فصل: فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة مريم:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

. [سورة مريم: الآيات 1- 3].

{كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (3)}.

.الإعراب:

{ذكر} خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أو هذا، {عبده} مفعول به للمصدر رحمة منصوب {زكريّا} عطف بيان- أو بدل- من عبد، منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف.
جملة: {هذا} ذكر... لا محلّ لها ابتدائيّة.
3- إذ ظرف للزمن الماضي متعلّق ب {رحمة}، {نداء} مفعول مطلق منصوب.
وجملة: {نادى} في محلّ جرّ مضاف إليه.

.الصرف:

{خفيّا} صفة مشبّهة من فعل خفيّ يخفى الثلاثيّ باب فرح، وزنه فعيل وقد أدغمت ياء فعيل مع لامه.

.البلاغة:

- الاحتراس:
في قوله تعالى: {نِداءً خَفِيًّا}.
والاحتراس: عبارة عن أن يأتي المتكلم بمعنى يتوجه عليه فيه دخل أو لبس أو إيهام، فيفطن لذلك حال العمل، فيأتي في صلب الكلام بما يخلصه من ذلك كله.
وهو في هذه الآية الكريمة، أتى بكلمة خفيا، مراعاة لسنة اللّه في إخفاء دعوته، لأن الجهر والإخفاء عند اللّه سيان، فكان الأولى أن يحترس مما يوهم الرياء أمام الناس.

.الفوائد:

- الأحرف في أوائل السور:
تعرضنا سابقا لما قيل حول هذه الأحرف.
ولو صح لدينا نصّ من الحديث أو القرآن يقول لنا القول الفصل في معاني هذه الأحرف لأغنانا عن اجتهاد المجتهدين وطالما لم نقع على نص يريحنا من التأويل والترجيح فلابد لنا من تأكيد ما ذهبنا إليه في حديث سابق والذي يتلخص بما يلي: بما أن لفظ هذه الأحرف كاف، ها، يا، عين، صاد، هو نفس اللفظ الهجائي المتعارف عليه لدى علماء اللغة، فما علينا إلا أن نذهب لتحقيق أحد الاعتبارين:
الأول: أن اللّه يريد فيما يريده من رسالة رسوله، وإنزال الوحي عليه، أن يعلمه ويعلمنا أحرف لغتنا، لما لأحرف اللغة من دور خطير في رسالة العلم والمعرفة وفي وسيلة التخاطب والتفاهم بين بني الإنسان، والتي هي لحمة التفريق بين الإنسان وسائر الحيوان.
الثاني: أن يكون لهذه الأحرف الهجائية، من القداسة والأسرار لدى اللّه، كما يزعم أرباب الجمّل الكبير والجمّل الصغير ومن ينحو هذا النحو الذي يشبه السحر وما هو بالسحر، أن يكون لها من المقام الخطير عند اللّه، ما يجعلها موضوع قسمه، ومحور اهتمامه واللّه أعلم.

. [سورة مريم: الآيات 4- 6].

{قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}.

.الإعراب:

{ربّ} منادى مضاف حذفت منه أداة النداء، منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة للتخفيف- أصله ربّي- والياء المحذوفة مضاف إليه {منّي} متعلّق بحال من العظم الواو عاطفة في الموضعين {شيبا} تمييز محوّل عن الفاعل منصوب {بدعائك} متعلّق ب {شقيّا}، وقد أضيف المصدر دعاء إلى المفعول أي {بدعائي إيّاك}، {شقيّا} خبر أكن منصوب.
جملة: {قال} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: النداء وجوابها في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {إنّي وهن العظم} لا محلّ لها جواب النداء وجملة: {وهن العظم} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {اشتعل الرأس} في محلّ رفع معطوفة على جملة وهن العظم.
وجملة: {لم أكن} {شقيّا} لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: النداء: ربّ الثانية ... لا محلّ لها اعتراضيّة.
5- الواو عاطفة {من ورائي} متعلّق بحال من الموالي، الواو حاليّة قبل كانت الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر هب فعل أمر دعائيّ، والفاعل أنت {لي} متعلّق ب هب، {من لدنك} متعلّق ب {هب}، {وليّا} مفعول به منصوب.
وجملة: {إنّي خفت} لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: {خفت الموالي} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {كانت امرأتي عاقرا} في محلّ نصب حال بتقدير قد .
وجملة: {هب لي} في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن كان هذا حالي فهب لي.
6- النون للوقاية في {يرثني}، {من آل} متعلّق ب {يرث}، {رضيّا} مفعول به ثان منصوب.
وجملة: {يرثني} في محلّ نصب نعت ل {وليّا}.
وجملة: {يرث من آل يعقوب} في محلّ نصب معطوفة على جملة يرثني.
وجملة: النداء {ربّ} الثالثة لا محلّ لها اعتراضيّة لتأكيد الاسترحام.

