فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قالت الأصوليون: في قوله: {ولا أعصي لك أمرًا} دليل على أن ظاهر الأمر للوجوب، لأن تارك الأمر عاص. بهذه الآية، والعاصي يستحق العقاب لقوله: {ومن يعصى الله ورسوله فإن له نار جهنم} [الجن: 23] قال المحققون: في قوله الخضر تغليظ وتجهيل، وفي قول موسى تحمل وتواضع، فدل ذلك على أن المعلم إن رأى التغليظ على المتعلم فيما يعتقده نفعًا وإرشادًا إلى الخير، فالواجب عليه ذكره وعلى المتعلم أن يتلقاه بالبشر والطلاقة. ثم قال: {فإن اتبعتني فلا تسألني} شرط على موسى عليه السلام في اتباعه أن لا يسأل عما خفي عليه وجه صحته حتى يكون الخضر هو المبتدىء بتعليمه إياه بإخباره عن وجه الحكمة فيه {فانطلقا} على ساحل البحر يطلبان السفينة، فما ركباها يروى أن أهلها قالوا: هما من اللصوص وأمروهما بالخروج فمنعهم صاحب السفينة وقال: أرى وجوه الأنبياء. وقيل: عرفوا الخضر فحملوهم بلا أجرة، فلما حصلوا في اللجة أخذ الخضر الفأس فخرق السفينة بأن قلع لوحين من ألواحها مما يلي الماء. وقيل: خرق جدار السفينة ليعيبها ولا يتسارع الغرق إلى أهلها فجعل موسى يسد الخرق بثيابه ويقول: {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمرًا} أتيت شيئًا عظيمًا. يقال: أمر الأمر إذا عظم. ويقال في الشيء العجيب الذي يعرف له شبيه إنه أمر إمر. احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء بأن موسى عليه السلام اعترض على الخضر بعد توكيد العهود والمواثيق وذلك ذنب.
وأجيب بأنه لم يقل ذلك اعتراضًا وتوبيخًا ولكنه أحب أن يقف على حكمة ذلك الأمر الخارج عن العبادة، أو أنه خالف الشرط بناء على النسيان ولهذا {قال لا تؤاخذني بما نسيت} ولا مؤاخذة على الناسي. وما موصولة أو موصوفة أو مصدرية أي بالذي نسيت وبشيء نسيته وبنسياني. وجوز في الكشاف أن لا يكون ناسيًا في الحقيقة ولكنه أوهم بقوله: {لا تؤاخذني بما نسيت} أنه قد نسي لبسط عذره في الاعتراض على المعلم وهو من معاريض الكلام التي يتقي بها الكذب مع التوصل إلى الغرض. وجوز أيضًا أن يكون النسيان بمعنى الترك أي بما تركت من وصيتك أول مرة {ولا ترهقني} ولا تغشني {من أمري عسرًا} وأراد بأمره أمر المتابعة أي يسر عليّ متابعتك بالإغضاء وترك المناقشة.
وإنما قال في هذه القصة {خرقها} بغير فاء لأنه جعله جزاء للشرط، وفي قصة الغلام جعل {فقتله} من جملة الشرط معطوفًا عليه بفاء التعقيب، لأن القتل يعقب لقاء الغلام ولفظ الغلام يتناول الشاب البالغ كما يتناول الصغير ومنه قولهم رأي الشيخ خير من مشهد الغلام. وأصله من الاغتلام وهو شدة الشبق. وليس في القرآن أنهما كيف لقياه، وهل كان يلعب مع جمع من الغلمان، أو كان منفردًا، وهل كان مسلمًا أو كان كافرًا، وهل كان بالغًا أو كان صغيرًا واسم الغلام بالصغير أليق، إلا أن {بغير نفس} بالبالغ لأن الصبي لا يقتل قصاصًا.
وعن ابن عباس أن نجدة الحروري الخارجي كتب إليه كيف جاز قتله وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان؟ فكتب إليه إن علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل. قال الكسائي: الزاكية والزكية لغتان ومعناهما الطاهرة. وقال أبو عمرو: الزاكية التي لم تذنب، والزكية التي أذنبت ثم تابت. ويجوز أن يكون وصفها بالزكاء لأنه لم يرها أذنبت فهي طاهرة عنده. قيل: النكر أقل من الأمر لأن قتل نفس واحدة أهو من إغراق أهل السفينة. وقيل: النكر أشد لأن ذلك كان خرقًا تداركه بالسد وهذا لا سبيل إلى تداركه. وأيضًا الأمر العجيب والعجب يستعمل في الخير والشر. والنكر ما تنكره العقول فهو شر، وظاهر الآية يدل على أن موسى استبعد أن تقتل النفس إلا بالنفس وليس كذلك لأنه قد يحل القتل بسائر الأسباب، ولعله اعتبر السبب الأغلب والأقوى واختلفوا في كيفية قتله فقيل: فتل عنقه. وقيل: ضرب برأسه الحائط.
