فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإسحاق هو ابن إبراهيم، رزقه من سارة وكانت قبله عقيمًا ويعقوب هو ابن إسحاق: ولكنه يحسب ولدًا لإبراهيم لأن إسحاق رزقه في حياة جده، فنشأ في بيته وحجره، وكان كأنه ولده المباشر؛ وتعلم ديانته ولقنها بنيه. وكان نبيًا كأبيه. {ووهبنا لهم من رحمتنا} إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونسلهم.. والرحمة تذكر هنا لأنها السمة البارزة في جو السورة، ولأنها هبة الله التي تعوض إبراهيم عن أهله ودياره، وتؤنسه في وحدته واعتزاله.
{وجعلنا لهم لسان صدق عليا}.. فكانوا صادقين في دعوتهم، مسموعي الكلمة في قومهم. يؤخذ قولهم بالطاعة وبالتبجيل.
ثم يمضي السياق مع ذرية إبراهيم: مستطردًا مع فرع إسحق فيذكر موسى وهارون: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصًا وكان رسولًا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيًا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا}.. فيصف موسى بأنه كان مخلصًا استخلصه الله له ومحضه لدعوته. وكان رسولًا نبيًا. والرسول هو صاحب الدعوة من الأنبياء المأمور بإبلاغها للناس. والنبي لا يكلف إبلاغ الناس دعوة إنما هو في ذاته صاحب عقيدة يتلقاها من الله. وكان في بني إسرائيل أنبياء كثيرون وظيفتهم القيام على دعوة موسى والحكم بالتوراة التي جاء بها من عند الله: {يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء} ويبين فضل موسى بندائه من جانب الطور الأيمن (الأيمن بالنسبة لموسى إذ ذاك) وتقريبه إلى الله لدرجة الكلام. الكلام القريب في صورة مناجاة. ونحن لا ندري كيف كان هذا الكلام، وكيف أدركه موسى.. أكان صوتًا تسمعه الأذن أم يتلقاه الكيان الإنساني كله. ولا نعلم كيف أعد الله كيان موسى البشري لتلقي كلام الله الأزلي.. إنما نؤمن أنه كان. وهو على الله هين أن يصل مخلوقه به بطريقة من الطرق، وهو بشر على بشريته، وكلام الله علوي على علويته. ومن قبل كان الإنسان إنسانًا بنفخة من روح الله..
ويذكر رحمة الله بموسى في مساعدته بإرسال أخيه هارون معه حين طلب إلى الله أن يعينه به {وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا فأرسله معي ردءًا يصدقني إني أخاف أن يكذبون} وظل الرحمة هو الذي يظلل جو السورة كله.
ثم يعود السياق إلى الفرع الآخر من ذرية إبراهيم. فيذكر إسماعيل أبا العرب: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولًا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا}.. وينوه من صفات إسماعيل بانه كان صادق الوعد. وصدق الوعد صفة كل نبي وكل صالح، فلابد أن هذه الصفة كانت بارزة في إسماعيل بدرجة تستدعي إبرازها والتنويه بها بشكل خاص. وهو رسول فلابد أن كانت له دعوة في العرب الأوائل وهو جدهم الكبير. وقد كان في العرب موحدون أفراد قبيل الرسالة المحمدية، فالأرجح أنهم بقية الموحدين من أتباع إسماعيل. ويذكر السياق من أركان العقيدة التي جاء بها الصلاة والزكاة وكان يأمر بهما أهله.. ثم يثبت له أنه كان عند ربه مرضيًا.. والرضى سمة من سمات هذه السورة البارزة في جوها وهي شبيهة بسمة الرحمة، وبينهما قرابة! وأخيرًا يختم السياق هذه الإشارات بذكر إدريس: {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقًا نبيا ورفعناه مكانًا عليا}.
ولا نملك نحن تحديد زمان إدريس. ولكن الأرجح أنه سابق على إبراهيم وليس من أنبياء بني إسرائيل فلم يرد ذكره في كتبهم. والقرآن يصفه بأنه كان صديقًا نبيًا ويسجل له أن الله رفعه مكانًا عليا. فأعلى قدره ورفع ذكره.. وهناك رأي نذكره لمجرد الاستئناس به ولا نقرره أو ننفيه، ويقول به بعض الباحثين في الآثار المصرية، وهو أن إدريس تعريب لكلمة (أوزريس) المصرية القديمة. كما أن يحيى تعريب لكلمة يوحنا. وكلمة اليسع تعريب لكلمة إليشع.. وأنه هو الذي صيغت حوله أساطير كثيرة. فهم يعتقدون أنه صعد إلى السماء وصار له فيها عرش عظيم. وكل من وزنت أعماله بعد الموت فوجدت حسناته ترجح سيئاته فإنه يلحق بأوزريس الذي جعلوه إلهًا لهم. وقد علمهم العلوم والمعارف قبل صعوده إلى السماء. وعلى أية حال فنحن نكتفي بما جاء عنه في القرآن الكريم؛ ونرجح أنه سابق على أنبياء بني إسرائيل. يستعرض السياق أولئك الأنبياء، ليوازن بين هذا الرعيل من المؤمنين الأتقياء وبين الذين خلفوهم سواء من مشركي العرب أو من مشركي بني إسرائيل: فإذا المفارقة صارخة والمسافة شاسعة والهوة عميقة والفارق بعيد بين السلف والخلف: {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدًا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}.
