فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الماوردي:

قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني لئن كانوا في لدنيا صمًا عميًا عن الحق فما أسمعهم له وأبصرهم به في الآخرة يوم القيامة، قاله الحسن، وقتادة.
الثاني: أسمع بهم اليوم وأبصر كيف يصنع بهم يوم القيامة يوم يأتوننا، قاله أبو العالية.
ويحتمل ثالثا: أسمع أمَّتَك بما أخبرناك من حالهم فستبصر يوم القيامة ما يصنع بهم.
قوله تعالى: {وَأَنذرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ} فيه وجهان:
أحدهما: يوم القيامة إذا قضي العذاب عليهم، قاله الكلبي.
الثاني: يوم الموت إذ قضى الموت انقطاع التوبة واستحقاق الوعيد، قاله مقاتل. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله: {أسمع بهم وأبصر}.
أي ما أسمعهم وأبصرهم يوم يرجعون إلينا ويرون ما نصنع بهم من العذاب، فإن إعراضهم حينئذ يزول ويقبلون على الحقيقة حين لا ينفعهم الإقبال عليها وهم في الدنيا صم عمي إذ لا ينفعهم النظر مع إعراضهم، ثم قال: لكنهم اليوم في الدنيا {في ضلال} وهو جهل المسلك، و(المبين) في نفسه وإن لم يبين لهم، وحكى الطبري عن أبي العالية أنه قال: {أسمع بهم وأبصر}، هي بمعنى الأمر لمحمد عليه السلام أي أسمع الناس اليوم وأبصرهم بهم وبحديثهم ماذا يصنع بهم من العذاب إذ أتوا محشورين مغلوبين، وقوله: {وأنذرهم يوم الحسرة}، الآية، الخطاب أيضًا في هذه الآية لمحمد عليه السلام والضمير في {أنذرهم} لجميع الناس، واختلف في {يوم الحسرة} فقال الجمهور وهو يوم ذبح الموت، وفي هذا حديث صحيح، وقع في البخاري وغيره، أن الموت يجاء به في صورة كبش أملح، وفي بعض الطرق كأنه كبش أملح، وقال عبيد بن عمير كأنه دابة فيذبح على الصراط بين الجنة والنار وينادى: يا أهل الجنة خلود لا موت فيها ويا أهل النار خلود لا موت، ويروى أن أهل النار يشرئبون خوفًا على ما هم فيه. والأمر المقضي، هو ذبح الكبش الذي هو مثال الموت وهذا عند حذاق العلماء، كما يقال: تدفن الغوائل وتجعل التراب تحت القدم، ونحو ذلك، وعند ذلك تصيب أهل النار حسرة لا حسرة مثلها، وقال ابن زيد وغيره {يوم الحسرة} هو يوم القيامة، وذلك أن أهل النار قد حصلوا من أول أمرهم في سخط الله وأمارته فهم في حال حسرة، و(الأمر المقضي) على هذا هو الحتم عليهم بالعذاب وظهور إنفاذ ذلك عليهم، وقال ابن مسعود {يوم الحسرة} حين يرى الكفار مقاعدهم التي فاتتهم في الجنة لو كانوا مؤمنين، ويحتمل أن يكون {يوم الحسرة} اسم جنس لأن هذه حسرات كثيرة في مواطن عدة، ومنها يوم الموت ومنها وقت أخذ الكتاب بالشمال وغير ذلك.
وقوله: {وهم في غفلة}، يريد في الدنيا الآن {وهم لا يؤمنون} كذلك. وقوله: {نرث}، تجوز وعبارة عن فناء المخلوقات وبقاء الخالق فكأنها وراثة، وقرأ عاصم ونافع وأبو عمرو والحسن والأعمش: {يرجعون} بالياء، وقرأ الأعرج {ترجعون} بالتاء من فوق، وقرأ أبو عبد الرحمن وابن أبي إسحاق وعيسى {يرجِعون} بالياء من تحت مفتوحة وكسر الجيم، وحكى عنهم أبو عمرو والداني {ترجعون} بالتاء. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {أَسْمِع بهم وَأَبْصِرْ}.
فيه قولان:
أحدهما: أن لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر؛ فالمعنى: ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة، سمعوا وأبصروا حين لم ينفعهم ذلك لأنهم شاهدوا من أمر الله ما لا يحتاجون معه إِلى نظر وفِكر فعلموا الهدى وأطاعوا، هذا قول الأكثرين.
