فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



775- الحَدِيث السَّابِع عشر:
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وهم يَد عَلَى من سواهُم» قلت رُوِيَ من حَدِيث عَلّي وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث معقل ابْن يسَار وَمن حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث ابْن عمر.
أما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي سنَنَيْهِمَا فِي كتاب الدِّيات من حَدِيث قيس بن عباد عَن على أنه أخرج من قرَاب سَيْفه كتابا عهد إِلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذا فِيهِ «الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وهم يَد عَلَى من سواهُم وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم أَلا لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده من أحدث أَو أَوَى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ» انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي كتاب قسم الْفَيْء وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ ابْن ماجة حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ حَدثنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن حُبَيْش عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وهم يَد عَلَى من سواهُم يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وَيرد عَلَى أَقْصَاهُم» انْتَهَى.
وَأما حَدِيث معقل بن يسَار فَرَوَاهُ ابْن ماجة أَيْضا حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي حَدثنَا أنس بن عِيَاض أَبُو ضَمرَة عَن عبد السَّلَام بن أبي الْجنُوب عَن الْحسن عَن معقل بن يسَار قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسلمُونَ يَد عَلَى من سواهُم تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ» انْتَهَى.
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وَيجْبر عَلَيْهِم أَقْصَاهُم وهم يَد عَلَى من سواهُم» مُخْتَصر. وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَرَوَاهُ احْمَد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم.
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ من الْقسم الثَّالِث من حَدِيث طَلْحَة بن مصرف عَن مُجَاهِد عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُونَ يَد عَلَى من سواهُم تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ يعْقد عَلَيْهِم أَوَّلهمْ وَيرد عَلَيْهِم أَقْصَاهُم» مُخْتَصر.
776- قَوْله:
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي قوله تعالى: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ وَالله مَا يحشرون عَلَى أَرجُلهم وَلَكنهُمْ عَلَى نُوق رِحَالهَا ذهب وَعَلَى نَجَائِب سُرُوجهَا ياقوت. قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَعبد الله بن أَحْمد فِي مُسْند أَبِيه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والطبري وَابْن مرْدَوَيْه والواحدي وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم كلهم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن النُّعْمَان ابْن سعد عَن عَلّي فِي هَذِه الْآية: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ أما وَالله لَا يحشرون عَلَى أَقْدَامهم وَلَكنهُمْ يأْتونَ بِنُوق لم ير الْخَلَائق مثلهَا عَلَيْهَا رحال الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الزبرجد فَيَجْلِسُونَ عَلَيْهَا ثمَّ ينْطَلق بهم حَتَّى يقرعُوا بَاب الْجنَّة. انْتَهَى.
وَسَنَد عبد الله بن أَحْمد حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد أَنا عَلّي بن مسْهر عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق بِهِ وَرَفعه ابْن عدي فِي الْكَامِل رَوَاهُ من حَدِيث عَمْرو بن هَاشم أبي مَالك الْجَنبي حَدثنَا جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} فَقال: «يَا عَلّي وَهل يكون الْوَفْد إِلَّا الركب وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم لَيَأْتُونَ إِلَى قُبُورهم بِنُوق...» الحَدِيث ولين عَمْرو بن هَاشم وَقَالَ أَرْجُو أَنه صَدُوق انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الإِمَام أَبُو بكر عبد الله بن أبي دَاوُد السجسْتانِي فِي كتاب الْبَعْث لَهُ وَهُوَ جُزْء حَدِيثي فَقَالَ حَدثنَا عباد بن يَعْقُوب الرواجي حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن النُّعْمَان بن سعد عَن عَلّي عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِه الْآية: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} الْآيَة... إِلَى آخر اللَّفْظ الأول ثمَّ قَالَ لم يرفعهُ عَن ابْن فُضَيْل إِلَّا عباد انْتَهَى كَلَامه.
