فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

1- توكيد المديح بما يشبه الذم وعكسه:
في قوله تعالى: {لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوًا إِلَّا سَلامًا} فن رفيع من فنون البلاغة وهو توكيد المدح بما يشبه الذم وقد سبقت الاشارة اليه في المائدة ولم نقسمه آنذاك فنقول أنه ينقسم إلى نوعين:
أ- أن يستثنى من صفة ذم منفية عن الشيء صفة مدح لذلك الشيء بتقدير دخولها في صفة الذم المنفية ومنه قول النابغة الذبياني:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ** بهن فلول من قراع الكتائب

فقد جعل الفلول عيبا على سبيل التجوز بتا لنفي العيب بالكلية كأنه يقول: إن كان فلول السيف من القراع عيبا فانهم ذوو عيب معناه إن لم يكن عيبا فليس فيهم عيب البتة لأنه لا شيء سوى هذا فهو بعد هذا التجوز والفرض استثناء متصل.
ب- أن تثبت لشيء صفة مدح وتعقب ذلك بأداة استثناء يليها صفة مدح أخرى لذلك الشيء نحو: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وقال النابغة أيضا:
فتى كملت أوصافه غير أنه ** جواد فما يبقي على المال باقيا

وأصل الاستثناء في هذا الضرب أن يكون منقطعا لكنه لم يقدّر متصلا بل بقي على حاله من الانقطاع لأنه ليس في هذا الضرب صفة ذم منفية عامة يمكن تقدير دخول صفة المدح فيها فحينئذ لا يستفاد التوكيد فيه إلا من الوجه الثاني من الوجهين المذكورين في الضرب الاول ولهذا كان الضرب الاول أبلغ لإفادته التأكيد من الوجهين.
إذا عرفت هذا فاعلم أن في الآية الكريمة: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما} ثلاثة أوجه:
أ- أن يكون معناه إن كان تسليم بعضهم على بعض أو تسليم الملائكة لغوا فلا يسمعون لغوا إلا ذلك وهو بهذا من وادي قول النابغة:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ** بهن فلول من قراع الكتائب

ب- أنهم لا يسمعون فيها إلا قولا يسلمون فيه من العيب والنقيصة وهذا يتعين فيه الاستثناء المنقطع.
ج- أن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة وهي دار السلامة وأهلها أغنياء عن الدعاء بالسلامة فكان ظاهره من باب اللغو وفضول الحديث لو لا ما فيه من فائدة الإكرام، ففي الوجه الاول والثالث يتعين الاتصال في الاستثناء أما الأول فلجعل ذلك لغوا على سبيل التجوز والفرض وأما الثاني فواضح لأنه فيه اطلاق اللغو على السلام وأما الثالث فلحمل الكلام على ظاهره من دون تجوز أو فرض.
2- التشبيه التمثيلي البليغ:
وذلك في قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا} فقد شبه عطاء الجنة لهم بالعطاء الذي لا يرد وهو الميراث الذي يرثه الوارث فلا يرجع فيه المورث أي نبقيها عليهم من ثمرة تقواهم كما يبقى على الوارث مال مورثه والوارثة أقوى لفظ يستعمل في التمليك والاستحقاق من حيث أنها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا تبطل برد ولا إسقاط والإرث في اللغة البقاء، قال عليه الصلاة والسلام: «إنكم على إرث من إرث أبيكم ابراهيم» أي على بقية من بقايا شريعته والوارث الباقي من أسماء اللّه تعالى أي الباقي بعد فناء خلقه وهو في الشرع انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة.

. [سورة مريم: الآيات 64- 65].

{وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)}.

.الإعراب:

{وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} الجملة مستأنفة مسوقة لحكاية قول جبريل حيث استبطأه الرسول عليه السلام لما سئل عن قصة أهل الكهف وذي القرنين والروح ولم يدر ما يجيب، كما تقدم، فأبطأ عليه خمسة عشر يوما وقيل أربعين حتى قال المشركون: ودعه ربه وقلاه، فالواو استئنافية و{ما} نافية و{نتنزل} فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن و{إلا بأمر ربك} استثناء من أعم الأحوال فإلا أداة حصر و{بأمر} متعلقان بمحذوف حال فالتنزل نزول فيه إبطاء أو بمعنى النزول على الإطلاق، قال الشاعر:
فلست لإنسيّ ولكن لملأك ** تنزل من جو السماء يصوب

وهذا البيت لرجل من عبد القيس يمدح الملك النعمان بن المنذر وقيل لأبي وجرة يمدح عبد اللّه بن الزبير وقبله:
تعاليت إن تعزى إلى الإنس جلة ** وللإنس من يعزوك فهو كذوب

