فصل: قال ابن زنجلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن زنجلة:

سورة مريم عليها السلام:
قرأ أبو عمرو {كهيعص} 1 بكسر الهاء وفتح الياء قال اليزيدي قلت لأبي عمرو لم كسرت الهاء قال لئلا تلتبس بالهاء التي للتنبيه إذا قلت ها زيد.
وقرأ حمزة وابن عامر بفتح الهاء وكسر الياء وحجتهما في ذلك أن الكسرة هي أخت الياء وليست الكسرة أخت الهاء فلهذا كسرا الياء وفتحا الهاء.
وقرأ أبو بكر والكسائي بكسر الهاء والياء وإنما كسرا الهاء لئلا تلتبس بالهاء التي للتنبيه والياء لئلا تلتبس بياء النداء إذا قلت يا رجل.
قرأ نافع وابن كثير وحفص بفتح الهاء والياء وهو الأصل العرب تقول ها يا ومن العرب من يقول ها يا.
قال سيبويه إنما جازت فيه الإمالة نحو يا تا ها لأنها أسماء ما تكتبه وإنما أمالتها العرب لتفصل بينها وبين الحروف لأن الإمالة إنما تلحق الأسماء والأفعال ويدلك على أنها أسماء أنها إذا أخبرت عنها أعربتها فتقول هذه هاء وياء قال ولا أميل لا ولا ما لأنهما حرفان وقال ما التي تكون اسما بمنزلة الذي لا أميلها لأنها لا تتم إلا بصلة.
{وإني خفت الموالي من وراءي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} 5 و6.
قرأ ابن كثير {من ورائي} بفتح الياء وقرأ الباقون بسكون الياء تخفيفا لطول الحرف مع الهمزة، قرأ أبو عمرو والكسائي {يرثني ويرث} جزما جوابا للأمر وإنما صار جواب الأمر مجزوما لأن الأمر مع جوابه بمنزلة الشرط والجزاء المعنى هب لي وليا فإنك إن وهبته لي ورثني وقرأ الباقون {يرثني ويرث} بالرفع جعلوه صفة للولي أي أي وليا وارثا وإنما اختاروا الرفع لأن {وليا} نكرة فجعلوا يرثني صفة كما تقول أعرني دابة أركبها وكما قال خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ولو كان الاسم معرفة لكان الاختيار الجزم كما قال: {فذروها تأكل} فالهاء معرفة فلا يجوز أن تجعل النكرة صفة للمعرفة.
واعلم أن الفعل المضارع إذا حل محل اسم الفاعل لم يكن إلا رفعا كقوله تعالى: {ولا تمنن تستكثر} أي مستكثرا وحجتهم في ذلك أن زكريا إنما سأل وليا وارثا علمه ونبوته وليس المعنى على الجزاء أي إن وهبته ورث ذلك لأنه ليس كل ولي يرث فإذا لم يكن كذلك لم يسهل الجزاء من حيث لم يصح أن تقول إن وهبته ورث لأنه قد يهب وليا لا يرث وأخرى وهي أن الآية قد تمت عند قوله وليا ثم تبتدئ يرثني أي هو يرثني ويرث من آل يعقوب.
{وقد بلغت من الكبر عتيا} 8.
قرأ حمزة والكسائي وحفص {عتيا} و{صليا} و{جثيا} و{بكيا} بكسر العين والصاد والجيم والباء حفص خرج في قوله: {بكيا} فرفع وإنما كسروا أوائل هذه الحروف لمجاورة الكسرة.
وقرأ الباقون بضم هذه الحروف على الأصل وكان أصل الكلمة عتووا مصدر عتا مثل قعد قعودا ثم جعلوا الواو التي هي لام الفعل ياء ثم أدغموا فيها واو فعول بعد أن قلبوها فصارت عتيا بضم العين والياء فاجتمع ضمتان وبعدهما ياء مشددة وكسرت التاء لمجيء الياء بعدها فصارت عتيا ومن كسر العين فإنه استثقل ضمة العين لمجيء كسرة التاء وبعدها ياء مشددة وكذلك الكلام في قوله أيهم أشد على الرحمن عتيا وصليا كان الأصل صلويا وكذلك بكويا وهو جمع باك مثل شاهد وشهود وجثيا جمع جاث وكان الأصل جثووا.
{قالوا كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا} 9.
قرأ حمزة والكسائي {وقد خلقناك} بالنون كذا يكون كلام الملوك والعظماء وحجتهما أن ما أتى في القرآن من هذا اللفظ بلفظ الجمع أكثر مما أتى بلفظ التوحيد وذلك قوله: {وما خلقنا السموات والأرض} {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} {وخلقناكم أزواجا} {أمن خلقنا} {إنا خلقناهم} في نظائر ذلك.
وقرأ الباقون {وقد خلقتك} بالتاء وحجتهم أنه قرب من قوله: {قال ربك هو علي هين} ولم يقل علينا يجب أن يكون الكلام بعده جاريا على لفظه إذ هو في سياقه ولم يعترض بينهما بكلام يوجب صرفه عن لفظ ما تقدمه إلى لفظ الجمع.
{قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} 19.
قرأ أبو عمرو وورش والحلواني عن نافع قال: {إنما أنا رسول ربك ليهب لك} بالياء أي ليهب الله لك ولم يكن جبريل الذي يهب بل الله يهب المعنى أرسلني ليهب الله لك.
وقرأ الباقون {لأهب لك} جبرئيل يخبر عن نفسه فإن قال قائل الهبة من الله تعالى فلم أخبر جبرئيل عن نفسه قيل ففي ذلك قولان أحدهما قال إنما أنا رسول ربك يقول الله تعالى لأهب لك.
قال الزجاج من قرأ: {لأهب لك} فهو على الحكاية وحمل الحكاية على المعنى على تأويل قال أرسلت إليك لأهب لك فحذف من الكلام أرسلت لدلالة ما ظهر على ما حذف والقول الثاني جبريل عليه السلام قال لمريم إنما أنا رسول ربك أرسلني لأهب لك إذ كان النافخ في جيبها بأمر الله فتكون الهبة في المعنى من الله وهي في اللفظ مسندة إلى جبرئيل لأن الرسول والوكيل قد يسندان هذا النحو إلى أنفسهم وإن كان الفعل للموكل والمرسل للعلم بأنه في المعنى للمرسل وأن الرسول مترجم عنه.
{قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا23}.
قرأ حمزة وحفص {نسيا} بفتح النون مصدر نسيت أنسى نسيا ونسيانا مثل غشيته غشيا وغشيانا وقرأ الباقون {نسيا} بالكسر وهو الاسم وقال الفراء هما لغتان مثل الجسر والجسر والوتر الوتر قال الأخفش النسي هو الشيء الحقير ينسى نحو النعل قال الزجاج نسيا حيضة ملقاة وقيل نسيا في معنى منسية لا أعرف.
{فناداها من تحتها ألا تحزني} 24.
قرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو بكر {فناداها من تحتها} بفتح الميم والتاء جعلوا من اسما وجعلوا النداء له المعنى فناداها الذي تحتها وهو عيسى وتحتها صلة من وحجتهم ما روي عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها هو الذي حملته في جوفها وقرأ الباقون {من تحتها} بكسر الميم والتاء أي فناداها جبريل من بين يديها وحجتهم ما روي عن ابن عباس من تحتها قال جبريل ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها وقال آخرون منهم الحسن البصري من تحتها عيسى فكأنه جعل الفاعل مستترا في: {ناداها} المعنى فناداها عيسى من تحتها وهو أجود الوجهين وذلك أنه جرى ذكره في قوله: {فحملته} 22 فلما أتى الفعل بعد ذكره دل على أنه فعل المذكور وأنه مستتر في فعله فالكسر أعم وذلك أن من كسر يحتمل المعنى أن يكون الملك ويحتمل أن يكون عيسى عليه السلام.
{وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} 25.
قرأ حفص {تساقط} بضم التاء وكسر القاف جعله فاعل ساقط يساقط مساقطة وعنى به النخلة وقال تساقط لأن ذلك لا يكون دفعة واحدة ومثله في الكلام أنا أساقط إليك المال أولا فأولا.
قرأ حمزة {تساقط} بفتح التاء والتخفيف أراد تتساقط ثم حذف التاء لاجتماع التاءين وحجته قوله: {فأنت له تصدى} {فأنت عنه تلهى} والأصل تتهلى وتتصدى.
وقرأ الباقون {تساقط} بالتشديد أدغموا التاء في السين، قرأ حماد {يساقط} بالياء ذهب إلى الجذع وآخرون ذهبوا إلى النخلة.
{ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون 34}.
قرأ عاصم وابن عامر {قول الحق} بنصب اللام على المصدر المعنى أقول قول الحق الذي فيه يمترون فالله جل وعز أخبر عن نفسه بأني أقول قول الحق بأن عيسى هو ابن مريم.
وقرأ الباقون {قول الحق} بالرفع ورفعه من وجهين أحدها أن يجعل {قول} نعتا لعيسى قال اليزيدي {قول الحق} رفع على النعت وقال الزجاج ويجوز أن تضمر هو وتجعله كناية عن عيسى لأنه قد قيل فيه روح الله وكلمته والكلمة قول وقال آخرون بل المعنى هذا الكلام الذي جرى هو قول الحق.
{إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه} 35 و36.
قرأ ابن عامر {كن فيكون} بالنصب وقد ذكرت في سورة البقرة.
قرا نافع وابن كثير وأبو عمرو {وأن الله ربي وربكم} بنصب الألف وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال من فتحه حمله على قوله: {وأوصاني بالصلاة والزكاة} 31 {وأن الله ربي وربكم} وكان أبو عمرو يتأولها على {إذا قضى أمرا} وقضى {أن الله ربي وربكم} ف {أن} في موضع نصب.