والسياق يقف في هذا الاستعراض عند المعالم البارزة في صفحة النبوة في تاريخ البشرية {من ذرية آدم}. {وممن حملنا مع نوح}. {ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل}. فآدم يشمل الجميع، ونوح يشمل من بعده، وإبراهيم يشمل فرعي النبوة الكبيرين: ويعقوب يشمل شجرة بني إسرائيل. وإسماعيل وإليه ينتسب العرب ومنهم خاتم النبيين. أولئك النبيون ومعهم من هدى الله واجتبى من الصالحين من ذريتهم.. صفتهم البارزة: {إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدًا وبكيا}.. فهم أتقياء شديدو الحساسية بالله؛ ترتعش وجداناتهم حين تتلى عليهم آياته، فلا تسعفهم الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم من تأثر، فتفيض عيونهم بالدموع ويخرون سجدًا وبكيًا.. أولئك الأتقياء الحساسون الذين تفيض عيونهم بالدمع وتخشع قلوبهم لذكر الله.. خلف من بعدهم خلف، بعيدون عن الله. {أضاعوا الصلاة} فتركوها وجحدوها {واتبعوا الشهوات} واستغرقوا فيها. فما أشد المفارقة، وما أبعد الشبه بين أولئك وهؤلاء! ومن ثم يتهدد السياق هؤلاء الذين خالفوا عن سيرة آبائهم الصالحين. يتهددهم بالضلال والهلاك: {فسوف يلقون غيا} والغي الشرود والضلال، وعاقبة الشرود الضياع والهلاك. ثم يفتح باب التوبة على مصراعيه تنسم منه نسمات الرحمة واللطف والنعمى: {إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئًا جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوًا إلا سلامًا ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا}..
فالتوبة التي تنشئ الإيمان والعمل الصالح، فتحقق مدلولها الإيجابي الواضح.. تنجي من ذلك المصير فلا يلقى أصحابها {غيًا} إنما يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئًا. يدخلون الجنة للإقامة. الجنة التي وعد الرحمن عباده إياها فآمنوا بها بالغيب قبل أن يروها. ووعد الله واقع لا يضيع.. ثم يرسم صورة للجنة ومن فيها.. {لا يسمعون فيها لغوًا إلا سلامًا} فلا فضول في الحديث ولا ضجة ولا جدال، إنما يسمع فيها صوت واحد يناسب هذا الجو الراضي. صوت السلام.. والرزق في هذه الجنة مكفول لا يحتاج إلى طلب ولا كد. ولا يشغل النفس بالقلق والخوف من التخلف أو النفاد: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} فما يليق الطلب ولا القلق في هذا الجو الراضي الناعم الأمين..
{تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيًا}.. فمن شاء الوراثة فالطريق معروف: التوبة والإيمان والعمل الصالح. أما وراثة النسب فلا تجدي. فقد ورث قوم نسب أولئك الأتقياء من النبيّين وممن هدى الله واجتبى؛ ولكنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فلم تنفعهم وراثة النسب {فسوف يلقون غيّا}..
ويختم هذا الدرس بإعلان الربوبية المطلقة لله، والتوجيه إلى عبادته والصبر على تكاليفها. ونفي الشبيه والنظير: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا}..
وتتضافر الروايات على أن قوله: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} مما أمر جبريل عليه السلام أن يقوله للرسول صلى الله عليه وسلم ردًا على استبطائه للوحي فترة لم يأته فيها جبريل. فاستوحشت نفسه، واشتاقت للاتصال الحبيب. فكلف جبريل أن يقول له: {وما نتنزل إلا بأمر ربك} فهو الذي يملك كل شيء من أمرنا: {له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك} وهو لا ينسى شيئًا، إنما ينزل الوحي عندما تقتضي حكمته أن ينزل {وما كان ربك نسيا} فناسب بعد ذلك أن يذكر الاصطبار على عبادة الله مع إعلان الربوبية له دون سواه: {رب السماوات والأرض وما بينهما}.. فلا ربوبية لغيره، ولا شرك معه في هذا الكون الكبير. {فاعبده واصطبر لعبادته}.. اعبده واصطبر على تكاليف العبادة. وهي تكاليف الارتقاء إلى أفق المثول بين يدي المعبود، والثبات في هذا المرتقى العالي. اعبده واحشد نفسك وعبئ طاقتك للقاء والتلقي في ذلك الأفق العلوي.. إنها مشقة. مشقة التجمع والاحتشاد والتجرد من كل شاغل، ومن كل هاتف ومن كل التفات.. وإنها مع المشقة للذة لا يعرفها إلا من ذاق. ولكنها لا تنال إلا بتلك المشقة، وإلا بالتجرد لها، والاستغراق فيها، والتحفز لها بكل جارحة وخالجة. فهي لا تفشي سرها ولا تمنح عطرها إلا لمن يتجرد لها، ويفتح منافذ حسه وقلبه جميعًا. {فاعبده واصطبر لعبادته}.. والعبادة في الإسلام ليست مجرد الشعائر. إنما هي كل نشاط: كل حركة. كل خالجة. كل نية. كل اتجاه. وإنها لمشقة أن يتجه الإنسان في هذا كله إلى الله وحده دو سواه. مشقة تحتاج إلى الاصطبار. ليتوجه القلب في كل نشاط من نشاط الأرض إلى السماء. خالصًا من أوشاب الأرض وأوهاق الضرورات، وشهوات النفس، ومواضعات الحياة.