777- الحَدِيث الثَّامِن عشر:
عَن ابْن مَسْعُود «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَصْحَابه ذَات يَوْم أَيعْجزُ أحدكُم أَن يتَّخذ كل صباح وَمَسَاء عِنْد الله عهدا؟ قَالُوا وَكَيف ذَلِك قَالَ: يَقُول كل صباح وَمَسَاء اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة إِنِّي أَعهد إِلَيْك بِأَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك وَأَنَّك إِن تَكِلنِي إِلَى نَفسِي تقربني من الشَّرّ وَتُبَاعِدنِي عَن الْخَيْر وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاجْعَلْ لي عهدا تُوفينِيهِ يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك لَا تخلف الميعاد فَإِذا قَالَ ذَلِك طبع عَلَيْهِ بِطَابع وَوضع تَحت الْعَرْش فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد أَيْن الَّذين كَانَ لَهُم عِنْد الله عهد فَيدْخلُونَ الْجنَّة». قلت غَرِيب مَرْفُوعا وَلم أَجِدهُ إِلَّا مَوْقُوفا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الدُّعَاء وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية كلهم من حَدِيث المَسْعُودِيّ عَن عون بن عبد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي فَاخِتَة عَن الْأسود بن يزِيد عَن ابْن مَسْعُود أَنه قرأ: {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} فَإِن الله يَقُول اتَّخذُوا عِنْد الرَّحْمَن عهدا فَإِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة من كَانَ لَهُ عِنْدِي عهد فَليقمْ قَالَ فَقُلْنَا فَعلمنَا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض... إِلَى قَوْله إِنَّك لَا تخلف الميعاد. قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره وَرَوَى أَبُو وَائِل عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لأَصْحَابه... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء. وَرَوَاهُ أَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ مَرْفُوعا فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول لَكِن من حَدِيث أبي بكر فَقَالَ حَدثنَا عمر بن أبي عمر حَدثنَا أَبُو عبد الله بن أبي أُميَّة الْفَزارِيّ عَن أبي عَلّي بن الرماح عَن عَمْرو بن مَيْمُون حَدثنِي مقَاتل بن حَيَّان عَن الْأسود ابْن هِلَال عَن أبي بكر الصّديق قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قَالَ فِي دبر الصَّلَوَات هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَى قَوْله إِنَّك لَا تخلف الميعاد إِلَّا كتبهَا فِي رق ثمَّ خَتمه بِخَاتمِهِ ثمَّ رَفعه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد أَيْن الَّذين كَانَ لَهُم عِنْد الله عهد فَدفع إِلَيْهِم» انْتَهَى.
ذكره فِي الأَصْل السَّادِس وَالسبْعين بعد الْمِائَة وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْأَحْزَاب حَدثنَا عَلَى بن أبي حَامِد الْمَدِينِيّ حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان قَالَ وجدت فِي كتاب عقبَة بن قبيصَة حَدثنَا أبي حَدثنَا حَمْزَة الزيات عَن عون بن عبد الله عَن رجل من بني سليم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْعَهْد الْمَسْئُول أَن تَقول اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة إِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا أَلا تَكِلنِي إِلَى عمل يقربنِي من الشَّرّ وَيُبَاعِدنِي من الْخَيْر وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاجْعَلْ لي عهدا عنْدك تُؤَدِّيه إِلَيّ يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك لَا تخلف الميعاد» انْتَهَى.
778- الحَدِيث التَّاسِع عشر:
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من ادَّعَى إِلَى غير موَالِيه» قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَالَّذِي فِي مُسلم عَن عَلّي بن أبي طَالب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمن ادَّعَى إِلَى غير أَبِيه أَو انْتَمَى إِلَى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ» مُخْتَصرا أخرجه مُسلم فِي الْعتْق عَن ابْن شريك التَّيْمِيّ عَن عَلّي... فَذكره.
وَقد تقدم بِتَمَامِهِ فِي 37 من الْبَقَرَة وَهُوَ فِي البُخَارِيّ لَيْسَ فِيهِ اللَّفْظ الْمَذْكُور وَالْمُصَنّف احْتج بِهِ عَلَى أَن من ادَّعَى فِيهِ مُطَاوع دعِي بِمَعْنى نسب وَذكره السَّرقسْطِي فِي غَرِيبه من غير سَنَد بِلَفْظ المُصَنّف فَقَالَ رُوِيَ عَن عَلّي بن أبي طَالب أَنه قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ إِن الله بعث مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاما غير خَاص أَدَّى مَا أَدَّى عَلَانيَة غير سر وَقد بَلغنِي أَن نَاسا يَزْعمُونَ أَن عِنْدِي من رَسُول الله مَا لَيْسَ عِنْد النَّاس وَأَنا أعوذ بِاللَّه إِلَّا أَن يكون فِي قرابي هَذَا شَيْء ثمَّ أخرج من قرَابه صحيفَة فقرأها رَافعا صَوته قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من ادَّعَى إِلَى غير موَالِيه أَو تولى مولَى قوم دونهم فَعَلَيهِ لعنة الله...» إِلَى آخر لفظ الصَّحِيح.
