فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومعنى الآية: لو كان ماء البحر مدادًا يُكتَب به.
قال مجاهد: والمعنى: لو كان البحر مدادًا للقلم، والقلم يكتب.
وقال ابن الأنباري: سمي المداد مدادًا لإِمداده الكاتب، وأصله من الزيادة ومجيء الشيء بعد الشيء.
وقرأ الحسن، والأعمش: {مددًا لكلمات ربِّي} بغير ألف.
قوله تعالى: {قبل أن تنفدَ كلمات ربي} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: {تنفد} بالتاء.
وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: {ينفد} بالياء.
قال أبو علي: التأنيث أحسن، لأن المُسنَد إِليه الفعلُ مؤنث، والتذكير حسن، لأن التأنيث ليس بحقيقي، وإِنما لم تنفد كلمات الله، لأن كلامه صفة من صفات ذاته، ولا يتطرق على صفاته النفاد، {ولو جئنا بمثله} أي: بمثل البحر {مددًا} أي: زيادة؛ والمدد: كل شيء زاد في شيء.
فإن قيل: لم قال في أول الآية: {مدادًا} وفي آخرها: {مددًا} وكلاهما بمعنى واحد، واشتقاقهما غير مختلف؟
فقد أجاب عنه ابن الأنباري فقال: لما كان الثاني آخر آية، وأواخر الآيات هاهنا أتت على الفُعُل، والفِعَل، كقوله: {نُزُلًا} {هُزُوًا} {حِوَلًا} كان قوله: {مَدَدًا} أشبه بهؤلاء الألفاظ من المداد، واتفاقُ المقاطع عند أواخر الآي، وانقضاء الأبيات، وتمام السجع والنثر، أخف على الألسن، وأحلى موقعًا في الأسماع، فاختلفت اللفظتان لهذه العلة.
وقد قرأ ابن عباس، وسعيد ابن جبير، ومجاهد، وأبو رجاء، وقتادة، وابن محيصن: {ولو جئنا بمثله مدادًا} فحملوها على الأولى، ولم ينظروا إِلى المقاطع. وقراءة الأوَّلِين أَبْيَن حُجَّة، وأوضح منهاجًا.
قوله تعالى: {قل إِنما أنا بَشَر مِثْلُكم}.
قال ابن عباس: علَّم الله تعالى رسوله التواضع لئلا يزهى على خلقه، فأمره أن يُقِرَّ على نفسه بأنه آدمي كغيره، إِلا أنه أُكرم بالوحي.
قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربِّه} سبب نزولها: أن جندب بن زهير الغامدي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إِني أعمل العمل لله تعالى فإذا اطُّلع عليه سرَّني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِن الله طَيِّب لا يقبل إِلا الطيِّب، ولا يقبل ماروئي فيه» فنزلت فيه هذه الآية، قاله ابن عباس.
وقال طاووس: جاء رجل إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِني أُحب الجهاد في سبيل الله وأُحب أن يُرى مكاني، فنزلت هذه الآية.
وقال مجاهد: جاء رجل إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إِني أتصدق، وأصل الرحم، ولا أصنع ذلك إِلا لله تعالى، فيُذكَر ذلك مِنِّي وأُحمَد عليه فيسرُّني ذلك وأُعجَب به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية.
وفي قوله: {فمن كان يرجو} قولان.
أحدهما: يخاف، قاله ابن قتيبة.
والثاني: يأمل، وهو اختيار الزجاج.
وقال ابن الأنباري: المعنى: فمن كان يرجو لقاء ثواب ربِّه.
قال المفسرون: وذلك يوم البعث والجزاء.
{فَلْيعمل عملًا صالحًا} لا يرائي به {ولا يشركْ بعبادة ربه أحدًا} قال سعيد بن جبير: لا يرائي.
قال معاوية بن أبي سفيان: هذه آخر آية نزلت من القرآن. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الفردوس نُزُلًا}.
قال قتادة: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأعلاها وأفضلها وأرفعها.
وقال أبو أمامة الباهلي: الفردوس سرة الجنة.
وقال كعب: ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس؛ فيها الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر الناس؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة أراه قال وفوقه عرش الرحمن ومنه تَفجّر أنهار الجنة» وقال مجاهد: والفردوس البستان بالرومية.
الفراء: هو عربي، والفردوس حديقة في الجنة، وفردوس اسم روضة دون اليمامة، والجمع فراديس، قال أمية بن أبي الصلت الثقفي:
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرةً ** فيها الفَرَاديسُ والفومانُ والبصلُ

والفراديس موضع بالشام.
وكَرْمٌ مُفَرْدَس أي مُعرَّش.
{خَالِدِينَ فِيهَا} أي دائمين.
{لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} أي لا يطلبون تحويلًا عنها إلى غيرها.