قرأ أهل الشام والكوفة {وإن الله} بالكسر على الاستئناف قال الكسائي إن ذلك على قول عيسى حين قال: {إني عبد الله} و{إن الله ربي وربكم}.
{إذ قال لأبيه يأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} 47.
قرأ ابن عامر {يا أبت} بفتح التاء وقرأ الباقون بالكسر وقد بينت في سورة يوسف.
{واذكر في الكتب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا} 51.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي {إنه كان مخلصا} بفتح اللام أي أخلصه الله واختاره وجعله خالصا من الدنس وحجتهم قوله: {إنا أخلصناهم بخالصة}. وقرأ الباقون {مخلصا} بكسر اللام أي أخلص هو التوحيد فصار مخلصا وجعل نفسه خالصة في طاعة الله وحجتهم قوله: {مخلصين له الدين}.
{فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا} 60.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر {يدخلون الجنة} برفع الياء وحجتهم قوله تعالى: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات}.
وقرأ الباقون {يدخلون} بفتح الياء وحجتهم قوله: {جنات عدن يدخلونها} وقد تقدم ذكره في سورة النساء.
{أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا} 67.
قرأ نافع وابن عامر وعاصم {أولا يذكر الإنسان} بالتخفيف أي أولا يعمل أولا يتنبه من ذكر يذكر وحجتهم قوله تعالى: {كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره}. وقرأ الباقون {أولا يذكر} بالتشديد أي أولا يتدبر ويتفكر. ويعتبر والأصل يتذكر فأدغموا التاء في الذال وحجتهم قوله تعالى: {وإنما يتذكر أولو الألباب}.
{ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} 72.
قرأ الكسائي {ثم ننجي الذين اتقوا} بالتخفيف من أنجى ينجي. وقرأ الباقون بالتشديد من نجى ينجي وهما لغتان مثل كرم وأكرم.
{أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا} 72.
قرأ ابن كثير {خير مقاما} بضم الميم أي إقامة يقال طال مقامي بالبلد وأقمت بالبلد مقاما وإقامة وقرأ الباقون {خير مقاما} بالفتح أي مكانا تقول قام يقوم مقاما وهذا مقامنا فالمقام يستقيم أن يكون مصدرا ويستقيم أن يكون اسم الموضع.
{وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا} 74.
قرأ نافع وابن عامر {أحسن أثاثا وريا} بالتشديد وقرأ ورش عن نافع {ورئيا} بالهمزة وبه قرأ الباقون المعنى هم أحسن متاعا ورئيا أي منظرا من رأيت ومن لم يهمز فله حجتان إحداهما أن يكون أراد الهمز فترك كما قرؤوا خير البرية والأصل رئيا بالهمز ثم تركت الهمزة فصارت ياء مثل ذيب إذا تركت الهمزة ثم أدغمت الياء في الياء فصارت ريا مشددا فهذا مثل الأول في التفسير والثانية أن تأخذه من الري وهو امتلاء الشباب أي أن منظرهم مرتو من النعمة كأن النعيم بين فيهم.
{لأوتين مالا وولدا} 77.
قرأ حمزة والكسائي {مالا وولدا} بضم الواو وسكون اللام جميع ما في هذه السورة وفي الزخرف وقرأ الباقون بفتح الواو واللام قال الفراء هما لغتان مثل البخل والبخل والحزن والحزن قال الشاعر:
فليت فلانا كان في بطن أمه ** وليست فلانا كان ولد حمار

يعني الولد وقال آخرون منهم ابن أبي حماد الولد ولد الولد والولد بالفتح ولد الصلب.
{تكاد السموات يتفطرن منه 90}.
قرأ نافع والكسائي {يكاد السموات} بالياء لأن {السموات} جمع قليل والعرب تذكر فعل المؤنث إذا كان قليلا كقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} ولم يقل انسلخت وقوله: {وقال نسوة} ولم يقل وقالت قال ابن الأنباري سألت ثعلبا لم صار ذلك كذلك فقال لأن الجمع القليل قبل الكثير والمذكر قبل المؤنث فحمل الأول على الأول وقرأ الباقون {تكاد} بالتاء لتأنيث {السموات} وسقط السؤال.
قرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة وأبو بكر {ينفطرن} بالنون أي ينشققن وحجتهم إجماع الجميع على قوله: {السماء منفطر به} ولم يقل متفطر و{إذا السماء انفطرت} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.
قرأ نافع وابن كثير والكسائي وحفص {يتفطرن} بالتاء والتشديد أي يتشققن والأمر في التاء والنون يرجع إلى معنى واحد إلا أن التاء للتكثير وذلك أن {ينفطرن} إنما هو من فطرت فانفطرت مثل كسرت فانكسرت وقطعت فانقطعت و{يتفطرن} من قولك فطرت فتفطرت مثل كسرت فتكسرت وقطعت فتقطعت فهذا لا يكون إلا للتكثير فقوله: {يتفطرن} أشد مبالغة في تغيظهن على من نسب إلى الله ولدا كقوله في قصة النار {تكاد تميز من الغيظ} ولم يقل تنماز. اهـ.