779- الحَدِيث الْعشْرُونَ:
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ لعَلي: «يَا عَلّي قل اللَّهُمَّ اجْعَل لي عنْدك عهدا وَاجعَل لي فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ مَوَدَّة» فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة.
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا عبد الْخَالِق أَنا أَبُو عَلّي مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن الصَّواف بِبَغْدَاد حَدثنَا أَبُو جَعْفَر الْحسن بن عَلّي الْفَارِسِي حَدثنَا إِسْحَاق بن بشر الْكُوفِي حَدثنَا خَالِد بن يزِيد عَن حَمْزَة الزيات عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَلي بن أبي طَالب «يَا عَلّي قل اللَّهُمَّ اجْعَل لي عنْدك عهدا وَاجعَل لي فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ مَوَدَّة» فَأنْزل الله تعالى: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن السّري وَعبد الْبَاقِي ابْن قَانِع قَالَا حَدثنَا الْحسن بن عَلّي بن النُّعْمَان حَدثنَا إِسْحَاق بن بشر الْكَاهِلِي حَدثنَا خَالِد بن يزِيد بِهِ سندا ومتنا وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْجُزْء الَّذِي جمعه من أَحَادِيث حَمْزَة الزيات وَهُوَ جُزْء لطيف جملَته ثَمَان وَرَقَات فَقَالَ حَدثنَا الْحسن بن عَلّي الْفَسَوِي حَدثنَا إِسْحَاق بن بشر الْكَاهِلِي حَدثنَا خَالِد بن يزِيد الْقَسرِي بِهِ سندا ومتنا.
780- الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ:
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قال: «يَقُول الله عزّ وجلّ يَا جِبْرِيل قد أَحْبَبْت فلَانا فَأَحبهُ فَيُحِبهُ جِبْرِيل فينادي جِبْرِيل فِي أهل السَّمَاء إِن الله قد أحب فلَانا فَأَحبُّوهُ فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء ثمَّ تُوضَع لَهُ الْمحبَّة فِي الأَرْض» قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الْأَدَب وَمُسلم فِي الْبر والصلة من حَدِيث سهل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذا أحب الله عبدا نَادَى جِبْرِيل إِن الله يحب فلَانا فَأَحبهُ فَيُحِبهُ جِبْرِيل فينادي جِبْرِيل فِي أهل السَّمَاء إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض». انْتَهَى للْبُخَارِيّ وَزَاد مُسلم «وَإِذا أبْغض عبدا دَعَا جِبْرِيل فَيَقُول إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ قَالَ فَيبْغضهُ جِبْرِيل ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء إِن الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ قَالَ فَيبْغضُونَهُ ثمَّ تُوضَع لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض» انْتَهَى.
781- الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ:
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قال: «من قَرَأَ سورة مريم أعطي من الْأجر عشر حَسَنَات بِعَدَد من كذب زَكَرِيَّا وَصدق بِهِ وَيَحْيَى وَمَرْيَم وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب ومُوسَى وَهَارُون وَإِسْمَاعِيل وَإِدْرِيس وَعشر حَسَنَات بِعَدَد من دَعَا الله فِي الدُّنْيَا وَبِعَدَد من لم يدع الله» قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي حَدثنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فَذكره إِلَّا أَنه قال: «وَبِعَدَد من دَعَا لله ولدا وَبِعَدَد من لم يدع لَهُ ولدا» عوض قَوْله «من يدع الله فِي الدُّنْيَا وَمن لم يدع» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان بِلَفْظ الثَّعْلَبِيّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِلَفْظ الثَّعْلَبِيّ بِسَنَدِهِ فِي يُونُس. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

سورة مريم:
قوله تعالى: {إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا}، الآية: 3.
يدل على أن أفضل الدعاء ما هذه حاله، لأنه أبعد عن الرياء، وأقرب إلى الإخلاص.
قوله تعالى: {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي}، الآية: 4.
يدل على أنه يستحيى للمرء أن يذكر في دعائه نعم اللّه تعالى عليه، وما يليق بالخضوع، لأن قوله: {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي}، إظهار للخضوع، وقوله: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}، إظهارا لعادات تفضله في إجابة أدعيته، ثم عقب ذلك بالمسألة فقال: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}، الآية: 5.
