فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم إنه سبحانه عاد إلى الردّ على أرباب الخيلاء من قريش، فذكر قصة آدم واستكبار إبليس عليه فقال: {وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ} أي: واذكر وقت قولنا لهم اسجدوا سجود تحية وتكريم، كما مرّ تحقيقه {فجسدوا} طاعة لأمر الله وامتثالًا لطلبه السجود {إِلاَّ إِبْلِيسَ} فإنه أبى واستكبر ولم يسجد، وجملة {كَانَ مِنَ الجن} مستأنفة لبيان سبب عصيانه وأنه كان من الجنّ ولم يكن من الملائكة فلهذا عصى.
ومعنى {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ}: أنه خرج عن طاعة ربه.
قال الفراء: العرب تقول: فسقت الرطبة عن قشرها لخروجها منه.
قال النحاس: اختلف في معنى {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ} على قولين: الأوّل مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى: أتاه الفسق لما أمر فعصى فكان سبب الفسق أمر ربه، كما تقول: أطعمه عن جوع.
والقول الآخر قول قطرب: أن المعنى على حذف المضاف أي: فسق عن ترك أمره.
ثم إنه سبحانه عجب من حال من أطاع إبليس في الكفر والمعاصي وخالف أمر الله فقال: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء} كأنه قال: أعقيب ما وجد منه من الإباء والفسق تتخذونه وتتخذون ذريته، أي: أولاده؛ وقيل: أتباعه مجازًا {أولياء مِن دُونِى} فتطيعونهم بدل طاعتي وتستبدلونهم بي، والحال أنهم أي: إبليس وذريته {لَكُمْ عَدُوٌّ} أي: أعداء.
وأفرده لكونه اسم جنس، أو لتشبيهه بالمصادر كما في قوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى} [الشعراء: 77].
وقوله: {هُمُ العدو} [المنافقون: 4] أي: كيف تصنعون هذا الصنع وتستبدلون بمن خلقكم وأنعم عليكم بجميع ما أنتم فيه من النعم؟ بمن لم يكن لكم منه منفعة قط، بل هو عدوّ لكم يترقب حصول ما يضركم في كل وقت {بِئْسَ للظالمين بَدَلًا} أي: الواضعين للشيء في غير موضعه المستبدلين بطاعة ربهم طاعة الشيطان، فبئس ذلك البدل الذي استبدلوه بدلًا عن الله سبحانه.
{مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السموات والأرض} قال أكثر المفسرون: إن الضمير للشركاء، والمعنى: أنهم لو كانوا شركاء لي في خلق السموات والأرض وفي خلق أنفسهم لكانوا مشاهدين خلق ذلك مشاركين لي فيه، ولم يشاهدوا ذلك ولا أشهدتهم إياه أنا فليسوا لي بشركاء.
وهذا استدلال بانتفاء الملزوم المساوي على انتفاء اللازم، وقيل: الضمير للمشركين الذين التمسوا طرد فقراء المؤمنين، والمراد: أنهم ما كانوا شركاء لي في تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق السموات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ: ما اعتضدت بهم بل هم كسائر الخلق، وقيل: المعنى أن هؤلاء الظالمين جاهلون بما جرى به القلم في الأزل، لأنهم لم يكونوا مشاهدين خلق العالم، فكيف يمكنهم أن يحكموا بحسن حالهم عند الله، والأوّل من هذه الوجوه أولى لما يلزم في الوجهين الآخرين من تفكيك الضميرين، وهذه الجملة مستأنفة لبيان عدم استحقاقهم للاتخاذ المذكور، وقرأ أبو جعفر {ما أشهدناهم} وقرأ الباقون {ما أشهدتهم} ويؤيده {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُدًا} والعضد يستعمل كثيرًا في معنى العون، وذلك أن العضد قوام اليد، ومنه قوله: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 35] أي: سنعينك ونقوّيك به، ويقال: أعضدت بفلان: إذا استعنت به، وذكر العضد على جهة المثل، وخصّ المضلين بالذكر لزيادة الذمّ والتوبيخ.
والمعنى: ما استعنت على خلق السموات والأرض بهم ولا شاورتهم وما كنت متخذ الشياطين أو الكافرين أعوانًا، ووحد العضد لموافقة الفواصل، وقرأ أبو جعفر الجحدري {وما كنت} بفتح التاء على أن الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم أي: وما كنت يا محمد متخذًا لهم عضدًا ولا صح لك ذلك، وقرأ الباقون بضم التاء.
وفي عضد لغات ثمانِ أفصحها فتح العين وضمّ الضاد، وبها قرأ الجمهور.
وقرأ الحسن: {عضد} بضم العين والضاد.
وقرأ عكرمة بضم العين وإسكان الضاد، وقرأ الضحاك بكسر العين وفتح الضاد، وقرأ عيسى بن عمر بفتحهما، ولغة تميم فتح العين وسكون الضاد.
