فصل: قال أبو حيان في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومنها قوله تعالى: {قُلْ ياأهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ الله} [آل عمران: 64] فسمَّى كل هذا الكلام كلمة.
وقوله تعالى: {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: 5] أي: أن هذه الكلمة كَبُرت لأنها خرجت منهم وقالوها فعلًا، ولو أنهم كتموها في نفوسهم ولم يجهروا بها واستعظموا أن تخرجَ منهم لكانوا في عداد المؤمنين، بدليل أن وفد اليمن حينما أتوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله تدور بأنفسنا أفكار عن الله، نتعاظم أن نقولها أي: لا نقدر على النطق بها فقال صلى الله عليه وسلم: «ذاك صريح الإيمان».
إذن: المعيب عليهم أنهم أخرجوا هذه المسألة من أفواههم، وهذا منتهى القُبْح، فالأفكار والخواطر مهما بلغتْ من السوء وكتمها صاحبها لا يترتب عليها شيء، وكأنها لم تكُنْ.
ثم يقول تعالى: {إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5] أي: ما يقولون إلا كذبًا، والكذب أَلاَّ يطابق الكلام واقع الأمر، فالعاقل قبل أنْ يتكلم يُدير الكلام على ذِهْنه ويَعْرضه على تفكيره، فتأتي النسبة في ذِهْنه وينطقها لسانه، وهذه النسبة قبل أن يفكر فيها وينطق بها لها واقع.
فمثلًا حين تقول: محمد مجتهد. قبل أن تنطق بها جال في خاطرك اجتهاد محمد، وهذه تُسمّى نسبة ذِهْنية، فإنْ قلتَ: محمد مجتهد أصبحتْ نسبة كلامية، فإنْ وُجد شَخص اسمه محمد وهو مجتهد فعلًا، فإن النسبة الذهنية الكلامية أصبحتْ نسبة واقعية، والخبر بها خبر صادق.
فإنْ كانت النسبة الكلامية لا واقعَ لها كأنْ لا يوجد شخص اسمه محمد أو وُجِد ولكنه غير مجتهد، فالخبر هنا كاذب. وهذا هو الأسلوب الخبري الذي يحتمل الصدق أو الكذب.
وهناك الأسلوب الإنشائي الذي لا يحتمل الصِّدْق، ولا يحتمل الكذب؛ لأن النسبة الواقعية فيه متأخرة عن النسبة الكلامية كما لو قُلْت: ذاكر دروسك. فواقع هذه العبارة سيحدث في المستقبل؛ لذلك لا يُوصَف الإنشاء بالصدق أو بالكذب.
والتدقيق العلمي يقول: الصدق الحقيقي أنْ تطابقَ النسبة الكلامية الواقع والاعتقاد، فإن اعتقدتَ شيئًا ولم يحدث، فالنسبة كاذبة وأنت غير كاذب؛ لأن هناك فرقًا بين الخبر والمخْبِر.
وهذه المسألة واضحة في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ المنافقون قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1].
فقولهم: إنك لرسول الله نسبة صادقة؛ لأنها تطابق الواقع، إنما هل وافقتْ معتقدهم؟ لم توافق معتقدهم؛ لذلك شهد الله أنهم كاذبون؛ لأن كلامهم لم يوافق واقعهم الاعتقادي. أو: لأن التكذيب لم يرد به قولهم: إنك لرسول الله وإنما يُراد به قولهم: نشهد، فالتكذيب للشهادة لأن الشهادة أنْ يُواطِئ القلب اللسان، وهم شهدوا بألسنتهم، ولم تؤمن به قلوبهم.
وهنا لَمّا قالوا {اتخذ الله وَلَدًا}، فهذه نسبة كلامية ليس لها واقع، فهي نسبة كاذبة، فقال تعالى: {إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} [الكهف: 5].
ثم يُسلِّي الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم لِيُخفِّف عنه ما يلاقي من متاعب وعناد وسَفَه في سبيل الدعوة فيقول تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ}.