وعن سعيد بن جبير: أضجعه ثم ذبحه بالسكين. ثم إنه سبحانه حكى عن الخضر أنه ما زاد على أن أذكره ما عاهد عليه فقال: {ألم أقل لك} وإنما زاد هاهنا لك لأن الإنكار أكثر وموجب العتاب أقوى.
وقيل: أكد التقرير الثاني بقوله: {لك} كما تقول لمن توبخه لك أقول وإياك أعني. وقيل: بين في الثاني المقول له لما لم يبين في الأول فعند هذا {قال} موسى {إن سألتك عن شيء بعدها} بعد هذه الكرة أو المسألة {لا تصاحبني} نهاه عن المصاحبة حينئذ مع حرصه على التعلم لظهور عذره كما قال: {قد بلغت من لدني عذرًا} وهذا كلام نادم شديد الندامة جره المقال، واضطره الحال إلى الاعتراف وسلوك سبيل الإنصاف. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أخي كموسى استحيا فقال ذلك» {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية} هي أنطاكية: وقيل: الأيلة وهي أبعد أرض الله من السماء.
{استطعما أهلها} وكان حق الإيجاز أن يقال: استطعماهم. فوضع الظاهر موضع المضمر للتأكيد كقوله:
ليت الغراب غداة ينعب بيننا ** كان الغراب مقطع الأوداج

وأيضًا لعله كره اجتماع الضميرين المتصلين في مثل هذا اللفظ لما فيه من الكلفة والبشاعة والاستطالة {فأبوا أن يضيفوهما} يقال: أضافه وضيفه إذا أنزله وجعله ضيفه، والتركيب يدور على الميل من ضاف السهم عن الغرض والضيف يميل إلى المضيف. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كانوا أهل قرية لئامًا» قيل: الاستطعام ليس من عادة الكرام فكيف أقدما عليه. وأيضًا الضيافة من المندوبات وترك المندوب غير منكر، فكيف جاز لموسى أن يغضب عليهم حتى ترك عهد صاحبه. وقال: {لو شئت لاتخذت عليه أجرًا} وأجيب بأن الرجل إذا جاع بحيث ضعف عن الطاعة أو أشرف على الهلاك لزمه الاستطعام ووجبت إجابته. ولقائل أن يقول: لو كان قد بلغ الجوع إلى حدّ الهلاك لم يقو على إصلاح الجدار. ولمجيب أن يقول: إنه أقام الجدار معجزة فقد يروى أنه مسحه بيده فقام واستوى. وقيل: أقامه بعمود عمده به. وقيل: نقضه وبناه. وروي أنه كان ارتفاع الجدار مائة ذراع. قال أهل الاعتبار: شر القرى التي لا يضاف الضيف فيها ولا يعرف لابن السبيل حق. ويحكى أن أهل تلك القرية لما سمعوا نزول هذه الآية استحيوا وجاؤا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمل الذهب فقالوا: يا رسول الله نشتري بهذا الذهب أن تجعل الباء تاء أي: فأتوا أن يضيفوهما. فامتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. قوله: {يريد أن ينقض} معناه يسرع سقوطه من انقض الطائر إذا هوى في طيرانه. يقال: قضضته فانقض، ويحتمل أن يكون افعل من النقض كاحمرّ من الحمرة، فالنون تكون أصلية وإحدى الضادين مكررة زائدة عكس الأول. واستعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة تشبيهًا للجماد بالأحياء نظيره {ولما سكت عن موسى الغضب} [الأعراف: 154] {قالتا أتينا طائعين} [فصلت: 11]. ولما أقام الخضر الجدار ورأى موسى من الحرمان ومسيس الحاجة {قال} لصاحبه {لو شئت لاتخذت عليه أجرًا} لطلبت على عملك جعلًا حتى نستدفع به الضرورة. واتخذ افتعل من تخذ كاتبع من تبع وليس من الأخذ على الأصح {قال} الخضر مشيرًا إلى الفراق المتصور في قوله: {فلا تصاحبني} أو مشيرًا إلى السؤال والاعتراض {هذا فراق بيني} الإضافة بمعنى في أي فراق أو سبب فراق في بيني {وبينك} وحكى القفال أن البين هاهنا بمعنى الوصل.