والثاني: أَسْمِع بحديثهم اليوم، وأبصِرْ كيف يُصنَع بهم {يوم يَأتوننا}، قاله أبو العالية.
قوله تعالى: {لكن الظالمون} يعني: المشركين والكفار {اليومَ} يعني: في الدنيا {في ضلال مبين}.
قوله تعالى: {وأَنْذِرهم} أي: خوِّف كفَّار مكة {يومَ الحسرة} يعني: يوم القيامة يتحسَّر المسيء إِذ لم يُحْسِن، والمقصِّر إِذ لم يَزْدَدْ من الخير.
وموجبات الحسرة يوم القيامة كثيرةٌ، فمن ذلك ما روى أبو سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قيل: يا أهل الجنة، فيشرئِبُّون وينظرون، وقيل: يا أهل النار فيشرئبُّون وينظرون، فيُجاء بالموت كأنه كبش أملح، فيقال لهم: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: هذا الموت، فيُذبَح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت؛ ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وأَنذِرهم يومَ الحسرة إِذْ قُضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون}».
قال المفسرون: فهذه هي الحسرة إِذا ذُبِح الموت، فلو مات أحد فرحًا مات أهل الجنة، ولو مات أحد حزنًا مات أهل النار.
ومن موجبات الحسرة، ما روى عديُّ بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يؤتى يوم القيامة بناسٍ إِلى الجنة، حتى إِذا دَنَوْا منها واستنشقوا ريحها ونظروا إِلى قصورها، نودوا: أن اصرفوهم عنها، لا نصيب لهم فيها، فيرجعون بحسرةٍ مَا رَجَعَ الأوَّلُون بمثلها، فيقولون: يا ربنا لو أدخلْتَنا النار قبل أن تُرِيَنا ما أريتَنا كان أهون علينا؛ قال: ذلك أردتُ بكم، كنتم إِذا خَلَوْتُمْ بارزتموني بالعظائم، وإِذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين، تراؤون الناس بخلاف ما تعطوني من قلوبكم، هِبْتم الناس ولم تهابوني، وأجللتم الناس ولم تُجِلُّوني، تركتم للناس ولم تتركوا لي، فاليوم أُذيقكم العذاب مع ما حرمتكم من الثواب».
ومن موجبات الحسرة ما روي عن ابن مسعود قال: ليس من نفس يوم القيامة إِلا وهي تنظر إِلى بيت في الجنة، وبيت في النار، ثم يقال: يعني لهؤلاء: لو عملتم، ولأهل الجنة: لولا أن منَّ الله عليكم.
ومن موجبات الحسرة: قطع الرجاءِ عند إِطباق النار على أهلها.
قوله تعالى: {إِذ قُضي الأمر} قال ابن الأنباري: {قُضي} في اللغة بمعنى: أُتقن وأُحكم، وإِنما سمِّي الحاكم قاضيًا، لإِتقانه وإِحكامه ما ينفِّذ.
وفي الآية اختصار، والمعنى: إِذ قضي الأمر الذي فيه هلاكهم.
وللمفسرين في الأمر قولان:
أحدهما: أنه ذبح الموت، قاله ابن جريج، والسدي.
والثاني: أن المعنى: قُضي العذاب لهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {وهم في غفلة} أي: هم في الدنيا في غفلة عما يُصنَع بهم ذلك اليوم {وهم لا يؤمنون} بما يكون في الآخرة.
قوله تعالى: {إِنّا نحن نرث الأرض} أي: نُميت سكَّانها فنرثها {ومَنْ عليها وإِلينا يُرْجَعون} بعد الموت.
فإن قيل: ما الفائدة في {نحن} وقد كفت عنها {إنّا}؟
فالجواب: أنه لما جاز في قول المعظَّم: (إِنّا نفعل) أن يوهم أن أتباعه فعلوا، أبانت {نحن} بأن الفعل مضاف إِليه حقيقة.
فإن قيل: فلم قال: {ومَنْ عليها} وهو يرث الآدميين وغيرهم؟!