ثم عاد سبحانه إلى ترهيبهم بأحوال القيامة فقال: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَائِىَ الذين زَعَمْتُمْ} قرأ حمزة ويحيى بن وثاب وعيسى بن عمر: {نقول} بالنون، وقرأ الباقون بالياء التحتية أي: اذكر يوم يقول الله عزّ وجلّ للكفار توبيخًا لهم وتقريعًا: نادوا شركائي الذين زعمتم أنهم ينفعونكم ويشفعون لكم، وأضافهم سبحانه إلى نفسه جريًا على ما يعتقده المشركون، تعالى الله عن ذلك {فَدَعَوْهُمْ} أي: فعلوا ما أمرهم الله به من دعاء الشركاء {فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ} إذ ذاك، أي: لم يقع منهم مجرد الاستجابة لهم، فضلًا عن أن ينفعوهم أو يدفعوا عنهم {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا} أي: جعلنا بين هؤلاء المشركين وبين من جعلوهم شركاء لله موبقًا، ذكر جماعة من المفسرين أنه اسم وادٍ عميق فرق الله به تعالى بينهم، وعلى هذا فهو اسم مكان.
قال ابن الأعرابي: كل حاجز بين شيئين فهو موبق.
وقال الفراء: الموبق: المهلك.
والمعنى: جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكًا لهم في الآخرة، يقال: وبق يوبق فهو وبق.
هكذا ذكره الفراء في المصادر.
وحكى الكسائي: وبق يبق وبوقًا فهو وابق، والمراد بالمهلك على هذا: هو عذاب النار يشتركون فيه.
والأوّل أولى، لأن من جملة من زعموا أنهم شركاء لله الملائكة وعزير والمسيح، فالموبق: هو المكان الحائل بينهم.
وقال أبو عبيدة: الموبق هنا: الموعد للهلاك، وقد ثبت في اللغة أوبقه بمعنى: أهلكه، ومنه قول زهير:
ومن يشتري حسن الثناء بماله ** يصن عرضه عن كل شنعاء موبق

ولكن المناسب لمعنى الآية: هو المعنى الأوّل.
{وَرَأَى المجرمون النار فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا}: {المجرمون} موضوع موضع الضمير للإشارة إلى زيادة الذمّ لهم بهذا الوصف المسجل عليهم به، والظن هنا بمعنى اليقين.
والمواقعة: المخالطة بالوقوع فيها، وقيل: إن الكفار يرون النار من مكان بعيد فيظنون ذلك ظنًا {وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا} أي: معدلًا يعدلون إليه، أو انصرافًا، لأن النار قد أحاطت بهم من كل جانب.
قال الواحدي: المصرف: الموضع الذي ينصرف إليه.
وقال القتيبي: أي معدلًا ينصرفون إليه، وقيل: ملجأً يلجأون إليه.
والمعنى متقارب في الجميع.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وَتَرَى الأرض بَارِزَةً} قال: ليس عليها بناء ولا شجر.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً} قال: الصغيرة التبسم، والكبيرة: الضحك.
وزاد ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عنه قال: الصغيرة: التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين، والكبيرة: القهقهة بذلك.
وأقول: صغيرة وكبيرة نكرتان في سياق النفي، فيدخل تحت ذلك كل ذنب يتصف بصغر، وكل ذنب يتصف بالكبر، فلا يبقى من الذنوب شيء إلا أحصاه الله وما كان من الذنوب ملتبسًا بين كونه صغيرًا أو كبيرًا، فذلك إنما هو بالنسبة إلى العباد لا بالنسبة إلى الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: إن من الملائكة قبيلة يقال لهم: الجنّ، فكان إبليس منهم، وكان يوسوس ما بين السماء والأرض، فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطانًا رجيمًا.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله: {كَانَ مِنَ الجن} قال: كان خازن الجنان، فسمي بالجانّ.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضًا قال: إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة، وكان خازنًا على الجنان.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: قاتل الله أقوامًا زعموا أن إبليس كان من الملائكة، طرفة عين، إنه لأصل الجنّ كما أن آدم أصل الإنس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله: {مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السموات والأرض} قال: يقول: ما أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هذا {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُدًا} قال: الشياطين عضدًا، قال: ولا اتخذتهم عضدًا على شيء عضدوني عليه فأعانوني.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا} يقول: مهلكًا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد مثله.
وأخرج أبو عبيد، وهناد، وابن المنذر عنه قال: وادٍ في جهنم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في البعث عن أنس في الآية قال: وادٍ في جهنم من قيح ودم.
وأخرج أحمد في الزهد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي عن ابن عمرو قال: هو وادٍ عميق في النار فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلالة، وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا} قال: علموا. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}.
قوله: {مَصْرِفًا}: المَصْرِفُ: المَعْدِل. قال الهذلي:
3170- أزهيرُ هل عَنْ شَيْبَةٍ مِنْ مَصْرِفِ ** أم لا خُلُوْدَ لباذِلٍ متكلِّفِ

ويجوز أَنْ يكونَ اسمَ مكانٍ أو زمانٍ. وقال أبو البقاء: {مَصْرِفًا}: أي انْصِرافًا، ويجوز أَنْ يكونَ مكانًا. قلت: وهذا سَهْوٌ فإنه جَعَلَ المَفْعِل بكسرِ العينِ مصدرًا لِما مضارعُه يَفْعِل بالكسرِ من الصحيح، وقد نصُّوا على أنَّ اسمَ مصدر هذا النوعِ مفتوحُ العين، واسمَ زمانِه ومكانِه مكسوراها نحو: المَضْرَب والمَضْرِب.