ثم شرع في تقرير الحكم التي تضمنتها أفعاله وتلك الحكم تشترك في أصل واحد هو أنه أذا تعارض الضرر إن وجب تحمل الأدنى لدفع الأعلى فقال: {أما السفينة فكانت لمساكين} قيل: كانت لعشرة إخوة خمسة منهم زمنى وخمسة {يعملون في البحر} وقد تقدم استدلال الشافعي بهذه الآية على أن الفقير أسوأ حالًا من المسكين {وكان وراءهم ملك} وهو مسمى بجلندي والوراء هاهنا بمعنى الأمام وقد مر في قوله: {ومن ورائه عذاب غليظ} [إبراهيم: 17] وقيل: أراد خلفهم وكان طريقهم في الرجوع وما كان عندهم خبرة {يأخذ كل سفينة} أي غير معيبة {غصبًا} ولا يخفى أن الضرر الحاصل من التخريق أهون من فوات السفينة بالكلية والتخريق، وإن كان تصرفًا في ملك الغير إلا أنه إذا تضمن نفعًا زائدًا لم يكن به بأس. ولعل مثل هذا التصرف كان جائزًا في تلك الشريعة، أو لعله كان من مخصوصات النبي صلى الله عليه وسلم. قال جار الله. قوله: {فأردت أن أعيبها} مسبب عن خوف الغصب عليها وكان حقه أن يتأخر عن السبب ولكنه قدم للعناية أي تتعجب من هذا وهو مرادي وأنا مأمور به. وأيضًا خوف الغصب ليس هو السبب وحده، ولكن مع كون السفينة للمساكين فتوسط إرادة العيب بين المسكنة والغصب كتوسط الظن بين المبتدأ والخبر في قولك زيد ظني مقيم في أنه يتعلق بالطرفين {وأما الغلام} فقد قيل: إنه كان بالغًا قاطع الطريق يقدم على الأفعال المنكرة وكان أبواه مضطرين إلى التعصب له والذب عنه فكانا يقعان في الفسق لذلك واحتمل أن يؤدي ذلك إلى الكفر والارتداد كما قال: {فخشينا أن يرهقهما طغيانًا وكفرًا}. يقال: رهقة أي غشيه وأرهقه إياه. وقيل: إنه كان صبيًا إلا أنه تعالى علم من حاله أنه لو صار بالغًا صدرت عنه هذه المفاسد، فأعلم الخضر بحاله وأمره بقتله لئلا يرتد الأبوان بسببه ومثل هذا لا يجوز إلا إذا تأكد الظن بالوحي. وقيل: أراد فخفنا أن يغشى الوالدين طغيانًا عليهما وكفرًا بنعمتهما بعقوقه، أو خفنا أن يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر. وجوزوا أن يكون قوله: {فخشينا} من كلام الله تعالى أي كرهنا كراهة من خاف سوء عاقبة أمر فغيره.
والزكاة الطهارة والنقاء من الذنوب وكأنه بإزاء قول موسى نفسًا زاكية. والرحم الرحمة والعطف بمعنى الإشفاق على الأبوين. يروى أنهما ولدت لهما جارية فتزوجها نبي فولدت نبيًا هدى الله على يديه أمة من الأمم. ويروى أنها ولدت سبعين نبيًا. وقيل: أبدلهما ابنًا مؤمنًا. وقيل: اسم الغلام المقتول الحيسون وفي نسخة الحسين.