.الصرف:

{شيبا}، مصدر سماعيّ لفعل شاب يشيب باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون، وثمّة مصادر أخرى هي شيبة بفتح الشين ومشيب بفتح الميم وكسر الشين.
الموالي، جمع مولى وهو القريب العاصب، اسم وزنه مفعل بفتح الميم والعين.
{رضيّا} صفة مشبّهة من رضيّ يرضى باب فرح، وزنه فعيل، وقد أدغمت ياء فعيل مع اللام، وأصلها واو من الرضوان، فلمّا اجتمعت الياء والواو والأولى ساكنة قلبت ياء وأدغمت مع الياء الأخرى.

.البلاغة:

- الاستعارة:
في قوله تعالى: {اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}.
شبه انتشار الشيب، وكثرته باشتعال النار في الحطب، وأستعير الاشتعال للانتشار، واشتق منه اشتعل بمعنى انتشر. ففيه استعارة تبعية.

.الفوائد:

- دور الشيب في الأدب العربي عزّ شأنه وصف الشيب بالاشتعال، فكما أن النار لذّاعة حرّاقة تؤلم من تلامسه، فكذلك الشيب، يؤلم الأشيب. كيف لا، وقد صدت عنه الأوانس، واقتحمته العيون، وقد رمق ذلك ابن الرومي فقال:
وكنت جلاء للعيون من القذى ** فأصبحت تقذى بشيبي وترمد

هي الأعين النجل التي كنت تشتكي ** مواقعها في القلب والرأس أسود

ومنه قول أبي تمام:
يا نسيب التغام ذنبك أبقى ** حسناتي عند الحسان ذنوبا

لو رأى اللّه أن في الشيب خيرا ** جاورته الأبرار في الخلد شيبا

وإمام ذلك عمر بن أبي ربيعة حيث قال:
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي ** فأعرضن عني بالخدور الغواضر

وطيب اللّه ثرى شوقي، حيث جلس على ضفاف البردوني في زحلة، واستمع إلى وشوشات الحلي لدى الأوانس، فهاجه ذلك، وقد نيف على السبعين، فقال:
شيّعت أحلامي بقلب باك ** ولمحت من طرق الملاح شباكي

ورجعت أدراج الشباب وورده ** أمشي مكانهما على الأشواك

وفي الأدب العربي شعره ونثره حول الشيب، والصباغ، ونصل البياض من تحت السواد، الكثير الكثير.

. [سورة مريم: آية 7].

{يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}.

.الإعراب:

{زكريّا} منادى مفرد علم مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف في محلّ نصب {بغلام} متعلّق ب {نبشّرك}، {له} متعلّق بمحذوف مفعول به ثان.
{قبل} اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب {سميّا} وهو مفعول به منصوب.
جملة: النداء: {يا زكريّا} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {إنّا نبشّرك} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {نبشّرك} في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: {اسمه يحيى} في محلّ جرّ نعت لغلام.
وجملة: {لم نجعل} في محلّ جرّ نعت ثان لغلام.

.الصرف:

{سميّا} اسم مشتقّ وزنه فعيل بمعنى مفعول أي مسمّى، وسمّي فيه إعلال بالقلب، أصله سميو، اجتمعت الياء والواو وجاءت الأولى ساكنة قلبت الواو ياء وأدغمت مع الياء الأخرى.