وقرأ زيدُ بن عليّ رضي الله عنه {مَصْرِفًا} بفتح الراء جعله مصدرًا؛ لأنَّه مكسور العين في المضارع فهو كالمَضْرَب بمعنى الضَّرْب، وليت أبا البقاءِ ذكر هذه القراءةَ وَوَجَّهَها بما ذكره قبلُ.
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}.
قوله: {مِن كُلِّ مَثَلٍ}: يجوز أَنْ يكونَ {مِنْ كلِّ} صفةً لموصوفٍ محذوفٍ، وهو مفعولٌ {صَرَّفنا}، أي: صَرَّفنا مَثَلًا مِنْ كلِّ مَثَل. ويجوز أَنْ تكونَ {مِنْ} مزيدةً على رَأْيِ الأخفش والكوفيين.
قوله: {جَدَلًا} منصوبٌ على التمييز. وقوله: {أكثرَ شيءٍ}، أي: أكثر الأشياء التي يتاتَّى منها الجِدال إنْ فَصَّلْتها واحدًا واحدًا، يعني أنَّ الإِنسانَ أكثرُ جدلًا مِنْ كلِّ شيءٍ يُجادل، فَوَضَعَ {شيءٍ} مَوْضِعَ الأشياء. وهل يجوزُ أَنْ يكونَ جَدَلًا منقولًا مِنْ اسم كان إذ الأصل: وكان جَدَلُ الإِنسانِ أكثرَ شيء؟ فيه نظرٌ. وكلامُ أبي البقاء مُشْعِرٌ بجوازِهِ فإنه قال: فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ شيئًا هنا في معنى مُجادِل؛ لأنَّ أَفْعل يُضافٌ إلى ما هو بعضٌ له، وتمييزُه ب {جَدَلًا} يَقْتَضي أَنْ يكونَ الأكثرَ مُجادلًا. وهذا مِنْ وَضْعِ العامِّ موضعَ الخاصِّ. والثاني: أنَّ في الكلام محذوفًا تقديره: وكان جَدَلُ الإِنسانِ أكثرَ شيءٍ، ثم مَيَّزه. فقوله: تقديرُه: وكان جَدَلُ الإِنسانِ يفيد أنَّ إسنادَ {كان} إلى الجَدَلِ جائزٌ إلى الجملة، إلا أنه لابد من تتميمٍ لذلك: وهو أَنْ تَتَجَوَّزَ فتجعَلَ للجَدَلِ جَدَلًا كقولِهِم: شِعْرٌ شاعرٌ يعني أنَّ لجدل الإِنسانِ جَدَلًا وهو أكثرُ من جَدَلَِ سائرِ الأشياءِ.
قوله: {وَمَا مَنَعَ}: وقد تقدَّم في آخرِ السورة قبلها. وقوله: {قُبُلًا} قد تقدَّم خلافُ القراء فيه وتوجيهُ ذلك. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}.
إذا صارت الأوهامُ منقطعة، والمعارفُ َ ضروريةً، والنارُ مُعَاينَةً استيقنوا أنهم واقعون في النار، فلا يُسْمَعُ لهم عُذْرٌ، ولا تنفع له حيلةٌ، ولا تُقْبَلُ فيهم شفاعة، ولا يؤخذ منهم فداء ولا عدل.. لقد استمكنت الخيبةُ، وغَلَبَ اليأسُ، وحَصَلَ القنوط، وهذا هو العذاب الأكبر.
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)}.
أوضح للكافة الحججَ، ولكن لَبَّسَ على قوم النهج فوقعوا في العِوَج.
{وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شيءٍ جَدَلًا} الجَدَلُ في الله محمود مع أعدائه، والجدل مع الله شِرْكٌ لأنه صَرْفٌ إلى مخالفةٍ تُوهِمُ أن أحدًا يعارض التقدير، وتجويزُ ذلك انسلاخ عن الدِّين. ومن أمارات السعادة للمؤمن فَتْحُ بابِ العملِ عليه، وإِغلاقُ بابِ الجدل دونه.
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)}.
لا عُذرَ لهم إذا لجأوا إلى ما تعاطوه من العصيان وترْكِ المبادرة إلى المأمور، ولا توفيقَ يساعدهم فيخرجهم عن حوار الداعي إلى عزم الفعل، فَهُمْ- وإن لم يكونوا بنعت الاستطاعة على ما ليسوا يفعلونه- ليسوا عاجزين عن ذلك؛ ولكنهم بحيث لو أن العبدَ منهم أراد ما أُمِرَ به لَتَأَبَّى منه ذلك، وتعذَّر عليه؛ ففي الحال ليس بقادرٍ على ما ليس يفعله ولا هو عاجزٌ عنه، وهذا يسميه القوم حال التخلية وهي واسطة بين القدرة والعجز. اهـ.