ومعنى: {بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} [الكهف: 6] أي: تجهد نفسك في دعوة قومك إجهادًا يُهلكها، وفي الآية إشفاق على رسول الله؛ لأنه حَمّل نفسه في سبيل هداية قومه ما لا يحمله الله ويلزم ما لا يلزمه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فيُعرضوا ويتولَّوْا عنه فيُشيِّع آثارهم بالأسف والحزن، كما يسافر عنك حبيب أو عزيز، فتسير على أثره تملؤك مرارة الأسى والفراق، فكأن رسول الله لحبه لقومه وحِرْصه على هدايتهم يكاد يُهلك نفسه {أَسَفًا}.
والأسف: الحزن العميق، ومنه قَوْلُ يعقوب عليه السلام: {ياأسفى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] وقوله تعالى عن موسى لما رجع إلى قومه غاضبًا من عبادتهم العجل: {فَرَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [طه: 86].
وقد حدّد الله تعالى مهمة الرسول وهي البلاغ، وجعله بشيرًا ونذيرًا، ولم يُكلّفه من أمر الدعوة ما لا يطيق، ففي الآية مظهر من مظاهر رحمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول الحق سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا}.
وكأن هذه الآية تعقيب على سابقتها، وإشارة لرسول الله بأن الدنيا قصيرة، فالمسألة إذن قريبة فلا داعيَ لأنْ يُهلِك نفسه حُزْنًا على عناد قومه، فالدنيا لكل إنسان مدة بقائه بها وعَيْشَه فيها، ولا دخلَ له بعمرها الحقيقي؛ لأن حياة غيره لا تعود عليه بشيء، وعلى هذا فما أقصرَ الدنيا، وما أسرعَ انتهائها، ثم يرجعون إلينا فنجازيهم بما عملوا، فلا تحزن ولا تيأس، ولا تكدِّر نفسك، لأنهم لم يؤمنوا.
فقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا} [الكهف: 7] أي: كل ما على الأرض هو زينة، والزينة هي الزخرف الذي يبرق أمام الأعين فيغريها، ثم يندثر ويتلاشى، وقد أوضح لنا القرآن هذه المسألة في قوله تعالى: {واضرب لَهُم مَّثَلَ الحياة الدنيا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السماء فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرياح} [الكهف: 45].
فإياك أنْ يأخذك هذا الزخرف؛ لأنه زَهْر سرعان ما يذبل ويصير حُطامًا.
وقوله: {لِنَبْلُوَهُمْ} [الكهف: 7] البلاء يعني: الاختبار والامتحان. وليس المصيبة كما يظن البعض؛ لأن المصيبة تكون على مَنْ يخفِق في الاختبار، والابتلاء لهم من الله مع علمه تعالى بأمرهم وما سيحدث منهم مُسْبقًا، ولكن لنعرف معرفة الواقع وشهادة الواقع.
وما أشبه هذه المسألة بالتلميذ الذي يتنبأ له أستاذه بالفشل لما يراه من مقدمات يعرفها عن عقليته وعن اجتهاده والتفاته يحكم من خلالها، فإذا ما دخل التلميذ الاختبار فشل فيه وأخفق، لكن هل يعني هذا أن نلغي الاختبارات في مدارسنا اعتمادًا على خبرة المعلم بتلاميذه؟ لابد من الاختبار ليقوم شاهدًا واقعيًا على مَنْ يخفق.
إذن معنى: {لِنَبْلُوَهُمْ} [الكهف: 7] أي: بلاء شهادة منهم على أنفسهم. ثم يقول الحق سبحانه: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا}.
الصعيد: هو طبقة التراب التي تظهر على وجه الأرض، ولا نباتَ فيها و{جُرُزًا} هي الأرض الخالية من النبات، وقد يكون بها نبات، إلا أن الجراد أكله أو جاءته جائحة أهلكتْه، يقول تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الماء إِلَى الأرض الجرز فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27].
وما دام الأمر كذلك والدنيا زُخْرف سرعان ما يزول، فالأجل قريب، فدَعْهم لي أختبرهم، وأُجَازيهم بأعمالهم. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)}.