.الفوائد:

1- الاسم واشتقاقه:
في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، بحث طريف حول أصل الاسم واشتقاقه، وحصيلة الخلاف، أن البصريين يرون أنه مشتق من السمو، والكوفيين يرون أنه مشتق من السمة وهي العلامة ولدى التحقيق يرجح رأي البصريين. وسما يسمو سموا إذا علا، وكأن الاسم هو ما علا وظهر، فأصبح علما على المسمّى.
إذن: الاسم كلمة تدل على المسمّى دلالة الإشارة دون الإفادة.
ويشتق من الاسم: أسميت وسمّيت، وهما متعديان لمفعولين، نحو: سمّيته عليّا، ويجوز جره بحرف الجر والاسم قسمان اسم ذات: وهو ما وضع لمعنى قائم بنفسه، مثل: زيد. واسم معنى: وهو ما وضع لمعنى قائم بغيره، مثل السواد والبياض والأخذ والعطاء إلخ. والاسم يكون ثلاثة أحرف أو أربعة أو خمسة، فإذا أنقص عن ثلاثة، فقد حذف منه الناقص وإن زاد عن خمسة، فذلك بواسطة أحرف الزيادة، وهي ليست من أصل الاسم. وللبحث توابع، فاطلبها في المطولات من كتب النحو واللغة.
2- أشرنا فيما سبق إلى الظرفين قبل وبعد وما يختصان به ونذكر القارئ مرة ثانية، أن قبل وبعد، إذا لحظ المضاف إليه ولم يذكر يبنيان على الضم، نحو: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} أي من قبل ذلك.

. [سورة مريم: آية 8].

{قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)}.

.الإعراب:

{أنّى} اسم استفهام مبنيّ على السكون في محلّ نصب على الظرفيّة المكانيّة متعلّق بحال من غلام أو من الياء في {لي} و{لي} متعلّق بمحذوف خبر يكون الواو حاليّة في الموضعين {من الكبر} متعلّق ب {بلغت}، {عتيّا} مفعول به منصوب.
جملة: {قال} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: النداء: ربّ في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {يكون لي غلام} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {كانت امرأتي عاقرا} في محلّ نصب حال من الياء في {لي}.
وجملة: {بلغت} في محلّ نصب حال أو معطوفة على جملة الحال.

.الصرف:

{عتيّا} مصدر عتا يعتو عتوّا- بضم العين وكسرها كبّر.
واللفظ هنا بكسر العين- وهي قراءة حفص- وفيه إعلال من عدّة وجوه، أصله عتوو كقعود، كسرت التاء تخفيفا لثقل الضمّتين فانقلبت الواو الأولى إلى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فأصبح عتيو، ثمّ جرى قلب الواو الثانية ياء لمجي ء الياء والواو، والأولى ساكنة، فأصبح عتيّ بضمّ العين وكسر التاء، ثمّ كسرت العين للمجاورة فأصبح عتيّ.

.البلاغة:

- الإيجاز:
في قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ}.
الظاهر أن نبي اللّه زكريا، استبعد ما وعده اللّه عز وجل بوقوعه. ولا يجوز للنبي النطق بما لا يسوغ، أو بما في ظاهره الإيهام، فجاء الكلام موجزا، وتقديره: هل تعاد لنا قوتنا وشبابنا فنرزق بغلام؟! أو هل يكون الولد لغير الزوجة العاقر؟.

. [سورة مريم: آية 9].

{قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}.

.الإعراب:

{كذلك} خبر لمبتدأ محذوف تقديره: الأمر كذلك {عليّ} متعلّق ب {هيّن}، الواو حاليّة {قبل} اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب {خلقتك}، الواو حاليّة {تك} مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم السكون الظاهرة على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت {شيئا} خبر تك منصوب.
جملة: {قال} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: الأمر كذلك... في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {قال ربّك} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {هو عليّ هيّن} في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: {قد خلقتك} في محلّ نصب حال.
وجملة: {لم تك شيئا} في محلّ نصب حال أو معطوفة على جملة الحال.

.الصرف:

{هيّن} صفة مشبّهة من هان يهون وزنه فعيل، وفيه إعلال بالقلب، أصله هيون التقت الياء مع الواو والأولى ساكنة قلبت الواو ياء وأدغمت مع الياء الثانية.