فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



754- الحَدِيث الرَّابِع عشر:
وَعنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقوا الشّرك الْأَصْغَر» قَالُوا وَمَا الشّرك الْأَصْغَر يَا رَسُول الله قَالَ: «الرِّيَاء» قلت رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه التَّرْغِيب والترهيب من حَدِيث أبي بكر أَحْمد بن مُوسَى بن مرْدَوَيْه حَدثنَا دعْلج بن أَحْمد حَدثنَا حَامِد بن مُحَمَّد حَدثنَا سُرَيج ابْن يُونُس حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... ذكره سَوَاء وَبِهَذَا الْإِسْنَاد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره سَوَاء وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الرَّعْد حَدثنَا دعْلج بن أَحْمد بِهِ سندا ومتنا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ فِي هَذِه السُّورَة. وَرَوَى أَيْضا حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد هُوَ الطَّبَرَانِيّ حَدثنَا أَحْمد بن حَمَّاد ابْن رَغْبَة حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم حَدثنَا ابْن لَهِيعَة عَن عمَارَة بن غزيَّة عَن يعلي ابْن شَدَّاد بن أَوْس عَن أَبِيه قَالَ كُنَّا نعد الرِّيَاء عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشّرك الْأَصْغَر وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام حَدثنَا إِسْحَاق بن عِيسَى الطباع عَن مَالك بن أنس عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن عَاصِم بن عَمْرو بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الشّرك الْأَصْغَر» قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا الشّرك الْأَصْغَر؟ قَالَ: «الرِّيَاء» انتهى. ثمَّ قَالَ غَرِيب من حَدِيث مَالك تفرد بِهِ إِسْحَاق الطباع وَهُوَ ثِقَة وَلَا أعلم رَوَاهُ عَنهُ غير عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن سَلام وَهُوَ من الثِّقَات انتهى.
وَرَوَاهُ أَحْمد حَدثنَا يُونُس حَدثنَا لَيْث عَن يزِيد بن الْهَاد عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو بِهِ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ من حَدِيث ابْن أبي مَرْيَم حَدثنَا ابْن أبي الزِّنَاد عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو بِهِ.
755- الحَدِيث الْخَامِس عشر:
عَن رَسُول الله قَالَ: «من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف من آخرهَا كَانَت لَهُ نورا من قرنه إِلَى قدمه وَمن قَرَأَهَا كلهَا كَانَت لَهُ نورا من الأَرْض إِلَى السَّمَاء» قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو بكر بن السّني فِي كِتَابه عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من حَدِيث ابْن لَهِيعَة حَدثنِي زبان بن فائد عَن سهل بن معَاذ عَن أَبِيه معَاذ ابْن أنس الْجُهَنِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قَرَأَ أول سُورَة الْكَهْف كَانَت لَهُ نورا من قرنه إِلَى قدمه وَمن قَرَأَهَا كلهَا كَانَت لَهُ نورا من الأَرْض إِلَى السَّمَاء» انتهى.
بِلَفْظ أَحْمد وَلَفظ ابْن السّني هُوَ لفظ المُصَنّف. وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث رشدين بن سعد عَن زبان بن فائد بِهِ بِلَفْظ أَحْمد.
وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره وَكَذَلِكَ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره.
756- الحَدِيث السَّادِس عشر:
وَعَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من قَرَأَ عِنْد مضجعه {قل إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ} كَانَ لَهُ فِي مضجعه نور يتلألأ إِلَى مَكَّة حَشْو ذَلِك النُّور مَلَائِكَة يصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يقوم وَإِن كَانَ مضجعه بِمَكَّة كَانَ لَهُ نور يتلألأ من مضجعه إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور حَشْو ذَلِك النُّور مَلَائِكَة يصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظ» قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده مُخْتَصرا أخبرنَا النَّضر بن شُمَيْل حَدثنَا أَبُو قُرَّة الْأَسدي ثمَّ الصَّيْدَاوِيُّ رجل من أهل الْبَادِيَة قَالَ سَمِعت سعيد بن الْمسيب يحدث عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قَرَأَ فِي ليلته {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} كَانَ لَهُ نور من عدن أبين إِلَى مَكَّة حشْوَة الْمَلَائِكَة» انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده بِهَذَا السَّنَد والمتن بِحُرُوفِهِ وَقَالَ هَذَا حَدِيث لَا نعلمهُ يرْوَى عَن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى.
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره لكنه زَاد «يصلونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمَذْكُورين فِي آل عمرَان وَمتْن المُصَنّف سَوَاء. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال إلكيا هراسي:
سورة الكهف:
قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، الآية: 7.
وذلك يدل على أن ما جعله على وجه الأرض، جعله لطفا لعباده، الذين أراد بهم الخير في إختيار الطاعات.
قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ}، الآية: 19.
يدل ذلك على جواز خلط دراهم الجماعة والشراء بها، والأكل من الطعام الذي بينهم بالشركة، وإن كان فيهم من يأكل أكثر ومن يأكل أقل، وهو الذي يسميه الناس المناهدة، ويفعلونه في الأسفار، وذلك أنه قال: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} فأضاف الورق إلى الجميع.
ومثله قوله تعالى: {وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ}.
وفي الآية دليل على جواز الوكالة بالشراء، لأن الذي بعثوا به كان وكيلا.
قوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ}، الآية: 23.