هي مكية كلها إلا في قوله.
وعن ابن عباس وقتادة إلاّ قوله: {واصبر نفسك} الآية فمدنية.
وقال مقاتل: إلاّ من أولها إلى {جرزًا} ومن قوله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات} الآيتين فمدني.
وسبب نزولها أن قريشًا بعثت النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهما: سلاهم عن محمد وصِفالهم صفته فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألاهم فقالت: سلوه فإن أخبركم بهنّ فهو نبيّ مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنه كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان بناؤه، وسلوه عن الروح فأقبل النضر وعقبة إلى مكة فسألوه فقال: «غدًا أخبركم» ولم يقل إن شاء الله، فاستمسك الوحي خمسة عشر يومًا فأرجف كفار قريش، وقالوا: إن محمدًا قد تركه رئيه الذي كان يأتيه من الجن.
وقال بعضهم: قد عجز عن أكاذيبه فشق ذلك عليه، فلما انقضى الأمد جاءه الوحي بجواب الأسئلة وغيرها.
وروي في هذا السبب أن اليهود قالت: إن أجابكم عن الثلاثة فليس بنبيّ، وإن أجاب عن اثنتين وأمسك عن الأخرى فهو نبيّ.
فأنزل الله سورة أهل الكهف وأنزل بعد ذلك {ويسألونك عن الروح} ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أنه لما قال: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} وذكر المؤمنين به أهل العلم وأنه يزيدهم خشوعًا، وأنه تعالى أمر بالحمد له وأنه لم يتخذ ولدًا، أمره تعالى بحمده على إنزال هذا الكتاب السالم من العوج القيم على كل الكتب المنذر من اتخذ ولدًا، المبشر المؤمنين بالأجر الحسن.
ثم استطرد إلى حديث كفار قريش والتفت من الخطاب في قوله: {وكبره تكبيرًا} إلى الغيبة في قوله: {على عبده} لما في {عبده} من الإضافة المقتضية تشريفه، ولم يجيء التركيب أنزل عليك.
{والكتاب} القرآن، والعوج في المعاني كالعوج في الأشخاص ونكر {عوجًا} ليعم جميع أنواعه لأنها نكرة في سياق النفي، والمعنى أنه في غاية الإستقامة لا تناقض ولا اختلاف في معانيه، لا حوشية ولا عيّ في تراكيبه ومبانيه.
و{قيمًا} تأكيد لإثبات الإستقامة إن كان مدلوله مستقيمًا وهو قول ابن عباس والضحاك.
وقيل: {قيمًا} بمصالح العباد وشرائع دينهم وأمور معاشهم ومعادهم.
وقيل: {قيمًا} على سائر الكتب بتصديقها.
واختلفوا في هذه الجملة المنفية، فزعم الزمخشري أنها معطوفة على {أنزل} فهي داخلة في الصلة، ورتب على هذا أن الأحسن في انتصاب {قيمًا} أن ينتصب بفعل مضمر ولا يجعل حالًا من {الكتاب} لما يلزم من ذلك وهو الفصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة، وقدره جعله {قيمًا}.
وقال ابن عطية: {قيمًا} نصب على الحال من {الكتاب} فهو بمعنى التقديم مؤخر في اللفظ، أي أنزل الكتاب {قيمًا} واعترض بين الحال وذي الحال قوله: {ولم يجعل له عوجًا} ذكره الطبري عن ابن عباس، ويجوز أن يكون منصوبًا بفعل مضمر تقديره أنزله أو جعله {قيمًا}.
أما إذا قلنا بأن الجملة المنفية اعتراض فهو جائز، ويفصل بجمل للإعتراض بين الحال وصاحبها.
وقال العسكري: في الآية تقديم وتأخير كأنه قال: احمدوا الله على إنزال القرآن {قيمًا} لا عوج فيه، ومن عادة البلغاء أن يقدّموا الأهم.
وقال أبو عبد الله الرازي: {ولم يجعل له عوجًا} يدل على كونه مكملًا في ذاته.