والحول بمعنى التحويل؛ قاله أبو عليّ.
وقال الزجاج: حال من مكانه حِولًا كما يقال: عَظُم عِظَمًا.
قال: ويجوز أن يكون من الحيلة، أي لا يحتالون منزلًا غيرها.
وقال الجوهري: التحول التنقل من موضع إلى موضع، والاسم الحِول، ومنه قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}.
قوله تعالى: {قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} نفد الشيء إذا تم وفرغ؛ وقد تقدّم.
{وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} أي زيادة على البحر عددًا أو وزنًا.
وفي مصحف أبيّ {مِدَادًا} وكذلك قرأها مجاهد وابن محيصن وحميد.
وانتصب {مددا} على التمييز أو الحال.
وقال ابن عباس: قالت اليهود لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم {وَمَا أُوتيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلاَّ قَلِيلًا} قالوا: وكيف وقد أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا؟ فنزلت {قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البحر} الآية.
وقيل: قالت اليهود إنك أوتيت الحكمة، ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، ثم زعمت أنك لا علم لك بالروح؟! فقال الله تعالى قل: وإن أوتيت القرآن وأوتيتم التوراة فهي بالنسبة إلى كلمات الله تعالى قليلة.
قال ابن عباس: {لِكَلِمَاتِ رَبِّي} أي مواعظ ربي. وقيل: عنى بالكلمات الكلام القديم الذي لا غاية له ولا منتهى، وهو وإن كان واحدًا فيجوز أن يعبر عنه بلفظ الجمع لما فيه من فرائد الكلمات، ولأنه ينوب منابها، فجازت العبارة عنها بصيغة الجمع تفخيمًا؛ وقال الأعشى:
ووجهٌ نقيُّ اللون صافٍ يَزينُهُ ** مع الجِيد لَبَّاتٌ لها ومَعَاصِمُ

فعبر باللّبات عن اللبة.
وفي التنزيل: {نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ} [فصلت: 31] و{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} [الحجر: 9] {وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} [الحجر: 23] وكذلك {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النمل: 120] لأنه ناب مناب أمة.
وقيل: أي ما نفدت العبارات والدلالات التي تدل على مفهومات معاني كلامه سبحانه وتعالى.
وقال السديّ: أي إن كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد صفات الجنة التي هي دار الثواب. وقال عكرمة: لنفد البحر قبل أن ينفد ثواب من قال لا إله إلا الله.
ونظير هذه الآية {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} [لقمان: 27].
وقرأ حمزة والكسائيّ {قَبْلَ أَنْ يَنْفَدَ} بالياء لتقدّم الفعل. قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَيَّ} أي لا أعلم إلا ما يعلّمني الله تعالى، وعلم الله تعالى لا يحصى، وإنما أمرت بأن أبلغكم بأنه لا إله إلا الله.
{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} أي يرجو رؤيته وثوابه ويخشى عقابه {فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا} قال ابن عباس: نزلت في جُنْدُب بن زهير العامريّ، قال: يا رسول الله إني أعمل العمل لله تعالى، وأريد وجه الله تعالى، إلا أنه إذا اطُّلِع عليه سَرَّنِي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيّبٌ ولا يقبل إلا الطيب ولا يقبل ما شُوركَ فيه» فنزلت الآية.
وقال طاوس قال رجل: يا رسول الله! إني أحب الجهاد في سبيل الله تعالى وأحب أن يُرى مكاني فنزلت هذه الآية. وقال مجاهد: جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللها إني أتصدق وأصِل الرَّحِم ولا أصنع ذلك إلا لله تعالى فيذكر ذلك منّي وأُحَمد عليه فيسرّني ذلك وأُعجَب به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا، فأنزل الله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}.
قلت: والكل مراد، والآية تعم ذلك كله وغيره من الأعمال. وقد تقدّم في سورة هود حديث أبي هريرة الصحيح في الثلاثة الذين يقضى عليهم أوّل الناس. وقد تقدّم في سورة النساء الكلام على الرياء، وذكرنا من الأخبار هناك ما فيه كفاية.
وقال الماوردي وقال جميع أهل التأويل: معنى قوله تعالى: {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا} إنه لا يرائي بعمله أحدًا.
