر حينما يأتون بغداد يدخلون معرضين رماحهم ويمرون من تحت الطاق العائد لهم إذعانا واحتراما لهم.

.مطلب عدم جواز القراءة بما يخالف ما عليه المصاحف والقول في نبوة الخضر وولايته وحياته ومماته:

قال تعالى: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ} وكان ابن عباس يقرأ: {وكان كافرا} وليس بشيء، راجع الآية 6 من الزخرف المارة تعلم أنها تفسير لا قراءة وأن كل ما هو مخالف لرسم المصاحف لا تجوز قراءته: {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْيانًا وَكُفْرًا} بعقوقه وسوء صنيعه فيحملهما حبه على اتباعه فيكفران {فَأَرَدْنا} بقتله {أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْرًا مِنْهُ زَكاةً} صلاحا وتقى {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} 81 بهما وعطفا عليهما منه، روى البخاري ومسلم عن عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانه وكفره، ولذلك فإن أبوي الولد لم يعارضا الخضر عليه السلام بشأن قتله لعلمهما أنه لا يفعل شيئا إلا لحكمة وقد جربوه وهذا أقصى حد في الاعتقاد بالأولياء إذ لا يمكن الأحد أن يحذو حذوه، فاعتبروا يا أولي الأبصار، قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما} روى أبو داود عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال: «كان الكنز ذهبا وفضة» أخرجه الترمذي. {وَكانَ أَبُوهُما صالِحًا} قالوا اسمه كاشح واسم ولديه أحرم وحريم، قال محمد بن المنكدر: إن اللّه تعالى يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده وعشيرته وأهل دويرات حوله، فلا يزالون في حفظ اللّه تعالى ما دام فيهم، قال سعيد بن المسيب: إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي. راجع الآية 22 من الطور الآتية تجد هذا البحث، {فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما} إذا كبرا وعقلا ويا أخي موسى إنما أقمت لهم الجدار {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} بهما حتى يبقى الكنز محفوظا لهما ولا يليق بنا أن نترك هذا لعدم قيام أهل البلدة بضيافتنا.