إنه منهج حياة كامل، يعيش الإنسان وفقه، وهو يستشعر في كل صغيرة وكبيرة طوال الحياة أنه يتعبد الله؛ فيرتفع في نشاطه كله إلى أفق العبادة الطاهر الوضيء. وإنه لمنهج يحتاج إلى الصبر والجهد والمعاناة. {فاعبده واصطبر لعبادته}.. فهو الواحد الذي يعبد في هذا الوجود والذي تتجه إليه الفطرة والقلوب.. {هل تعلم له سميًا}. هل تعرف له نظيرًا؟ تعالى الله عن السمي والنظير.. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}.
أخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله: {فخلف من بعدهم خلف} قال: هم اليهود والنصارى.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد {فخلف من بعدهم خلف} قال: من هذه الأمة يتراكبون في الطرق، كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس، ولا يخافون من الله في السماء.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد في قوله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال: عند قيام الساعة- ذهاب صالح أمة محمد- ينزو بعضهم إلى بعض في الآزقة زناة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {أضاعوا الصلاة} يقول: تركوا الصلاة.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود في قوله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة} قال: ليس إضاعتها تركها قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه، ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم في قوله: {أضاعوا الصلاة} قال: صلوها لغير وقتها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن القاسم بن مخيمرة في قوله: {أضاعوا الصلاة} قال: أخروا الصلاة عن ميقاتها ولو تركوها كفروا.
وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق، عن عمر بن عبد العزيز في قوله: {أضاعوا الصلاة} قال: لم يكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا المواقيت.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن كعب قال: والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة: شرابين للقهوات: تباعين للشهوات، لعانين للكعبات، رقادين عن العتمات، مفرطين في الغدوات، تراكين للصلوات تراكين للجمعات، ثم تلا هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن الأشعث قال: أوحى الله إلى داود عليه السلام أن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عني محجوبة.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: اغتسلت أنا وآخر، فرآنا عمر بن الخطاب، وأحدنا ينظر إلى صاحبه، فقال: إني لأخشى أن تكونا من الخلف الذين قال الله فيهم: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيًا}.
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلا هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف} فقال: «يكون خلف من عبد ستين سنة {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} ثم يكون خَلَفٌ يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم، ويقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر».
وأخرج أحمد والحاكم وصححه، عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللين» قلت يا رسول الله، ما أهل اللين؟ قال: «قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه، عن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول: لا تعطوا منها بربريًا، ولا بربرية، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هم الخلف الذين قال الله: {فخلف من بعدهم خلف}».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في أمتي من يقتل على الغضب، ويرتشي في الحكم، ويضيع الصلوات، ويتبع الشهوات، ولا تردّ له راية» قيل: يا رسول الله، أمؤمنون هم؟ قال: «بالإيمان يقرؤون».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {فسوف يلقون غيًا} قال: خسرًا.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث من طرق، عن ابن مسعود في قوله: {فسوف يلقون غيًا} قال: الغي نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث، عن البراء بن عازب في الآية قال: الغي، واد في جهنم بعيد القعر منتن الريح.
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفًا ثم تنتهي إلى غي وأثام، قلت: وما غي وأثام؟ قال: نهران في أسفل جهنم يسيل فيها صديد أهل النار، وهما اللذان ذكر الله في كتابه {فسوف يلقون غيًا} {ومن يفعل ذلك يلق أثامًا} [الفرقان: 68]».
وأخرج ابن مردويه من طريق نهشل، عن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الغي واد في جهنم».
وأخرج البخاري في تاريخه، عن عائشة في قوله: {غيًا} قالت: نهر في جهنم.
وأخرج ابن المنذر، عن شقي بن ماتع قال: إن في جهنم واديًا يسمى {غيًا} يسيل دمًا وقيحًا، فهو لمن خلق له.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {يلقون غيًا} قال: سوءًا {إلا من تاب} قال: من ذنبه {وآمن} قال: بربه {وعمل صالحًا} قال: بينه وبين الله.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا} قال باطلًا.
وأخرج عبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا} قال: لا يستبون. وفي قوله: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا} قال: ليس فيها بكرة ولا عشي يؤتون به على النحو الذي يحبون من البكرة والعشي.