فالجواب: أن {مَنْ} تختص أهل التمييز، وغيرُ المميِّزين يدخلون في معنى الأرض ويجرون مجراها، ذكر الجوابين عن السؤالين ابن الأنباري. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا}.
قال أبو العباس: العرب تقول هذا في موضع التعجب؛ فتقول: أسمع بزيد وأبصر بزيد أي ما أسمعه وأبصره. قال: فمعناه أنه عَجَّب نبيه منهم. قال الكلبي: لا أحد أسمع منهم يوم القيامة ولا أبصر، حين يقول الله تبارك وتعالى لعيسى: {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله} [المائدة: 116].
وقيل: {أسمع} بمعنى الطاعة؛ أي ما أطوعهم لله في ذلك اليوم. {لكن الظالمون اليوم} يعني في الدنيا. {فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} وأيّ ضلال أبين من أن يعتقد المرء في شخص مثله حملته الأرحام، وأكل وشرب، وأحدث واحتاج أنه إله؟! ومن هذا وصفه فهو أصم أعمى ولكنه سيبصر ويسمع في الآخرة إذا رأى العذاب، ولكنه لا ينفعه ذلك؛ قال معناه قتادة وغيره.
قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة إِذْ قُضِيَ الأمر} روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما من أحد يدخل النار إلا وله بيت في الجنة فيتحسر عليه. وقيل: تقع الحسرة إذا أعطي كتابه بشماله.
{إِذْ قُضِيَ الأمر} أي فُرِغ من الحساب، وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أَمْلَح فيوقف بين الجنة والنار فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت قال ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت قال فيؤمر به فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة إِذْ قُضِيَ الأمر وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}». خرجه البخاري بمعناه عن ابن عمر، وابن ماجه من حديث أبي هريرة، والترمذي عن أبي سعيد يرفعه وقال فيه حديث حسن صحيح.
وقد ذكرنا ذلك في كتاب (التذكرة) وبينا هناك أن الكفار مخلّدون بهذه الأحاديث والآي ردًا على من قال: إن صفة الغضب تنقطع، وإن إبليس ومن تبعه من الكفرة كفرعون وهامان وقارون وأشباههم يدخلون الجنة.
قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا} أي نميت سكانها فنرثها.
{وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} يوم القيامة فنجازي كلًا بعمله، وقد تقدّم هذا في (الحجر) وغيرها. اهـ.

.قال أبو حيان:

قال الحسن وقتادة: لئن كانوا صمًا وبكمًا عن الحق فما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة، ولكنهم يسمعون ويبصرون حيث لا ينفعهم السمع ولا البصر. وعن ابن عباس أنهم أسمع شيء وأبصره. وقال علي بن عيسى: هو وعيد وتهديد أي سوف يسمعون ما يخلع قلوبهم، ويبصرون ما يسود وجوههم.
وعن أبي العالية: إنه أمر حقيقة للرسول أي {أسمع} الناس اليوم وأبصرهم {بهم} وبحديثهم ماذا يصنع بهم من العذاب إذا أتوا محشورين مغلولين {لكن الظالمون} عموم يندرج فيه هؤلاء الأحزاب الكفارة وغيرهم من الظالمين، و{اليوم} أي في دار الدنيا.
وقال الزمخشري: أوقع الظاهر أعني الظالمين موقع الضمير إشعارًا بأن لا ظلم أشد من ظلمهم حيث أغفلوا الاستماع والنظر حين يجدي عليهم ويسعدهم، والمراد بالضلال المبين إغفال النظر والاستماع انتهى.
{وأنذرهم} خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والضمير لجميع الناس. وقيل: يعود على الظالمين.
و{يوم الحسرة} يوم ذبح الموت وفيه حديث. وعن ابن زيد: يوم القيامة.
وقيل: حين يصدر الفريقان إلى الجنة والنار وعن ابن مسعود: حين يرى الكفارة مقاعدهم التي فاتتهم من الجنة لو كانوا مؤمنين.
وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون {يوم الحسرة} اسم جنس لأن هذه حسرات كثيرة في مواطن عدة، ومنها يوم الموت، ومنها وقت أخذ الكتاب بالشمال وغير ذلك انتهى. و{إذ} بد من {يوم الحسرة}. قال السدّي وابن جريج: {قُضِي الأمر} ذبح الموت. وقال مقاتل: قضى العذاب. وقال ابن الأنباري المعنى {إذ قضي الأمر} الذي فيه هلاككم.
