فصل: (سورة الكهف: الآية 51).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الكهف: الآية 51].

{مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}.

.الإعراب:

{ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} ما نافية وأشهدتهم فعل وفاعل ومفعول به وخلق السموات والأرض مفعول به ثان ولا خلق أنفسهم عطف على خلق السموات والأرض. {وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} الواو عاطفة وما نافية وكنت كان واسمها ومتخذ خبرها والمضلين مضاف اليه وفيه وضع الظاهر موضع المضمر وعضدا مفعول به ثان لمتخذ وسيأتي الكلام عن هذا التشبيه في باب البلاغة.

.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض} إلى آخر الآية تشبيه تمثيلي مقلوب أما التشبيه التمثيلي فهو تشبيه الحياة الدنيا وما فيها من زخارف تعجب المتلهي برؤيتها والمستمتع بزينتها حتى إذا أفاق من عمايته وجد أن ما كان يتلهى ويستمتع به باطل لا حقيقة، بالنبات الذي اختلط به الماء الهاطل من السماء فربا والتف، وزهاورف، وأنبت من كل زوج بهيج ولم تكد العين تستمتع به والنفس تنشرح بمنظره حتى يبس وتصوّح ثم جف وذبل ثم أصبح هشيما تذروه الرياح فكأنه ما كان، وأما التشبيه المقلوب فقد كان من حق الكلام أن يقول فاختلط بنبات الأرض ووجهه أنه لما كان كل من المختلطين موصوفا بصفة صاحبه عكس للمبالغة في كثرته وبعبارة أوضح لما كان الاختلاط عبارة عن شيئين متداخلين صدق على كل منهما أنه مختلط ومختلط به لكن في عرف اللغة والاستعمال تدخل الباء على الكثير غير الطارئ فلذا جعل هذا من القلب، ولما كان القلب مقبولا إذا كان فيه نكتة وهي أن كلا منهما مختلط ومختلط به وهي المبالغة في كثرة حتى كأنه الأصل الكثير فالمراد بالعكس مما قدمناه آنفا هو القلب وهذا من الممتع الرائع فاعرفه.
2- الاستعارة المكنية في قوله: {يا ويلتنا} نداء الويلة قائم على تشبيهها بشخص يطلب إقباله كأنه قيل: يا هلاكنا أقبل فهذا أوانك.
3- التشبيه البليغ في قوله: {وما كنتت متخذ المضلين عضدا} فقد شبه المضلين بالعضد الذي يتقوى به الإنسان وأصله العضو الذي هو المرفق إلى الكتف ولم يذكر الأداة وقد جعله بعضهم استعارة وهو خطأ لوجود ركني التشبيه وهما المشبه والمشبه به.
4- استعمال العام في النفي والخاص في الإثبات: وذلك في قوله تعالى: {ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} فإن وجود المؤاخذة على الصغيرة يلزم منه وجود المؤاخذة على الكبيرة فينبغي أن يكون لا يغادر كبيرة ولا صغيرة لأنه إذا لم يغادر صغيرة فمن الأولى أن لا يغادر كبيرة وأما إذا لم يغادر كبيرة فإنه يجوز أن يغادر صغيرة لأنه إذا لم يعف عن الصغيرة فينبغي القياس أنه لا يعفو عن الكبيرة وإذا لم يعف عن الكبيرة فيجوز أن يعفو عن الصغيرة.
5- وفي قوله تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} فن الجمع وهو أن يجمع المتكلم بين شيئين أو أكثر في حكم واحد وهو واضح في الآية ومنه في الحديث قوله صلى اللّه عليه وسلم: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها». فجمع الأمن ومعافاة البدن وقوت اليوم في حوز الدنيا بحذافيرها وهي النواحي والواحد حذفار ومنه في الشعر قول أبي العتاهية:
إن الشباب والفراغ والجدة ** مفسدة للمرء أيّ مفسده

وقول ابن خفاجة الأندلسي:
تعلقته ريان من خمر ريقه له ** رشفها دوني ولي دونه السكر

وطبنا معا ثغرا وشعرا كأنما له ** منطقي ثغر له ولي ثغره شعر

.[سورة الكهف: الآيات 52- 59].

{وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}.