لأن المقصود بذلك ألا يكون محققا لحكم المخبر عنه، فإنه إذا قال لأفعلن ذلك فلم يفعل كان كاذبا، وإن قال لأفعلن ذلك إن شاء اللّه، خرج عن كونه محققا للمخبر عنه.
فإن قال قائل: أي معنى في ذلك، ولا يتصور أن يفعل فاعل فعلا إلا أن يشاء اللّه، هل ذكر ذلك وعدم ذكره إلا بمثابة واحدة، وهل هذا إلا بمثابة من يقول لأفعلن ذلك إن كنت فاعلا وإن كنت قادرا وإن شئت، وأي أثر لذكر شرط للفعل لا محالة في العقل. والجواب: أن الأمر وإن كان على ما ذكرتم، غير أنه إذا قال القائل لأفعلن في وقت كذا، فقد أوهم أنه يفعل لا محالة، وأبان أن شرط الفعل يوجد، فإذا لم يفعل لعدم الشرط وهو مشيئة اللّه تعالى، أو عائق آخر، كان كاذبا في قوله عرفا، وإذا قال لأفعلن كذا إن شاء اللّه، أو إن شاء زيد، فلم يقطع بأنه يفعل، بل ردد وميل القول، فكأنه قال: لا أدري هل أفعل أم لا، فهذا هو المعنى فيه. وكأن اللّه سبحانه أدب رسوله صلّى اللّه عليه وسلم فقال: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ}.
أي كن متذكرا للعوائق، وناظرا في العواقب، ولعل عائقا يعترض دون مرامك، فردد القول فيما لا يعلمه، لئلا يجري ما ينسب فيه إلى خلف في القول عرفا.
ومن أجله قال علماؤنا: إذا حلف واستثنى لم يحنث إذا كان موصولا، وإن انفصل يؤثر الاستثناء.
وروي عن معاذ بن جبل، عن رسول اللّه أنه قال: «إذا قال الرجل لعبده: أنت حر إن شاء اللّه، فهو حر، وإذا قال لامرأته أنت طالق إن شاء اللّه فليس بطالق».
وهذا حديث ضعيف، واهي السند مخالف للإجماع.
وقيل للمعتزلة: عندكم أن فعل الفاعل لا يتعلق بمشيئة اللّه تعالى، فما معنى قوله عندكم لأفعلن إن شاء اللّه تعالى، وهو يفعل وإن لم يشأ اللّه.
فأجابوا بأن معناه: إلا أن يشاء اللّه ألا يلجئني إليه، أو يقطعني عنه باخترام أو موت، فيخرج عن كونه قاطعا على الخبر، فيحسن منه الخبر.
وقال آخرون منهم: الغرض بالاستثناء، إخراج الخبر عن أن يكون قطعا وخبرا تاما من غير إرادة ما يجرى مجرى الشرط، فكأنه وضع في اللغة لهذه الطريقة التي تقتضي التوقف في الخبر، وهذا أقرب، لأن الاستثناء يؤثر في هذا الخبر، سواء وقع ممن له قصد إلى ما ذكرناه أو من لا قصد له. فحمله على هذا الوجه الثاني أولى.
ومما قيل للمعتزلة: إذا قال القائل عبدي حر إن شاء اللّه فلا يعتق، وقياس قولكم أنه يعتق، لأن اللّه تعالى قد شاء ذلك تعبدا، وجوابهم عنه على ما قاله أبو علي الجبائي، أنه لم يخصص المتثنى المشيئة بطريق التعبد، ولو خصصه بذلك لصار حرا بأن ينوي بالاستثناء، مشيئة التعبد فقط.
نعم إذا أطلق الاستثناء فلا حرية، فأما إذا قيد الاستثناء، صار كأنه قال للمملوك: أنت حر إن أراد اللّه مني إعتاقك، وقد علم أن اللّه تعالى أراد ذلك مع سلامة الأحوال، وإنما تصح هذه الطريقة متى قيل لابد في الاستثناء من تقييد، حتى يصير كالشرط، ويجري مجرى قول القائل:
أنت حر إن دخل زيد الدار، وإن شاء زيد، فيمكن عند ذلك ادعاء مخالفة الإجماع على المعتزلة، فأما إذا قيل بالوجه الآخر، وهو أن الاستثناء يخرج الخبر عن كونه خبرا، إلى أن يكون مشكوكا فيه موقوفا فليس فيه دلالة.
قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ}، الآية: 24.
قال ابن عباس: إنه إن نسي الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة، لم يحنث إن كان حالفا.
وذكر إسماعيل بن اسحق ذلك عن أبي العالية في قوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ}، قال يستثنى إذا ذكر.
والأصح أن قوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ} ابتداء كلام.
قوله تعالى: {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا}، الآية: 103.
فيه دليل على أن من الناس من يعمل العمل وهو يظن أنه محسن فيه، وقد حبط سعيه، الذي يوجب إحباط السعي إما فساد الإعتقاد أو المراءاة.
والمراد به هاهنا الكفر، فإن اللّه تعالى قال بعد ذكر هؤلاء:
{أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ}.
أبان عن كفرهم وأنه سبب ضياع أعمالهم.
قوله تعالى: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}، الآية: 110.
دل على أن من عمل لغير اللّه تعالى مراءاة ومباهاة وطلبا للنجاة، فلا نصيب له في الآخرة، وقد مضى شرحه غير مرة. اهـ.