فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- كلا وكلتا:
كلا وكلتا لفظان يعربان إعراب المثنى إن أضيفا إلى الضمير فإن أضيفا إلى الاسم الظاهر أعربا إعراب الاسم المقصور أي بحركات مقدرة على الألف على كل حال وهما اسمان ملازمان للاضافة ولفظهما مفرد ومعناهما مثنى ولذلك يجوز الإخبار عنهما بما يحمل ضمير المفرد باعتبار لفظهما وضمير المثنى باعتبار معناهما وقد اجتمعا في قول الشاعر:
كلاهما حين جدّ الجري بينهما ** قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

إلا أن اعتبار اللفظ أكثر وبه جاء القرآن الكريم قال تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها} قال ابن هشام في مغني اللبيب: وقد سئلت قديما عن قول القائل: زيد وعمر كلاهما قائم أو كلاهما قائمان فكتبت إن قدر كلاهما توكيد قيل قائمان لأنه خبر عن زيد وعمرو وإن قدر مبتدأ فالوجهان، والمختار الافراد ويتعين مراعاة اللفظ في نحو:
كلاهما محب لصاحبه

لأن معناه كل واحد منهما وقوله:
كلانا غني عن أخيه حياته ** ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا

ومن الأبيات التي أتى فيها ذكر كلتا قول حسان بن ثابت:
إن التي ناولتني فرددتها قتلت ** قتلت، فهاتها لم تقتل

كلتاهما حلب العصير فعاطني ** بزجاجة أرخاهما للمفصل

أخبر عن التي بالمفرد فوحد ثم قال كلتاهما فثنى، وما معنى كلتاهما حلب العصير ولم يذكر إلا خمرة واحدة وأخبر عن كلتاهما بأرخاهما والصحيح الإخبار عنهما بمفرد لأنهم لحنوا من قال: كلا الرجلين قاما وكلتا المرأتين حضرتا على اللغة الفصيحة ويدل على ذلك قوله تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها} وأيضا فالرواية صحت في المفصل أنه بكسر الميم وفتح الصاد وانما يقال مفصل بفتح الميم وكسر الصاد.
وأجاب الحريري وغيره عن هذه الاعتراضات بأن قال: أما قوله:
ان التي ناولتني فرددتها قتلت فإنه خاطب به الساقي الذي كان ناوله كأسا ممزوجة لأنه يقال: قتلت الخمرة إذا مزجتها فكأنه أراد أن يعلمه أنه فطن لما فعله ثم أنه دعا عليه بقوله: قتلت وقوله أرخاهما للمفصل يعني به اللسان وسمي مفصلا لأنه يفصل به بين الحق والباطل.
وقال أبو بكر محمد بن القاسم الانباري: اجتمع قوم على شراب فغناهم المغني البيتين المتقدمين فقال بعضهم امرأتي طالق إن لم أسأل الليلة القاضي عبيد اللّه بن الحسن عن علة هذا الشعر لم قال إن التي فوحّد ثم قال كلتاهما فثنّى فأشفقوا على صاحبهم وتركوا ما كانوا عليه ومضوا يتخطون القبائل حتى انتهوا إلى بني شقرة وعبيد اللّه يصلي فلما أتم صلاته شرحوا له وسألوه الجواب عن ذلك فقال لهم: إن التي عنى بها الخمر الممزوجة بالماء ثم قال من بعد: كلتاهما حلب العصير يريد الخمر المتحلبة من العنب، والماء المتحلب من السحاب المكنى عنه بالمعصرات في قوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}.
2- الحال الثابتة:
الأصل في الحال أن تكون منتقلة لأنها مأخوذة من التحول وهو التنقل وتقع ثابتة في مواضع يرجع إليها في المطولات ومنها أن يدل عاملها على تجدد ذات صاحبها وحدوثه أو تجدد صفة له: نحو {ثم سوّاك رجلا} إذ كان من الجائز أن يسويه غير رجل وقولهم خلق اللّه الزرافة يديها أطول من رجليها فيديها بدل من الزرافة بدل بعض من كل وأطول حال ملازمة من يديها ومن رجليها متعلقان بأطول لأنه اسم تفضيل وعامل الحال خلق وهو يدل على تجدد المخلوق.

.[سورة الكهف: الآيات 45- 51].

{واضرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}.