أي لست منسوبا لإنسي ولكن لملك وبالغ في ذلك حتى جعله نازلا من جهة السماء يصوب أي يقصد إلى جهة معينة والملأك معفل بتقديم العين من الألوكة بالفتح وهي الرسالة وقال أبو عبيدة هو مفعل على اسم المكان من لأك إذا أرسل ولعله جاء على مفعل لتصوير أن الرسول مكان الرسالة وقال ابن كيسان: هو فعأل من الملك فالهمزة زائدة وعلى كل يخفف بالنقل فيقال ملك.
(لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ) {له} خبر مقدم و{ما} موصول مبتدأ مؤخر والجملة حال من {ربك} والظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول و{أيدينا} مضافة للظرف {وما خلفنا} عطف على {ما بين أيدينا} {وما بين ذلك} عطف أيضا. (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) الواو حرف عطف و{ما} نافية وكان واسمها وخبرها. (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) {رب السموات والأرض} خبر لمبتدأ محذوف أي هو رب السموات والأرض ويجوز أن يعرب بدلا من ربك. (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) الفاء هي الفصيحة ولا حاجة لتأويل الكلام بجعلها عاطفة من باب عطف الإنشاء على الخبر أي إذا عرفت ربوبيته الكاملة {فاعبده واصطبر} عطف على اعبده و{لعبادته} متعلقان باصطبر وقد أحسن الزمخشري في الفهم حيث جعل العبادة بمنزلة القرن تقول للمحارب اصطبر لقرنك أي اثبت له فيما يورد عليك من شداته وصولاته والمراد لا تضق ذرعا ولا تهن قوة إذا تأخر عنك الوحي ولا تبتئس لشماتة الكافرين فما هي إلا غمرة ثم تنجلي، وظلمة ثم تنحسر و{هل} حرف استفهام معناه النفي و{تعلم} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنت و{سميا} مفعول به والسمي هو الشريك في الاسم.

.الفوائد:

عطف الإنشاء على الخبر وبالعكس:
منعه البيانيون وبعض النحاة وأجازه بعض النحاة قال أبو حيان:
وأجاز سيبويه ذلك واستدل بقول امرئ القيس:
وإن شفائي عبرة مهراقة ** وهل عند رسم دارس من معول

فجملة إن شفائي.. إلخ. خبرية وجملة وهل عند رسم.. إلخ. جملة انشائية عطفا على الخبرية وقول الآخر:
تناغي غزالا عند باب ابن عامر ** وكحّل مآقيك الحسان بإثمد

وقول الآخر:
وقائلة خولان فانكح فتاتهم ** وأكرومة الحيين خلوكما هيا

ورد ابن هشام هذه الأقوال فقال ردا على أبي حيان: وأما ما نقله أبو حيان عن سيبويه فغلط عليه وأما بيت امرئ القيس فالاستفهام خرج معناه إلى النفي كما ذكرنا، وأما قوله فانكح فتاتهم فهو معطوف على فعل أمر محذوف مفهوم من المبتدأ أي تنبه لخولان وأما وكحل مآقيك.. إلخ. فيتوقف على النظر فيما قبله من الأبيات وقد يكون معطوفا على أمر مقدر يدل على المعنى أي فافعل كذا وكحل كما قيل في {لأرجمنك واهجرني} أن التقدير فاحذرني واهجرني مليا لدلالة لأرجمنك.

. [سورة مريم: الآيات 66- 72].

{وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (72)}.

.اللغة:

(جِثِيًّا): بضم الجيم وكسرها وبهما قرئ جمع جاث من جثا يجثو أجثى ويجثي لغتان: أي جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه فهو جاث.
(صِلِيًّا): بكسر الصاد وضمها وبهما قرئ مصدر صلي بكسر اللام وفتحها النار أي دخلها.

.الإعراب:

{وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}.
الواو استئنافية و{يقول الإنسان} فعل مضارع وفاعل وأل فيه للجنس والهمزة للاستفهام بمعنى النفي وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بفعل محذوف دل عليه قوله: {لسوف أخرج} لأن اللام تمنع من تعليقه بأخرج المذكورة لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها و{ما} زائدة وجملة {مت} صلة واللام لام الابتداء و{سوف} حرف استقبال و{أخرج} فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره أنا وحيا حال وساغ اجتماع اللام وهي نمحض الفعل للحال وسوف وهي تمحضه للاستقبال أن اللام هنا لمجرد التوكيد وإنما جردت اللام من معناها لتلائم سوف دون أن تجرد سوف من معناها لتلائم اللام لأنه لو عكس هذا للغت سوف إذ لا معنى لها سوى الاستقبال وأما اللام فانها إذا جردت من الحال بقي لها التوكيد فلم تلغ. (أَوَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) {أولا} الهمزة للاستفهام الانكاري والواو عاطفة ولا نافية و{يذكر} فعل مضارع معطوف على {يقول} ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف و{الإنسان} فاعل و{أنّا}: أن واسمها وجملة {خلقناه} خبر {أنا} وان وما بعدها في تأويل مصدر مفعول {يذكر} ومن قبل الجار والمجرور متعلقان بيذكر {ولم} الواو حالية و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{يك} فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف واسمها ضمير مستتر تقديره هو، و{شيئا} خبر {يك} والمضاف إلى قبل محذوف تقديره قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه وقدره بعضهم قبل بعثه. (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) الفاء عاطفة والواو للقسم و{ربك} مجرور بواو القسم وهما متعلقان بفعل محذوف تقديره أقسم وفائدة هذا القسم سترد في باب البلاغة، واللام واقعة في جواب القسم ونحشرنهم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن والهاء مفعول به {والشياطين} عطف على الهاء أو الواو بمعنى مع والشياطين مفعول معه. (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) ثم حرف عطف للتراخي و{لنحضرنهم} عطف على {لنحشرنهم} و{حول} ظرف مكان متعلق بنحضرنهم و{جهنم} مضاف اليه و{جثيا} حال. (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) ثم {لننزعن} عطف على {لنحضرنهم} و{من كل شيعة} متعلقان بننزعن و{أيهم} اسم موصول بمعنى الذي وحركتها عند سيبويه حركة بناء لخروجها عن النظائر أي لأنها أضيفت وحذف صدر صلتها وهي في محل نصب مفعول به {لننزعن} و{أشد} خبر لمبتدأ محذوف والجملة صلة أي و{عتيا} تمييز و{على الرحمن} متعلقان بأشد أو بمحذف حال وسيأتي مزيد بحث في هذه الآية في باب الفوائد. (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) {ثم} حرف عطف للترتيب والتراخي واللام للابتداء ونحن مبتدأ و{أعلم} خبر و{بالذين} متعلقان بأعلم و{هم} مبتدأ وأولى خبر والجملة صلة وبها متعلقان بأولى و{صليا} تمييز وقيل {صليا} جمع صال فانتصب على الحال وفي التمييز فائدة وهي التخصيص بشدة العذاب لا التخصيص بأصل العذاب لاشتراكهم فيه. (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا) الواو عاطفة و{إن} نافية و{منكم} صفة لمبتدأ محذوف تقديره أحد أي ما منكم أحد و{إلا} أداة حصر و{واردها} خبر و{كان} فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر تقديره هو أي الورود و{حتما} خبرها و{مقضيا} صفة لحتما. (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) {ثم ننجي} عطف على ما تقدم وفاعل {ننجي} مستتر تقديره نحن و{الذين} موصول مفعول و{اتقوا} صلة {ونذر} عطف على {ننجي} والفاعل مستتر تقديره نحن و{الظالمين} مفعول به و{فيها} متعلقان بنذر أو بجثيا ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من {جثيا} لأنه في الأصل صفة لنكرة قدم عليها فنصب على الحال، و{جثيا} حال أو تجعلها مفعولا ثانيا لنذر أي نتركهم فيها جثيا.

.البلاغة:

1- فن القسم:
في قوله تعالى: {فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} فن القسم وهو أن يريد المتكلم الحلف على شيء فيحلف بما يكون فيه فخر له وتعظيم لشأنه أو تنويه لقدره أو ما يكون ذما لغيره أو جاريا مجرى الغزل والترقق أو خارجا مخرج الموعظة والزهد فقد أفاد القسم هنا أمران أحدهما أن العادة جرت بتأكيد الخبر باليمين والثاني أن في إقسام اللّه تعالى باسمه مضافا إلى رسوله صلى اللّه عليه وسلم رفعا منه لقدره وتنويها بشأنه كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} وسيأتي تحقيق ذلك في مواضعه.
وقد توسّع الشعراء في القسم لأن فيه حلاوة ورفعا لشأن المتغزل به، وما ألطف قول عبد المحسن الصوري وهو من أبرع ما سمغنا:
يا غزالا قد رمى باللحظ ** قلبي فأصابا

بالذي ألهم تعذيبي ** ثناياك العذابا

والذي ألبس خديك ** من الورد نقابا

والذي أودع في فيك ** من الشهد شرابا

والذي صيّر حظي ** منك هجرا واجتنابا

ما الذي قالته عينا ** ك لقلبي فأجابا

ولابن خفاجة الأندلسي:
لا وسحر بين أجفانكم ** فتن الحب به من فتنا

وحديث من مواعيدكم ** تحسد العين عليه الأذنا

ما رحلت العيس عن أرضكم ** فرأت عيناي شيئا حسنا

وبلغ العباس بن الأحنف الغاية بقوله:
واني ليرضيني قليل نوالكم ** وإن كان لا أرضى لكم بقليل

بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ** من الود إلا عدتم بجميل

وأبدع أبو الطيب بقوله:
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا ** والبين جار على ضعفي وما عدلا

والوجد يقوى كما تقوى النوى ** أبدا والصبر ينحل في جسمي كما نحلا

لو لا مفارقة الأحباب ما وجدت ** لها المنايا إلى أرواحنا سبلا

بما بجفنيك من سحر صلي دنفا ** يهوى الحياة وأما إن صددت فلا