وقوله قيمًا يدل على كونه مكملًا بغيره، فثبت بالبرهان العقلي أن الترتيب الصحيح هو الذي ذكره الله، وأن ما ذكروه من التقديم والتأخير فاسد يمتنع العقل من الذهاب إليه.
وقال الكرماني: إذ جعلته حالًا وهو الأظهر فليس فيه تقديم ولا تأخير، والصحيح أنهما حالان من {الكتاب} الأولى جملة والثانية مفرد انتهى.
وهذا على مذهب من يجوز وقوع حالين من ذي حال واحد بغير عطف، وكثير من أصحابنا على منع ذلك انتهى.
واختاره الأصبهاني وقال: هما حالان متواليان والتقدير غير جاعل له {عوجًا قيمًا} وقال صاحب حل العقد: يمكن أن يكون قوله قيمًا بدلًا من قوله: {ولم يجعل له عوجًا} أي جعله مستقيمًا {قيمًا} انتهى.
ويكون بدل مفرد من جملة كما قالوا في عرفت زيدًا أبو من أنه بدل جملة من مفرد وفيه خلاف.
وقيل: {قيمًا} حال من الهاء المجرورة في {ولم يجعل له} مؤكدة.
وقيل: منتقلة، والظاهر أن الضمير في {له} عائد على {الكتاب} وعليه التخاريج الإعرابية السابقة.
وزعم قوم أن الضمير في {له} عائد على {عبده} والتقدير {على عبده} وجعله {قيمًا}.
وحفص يسكت على قوله: {عوجًا} سكتة خفيفة ثم يقول: {قيمًا}.
وفي بعض مصاحف الصحابة {ولم يجعل له عوجًا} لكن جعله قيمًا ويحمل ذلك على تفسير المعنى لا أنها قراءة.
وأنذر يتعدى لمفعولين قال: {إنا أنذرناكم عذابًا قريبًا} وحذف هنا المفعول الأول وصرح بالمنذر به لأنه هو الغرض المسوق إليه فاقتصر عليه، ثم صرح بالمنذر في قوله حين كرر الإنذار فقال: {وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدًا} فحذف المنذر أولًا لدلالة الثاني عليه، وحذف المنذر به لدلالة الأول عليه، وهذا من بديع الحذف وجليل الفصاحة، ولما لم يكرر البشارة أتى بالمبشر والمبشر به، والظاهر أن {لينذر} متعلقة بأنزل.
وقال الحوفي: تتعلق بقيمًا، ومفعول لينذر المحذوف قدره ابن عطية {لينذر} العالم، وأبو البقاء {لينذر} العباد أو لينذركم.
والزمخشري قدره خاصًا قال: وأصله {لينذر} الذين كفروا {بأسًا شديدًا}، والبأس من قوله: {بعذاب بئيس} وقد بؤس العذاب وبؤس الرجل بأسًا وبأسة انتهى. وكأنه راعي في تعيين المحذوف مقابله وهو {ويبشر المؤمنين الذين} والبأس الشديد عذاب الآخرة ويحتمل أن يندرج فيه ما يلحقهم من عذاب الدنيا. ومعنى من {لدنه} صادر من عنده.
وقرأ أبو بكر بسكون الدال وإشمامها الضم وكسر النون، وتقدّم الكلام عليها في أول هود.
وقرئ: {ويبشر} بالرفع والجمهور بالنصب عطفًا على {لينذر} والأجر الحسن الجنة، ولما كنى عن الجنة بقوله: {أجرًا حسنًا} قال: {ماكثين فيه} أي مقيمين فيه، فجعله ظرفًا لإقامتهم، ولما كان المكث لا يقتضي التأبيد قال: {أبدًا} وهو ظرف دال على زمن غير متناه، وانتصب {ماكثين} على الحال وذو الحال هو الضمير في {لهم} والذين نسبوا الولد إلى الله تعالى بعض اليهود في عزير، وبعض النصارى في المسيح، وبعض العرب في الملائكة، والضمير في {به} الظاهر أنه عائد على الولد الذي ادّعوه.