.اللغة:

{هَشِيمًا}: يابسا متفرق الأجزاء وقال الزمخشري الهشيم:
ما تهشم وتحطم الواحدة هشيمة، وقال ابن قتيبة: كل ما كان رطبا ويبس فهو هشيم، ويقال صارت الأرض هشيما أي صار ما عليها من النبات والشجر قد يبس وتكسّر وللهاء مع الشين فاء وعينا خاصة التكسر والتحطيم والرخاوة وكل ما هو غير مقاوم فالهش الرخو اللين من كل شيء وخبزة هشة: رخوة المكسر ويقال فلان هشّ المكسر أي سهل الجانب فيما يطلب عنده من الحوائج يكون ذلك مدحا وذما والهشيش كالهشيم وهشر الناقة حلب ما في ضرعها أجمع وشجرة هشرة وهشور: يسقط ورقها سريعا والهيشر من الرجال الرخو الضعيف الطويل والهشم من الجبال الرخوة وتهشمت الأرض أجدبت لانقطاع المطر عنها.
{تَذْرُوهُ}: تفرقه وتنثره وذرت الريح التراب وأذرت العين دمعها وعيناه تذريان الدموع وطعنته فأذريته عن فرسه وأذراه الفرس عن ظهره رمى به وذرا حدّ نابه: انسحقت أسنانه وسقطت أعاليها، وبلغني عنه ذرو من قول أي طرف منه وأخذ في ذرو من الحديث إذا عرّض ولم يصرح قال صخر بن حبناء:
أتاني عن مغيرة ذرو قول ** وعن عيسى فقلت له كذاك

{نُغادِرْ}: نترك يقال غادر وأغدره إذا تركه ومنه الغدر ترك الوفاء والغدير ما غادره السيل والغديرة الشعر الذي نزل حتى طال والجمع غدائر.

.الإعراب:

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ} الواو استئنافية واضرب فعل أمر ولهم متعلقان باضرب ومثل الحياة الدنيا مفعول به أول والكاف مفعول به ثاني وجملة أنزلناه من السماء صفة لماء ويجوز أن تكون اضرب بمعنى اذكر فينصب مفعولا واحدا فتكون الكاف خبرا لمبتدأ محذوف أو متعلقة بمعنى المصدر أي ضربا كماء.
{فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ} الفاء حرف عطف واختلط فعل ماض وبه متعلقان باختلط ونبات الأرض فاعل وسيأتي سر هذا التشبيه في في باب البلاغة. {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ مُقْتَدِرًا} فأصبح عطف على اختلط واسم أصبح مستتر يعود على نبات الأرض وهشيما خبر أصبح وجملة تذروه الرياح صفة لقوله هشيما وكان الواو استئنافية أو حالية وكان واسمها ومقتدرا خبرها وعلى كل شيء متعلقان بمقتدرا. {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا} المال مبتدأ والبنون عطف على المال وزينة الحياة مضاف اليه والدنيا صفة.
{وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} الواو استئنافية والباقيات مبتدأ والصالحات صفة وخير خبر الباقيات والتفضيل ليس على بابه لأن زينة الدنيا ليس فيها خير أو هو على بابه في زعم الجاهلين والمغرورين وعند ربك متعلقان بمحذوف حال وثوابا تمييز وخير أملا عطف على خير ثوابا. {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً}.
الظرف متعلق بمحذوف تقديره اذكر وجملة نسير مضاف إليها الظرف والفاعل مستتر تقديره نحن والجبال مفعول به وترى الأرض عطف على ما تقدم وفاعل ترى مستتر تقديره أنت والأرض مفعول به وبارزة حال لأن الرؤية بصرية. {وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} الواو هنا للحال وحشرناهم فعل وفاعل ومفعول به والجملة في محل نصب حال أي نفعل التسيير في حال حشرهم ليشاهدوا بأعينهم تلك الأهوال أو الواو عاطفة وأريد بالماضي المستقبل أي ونحشرهم ومن المفيد أن نورد هنا ما قاله الزمخشري بهذا الصدد وهو: فإن قلت لم جيء بحشرناهم ماضيا بعد نسير وترى قلت للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز ليعاينوا تلك الأهوال العظام {فلم} الفاء حرف عطف ولم حرف نفي وقلب وجزم ونغادر فعل مضارع مجزوم بلم وفاعله مستتر تقديره نحن ومنهم حال لأنه كان صفة لأحدا وأحدا مفعول بهَ {عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا}.
الواو عاطفة على و{حشرناهم} داخلة في حيزها وعرضوا فعل ماضي مبني للمجهول والواو نائب فاعل وعلى ربك متعلقان بعرضوا وصفا حال من الواو في وعرضوا َ {لقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} اللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وجئتمونا فعل وفاعل ومفعول به، وكما نعت لمصدر محذوف أو حال، وخلقناكم فعل وفاعل ومفعول به والجملة لا محل لها وأول مرة نصب على الظرف متعلق بخلقناكم وجملة لقد جئتمونا حالية أو مقول لقول محذوف.
{بلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} بل حرف إضراب وزعمتم فعل وفاعل وأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولن حرف نفي ونصب واستقبال ونجعل مضارع منصوب بلن وفاعله مستتر تقديره نحن والجملة خبر أن ولكم مفعول به ثان وموعدا مفعول به أول لنجعل وموعدا يحتمل الزمان والمكان وإذا كان الجعل مجرد الإيجاد كانت لكم متعلقة به وموعدا هي المفعول به. {وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} الواو عاطفة ووضع فعل ماض مبني للمجهول والكتاب نائب فاعل فترى الفاء عاطفة وترى فعل مضارع مرفوع والفاعل مستتر تقديره أنت والمجرمين مفعول به أول ومشفقين مفعول به ثان والرؤية هنا علمية ولك أن تجعلها بصرية فتكون مشفقين حالا ومما متعلقان بمشفقين وفيه متعلقان بمحذوف صلة الموصول.
{وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها} ويقولون عطف ويا حرف نداء وويلتنا منادى ينادون هلكتهم التي هلكوها وسيأتي مزيد بيان لهذا النداء في باب البلاغة وما اسم استفهام مبتدأ ولهذا خبره والكتاب بدل وجملة لا يغادر حالية وصغيرة مفعول به ولا كبيرة عطف على صغيرة وإلا أداة حصر وجملة أحصاها صفة لصغيرة ويجوز أن تكون مفعولا ثانية ليغادر لأنها بمعنى ترك وهي تنصب مفعولين والمراد بالاستفهام هنا مجرد التعجب من الكتاب في هذا الإحصاء الدقيق. {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} الواو عاطفة ووجدوا فعل وفاعل وما مفعول به وجملة عملوا صلة أو ما مصدرية والمصدر المؤول مفعول به أي وجدوا عملهم وحاضرا مفعول به ثان ولا يظلم الواو حالية ولا نافية ويظلم ربك أحدا فعل وفاعل ومفعول به والجملة في محل نصب على الحال.
{وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} الظرف متعلق بمحذوف تقديره اذكر وجملة قلنا مضافة للظرف وللملائكة متعلقان بقلنا واسجدوا فعل أمر وفاعل ولآدم متعلقان باسجدوا فسجدوا فعل وفاعل وإلا أداة استثناء وإبليس مستثنى والاستثناء منقطع وقيل متصل وقد تقدم تقرير ذلك. {كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} الجملة مستأنفة مسوقة لبيان التعليل بعد استثناء إبليس من الساجدين كأنه جواب سؤال مقدر وهو لم لم يسجد فقيل: كان، واسم كان مستتر تقديره هو يعود على إبليس ومن الجن خبر ففسق عطف على كان وعن أمر ربه متعلقان بفسق {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} الهمزة للاستفهام الانكاري التعجبي وتتخذونه فعل مضارع وفاعل ومفعول به وذريته يجوز أن تكون الواو عاطفة وذريته عطف على الهاء ويجوز أن تكون بمعنى مع وذريته مفعول معه وأولياء مفعول به ثان ومن دوني متعلقان بمحذوف صفة لأولياء أو بتتخذونه وهم الواو للحال وهم مبتدأ ولكم متعلقان بمحذوف حال لأنه كان صفة لعدو وعدو خبرهم والجملة حال من مفعول تتخذونه أو فاعله وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم وفاعله مضمر مفسر بنكرة وللظالمين متعلقان ببدلا وبدلا تمييز ويجوز أن يتعلق للظالمين بمحذوف حال والمخصوص بالذم محذوف تقديره بئس البدل إبليس وذريته.