وقال الضحاك: يكون ذلك إذا برزت جهنم ورمت بالشرر. وعن ابن جريج أيضًا: إذا فرغ من الحساب وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. وقيل إذا {قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون} وقيل: إذا يقال: {امتازوا اليوم أيها المجرمون} وقيل: إذا قضى سد باب التوبة وذلك حين تطلع الشمس من مغربها.
{وهم في غفلة}. قال الزمخشري: متعلق بقوله: {في ضلال مبين} عن الحسن {وأنذرهم} إعراض وهو متعلق بأنذرهم أي {وأنذرهم} على هذه الحال غافلين غير مؤمنين. وقال ابن عطية: {وهم في غفلة} يريد في الدنيا الآن {وهم لا يؤمنون} كذلك انتهى.
وعلى هذا يكون حالًا والعامل فيه {وأنذرهم} والمعنى أنهم مشتغلون بأمور دنياهم معرضون عما يراد منهم، والظاهر أن يكون المراد بقوله: {وقضي الأمر} أمر يوم القيامة.
{إنا نحن نرث الأرض ومن عليها} تجوز وعبارة عن فناء المخلوقات وبقاء الخالق فكأنها وراثة.
وقرأ الجمهور: {يرجعون} بالياء من تحت مبنيًا للمفعول، والأعرج بالتاء من فوق.
وقرأ السلمي وابن أبي إسحاق وعيسى بالياء من تحت مبنيًا للفاعل على وحكى عنهم الداني بالتاء. اهـ.

.قال أبو السعود:

{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}.
تعجّبٌ من حِدّة سمعِهم وأبصارِهم يومئذ، ومعناه أن أسماعَهم وأبصارهم {يَوْمَ يَأْتُونَنَا} للحساب والجزاء أي يوم القيامة جديرٌ بأن يُتعجَّب منها بعد أن كانوا في الدنيا صُمًّا عُميًا، أو تهديدٌ بما سيسمعون ويُبصرون يومئذ، وقيل: أُمر بأن يُسمِعَهم ويُبصرهم مواعيدَ ذلك اليوم وما يحيق بهم فيه، والجارُّ والمجرورُ على الأول في موقع الرفعِ وعلى الثاني في حيز النصب {لكن الظالمون اليوم} أي في الدنيا {في ضلال مُّبِينٍ} لا تُدرك غايتُه حيث أغفلوا الاستماعَ والنظرَ بالكلية، ووضعُ الظالمين موضعَ الضمير للإيذان بأنهم في ذلك ظالمون لأنفسهم.
{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحسرة}.
أي يوم يتحسر الناسُ قاطبةً، أما المسيءُ فعلى إساءته وأما المحسنُ فعلى قلة إحسانِه {إِذْ قُضِىَ الأمر} أي فُرغ من الحساب وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال: «حين يجاء بالموت على صورة كبشٍ أملحَ فيذبح والفريقان ينظرون، فينادي المنادي يا أهلَ الجنة خلودٌ فلا موت ويا أهلَ النار خلود فلا موت، فيزداد أهلُ الجنة فرحًا إلى فرح وأهلُ النار غمًّا إلى غم» وإذ بدلٌ من يومَ الحسرة أو ظرفٌ للحسرة فإن المصدرَ المعرّفَ باللام يعمل في المفعول الصريح عند بعضِهم فكيف بالظرف {وَهُمْ في غَفْلَةٍ} أي عما يُفعل بهم في الآخرة {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} وهما جملتان حاليتان من الضمير المستتر في قوله تعالى: {في ضلال مُّبِينٍ} أي مستقرون في ذلك وهم في تينك الحالتين، وما بينهما اعتراضٌ، أو من مفعول أنذِرْهم أي أنذرهم غافلين غيرَ مؤمنين فيكون حالًا متضمنةً لمعنى التعليل.
{إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا} لا يبقى لأحد غيرِنا عليها وعليهم مُلكٌ ولا مَلِك، أو نتوفى الأرضَ ومن عليها بالإفناء والإهلاك توَفيَ الوارثِ لإرثه {وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} أي يُردّون للجزاء لا إلى غيرنا استقلالًا أو اشتراكًا. اهـ.