{وأما الجدار فكان لغلامين}. قيل: اسمهما أصرم وصريم. وقوله: {في المدينة} بعد قوله: {أتيا أهل قرية} فيه دلالة على أن القرية لا تنافي المدينة ومعنى الاجتماع والإقامة مراعى فيهما. أما الكنز فقيل: هو المال لقوله: {ويستخرجا} ولأن المفهوم منه عند إطلاقه هو المال. وقيل: صحف فيها علم لقوله: {وكان أبوهما صالحًا} ودفن المال لا يليق بأهل الصلاح. وعورض بقول قتادة: أحل الكنز لمن قبلنا وحرم علينا. وحرمت الغنيمة عليهم وأحلت لنا. وجمع بعضهم بين الأمرين فقال: كان لوحًا من ذهب مكتوبًا فيه: عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله. وفي قوله: {وكان أبوهما صالحًا} دلالة على أن صلاح الآباء يفيد العناية بأحوال الأبناء. عن جعفر بن محمد رضي الله عنه: كان بين الغلامين وبين الأب الذي حفظا فيه سبعة آباء، وذكر من صلاح أبيهما أن الناس كانوا يضعون الودائع عنده فيردها إليهم سالمة. قالت العلماء: الأشبه أن اليتيمين كانا جاهلين بحال الكنز ووصيهما كان عالمًا به إلا أنه غائب وق أشرف الجدار على السقوط و{رحمة من ربك} مصدر منصوب بأراد لأنه في معنى رحمهما أو مفعول له {وما فعلته عن أمري} أي اجتهادي ورأيي وإنما فعلته بأمر الله. سؤال: لم قال في الأول: {فأردت أن أعيبها} وفي الثاني: {فأردنا} وفي الثالث {فأراد ربك}؟ الجواب: لأن الأول إفساد في الظاهر فأسنده إلى نفسه، وفي الثالث إنعام محض فأسنده إلى الله سبحانه، وفي الثاني إفساد من حيث القتل وإنعام من حيث التدبيل فجمع بين الأمرين. ويمكن أن يقال: إن القتل كان منه ولكن إزهاق الروح كان من الله، ويحتمل أن يقال: الوحدة في الأول على الأصل، والجمع في الثاني تنبيه على أنه من العلماء بالمؤيدين بالعلوم الدينية، والإسناد إلى الله بالآخرة إشارة إلى أنه لا إرادة إلا إرادة الله وما تشاؤون إلا أن يشاء الله {ذلك} الذي ذكر من أسرار تلك الوقائع أي يرجع المقصود من تلك الأفاعيل إلى ما قررنا، وأصل تسطع تستطيع كما في قوله: {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع} إلا أن التاء حذفت لأجل التخفيف. وهذا شاذ من جهة القياس ولكنه ليس بشاذ في الاستعمال.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أخي موسى لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب». اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)}.
قوله: {فانطلقا} أي: موسى والخضر على ساحل البحر يطلبان السفينة، فمرّت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فحملوهم {حَتَّى إِذَا رَكِبَا في السفينة خَرَقَهَا} قيل: قلع لوحًا من ألواحها، وقيل: لوحين مما يلي الماء، وقيل: خرق جدار السفينة ليعيبها ولا يتسارع الغرق إلى أهلها {قَالَ} موسى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} أي: لقد أتيت أمرًا عظيمًا، يقال: أمر الأمر إذا كبر، والأمر الاسم منه.
وقال أبو عبيدة: الأمر: الداهية العظيمة وأنشد:
قد لقي الأقران مني نكرا ** داهية دهيًا وأمرًا إمرا

وقال القتيبي: الأمر العجب.
وقال الأخفش: أمر أمره يأمر إذا اشتد، والاسم الأمر.
قرأ حمزة والكسائي: {ليغرق أهلها} بالياء التحتية المفتوحة، ورفع {أهلها} على أنه فاعل، وقرأ الباقون بالفوقية المضمومة ونصب {أهلها} على المفعولية {قَالَ} أي: الخضر {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا} أذكره ما تقدم من قوله له سابقًا {إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا} [الكهف: 67] فـ: {قَالَ} له موسى {لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ} يحتمل أن تكون ما مصدرية، أي: لا تؤاخذني بنسياني أو موصولة، أي: لا تؤاخذني بالذي نسيته، وهو قول الخضر {فَلاَ تَسْأَلْنى عَن شيء حتى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} فالنسيان إما على حقيقته على تقدير أن موسى نسي ذلك، أو بمعنى: الترك على تقدير أنه لم ينس ما قاله له، ولكنه ترك العمل به {وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْرًا} قال أبو زيد: أرهقته عسرًا إذا كلفته ذلك، والمعنى: عاملني باليسر لا بالعسر.
وقرئ: {عسرًا} بضمتين.
{فانطلقا حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ} أي: الخضر، ولفظ الغلام يتناول الشاب البالغ كما يتناول الصغير، قيل: كان الغلام يلعب مع الصبيان فاقتلع الخضر رأسه {قَالَ} موسى {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زكية بِغَيْرِ نَفْسٍ} قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، وأويس بألف بعد الزاي وتخفيف الياء اسم فاعل.