.اللغة:

{مَوْبِقًا}: اسم مكان أو مصدر ميمي من وبق يبق وبوقا كوثب يثب وثوبا أو وبق يوبق وبقا كفرح يفرح فرحا إذا هلك أي مهلكا يشتركون فيه وهو النار، وفي القاموس وغيره: وبق يبق من باب ضرب يضرب ووبق يبق من باب علم يعلم ووبق يوبق وبقا ووبوقا وموبقا واستوبق هلك فهو وبق والموبق المهلك والموعد والمحبس وكل شيء حال بين شيئين وعن الحسن: موبقا عداوة والمعنى عداوة هي في شدتها هلاك وقال الفراء: البين الوصل أي وجعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكا يوم القيامة.
{مَصْرِفًا}: اسم مكان أو زمان وقال أبو البقاء أي انصرافا فهي مصدر ميمي وفي الكشاف مصرفا: معدلا قال:
أزهير هل عن شيبة من مصرف {جَدَلًا}: خصومة في الباطل قال الفرزدق:
ما أنت بالحكم الترضي حكومته ** ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

{قُبُلًا}: عيانا ومقابلة وفي القاموس: رأيته قبلا وقبلا وقبلا وقبلا وقبلا وقبيلا وقبليا أي عيانا ومقابلة.
قال الفراء: إن قبلا جمع قبيل أي متفرقا يتلو بعضه بعضا وقيل: عيانا وقيل فجأة.
{لِيُدْحِضُوا}: ليبطلوا ويزيلوا من ادحاض القدم وهو إزلاقها وإزالتها عن موطئها وفي المختار: دحضت حجته بطلت وبابه خضع وأدحضها اللّه ودحضت رجله زلقت وبابه قطع والإدحاض الإزلاق.
{مَوْئِلًا}: منجى وملجأ والأصل المرجع من وأل يئل وألا وءولا إذا لجأ اليه وهو هنا مصدر ميمي وفي المصباح: وأل إلى اللّه يئل من باب وعد التجأ وباسم الفاعل سمي ومنه وائل بن حجر وهو صحابي وسحبان بن وائل ووأل رجع والى اللّه الموئل أي المرجع.

.الإعراب:

{وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} الظرف متعلق بمحذوف تقديره أذكر وجملة يقول مضاف إليها الظرف ونادوا فعل أمر وفاعل وشركائي مفعول به والذين نعت وجملة زعمتم صلة والعائد محذوف أي زعمتموهم شركاء كما حذف المفعول الثاني لزعمتم أيضا. {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} إما أن تعطف الجملة على محذوف مقدر أي فبادروا إلى آلهتهم فدعوهم وإما أن تقدر الماضي بمعنى المستقبل ودعوهم فعل وفاعل ومفعول به فلم الفاء عاطفة ولم حرف نفي وقلب وجزم ويستجيبوا مضارع مجزوم بلم والواو فاعل ولهم متعلقان بيستجيبوا وجعلنا فعل وفاعل وبينهم الظرف متعلق بمحذوف هو المفعول الثاني وموبقا هو المفعول الأول والمعنى صيرنا بين الأوثان وعابديها مكانا يجتمعون فيه ليهلكوا معا. {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها} ورأى المجرمون النار فعل وفاعل ومفعول به فظنوا الفاء عاطفة وظنوا فعل وفاعل وإن واسمها وخبرها وسدت مسد مفعولي ظنوا أي تراءت لهم من مكان بعيد فأيقنوا أنهم واقعون فيها والظن هنا معناه اليقين لأن ذلك الحين ليس حين شك.
{وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفًا} الواو عاطفة ولم يجدوا عطف على ظنوا وعنها متعلقان بمصرفا لأنه اسم مكان أو زمان مشتق أو مصدر ميمي بمعنى انصرافا ومصرفا مفعول به. {وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} الواو عاطفة واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وصرفنا فعل وفاعل وفي هذا متعلقان بصرفنا والقرآن بدل من هذا وللناس متعلقان بصرفنا أيضا ومن كل صفة لموصوف محذوف هو مفعول صرفنا أي معنى غريبا بديعا يشبه المثل بغرابته وطرافته ومثل مضاف اليه. {وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ ءٍ جَدَلًا} الواو عاطفة أو حالية وكان الإنسان كان واسمها وأكثر شيء خبرها وجدلا تمييز يعني الإنسان أكثر المخلوقات الحية مجادلة ولجاجا باطلا {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى} الواو عاطفة وما نافية ومنع فعل ماض والناس مفعول به مقدم وأن يؤمنوا مصدر مؤول في موضع المفعول الثاني لمنع وإذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بيؤمنوا وجملة جاءهم الهدى مضاف إليها الظرف. {وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا} ويستغفروا عطف على يؤمنوا والواو فاعل وربهم مفعول به وإلا أداة حضر وأن وما في حيزها فاعل منع وتأتيهم فعل مضارع ومفعول به مقدم وسنة الأولين فاعل مؤخر وأو حرف عطف ويأتيهم العذاب عطف على تأتيهم سنة الأولين وقبلا حال من الضمير أو العذاب ولابد من تقدير مضاف محذوف قبل أن تأتيهم سنة الأولين تقديره انتظار الإتيان قالوا: إنما احتيج إلى تقدير المضاف إذ لا يمكن جعل إتيان سنة الأولين مانعا من إيمانهم فإن المانع يقارن الممنوع وإتيان العذاب متأخر عن إيمانهم بمدة طويلة. {وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} الواو عاطفة وما نافية ونرسل المرسلين فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به وإلا أداة حصر ومبشرين حال ومنذرين عطف.
{وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} يجادل فعل مضارع والذين فاعل وكفروا صلة وبالباطل متعلقان بيجادل وليدحضوا اللام للتعليل ويدحضوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وبه متعلقان بيدحضوا والحق مفعول به. {وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُوًا}.
الواو حالية أو استئنافية واتخذوا فعل وفاعل وآياتي مفعول به والواو حرف عطف وما اسم موصول معطوف على آياتي وجملة أنذروا صلة، ويجوز جعل ما مصدرية والمصدر معطوف على آياتي، وهزوا مفعول به ثان. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ} الواو استئنافية ومن اسم استفهام معناه النفي في محل رفع مبتدأ وأظلم خبر وممن متعلقان بأظلم وجملة ذكر صلة وبآيات ربه متعلقان بذكر فأعرض عطف على ذكر وفاعله مستتر تقديره هو وعنها متعلقان بأعرض ونسي عطف على ما تقدم وما مفعول به وجملة قدمت صلة ويداه فاعل. {إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْرًا} أن واسمها وجملة جعلنا خبرها وعلى قلوبهم في محل نصب مفعول به ثان لجعلنا وأكنة مفعول به أول وأن يفقهوه المصدر في محل نصب مفعول لأجله وفي آذانهم وقرا عطف على معمولي جعلنا. {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} الواو حرف عطف وأن شرطية وتدعهم فعل الشرط وفاعله مستتر تقديره أنت والهاء مفعول به والى الهدى متعلقان بتدعهم فلن الفاء رابطة ولن حرف نفي ونصب واستقبال ويهتدوا نصب بلن والواو فاعل واذن حرف جواب وجزاء وأبدا ظرف متعلق بيهتدوا. {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ} وربك الواو استئنافية وربك مبتدأ والغفور خبر وذو الرحمة خبر ثان ولو شرطية ويؤاخذهم فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به وبما متعلقان بيؤاخذهم وجملة كسبوا صلة واللام رابطة وعجل فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو ولهم متعلقان بعجل والعذاب مفعول به. {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} بل حرف إضراب ولهم خبر مقدم وموعد مبتدأ مؤخر ولن حرف نفي ونصب واستقبال ويجدوا فعل مضارع منصوب بلن ومن دونه متعلقان بمحذوف حال وموئلا مفعول به. {وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} تلك مبتدأ أو منصوب على الاشتغال والقرى بدل وجملة أهلكناهم خبر والمراد أهل القرى ويجوز إعراب القرى خبرا وجملة أهلكناهم إما حال وإما خبر ثان، ولما ظرف بمعنى حين متعلق بأهلكناهم وجملة ظلموا مضافة للما. {وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} وجعلنا فعل وفاعل ولمهلكهم حال أو متعلقان بموعدا وموعدا مفعول به. ومهلكهم مصدر ميمي مضاف إلى الفاعل إن كان لازما أو مضاف إلى المفعول إن كان متعديا.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {أو يأتيهم العذاب قبلا} اتفاق اللفظ واختلاف المعنى وقد أوردنا في باب اللغة معاني القبل وقد صنّف فيه أبو العباس محمد بن يزيد المبرد وأبو العمثيل الاعرابي الذي صنف كتابا مأثورا عنه وهو مجرد حصر للألفاظ التي قد يتعدد مدلولها دون التزام منه لترتيب ما في سوق الكلمات وبدون تعليل أو محاولة لإيجاد أية صلة بين المعاني المختلفة إذ يقول: القبل على سبعة أوجه: القبل في العين والقبل النشز من الأرض يستقبلك تقول رأيت شخصا بذلك القبل والقبل أن ترى الهلال قبلا فكان صغيرا والقبل أن يتكلم الرجل بكلام لم يكن استعدّ له يقال تكلم فلان قبلا والقبل أن يورد الرجل إبله الماء ثم يستقي ويصب عليها فيقال سقاها قبلا والقبل شي.....
........ منصوب بأن مضمرة بعد حتى ومجمع البحرين مفعول به وأو حرف عطف وأمضي معطوف على أبلغ وحقبا ظرف زمان متعلق بأمضي واختار أبو البقاء وغيره أن تكون بمعنى إلى وأبلغ منصوب بأن مضمرة بعدها وما أحسبه صحيحا. {فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} الفاء عاطفة ولما ظرف بمعنى حين وجملة بلغا في محل جر بإضافة الظرف إليها والألف فاعل ومجمع مفعول به وبينهما ظرف أضيف إلى مجمع أي بين البحرين وجملة نسيا لا محل لها لأنها جواب لما وحوتهما مفعول به فاتخذوا الفاء عاطفة واتخذ فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو أي الحوت وسبيله مفعول به وسربا مفعول به ثان وفي البحر متعلقان بمحذوف حال، وفي الكلام تقديم وتأخير لأن اتخاذ الحوت سبيله في البحر قبل النسيان. {فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا} الفاء عاطفة ولما ظرفية حينية وجملة جاوزا مضاف إليها الظرف والمفعول محذوف أي الموعد وهو الصخرة وجملة قال لفتاه لا محل لها وجملة آتنا غداءنا مقول القول وغداءنا مفعول به ثان لآتنا.
{لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَبًا} اللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق ولقينا فعل وفاعل ومن سفرنا متعلقان بلقينا وهذا صفة لسفرنا أو بدل منه ونصبا مفعول به للقينا. {قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ} أرأيت تقدم الكلام عليها مطولا وانها بمعنى أخبرني ومفعولا أرأيت محذوفان اختصارا أي رأيت أمرنا ما عاقبته وهذا أسلوب معهود في الكلام المتداول بين الناس يقول أحدهم لصاحبه إذا ألمّ به خطب أرأيت ما نابني فالظرف متعلق بهذا المحذوف أي بنابني وسيأتي مزيد من بحث هذه الرؤية في باب البلاغة وجملة أوينا مضاف إليها الظرف والى الصخرة متعلقان بأوينا. {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} الفاء لتعليل الدهشة التي اعترتهما مما نابهما وان واسمها وجملة نسيت الحوت خبرها والواو اعتراضية والجملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه وما نافية وأنسانيه فعل ماض والنون للوقاية والياء مفعول به أول والهاء مفعول به ثان وإلا أداة حصر والشيطان فاعل أنسانيه وأن وما في حيزها بدل اشتمال من الهاء أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان. {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا} الواو عاطفة واتخذ فعل ماض معطوف على نسيت وفاعله مستتر تقديره هو أي الحوت وسبيله مفعول به أول وفي البحر حال وعجبا مفعول به ثان لاتخذ أو مفعول مطلق لفعل محذوف وفي البحر هو المفعول الثاني أي قال موسى عجبت عجبا: حوت يؤكل دهرا ثم يصير حيا بعد ما أكل بعضا.

.البلاغة:

في قوله: {أرأيت} الرؤية هنا مستعارة للمعرفة التامة والمشاهدة الكاملة وهي استعارة تصريحية تبعية لأنها أجريت في فعل وقد حذف المشبه وأقيم المشبه به مقامه والاستفهام في أرأيت للتعجب كأنه يحاول إثارة العجب في نفس موسى مما رأى من المعاجز التي لا تدور في الخلد، ويكاد لا يصدقها العقل مما يمكن الرجوع اليه في التفاسير المطولة والروايات المنقولة مما يخرج بنا عن نطاق الكتاب وسنكتفي بسرد قصة لقاء موسى والخضر معتمدين على نص الحديث والتحليل المنطقي المعقول تاركين المجال لأصحاب المواهب القصصية عسى أن ينسجوا على منوال الكاتب القاص توفيق الحكيم.