وروى الترمذي الحكيم رحمه الله تعالى في نوادر الأصول قال: حدّثنا أبي رحمه الله تعالى قال: حدّثنا مكي بن إبراهيم قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيد عن عبادة بن نُسَيّ قال: أتيت شداد بن أوس في مصلاه وهو يبكي، فقلت: ما الذي أبكاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا إذ رأيت بوجهه أمرًا ساءني فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما الذي أرى بوجهك؟ قال: «أمرًا أتخوفه على أمتي من بعدي» قلت: ما هو يا رسول الله؟ قال: «الشرك والشهوة الخفية» قلت: يا رسول الله! وتشرك أمتك من بعدك؟ قال: «يا شداد أما إنهم لا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا حَجَرًا ولا وَثَنًا ولكنهم يراءون بأعمالهم» قلت: يا رسول الله والرياء شرك هو؟ قال: «نعم». قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: «يصبح أحدهم صائمًا فتعرض له شهوات الدنيا فيفطر». قال عبد الواحد: فلقيت الحسن، فقلت: يا أبا سعيد! أخبرني عن الرياء أشرك هو؟ قال: نعم؛ أما تقرأ: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}.
وروى إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن أبي بكر قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث عن شهر بن حوشب قال: كان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس جالسين، فقالا: إنا نتخوف على هذه الأمة من الشرك والشهوة الخفية، فأما الشهوة الخفية فمن قبل النساء.
وقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ومن صام صيامًا يرائي به فقد أشرك» ثم تلا {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}.
قلت: وقد جاء تفسير الشهوة الخفية بخلاف هذا، وقد ذكرناه في النساء. وقال سهل بن عبد الله: وسئل الحسن عن الإخلاص والرياء فقال: من الإخلاص أن تحبّ أن تُكتَم حسناتك ولا تحب أن تُكتَم سيئاتك، فإن أظهر الله عليك حسناتك تقول هذا من فضلك وإحسانك، وليس هذا من فعلي ولا من صنيعي، وتذكر قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}.
{والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ} [المؤمنون: 60] الآية؛ يؤتون الإخلاص، وهم يخافون ألا يقبل منهم؛ وأما الرياء فطلب حظ النفس من عملها في الدنيا؛ قيل له: كيف يكون هذا؟ قال: من طلب بعمل بينه وبين الله تعالى سوى وجه الله تعالى والدار الآخرة فهو رياء.
وقال علماؤنا رضي الله تعالى عنهم: وقد يفضي الرياء بصاحبه إلى استهزاء الناس به؛ كما يحكى أن طاهر بن الحسين قال لأبي عبد الله المروزي: منذ كم صرت إلى العراق يا أبا عبد الله؟ قال: دخلت العراق منذ عشرين سنة وأنا منذ ثلاثين سنة صائم؛ فقال: يا أبا عبد الله سألناك عن مسألة فأجبتنا عن مسألتين.
وحكى الأصمعي أن أعرابيًا صلى فأطال وإلى جانبه قوم، فقالوا: ما أحسن صلاتك؟ فقال: وأنا مع ذلك صائم.
أين هذا من قول الأشعث بن قيس وقد صلى فخفف، فقيل له إنك خففت؛ فقال: إنه لم يخالطها رياء؛ فخلص من تنقصهم بنفي الرياء عن نفسه، والتصنع من صلاته؛ وقد تقدّم في النساء دواء الرياء من قول لقمان؛ وأنه كتمان العمل.
وروى الترمذي الحكيم حدّثنا أبي رحمه الله تعالى قال: أنبأنا الحِمَّاني قال: أنبأنا جرير عن ليث عن شيخ عن مَعْقِل بن يَسَار قال: قال أبو بكر وشهد به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك، قال: «هو فيكم أخفى من دبيب النمل وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره تقول اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم تقولها ثلاث مرات». وقال عمر بن قيس الكندي سمعت معاوية تلا هذه الآية على المنبر {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} فقال: إنها لآخر آية نزلت من السماء.
وقال عمر قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوحي إلي أنه من قرأ: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا} رفع له نور ما بين عدن إلى مكة حشوه الملائكة يصلون عليه ويستغفرون له» وقال معاذ بن جبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ أول سورة الكهف وآخرها كانت له نورًا من قرنه إلى قدمه ومن قرأها كلها كانت له نورًا من الأرض إلى السماء» وعن ابن عباس أنه قال له رجل: إني أضمر أن أقوم ساعة من الليل فيغلبني النوم، فقال: إذا أردت أن تقوم أي ساعة شئت من الليل فاقرأ إذا أخذت مضجعك {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} إلى آخر السورة فإن الله تعالى يوقظك متى شئت من الليل؛ ذكر هذه الفضائل الثعلبي رضي الله تعالى عنه.
وفي مسند الدارمي أبي محمد أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن عبدة عن زرّ بن حبيش قال: من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقوم من الليل قامها؛ قال عبدة فجربناه فوجدناه كذلك.
قال ابن العربي: كان شيخنا الطُّرْطُوشيّ الأكبر يقول: لا تذهب بكم الأزمان في مصاولة الأقران، ومواصلة الإخوان؛ وقد ختم سبحانه وتعالى البيان بقوله: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}. اهـ.