يدل على أن رفع الحاجة إليه، إنما يستحب عند مخافة الضرر في الدين، فإنه خاف من أقاربه الفساد والشر، فطلب من اللّه تعالى ولدا يقوم بالدين بعده، فيرثه النبوة، ويرث من آل يعقوب، ولا يجوز أن يهتم بالدعاء هذا الاهتمام، ومراده أن يورثه المال، فإن ذلك مباين لطريقة الأنبياء، ولأنه جمع وراثته إلى وراثة آل يعقوب، ومعلوم أن ولد زكريا لا يرثهم.
فإن قيل: كيف أقدم على مسألة ما يخرق العادة من غير إذن!؟
الجواب: أن ذلك جائز، في زمان الأنبياء، وفي القرآن ما كشف عن هذا المعنى، فإنه قال تعالى: {كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقًا قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.
فلما رأى خارق العادة استحكم طمعه في إجابة دعوته، فقال تعالى: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}.
قوله تعالى: {إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}، الآية 58.
فيه دلالة على أن لتلاوة آيات الرحمن تأثيرا، فقال الحسن: إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا: في الصلاة.
وقال الأصم: المراد بآيات اللّه كتبه المتضمنة لتوحيده وحجته، وأنهم كانوا يسجدون عند تلاوتها، ويبكون عند ذكرها.
والمروي عن ابن عباس، أن المراد به القرآن، خاصة وأنهم كانوا يسجدون عند تلاوته ويبكون، ففي ذلك دلالة من قوله على أن القرآن هو الذي كان يتلى على جميع الأنبياء، ولو كان كذلك لما كان الرسول صلى اللّه عليه وسلم مختصا بإنزاله عليه.
واحتج الرازي به على وجوب سجود القرآن على المستمع والقارئ، وهذا بعيد، فإن هذا الوصف شامل لكل آيات اللّه تعالى، وضم إلى السجود البكاء، وأبان به عن طريقه الأنبياء في تعظيمهم اللّه تعالى وآياته، وليس فيه دلالة على وجوب ذلك عند سماع آيات مخصوصة.
قوله تعالى: {وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْدًا}، الآية: 92، 93.
فيه دلالة على أن الولد لا يكون مملوكا لأبيه خلافا لمن قال: إنه يشتريه فيملكه ولا يعتق إلا إذا أعتقه، وقد أبان اللّه تعالى المنافاة بين الولادة والملك.
واستدل إسماعيل بن إسماعيل بن اسحق بدليل آخر، ونقله الرازي في كتابه عنه فقال: وقد اتفق أهل العلم على أن أمة الرجل إذا حملت منه، فإن الولد يتحرر في بطن أمه، مع أن العبرة في رق الولد برق الأم، وحرية الوالد لا تقتضي حرية الولد، فلم يكن عتق الولد من جهة كون الأب حرا، وإنما كان من جهة أن الولد لو علق رقيقا، لكان ملكا للوالد، ولا يثبت الملك للوالد على الولد أصلا.
إلا أن الولد تم حر الأصل، لأنه لا حاجة إلى إثبات الرق والملك للولد، فعلق الولد حرا هنالك، حتى لا يثبت للوالد على الولد ملك.
وإذا اشترى، فلا يمكن أن يقال إن الملك لا يثبت، فإن الملك لو لم يثبت لم يصح الشراء، ولابد من تصحيح الشراء.
وقال مالك: ينقل المالك الملك إلى المشتري، فيثبت له الملك بقدر ما يحصل به الانتقال ضرورة تصحيح الشراء، وامتنع بعد ذلك ثبوت ملك الوالد عليه.
وقال بعض العلماء: إن شراء الولد لا يثبت له ملكا أصلا، وإنما هو عقد عتاق، فإما أن يقال إن الملك يثبت حقيقة في زمان، وحصل العتق بعده في زمان آخر فلا، ولكن العتق ثبت مقارنا للشراء، وجعل الشراء عقد عتاق وإسقاط لملك المالك، لا على حقيقة شراء فيما سواه، ولم يجعل الشراء سبب الملك، لوجود الأبوة المنافية له، كما لم يجعل ملك المحل سببا لملك الولد لوجود سبب ما ينافيه، فيقال حدث حرا، وكذلك يقال حصل الشراء مع الحرية.
فهذا قول فيه تأمل.
وعلى كل حال تبين به أنه لا يدوم ملك الوالد على ولده. اهـ.